آخر الأخبار
- التفاصيل
- الزيارات: 665
إحصاء أزيد من 5 آلاف طير مهاجر بقسنطينة
تحصي مصالح محافظة الغابات بقسنطينة، أكثر من 5 آلاف عابر من الطيور المهاجرة التي حطت بالمناطق الرطبة هذه السنة، وأزيد من 100 نوع من الطيور منها أنوع نادرة ومهددة بالانقراض، فيما عششت أصناف منها لأول مرة وذلك بسبب التقلبات المناخية التي أثرت على سلوك هجرتها.
لينــــة دلــول
وكشف المحافظ الرئيسي للغابات ورئيس الشبكة الوطنية لمراقبة الطيور، عيسى فيلالي، للنصر، على هامش يوم تحسيسي نُظم مؤخرا ببحيرات جبل الوحش بقسنطينة، أن عملية الجرد تندرج في إطار الإحصاء الدولي للطيور المهاجرة المنظمة سنويا، ويتم القيام بها لمعرفة أنواع وحركة الطيور التي تعبر أو تعشش بالمنطقة لاسيما تلك المهددة بالانقراض والنادرة وذلك من أجل حمايتها.
وأكد السيد فيلالي أن هجرة الطيور من أوروبا والشرق الأوسط نحو المناطق المعتدلة بإفريقيا تبدأ في السبت الثاني من شهر أكتوبر، ويختار بعض منها مناطق في الجزائر للاستراحة والتكاثر، فيما تواصل البقية هجرتها إلى إفريقيا حسب قوتها وقدرتها على الطيران وكذلك حسب المناخ الذي يلائمها لتقضي فيه «عطلتها الشتوية»، مضيفا أن الطائر المهاجر ينتظر حتى شهر ماي ليعود إلى موطنه الأصلي.
وأوضح المتحدث، أن هجرة الطيور من دولة إلى أخرى، ظاهرة بيئية مرتبطة بالتنوع البيولوجي، وأضاف أن أغلب أسباب حدوثها متعلق ببرودة الجو أو ارتفاع درجة الحرارة، إذ يحتاج كل نوع من الطيور لمناخ معين حتى يتمكن من التكيف والعيش، ناهيك عن البحث عن الطعام والماء أو التزاوج.
وذكر الخبير أن المسطحات المائية بقسنطينة تعتبر مواقع راحة وتعشيش لمختلف أسراب الطيور المهاجرة التي تتنقل على رواق الهجرة بين أوروبا وإفريقيا، والتي تحتضن أصنافا متنوعة منها، من بينها أنواع مدرجة ضمن قائمة الطيور المهددة بالانقراض، مشيرا إلى تحديد 100 نوع من الطيور أقامت بالمنطقة.
وأضاف الخبير، أن من الأنواع الأخرى التي تحط بقسنطينة كل سنة، هي النحام، أبو ملعقة، وأصناف نادرة من طائر البط، وكذلك الهدهد، بالإضافة إلى طائر اللقلق الذي يعتبر من أصناف الطيور المهاجرة التي تعلقت بسماء قسنطينة وجعلت منها موطنا دائما فوق القِمام بأعشاشها.
ويكشف هذا العدد من الطيور المهاجرة التي حطت بقسنطينة، حسب الخبير، أن المنطقة ما تزال تعتبر من أهم المسارات الرطبة ذات التنوع البيئي الهام، والملائم لتعشيش جميع أصناف الطيور، رغم التدهور الذي طالها في السنوات الأخيرة، والاعتداء الممارس عليها من طرف الإنسان كمظاهر التوسع العمراني، والري الفوضوي الذي يقوم به صغار الفلاحين الذين يمارسون نشاطات موسمية.
ولفت فيلالي، إلى أنه وبسبب التقلبات المناخية، تغير سلوك هجرة بعض من أنواع الطيور، إذ تم رصد أنواع عششت لأول مرة في قسنطينة ولم تعد إلى موطنها الأصلي رغم أنها من الأنواع العابرة.
وأضاف المتحدث، أن درجات الحرارة المرتفعة، التي سجلت بسبب تغير المناخ وقلة هطول الأمطار، أدت إلى تقليص المناطق الرطبة الرئيسية بقسنطينة، ومصادر المياه التي تعتمد عليها الطيور أثناء رحلات الهجرة، فجفت غالبية البحيرات، كما قال المتحدث إن العوامل التي تسببت في تراجع أعداد الطيور المهاجرة بقسنطينة، هي الحرائق التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة، الجفاف، والزحف الإسمنتي الذي هدم أماكن استيطانها.
ثروة تأثرت بالتغيرات المناخية
وصرح المتحدث، بصفته مصورا هاو للحياة البرية، أنه تمكن من توثيق تواجد طائر الطيطاوان المرقع لأول مرة في سماء الجزائر وتحديدا بقسنطينة، وهو نوع نادر من طويلات الساق قدم من أميركا، حيث خرج عن سربه بسبب الرياح وذلك في أول ماي سنة 2014، ليتم توثيقه في مجلة أوروبية.
وأشار فيلالي، إلى أنه توجد العديد من الآليات والتشريعات التي تهدف إلى حماية الطيور المهاجرة وسلالاتها في الجزائر، كما تصنف في كل مرة الأنواع المحمية والمهددة بالانقراض، منوها في ذات السياق بالدور الذي تقوم به الشبكة الوطنية لمراقبة الطيور والتي تضم جمعيات، فلاحين، وحتى هيئات رسمية، مهمتها مراقبة الطيور وأعدادها وأنواعها.
وطالب محافظ الغابات، بضرورة حماية هذا الصنف من الثروة الحيوانية التي هي رمز للتراث الطبيعي العالمي المشترك، ومساكنها التي هي المناطق الرطبة، مشددا على ضرورة تجنيد جميع الجهات المعنية وبذل كافة الإمكانيات البشرية والمادية للحفاظ عليها، كما يجب، بحسبه، دق ناقوس الخطر لأن العديد من البحيرات والأودية في العالم جفت على غرار تلك الموجودة في ألمانيا والعراق، بما أثر على تعداد بعض من سلالات الطيور.
- التفاصيل
- الزيارات: 847
زراعة صديقة للبيئة في مواجهة التغيرات المناخية
يتعرض قطاع الزراعة بالجزائر إلى إجهادات قوية بسبب التغيرات المناخية المتسارعة التي كان لها الأثر الكبير على دعائم هذا القطاع الحيوي من مياه و تربة و حرارة، مع مرور الزمن بدأت التأثيرات واضحة و مثيرة للقلق على مستقبل الأمن الغذائي للبلاد.
فريد.غ
و أمام هذا الوضع المناخي الصعب الذي تعرفه الجزائر بدأ التفكير بجدية في سبل التأقلم مع المستجدات المناخية من خلال البحث عن أساليب زراعية جديدة و مستديمة و الاستفادة من التطور العلمي الهائل في هذا المجال.
و بولاية قالمة تعد البيوت البلاستيكية الذكية من بين الحلول الممكنة لمواجهة التطرف المناخي و مواصلة إنتاج المحاصيل الزراعية في ظروف مغايرة لما كان عليه الوضع قبل التغيرات المناخية التي أدت إلى الاحترار و تراجع معدلات التساقط و مصادر المياه الجوفية و السطحية.
و تعتمد هذه البيوت على الطاقة الشمسية و تقنيات جديدة صديقة للبيئة باستعمال غاز الإيتيلان و غاز الكربون الحيوي حسب محي الدين بلحواس صاحب مشروع بيت بلاستيكي ذكي لإنتاج فاكهة الأناناس الاستوائية بقالمة، مؤكدا في معرض نظم بمحمية بني صالح مؤخرا بأن هذه التقنية تساعد على تحفيز الإزهار و النمو و اقتصاد الطاقة المائية و تقليص فترة الإنتاج.
و يخوض مجمع عملاق للصناعات الغذائية بقالمة تجربة رائدة لإنتاج شتلات الطماطم الصناعية و الفلفل على نطاق واسع داخل بيوت بلاستيكية ذكية ذات مردود مرتفع يكاد يغطي احتياجات الموسم الفلاحي كل سنة، حيث تعتمد هذه البيوت الواقعة ببلدية الفجوج على أنظمة متطورة من حيث الإضاءة و التكييف و السقي و الحماية من الأمراض النباتية التي تصيب محاصيل الحقول الزراعية المفتوحة.
و يعمل المهندسون الزراعيون بقالمة على تطوير بذور البطاطا داخل بيوت بلاستيكية ذكية ببلدية بلخير لتحقيق الاكتفاء الوطني و الحد من الاستيراد المكلف لخزينة البلاد، و يحرز المشروع الضخم تقدما مشجعا داخل مزرعة واسعة من البيوت البلاستيكية التي توفر الحماية من الأمراض و العوامل المناخية المؤثرة على المحاصيل الزراعية.
و تسابق مراكز البحث و الشركات الصناعية بالجزائر الزمن لمواكبة الحركية الزراعية الجديدة لدعم و تطوير تكنولوجيا البيوت البلاستيكية الذكية و تعميمها خلال السنوات القادمة لزيادة الإنتاج و توفير الغذاء للسكان في ظل المستجدات المناخية و الجيوسياسية الدولية المتسارعة.
و حسب خبراء الزراعة و البيئة فإن البيوت البلاستيكية صديقة للبيئة و الإنسان فهي تعتمد على الطاقة الشمسية و اقتصاد المياه و مصادر طبيعية أخرى لتحفيز النمو و تكثيف الإنتاج بما يستجيب للاستهلاك الوطني من الخضر و الفواكه.
و يمكن للبيوت البلاستيكية أو ما يسمى بالبيوت الزجاجية الاعتماد على الإضاءة الطبيعية أو عن طريق الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية عندما تسوء الأحوال الجوية و تختفي أشعة الشمس، حيث توجد أنظمة ذكية لحساب درجات الحرارة التي يحتاجها النبات و قوة الإضاءة، مما يجعل مزارع البيوت الزجاجية في منأى عن التغيرات المناخية المستجدة، كما في ولاية قالمة التي أصبحت تتميز بمناخ حار و جاف فترة طويلة من السنة، مما اثر على إنتاج القطاع الزراعي في السنوات الأخيرة و زاد من الاهتمام بالزراعات المحمية داخل البيوت البلاستيكية الذكية.
و تعد قالمة من بين الولايات المنتجة للمحاصيل الزراعية كالخضر و الفواكه و الحبوب و البقول الجافة لكنها بدأت تتأثر بالتغيرات المناخية و تفقد الكثير من المؤهلات الطبيعية كالمياه و التربة الخصبة، مما دفع بالكثير من المزارعين إلى التحول نحو الزراعات المحمية و أنظمة السقي المقتصدة للمياه و الطاقة الشمسية و التكنولوجيا المتطورة لمواجهة التطرف المناخي و مواصلة إنتاج الغذاء التحدي الكبير الذي يواجه الجزائر و الدول العربية و منطقة شمال إفريقيا الأكثر عرضة و تأثرا بالتغيرات المناخية المتسارعة.
- التفاصيل
- الزيارات: 599
البيئة البحرية تنتظر المزيد من الحماية
تعرف البيئة البحرية بالجزائر تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة متأثرة بالتحولات الاقتصادية و الاجتماعية التي تعرفها البلاد، حيث أصبح الوسط البحري عرضة للتلوث بسواحل المدن الكبرى التي أصبحت تزاحم البحر بعمرانها و تلقي فيه ما تنتجه من نفايات منزلية و خاصة تشكل خطرا على الوسط البحري الذي تعيش فيه كائنات حية متعددة الأنواع تشكل عصب التنوع الأيكولوجي بالوسط الأزرق.
فريد.غ
و في آخر إحصاء لها قالت الوكالة الوطنية للنفايات بأن البلاستيك يغزو شواطئ البلاد و خاصة الشرقية منها حيث بلغت نسبة البلاستيك 87 بالمائة ببعض الشواطئ قبل 3 سنوات، حسب ما توصل إليه فريق العمل الذي شكل لهذا الغرض في إطار حملة متجددة لتصنيف النفايات البحرية المندرجة ضمن مشروع وزارة البيئة و الطاقات المتجددة التي تعمل على تجسيد اتفاقية برشلونة لحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث.
و يتوقع أن تعلن الوكالة عن نسب جديدة للتلوث بالبلاستيك بعد نهاية إحصاء خريف 2023 حيث لا يستبعد المراقبون للشأن البيئي بالمدن الساحلية عن زيادة حجم البلاستيك بالوسط البحري مقارنة بنفايات الحديد و الورق و الزجاج و القماش، نظرا لارتفاع الحركية الاقتصادية و تعداد السياح الذين يعدون من بين المصادر الرئيسية لتلوث شواطئ البلاد و تعد هذه النسبة المرتفعة بمثابة إعلان عن الخطر المحدق بالشواطئ الجزائرية، حيث لا يكاد الوضع يختلف عبر كل الشواطئ بما فيها شواطئ المصيف القلي التي ظلت محافظة على نظافتها عقودا قبل أن تطالها عدوى البلاستيك الآخذة في الانتشار بالوسط البحري و الوسط البري على السواء.
و تعد الثروة السمكية المتضرر الأكبر من النفايات البلاستيكية بالوسط البحري، حيث يعمر البلاستيك طويلا قبل أن يتحلل، و قد يتحول إلى غذاء للأسماك، الثروة الاقتصادية المهددة بالانكماش تحت تأثير النفايات البحرية و التغيرات المناخية التي طالت منطقة حوض المتوسط و بدأت آثارها تظهر بوضوح كالجفاف و احترار مياه البحر و الحرائق و الفيضانات المدمرة.
وقال جمال زرقوط المهتم بشؤون البيئة بالمصيف القلي للنصر بأن البلاستيك صار تهديدا حقيقيا للبيئة البحرية، مضيفا بأن عملا ميدانيا جادا ينتظر الجميع لتحسيس السكان و السياح بخطورة تلويث السواحل البحرية و القضاء على الثروة السمكية و الإخلال بالتوازن البيئي بالوسط المائي.
و تعمل الوكالة الوطنية للنفايات على وضع المزيد من الخطط لحماية سواحل البلاد من التلوث و مساعدة البلديات و جمعيات حماية البيئة على القيام بدورها في الميدان من خلال الجمع و الفرز و تشجيع مشاريع الاسترجاع التي تبقى بمثابة الحل العملي المجدي للحد من مخاطر التلوث بالنفايات البلاستيكية و حتى النفايات الخاصة التي أصبحت ترمى على امتداد سواحل البلاد، لا سيما سواحل المدن الكبرى الأكثر إنتاجا للنفايات المنزلية و النفايات الخاصة. و قد اعتمدت اتفاقية برشلونة لحماية سواحل البحر الأبيض المتوسط سنة 1976 و عدلت سنة 1995 و تمثل الإطار القانوني لخطة حماية سواحل المتوسط من التلوث بكل أنواعه، و يجري العمل بها في إطار برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
و قد وصل عدد الأطراف الموقعة على الاتفاقية 22 طرفا أو دولة مطلة على حوض المتوسط بينها الجزائر التي تولي أهمية كبيرة للبيئة و تعمل وفق اتفاقيات المناخ و البيئة للحد من احترار كوكب الأرض و تلوث البيئة البحرية.
و تهدف اتفاقية برشلونة إلى حماية حوض المتوسط من التلوث و حماية البيئة البحرية و تنميتها المستديمة من خلال مكافحة التلوث و تنفيذ الإدارة المستدامة للموارد البحرية و دمج البيئة في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية و تعزيز التضامن بين دول حوض المتوسط و المساهمة في تحسين نمط الحياة بحوض المتوسط الأكثر عرضة لمخاطر التلوث و الاحترار المتزايد.
و قد أطلقت وزارة البيئة و الطاقات المتجددة مشروعا واعدا لتصنيف منطقة المصيف القلي بالتعاون مع عدة هيئات وطنية و دولية، و تعد البيئة البحرية من ضمن الأهداف المرجوة من مشروع التصنيف الذي سيكون نموذجا وطنيا و يعول عليه كثيرا للحد من تلوث الوسط البحري و الغابي، و تحقيق التنمية المستدامة بالمنطقة. و تعمل عدة جمعيات صديقة للبيئة بالمدن الساحلية على توعية السكان تجاه المخاطر المحدقة بالبيئة البحرية و حثهم على حماية الشواطئ و المشاركة الفعالة في الجهد الوطني الرامي إلى إنقاذ سواحل البلاد من التلوث بالبلاستيك و أنواع أخرى من النفايات الخاصة التي تشكل خطرا على الوسط البحري و الكائنات التي تعيش فيه.
- التفاصيل
- الزيارات: 519
جهود وطنية متواصلة للحد من تلوث الوسط الطبيعي
تعرف الجزائر تطورا عمرانيا متزايدا و حركية اقتصادية متنامية في السنوات الأخيرة و خاصة بشمال البلاد حيث تتركز اكبر كثافة سكانية منتجة لمختلف انواع النفايات بينها السوائل الحضرية كالمياه المستعملة و بقايا محطات الخدمات و سوائل المصانع و غيرها من المصادر المنتجة.
فريد.غ
و مع تطور العمران و زيادة الكثافة السكانية و توسع النسيج الصناعي صارت النفايات الحضرية السائلة مصدر قلق للمشرفين على شؤون البيئة والصحة بالجزائر، و بدأ صناع القرار في وضع الخطط و البرامج للحد من آثار هذه السوائل و انعكاسها على الوسط الطبيعي و الصحة العمومية ذات الحساسية العالية للأمراض التي تنقلها المياه الملوثة عندما تصل إلى مصادر الغذاء و المياه السطحية و الجوفية.
و تعتمد خطط و برامج الحد من هذا الملوث المستديم على بناء شبكات متطورة للصرف الصحي و محطات للمعالجة عند المصبات الكبرى، و مكافحة التوسع العمراني الفوضوي و الاعتداء على شبكات الصرف، و إجبار المصانع و محطات الخدمات على احترام قوانين البيئة، و إنجاز أنظمة لتخزين السوائل المضرة بالوسط الطبيعي و نقلها إلى مراكز المعالجة و الاسترجاع، و خاصة زيوت التشحيم و المواد الكيماوية التي تفرزها المصانع.
و بالرغم من تكلفتها المرتفعة فإن الجزائر تواصل بناء المزيد من محطات التصفية للقضاء على التلوث بالسوائل الحضرية من خلال المعالجة و إعادة الاستعمال وفق تقنيات متطورة تسمح بتحويل مياه الصرف الملوثة إلى مياه صالحة لبعض انواع الزراعة و سقي المساحات الخضراء و تنظيف طرقات و شوارع المدن.
و حسب وزارة البيئة و الطاقات المتجددة فقد تم إحصاء 3579 نقطة إفراز للسوائل الحضرية عبر الوطن، تقابلها 177 محطة معالجة بالمدن الكبرى، و هو رقم غير كاف نظرا لتزايد مصبات السوائل الحضرية في ظل التوسع العمراني و ظهور المزيد من الأقطاب السكنية الجديدة المنتجة للمياه المستعملة التي تأخذ طريقها الى الوسط الطبيعي كالأودية و الشواطئ و المسطحات المائية و المصادر الجوفية، و الأراضي الزراعية المحاذية للتجمعات السكانية المحرومة من محطات معالجة السوائل الحضرية المشبعة بالملوثات الكيماوية و مركبات أخرى مضرة بالوسط الطبيعي و الصحة العمومية.
و تولي عدة قطاعات وزارية بالجزائر أهمية كبيرة لخطط مكافحة التلوث بالسوائل الحضرية من خلال تطوير أنظمة الصرف الصحي و بناء المزيد من محطات المعالجة على المصبات الكبرى للمدن، و في مقدمة هذه القطاعات البيئة و الفلاحة و الصحة و العمران و وزارة الداخلية التي تعمل على وضع المزيد من الإمكانات تحت تصرف الولاة لمكافحة الأمراض المتنقلة عن طريق المياه، و توسيع الربط بشبكات التطهير بالمدن و القرى.
و نظرا للتغيرات المناخية التي تعرفها الجزائر في السنوات الأخيرة فقد أصبحت مياه الصرف الصحي على قدر كبير من الأهمية، حيث يمكن تحويلها إلى مياه صالحة للاستعمال بتقنيات متطورة للتخفيف من وطأة الشح المائي على اقتصاد البلاد، و خاصة على قطاع الزراعة الأكثر تضررا من الجفاف، حيث أصبحت حقول القمح و الأشجار المثمرة و الثروة الحيوانية في حاجة إلى مزيد من المياه في السنوات الأخيرة.
و تنتج المدن الجزائرية كميات هائلة من المياه المستعملة القادمة من المنازل منها ما يصب في المجاري الطبيعية دون معالجة، و منها الخاضع للمعالجة بمحطات التصفية التي تعمل على مدار الساعة لإنتاج مياه أقل تلوثا يمكن استعمالها في قطاعات الزراعة و الصناعة و البناء و الخدمات.
و ليست الأحياء السكنية بالمدن و القرى المنتج الوحيد للإفرازات السائلة فهناك أكثر من 8 آلاف محطة غسيل عبر الوطن تنتج المياه الملوثة، و مراكز للردم التقني تنتج عصارة مضرة بالوسط الطبيعي و مصادر المياه الجوفية.
و تعمل وزارة البيئة و الطاقات المتجددة على بناء المزيد من محطات معالجة عصارة النفايات و إنتاج مياه صالحة للاستعمال بعدة قطاعات، و يتوقع أن يبلغ عدد محطات معالجة عصارة النفايات 46 محطة بالجزائر حيث يجري حاليا إنجاز 8 محطات جديدة.
وتعمل مكاتب النظافة و الصحة بالبلديات على حماية البيئة الحضرية من خلال تشديد الرقابة على الربط بشبكات التطهير و منع أنظمة التصريف البدائية التي كانت سائدة بالأحياء السكنية العشوائية قبل النهضة العمرانية التي تعرفها الجزائر في السنوات الأخيرة حيث أصبح من النادر وجود صرف صحي في الوسط المفتوح بالأحياء السكنية، لكن التحدي الكبير يبقى المصبات النهائية التي تبقى في حاجة إلى مزيد من الجهد للقضاء عليها ببناء محطات تجميع و معالجة تضح حدا لمخاطر التلوث بالسوائل الحضرية.
ف.غ
- التفاصيل
- الزيارات: 558
أطلق شباب من ميلة قبل أشهر، مبادرة شعارها « من أجل ميلة خضراء»، و استطاعوا بفضلها تغيير واجهات كثير من أحياء المدينة بعد غرس العديد من الأشجار وتحسين المحيط، وهي مبادرة لقيت استحسانا كبيرا و تجاوبا واسعا من أبناء المدينة، و ساهمت في إنجاحها جمعيات المجتمع المدني والسلطات العمومية.
مكي بوغابة
و حسب عادل شلي، وهو واحد من القائمين على المبادرة، فإن الفكرة ولدت في سبتمبر 2022، حين اتفق رفقة أصدقاء له على غرس الأشجار على حواف الطرقات و في المساحات التي تعرف تراجعا للغطاء النباتي، خصوصا على مستوى الأحياء السكنية، و هكذا انخرط الكثيرون في العملية و امتد صداها إلى بلديات عديدة على غرار الرواشد و حمالة، وذلك بهدف المساهمة في حماية البيئة و المحيط و إعطاء طابع جمالي للمدينة و الحد من انزلاق التربة.
حملة فجرها منشور على فيسبوك
الشباب، قالوا بأنهم استلهموا الفكرة من منشور على فيسبوك، تحت شعار « أمام كل بيت شجرة»، دعا لها شاب من ولاية باتنة فقرروا أن يحذوا حذوه و أن يغرسوا الأشجار أيضا، فكانت البداية بحيهم، بوصفه من الأحياء السكنية الجديدة التي يغلب عليها العمران و البنايات، فتواصلوا مع الشاب «الباتني»، الذي وجههم و منحهم معلومات أكثر عن كيفية تنظيم وإدارة الحملات من هذا النوع، و عن مصدر الأشجار الممكن غرسها و نوعية النباتات التي تصلح للمدن و غيرها من التفاصيل التي انطلقوا منها.
وذكر عادل شلي، بأن الجفاف و غياب الاخضرار في حي سيدي الصغير بمدينة ميلة، هو ما دفعهم إلى التفكير في غرس المساحات المشتركة و المحيطة بالمباني وصولا إلى الساحة العمومية القريبة منه، حيث ولدت مبادرة « من أجل ميلة خضراء»، وقد قاموا مؤخرا بغرس 450 شجرة، وهو ما غير تماما وجه المنطقة ككل، بعدما أضفت النباتات والأشجار لونا مختلفا وزاهيا، كسر واجهة الإسمنت التي كانت تطغي على المكان.
وقال محدثنا، إن المنطقة اختلفت كثيرا و أصبحت مثيرة للإعجاب و هي نتيجة استحقت الصعوبات التي بذلت في سبيل الوصول إليها بما في ذلك انعدام الإمكانيات، مثل آلة الحفر الضرورية لتحطيم حواجز الإسمنت، و الميزانية الكافية لشراء الأتربة و مد أنابيب السقي و شراء الأشجار وغيرها، مع هذا فإن الجميع كانوا متحمسين و واصلوا العمل لأجل تحقيق الهدف المرجو، وقال عادل، إن صديقيه بوداب عادل و سفيان بليلط، ساعدا كثيرا على تعميم فكرة التشجير لتشمل العملية أكبر عدد من أحياء عاصمة الولاية على غرار حي الثنية بأعالي ميلة و عين كشكين، خاصة وأنه هو ورفقاءه، محبون للطبيعة و مهتمون بقضايا البيئة والمحيطة ومدركون للتغيرات التي يعرفها المناخ وعلاقة ذلك بتراجع الغطاء النباتي، فضلا عن قناعتهم بأن فضل غرس الشجرة، كبير ويعد صدقة جارية.
هدفنا تربوي كذلك
ذكر الشاب، بأنهم ضموا الأطفال إلى مسعاهم و منحوا لهم مساحة مهمة للمشاركة في عمليات التشجير التي قاموا بها، وذلك ليكون للحملة أثر تربوي، حتى يعلموهم قيمة الشجر و أهمية البيئة و يكرسوا لديهم حس المسؤولية تجاه المحيط، كي تستمر مثل هذه المبادرات في المستقبل، وهو توجه لقي ترحابا كبيرا من طرف الأولياء، الذين صاروا يتصلون بهم للمشاركة رفقة أبنائهم في كل عملية تشجير.
و لم يقتصر غرس الأشجار على أحياء مدينة ميلة فقط، بل امتد إلى بلدياتها أين تمكن عادل ومن معه مؤخرا، بعد التنسيق مع شبان من بلدية الرواشد التي تبعد عن عاصمة الولاية بـحوالي 30 كيلومترا من تنظيم حملة تشجير بمنطقة «سيدي زروق» عرفت مشاركة ممثلين عن مديرية البيئة و محافظة الغابات و بيت الشباب الشهيد معايش عبد القادر، بالإضافة إلى قافلة الجزائر الخضراء و جمعيات المجتمع المدني، وهي عملية تكللت بغرس 150 شجرة من نوع «إستركوليا، كاليستيمون، الرانج»
و للمناطق الجبلية نصيب
الحملة شملت كذلك مناطق جبلية، حيث غرست في إطارها أشجار بجبل مسيد عيشة ببلدية حمالة، وهي أصناف من الأرز الأطلسي تصلح في المناطق الباردة، غرس المتطوعون الشباب مجموعة منها كمرحلة أولى، فيما يتمثل الهدف النهائي في الوصول إلى حوالي 500 شجرة من هذا النوع سيتم تباعا غرسها في المناطق الجبلية لما لهذه الأشجار من فوائد عديدة على غرار قدرتها على مقاومة الآفات والأمراض، لإنتاجها لبراعم بديلة عن تلك المصابة، بالإضافة إلى أهمية خشبها الذي يعتبر من أجود أنواع الخشب.
وأوضح عادل، بأن أهداف العمليات التي يقومون بها كثيرة، خاصة من الناحية البيئية، لأن الأشجار تلطف الجو وهو أمر تحقق فعليا في الأحياء التي شملها التشجير قبل أشهر، على غرار حي الثنية، وعليه يسعى الشباب حسبه، إلى مواصلة الحملة، لأجل تحسيس المواطنين بأهمية المساهمة في تعزيز الغطاء النباتي، و الموازنة بين البنايات و المساحات الخضراء في المحيط الحضري.
وأكد محدثنا، بأن هناك إقبالا متزايدا على هذا النوع من المبادرات وأن كل متطوع يساهم بطريقته، فهناك من يوفر العتاد وهناك من يشتري الأشجار، كما أن عمل المتطوعين لا ينحصر في الغرس بل يشمل السقي وحماية النباتات و متابعة نموها كي لا تضيع الجهود وهي عملية لا تنجح إلا في حال انخرط فيها المواطن.
وحسب المتحدث، فإن جانبا كبيرا من الفضل فيما حققوه اليوم بميلة يعود إلى الشاب الباتني صاحب مبادرة «أمام كل بيت شجرة» الذي قدم إليهم الكثير من الدعم المعنوي و التوجيه، فيما يخص طرق الغرس و أنواع الشتلات المناسبة لكل منطقة و غير ذلك.
من التشجير إلى النظافة والتطهير
نشاط عادل و رفاقه لم يتوقف عند حد التشجير، بل امتد إلى برمجة عمليات تنظيف للأحياء و تطهير لمداخل العمارات، و تزيين للمحيط إذ قاموا مرارا بجمع النفايات والأوساخ، كما ثبتوا مؤخرا عددا من الكراسي الإسمنتية على الرصيف المقابل لمقبرة ميلة القديمة، وهو ما سمح بتوفير مساحة مريحة للمواطنين، كما ساعد على تحسين وجه المدينة، و هي مبادرة يأملون في أن تحقق نفس نجاح الحملة الأولى وأن يتوسع نطاقها كما حصل مع عملية التشجير التي عرفت استجابة السلطات العمومية و انخراط مديرية البيئة ومحافظة الغابات والوحدة الجزائرية للمياه.
وأكد محدثنا، بأن صدى الحملة توسع إلى خارج مدينة ميلة و بلغ بلديات أخرى، مثل الرواشد و حمالة، بالإضافة إلى التوسع نحو الفضاءات الغابية، وقد سمح هذا التقدم بتعزيز مقترح للتعاون مع محافظة الغابات، لأجل غرس الأشجار في المناطق الغابية خاصة تلك التي تضررت من الحرائق.
وتبقى أبواب المساهمة مفتوحة أمام الجميع كما أضاف، خاصة المواطنين و جمعيات المجتمع المدني، وذلك لنشر ثقافة التطوع، حيث دعا إلى تنظيم حملات مماثلة في كل المدن، مشيرا إلى أن التواصل و التحسيس أصبحا ممكنين جدا حاليا، بفضل المنصات التفاعلية التي تساعد كثيرا على نشر الأخبار و التعبئة.
كما نوه بالدور الذي لعبه أصحاب المشاتل، في توفير الأشجار وتوصيلها إلى أماكن الغرس وهو ما سهل كثيرا من النشاط، الذي يعد ضروريا جدا ومهما لأجل حماية البيئة و مواجهة غضبها خاصة بعدما فقدت الجزائر جزءا من ثروتها الغابية بفعل الحرائق المتكررة، مشيرا إلى سعيه هو ومن معه إلى إنشاء جمعية تعنى بحماية المحيط البيئي وتساعد على التنمية مستقبلا.
حملات التشجير تستوجب مرافقة الخبراء في الزراعة
من جانبه، ثمن الخبير في البيئة، جعلاب حمزة، مبادرات التشجير التي يقوم بها الشباب الجزائريون في مناطق عدة عبر الوطن، لما لها من فوائد عديدة على البيئة، مع ذلك تبقى غير كافية حسبه، لأن بلادنا فقدت مؤخرا، نسبة معتبرة من غطائها النباتي بسبب الحرائق وعليه يتوجب علينا أن نكثف الجهود لتجديده و استعادة الأراضي الخضراء، مشددا على ضرورة مرافقة الخبراء في الزراعة والغابات لعمليات غرس الأشجار وتوجيههم للحملات التي تقوم بها جمعيات المجتمع المدني، وأن يترافق التشجير مع تمكين دوائر حكومية عدة للمتطوعين من تنفيذ مشروعات تفيد المناخ والبيئة، كما أن التخطيط المسبق والمدروس لمواقع الأشجار في المدن من شأنه أن يحسن الهواء، و يتعين أيضا، على السلطات المساعدة في توفير الشتلات التي يستفيد منها الجميع سواء على المستوي البيئي أو الاقتصادي.
- التفاصيل
- الزيارات: 804
إدماج المفاهيم الخضراء يحافظ على الطاقة والموارد الطبيعية
يرى الخبير الأردني في مجال الأبنية الخضراء والاقتصاد الأخضر محمد عصفور، أن إدماج المفاهيم الخضراء في البيئة المحلية والإقليمية، أضحى أمرا ضروريا لا يجب إغفاله، خصوصا مع التغيرات المناخية المتطرفة التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة، والتي أدت إلى ظهور كوارث طبيعية مفاجئة على غرار الفيضانات والزلازل والحرائق وحتى التصحر والجفاف.
رميساء جبيل
وأكد الخبير في حوار مع النصر، على هامش ملتقى بيئي دولي احتضنته قسنطينة مؤخرا، أنه حان الوقت لنشر الوعي والثقافة البيئية، وسن قوانين وتشريعات، بهدف إنشاء أبنية خضراء صديقة للبيئة، تُخفف من حدة الانبعاثات الكربونية وتقلص من حجم استهلاك الطاقات والموارد البيئية القابلة للنفاد.
النصر: كيف تدمج المفاهيم الخضراء في البيئة المحلية والإقليمية ؟
ـ محمد عصفور: يكون ذلك من خلال إنشاء وإقامة أبنية خضراء صديقة للبيئة، سواء من ناحية استهلاك الموارد الطبيعية أو الطاقوية، أو من حيث الموقع المختار لإنشاء مجموعة من الأبنية المستدامة، منذ وضع مخطط المشروع وتصميمه، إلى غاية الانطلاق في أشغال البناء والاستدامة وحتى في إعادة الترميم، فمصطلح البناء الأخضر يرمز بشكل خاص إلى مبنى تم تصميمه وتنفيذه وفق معايير تحقق الاستدامة والفعالية، وتتوافق مع البيئة من ناحية تقنيات البناء والمواد المستخدمة ولا تتسبب في إتلاف موارد بيئية.
سياسة تقلص حجم الانبعاثات الكربونية وتحافظ على الموارد
فيما تكمن أهمية إدماج هذه المفاهيم في البناء؟
ـ القيام بهذه الخطوة مهم جدا لكل دولة، نظرا للفوائد الكبيرة التي يتم تحصيلها سواء على المدى القصير أو البعيد، بدءا بتقليص حجم الانبعاث الكربوني في الهواء، وكذا تخفيض تكلفة الموارد الكهربائية والمائية وغيرها، زيادة على الانعكاسات الإيجابية على صحة القاطنين والعاملين في المباني الخضراء، كما أن لها آثارا اقتصادية جيدة وحتى انعكاسات اجتماعية إيجابية.
و من المهم أن يقوم صناع القرار والخبراء والجامعات والهيئات المعنية، بدمج أصحاب الخبرة المختصين في مجال الأبنية الخضراء في التخطيط لسياسات التعمير، مع التركيز على الجانب الأكاديمي أيضا، وإدراك أن هذه العملية مشتركة لتحقيق مشاريع ناجحة على كل الأصعدة والمستويات وتشمل القطاع العام والخاص والأكاديميين.
إلى أي حد تحقق المفاهيم الخضراء التوازن البيئي الحضري ؟
ـ تستهلك مختلف الأبنية التقليدية الموارد بشتى أنواعها وبشكل كبير يفوق الحجم العادي، ما يؤدي بالضرورة إلى تدهور النظام البيئي، على عكس المباني الخضراء المشيدة، فهي تعمل على تخفيف حدة الأثر السلبي، ولهذا تحديدا من الضروري نشر الوعي البيئي، لإدراك أهمية المحافظة على الموارد البيئية الطبيعية لتفادي التغيرات المناخية ونفاد مخزون الطاقة والمياه وتجنب التلوث البيئي.
الأبنية الخضراء والموائل الطبيعية حاجز أمام التغيرات المناخية
ما هي أنجع السبل لمواجهة التطرفات المناخية التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة؟
ـ يجب التطرق إلى آليتين يتم الاعتماد عليهما عندما نتكلم عن مواجهة الآثار المترتبة عن تغير المناخ، أولها التكيف، و نحتاج هنا إلى إقامة منشآت ومبان ذات مناعة وحصانة، من خلال التخطيط المستدام مع مراعاة الظروف الجوية المتطرفة التي قد تظهر فجأة في المستقبل، على غرار الفيضانات وارتفاع درجات الحرارة في أماكن و انخفاضها في مناطق أخرى.
أما من ناحية معالجة الأسباب للتغيرات المناخية الطارئة، فيجب إدراك حقيقة أن المباني التقليدية تتسبب في حوالي 39 بالمائة من الانبعاثات، وبالتالي يستوجب العمل على التقليل من تواجدها، لتخفيف حدة آثارها السلبية على المناخ، كما أن إعادة بناء الموائل الطبيعية في المدن من غابات ومروج وأنهار ومراع، من شأنه إعادة التوازن للمنظومة البيئية، والتقليل من أثر الجزيرة الحرارية، وهو مصطلح يقصد به المناطق الحضرية والمدن الكبرى التي تتميز بالدفء غير الطبيعي مقارنة بالمناطق الريفية، بسبب الأنشطة البشرية المتمركزة فيها، زيادة على أن الموائل الطبيعية تساعد في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وهو أمر أشدد وأؤكد على ضرورة الأخذ به واعتماده في المدن.
أذكر أيضا، أن الأبنية الخضراء المستدامة تعتبر من الفرص الجيدة لمكافحة التغيرات، والتخلص من 98 بالمائة من الانبعاث الكربوني الناجم عن تشغيل الإنارة الصناعية وأجهزة التكييف وتخفيف 11 بالمائة من الكربون الكامل، الذي تضاعف في السنوات الأخيرة. فضلا عن أن الاهتمام بالأبنية الخضراء، مشروع داعم للصناعات المحلية، من ناحية استهلاك الكربون الكامل الذي سيكون أقل سعرا في حال تم تصنيعه محليا، مقارنة بالمستورد من الدول الأخرى، فضلا عن توفير العمران الأخضر لبيئة صحية تساعد على الإنتاجية.
ما هي أبرز التحديات البيئية التي تتعرض لها الدول العربية، وعلى وجه الخصوص دول البحر الأبيض المتوسط ؟
ـ تعاني مناطق جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط، من مشكلة التصحر التي ترتبط في الأصل بتراجع الهطول المطري، زيادة على الرعي الجائر ومشاكل أخرى متعددة تتطلب معالجة سريعة، ناهيك عن التلوث البيئي المنتشر بكثرة والذي يستوجب تدخلا للتقليل من حدته وآثاره السلبية، فنوعية الهواء المستنشق وجودته مهمان سواء داخل الأبنية أو خارجها في المحيط العام.
أشير هنا تحديدا إلى ما شاهدناه في ليبيا، من فيضانات فجائية أودت بحياة كثير من الناس، سببها التغير المناخي الذي يواجهه العالم في السنوات الأخيرة والذي يعد خلفية مباشرة لحرائق الغطاء الأخضر من غابات ومحاصيل زراعية إلى جانب كثير من التحديات البيئية الأخرى التي تواجهها الدول و تستدعي إجراءات صارمة وتدخلات سريعة.
يجب سن قوانين وتشريعات لمواجهة التحديات البيئية
قلت إن ما يشهده العالم يستدعي تدخلا سريعا، كيف يكون ذلك؟
ـ يمكن القول إنه يجب القيام بأمرين، أولهما الانطلاق في سن وتشريع قوانين تدعو لمواجهة هذه التغيرات المناخية المتطرفة، وتسهل إنشاء مشاريع صديقة للبيئة، إلى جانب وجود مبادرات تحسيسية وتوعوية موجهة للمواطنين والمؤسسات والمصالح المعنية للتعريف بهذه التحديات، و التأثير على سلوكيات الأفراد، واعتماد أفعال أكثر استدامة لا تضر بالبيئة والصحة العامة.
علينا أن نفهم كذلك، أن تطبيق بعض القوانين، لا يكون ناجحا بشكل كامل في غياب الثقافة والوعي البيئي بين الشعوب، فالاقتناع الداخلي بجدوى التحول نحو نمط حياة بيئي مستدام سيعود بمنفعة كبيرة.
ما هي المبادرات الدولية والعربية الواجب القيام بها لتحقيق حياة بيئية مستدامة ؟
ـ من وحي تجربتي وخبرتي في المجال، أقول إن وجود نظم هيكلية لجهات غير بيئية تُعنى بالتغيير المناخي والأبنية الخضراء والتنوع الحيوي، مهم جدا لإيصال الصوت بشكل أكبر وأسرع إلى المؤسسات المعنية وأصحاب القرارات الرسمية، إلى جانب ضرورة القيام بأبحاث مختلفة مرتبطة بالموضوع.
صراع الأسلحة يخلف انبعاثات تخل بالتوازن البيئي
يشهد العالم صراعات تستخدم فيها أسلحة مختلفة كالفسفور الأبيض، مع تسجيل خسائر في الأرواح والمباني و تأثير مباشر على المحيط، كيف تؤثر هذه الأحداث على توازن المنظومة البيئية ؟
ـ للأسف الشديد عندما تحدث الحروب والنزاعات، فإن البيئة هي آخر المواضيع التي يتم التطرق إليها والتحدث عنها، رغم أهميتها الكبرى في الحياة الآمنة والصحية، ففي غزة مثلا، لا يتوقف الأمر على مسألة القنابل المستخدمة، لأن حجم الانبعاثات الملوثة سيكون كبيرا و له آثار وانعكاسات جد سلبية على المدى القصير البعيد كذلك، خاصة وأن مجرد هدم المباني وإعادة بنائها يتطلب استنزافا للموارد في المنطقة.
كما أن هذه السلوكيات تهدد الكرة الأرضية، وتؤدي إلى إحداث تغيرات مناخية، وكذا تلوث الهواء وتصبح مياه سدود وآبار وأنهار غير صالحة للشرب أو الاستعمال، كما تتلوث التربة وتصبح غير قابلة للاستعمال في بعض الحالات.
- التفاصيل
- الزيارات: 755
- الصنوبريات - كنز محمية جبل الوحش بقسنطينة
تعد الغابات الصنوبرية وجهة شهيرة للسياحة وأنشطة الهواء الطلق ويرجع ذلك إلى الجمالية التي تضفيها أشجارها على المكان، فضلا عن الرائحة الزكية التي تنشرها في الأرجاء المحيطة بها، والتي تساعد في تلطيف الهواء لاسيما صيفا. كما تعمل الصنوبريات على تقليل التلوث وتعزز من توازن النظام البيئي في المناطق التي تنمو فيها، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من الغطاء النباتي، في العديد من المناطق حول العالم باعتبارها من النباتات المعمرة التي تختص بالكثير من الفوائد، وبدورها تتجه الجزائر، نحو توسيع عملية زراعتها للانتفاع من خصائصها الاقتصادية والصحية، ولذلك تبرمج بقوة خلال حملات التشجير وطنيا، و قد استفادت قسنطينة مؤخرا من عدد معتبر من الشتلات التي غرست بمحمية جبل الوحش.
إيناس كبير
وتشتهر أشجار الصنوبر بقوة خشبها وجودته، فيما يصل ارتفاعها إلى 25 مترًا، فضلا عن أنها تتلاءم مع كل أنواع التربة، خصوصا الصخرية، وتعد منطقة البحر الأبيض المتوسط موطنا أصليا لها، حيث يساعد مناخها المعتدل على نموها بشكل أسرع، بحسب ما أوضحه المكلف بالإعلام والاتصال في محافظة الغابات بولاية قسنطينة، علي زقرور، مضيفا بأن أشجارها تُنتج أنواعا عديدة من الثمار، على غرار أشجار الصنوبر الثمري الذي يُستخدم في الكثير من الأغراض، فثمرة الفستق التي تنتجها، تعد من المكسرات باهظة الثمن و التي يكثر الطلب عليها لإعداد الأطباق والحلويات الفاخرة، كما تستخرج من المادة الصمغية للأشجار الكثير من المواد الطبية، إلى جانب أنواع عددية من الزيوت، فضلا عن استخدامها في إنتاج المواد التجميلية مثل الصابون، و توظيف مخاريطها في تزيين وتنسيق ديكورات المنازل حسب ما ذكره.
و كشف زقرور، بأن الدولة الجزائرية تسعى للاستثمار في هذا النوع من الأشجار من خلال إنشاء سلاسل غابية تحقق المنفعة الاقتصادية، فضلا عن توسيع مناطق زراعة أشجار الصنوبر الثمري على طول نطاق الغطاء النباتي الوطني، وأضاف المتحدث، بأن غابة جبل الوحش بقسنطينة تعد مخبرا بيولوجيا، يتربع على نحو 100 هكتار من مساحتها الإجمالية، تحتوي على أصناف نادرة من الصنوبريات تفوق 48 صنفا، بالإضافة إلى الفلينيات ونبات السدر، و الواجب الاهتمام بها وحمايتها من الحرائق التي تهدد نموها، و أشار إلى أن إعادة إحياء غابات أشجار الصنوبر عند تعرضها لعملية حرق متتالية يتطلب وقتا طويلا، وحدد هذه المدة بين 20 و25 سنة، فيما تفقد الغابة حياتها نهائيا في حالات أخرى من التعرض المستمر للحرائق، و لفت من جهة أخرى، إلى أنه توجد أنواع أخرى من أشجار الصنوبريات التي تنبت من الفروع، فتوفير شروط الحماية اللازمة لها، مثل حمايتها من الرعي الجائر والحرائق، تساعد على إنباتها في مدة قصيرة، قدرها بحوالي السنة.
اختيار أصناف الأشجار يخضع لعدة اعتبارات
ولتوسيع الغطاء النباتي والاستثمار في الثروة الغابية، أعلنت الدولة حسبه، عن انطلاق عمليات التشجير عبر كامل ربوع الوطن في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر، المصادف لليوم الوطني للشجرة، وبرمجت المشروع ليستمر طول السنة بهدف تعويض ما ضاع من أشجار ونباتات جراء الحرائق التي أتت على مساحات كبيرة من الغطاء النباتي في السنوات الأخيرة، لاسيما في ولاية القالة مؤخرا، حسب ما ذكره علي زقرور.
وأفاد المتحدث، بأن ولاية قسنطينة بحاجة إلى توسيع وتنمية غطائها النباتي، وأرجع ذلك إلى الخصوصية التي تعرفها الولاية، إذ وصفها بالمنطقة غير الغابية، فغطاؤها النباتي يتوزع على مساحة لا تتجاوز 28 ألف هكتار معظمها للتسلية، أو محميات حضرية ونصف حضرية، كما أنها ليست بالغابات الإنتاجية مثل الغابات المتواجدة في الولايات الساحلية، خصوصا القالة، سكيكدة و جيجل.
وأوضح، بأن المعايير التي تخضع لها عملية اختيار الأشجار المناسبة لإنشاء غابة على مساحة معينة، تعتمد على الخصوصية البيئية والاقتصادية والاجتماعية للمنطقة، ناهيك عن طبيعة نشاط سكانها ونوعية الحيوانات التي يربونها، حتى توفر الاحتياجات اللازمة لهم.
كما لفت، إلى أهمية استغلال أشجار التين الشوكي، في المساحات غير الغابية، أو التي لا تصلح لزراعة الأشجار، وقال بأن هذه الثمرة تتمتع بفوائد كبيرة اقتصادية و طبية، لاسيما ما يتعلق باستخراج الأعلاف واستخلاص المواد الطبية والتجميلية، فضلا عن أنها غير قابلة للاشتعال بسهولة، وهو ما جعل الدول تخصص مدنا نموذجية لإنتاجها على طول السنة للانتفاع من قيمتها.
تحديات تعقد عملية استعادة الغطاء النباتي
وبالإضافة إلى الحرائق التي تؤدي إلى فقدان مساحات شاسعة من الغابات، والتسبب في اختلالات في التوازن البيئي والمناخي، فإن بعض الولايات الجزائرية كقسنطينة، تحتاج حسبه، إلى تنمية وتوسيع غطائها النباتي الذي لا يتجاوز 12 بالمائة من مساحتها الإجمالية، من أجل ضمان العيش في مناخ جوي ملائم، علما أن هذا الهدف يعد من بين التحديات التي تواجه الدولة للوصول إلى المعايير التقنية التي حددها العلماء بـ35 بالمائة، ومن بين جملة الصعوبات الأخرى التي ذكرها، مشكلة التغير المناخي الذي فرض على الدولة تغيير استراتيجيتها في اختيار أصناف الأشجار التي تعتمد عليها في توسيع الثروة الغابية خصوصا في الشمال الذي يعرف شحا في الأمطار، وعدم انتظامها على طول الفصول الأربعة.
وشرح المتحدث، بأن الأشجار الصحراوية هي الأكثر ملاءمة، إذ أنها تنمو في المناطق الحارة، فضلا عن أن عملية سقيها لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء، لأنها تحتفظ به في أوراقها.
كما أشار إلى أهمية توفر وتكييف دراسات علمية جديدة، تضع حلولا لمواجهة الأوضاع المناخية الحالية سواء من ناحية نوعية الأشجار التي يجب الاعتماد عليها أو الحفاظ على الغطاء النباتي.
وتعد الأمراض الطفيلية التي تصيب الأشجار والنباتات، مثل أمراض أشجار الكاليتوس والصنوبر الذي يُصاب بالدودة الجرارة، من التحديات الأخرى التي تفرض نفسها، وبحسب ما أفاد به زقرور، فمنذ سنوات تعمل الدولة على وضع حد لها من خلال الاعتماد على تجديد آليات حماية الأشجار المريضة، حيث أشار إلى ثلاثة طرق لمعالجتها، بداية بالطريقة الآلية من خلال نزع أعشاش الدودة الطفيلية وحرقها، والطريقة البيولوجية التي تستخدم في معالجة الغابات الكبيرة، فضلا عن الطرق التقليدية، باستعمال الطائرات المعبأة بمواد كيميائية للقضاء على اليرقات.
مشروع السد الأخضر يعود إلى الواجهة
وعن المشاريع التي تدخل في إطار استدامة عملية استعادة الغطاء النباتي على المستوى الوطني، صرح المكلف بالإعلام والاتصال في محافظة الغابات، بأن الدولة تتبنى حاليا مشروع التشجير الوطني الذي يهدف إلى إعادة بعث السد الأخضر، وأضاف بأنها وضعت كل إمكانياتها لاستصلاح الأراضي الصحراوية أيضا، وقال بأنها عملت على تطوير وسائل الزراعة وحراسة الغابات بالاعتماد على التكنولوجيات الحديثة، مثل توظيف طائرات لنثر البذور يتم استخدامها في المناطق الصعبة، فضلا عن توظيف الطائرات بدون طيار لحراسة الغابات من اندلاع الحرائق والاعتداء عليها، والتدخل السريع لإطفاء النيران عبر حقن الأشجار بكريات صغيرة تحتوي على مادة تطفئ الحريق.
كما أكد في سياق حديثه، على ضرورة مرافقة الجامعة للمشاريع التنموية وتوسيع الغابات، فضلا عن المساهمة في عمليات التوعية والتحسيس التي اعتبرها أساس أي نشاط بيئي، وإشراك كل أفراد المجتمع في الحفاظ على الثروة الغابية، ووضع حد للأنشطة غير العقلانية التي تُمارس ضدها، مثل الرعي الجائر وضغط الإنسان، المتمثل في التوسع العمراني على حساب البيئة والغابة، وما ينجر عنه من تدهور المحيط واختلال المناخ.
وقال إن دستور الدولة ينص في مادته الأولى على أن الثروة الغابية وطنية، أي أنها ملكية لكل الشعب والجميع مطالبون بالحفاظ عليها، حيث وصفها بأنها الرئة الحيوية التي تتنفس منها المدينة، ناهيك عن مساهمتها في الحفاظ على التوازن البيئي واستمرارية سلاسل الكائنات الحية التي تعتمد عليها في توفير المأوى والغذاء، مثل الأدغال التي توفر الأوكسجين وتجلب الأمطار، وأضاف، بأنه يتوجب على الإنسان قبل أن يؤذي الغابة أن يتذكر فترة الجائحة عندما أصبح يبحث عن الأوكسجين، في حين أن الأشجار تمنحه الكثير منه في كل وقت، بالإضافة إلى منافعها الاقتصادية كتوفير الخشب وإنتاج الثمار، واستخدامها في إنتاج المواد الطبية، فضلا عن توفيرها لمساحات للتسلية والترفيه.
إ.ك
اقترحها خبراء لتقليل استهلاك الطاقة
تطبيقات الذكاء الاصطناعي لأجل بيئة نظيفة
اقترح دكاترة وخبراء، على هامش ملتقى دولي احتضنته مؤخرا، جامعة صالح بوبنيدر بقسنطينة، حول انتقال الطاقة والبيئة العمرانية، التوّجه نحو التكنولوجيا وأنظمة الذكاء الاصطناعي لأجل بيئة عمرانية نظيفة، بالموازاة مع استعمال الطاقات المتجدّدة، وذلك من خلال استغلالها في استدامة الطاقات عبر تشبيك المحطات المولدة عن طريق الذكاء الاصطناعي، وكذا استخدام مواد بناء عازلة للحرارة والبرودة للتخفيف من استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى تغيير النمط العمراني وإعادة تنظيم المدن، مع التأكيد على أهمية استخدام الهيدروجين حتى في حالة وجود الطاقات المتجدّدة.
إسلام قيدوم
* وكيل كلية الهندسة للدراسات العليا والبحوث بجامعة «حلوان» المصرية محمد علاء المندور
الذكاء الاصطناعي مفيد لاستبدال مصادر الطاقة
يقترح وكيل كلية الهندسة للدراسات العليا والبحوث بجامعة حلوان بمصر، الأستاذ محمد علاء مندور، التوجّه إلى استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي للحفاظ على ديمومة الطاقات، من خلال ربط المحطات المولّدة وتشبيكها ببعضها البعض وإدارتها كذلك عبر الذكاء الاصطناعي، بما يعرف بالـ»مشابك الذكية».
وتحدّث الأستاذ مندور للنصر، عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي وكيفية استعمالها في الوطن العربي، من منطلق أنّ مصر شرعت في استعمال الطاقة النظيفة على غرار الخلايا الشمسية، وقال إنّ منطقة أصوان مثلا تمتلك إحدى أكبر محطات الخلايا الشمسية، بالإضافة إلى محطات إنتاج طاقة الرياح في منطقة الزعفرانة، ناهيك عن الانطلاق في إجراء دراسات وبحوث متعلّقة بالهيدروجين الأخضر، مع العمل على مرحلة استغلال الذكاء الاصطناعي لربط هذه المحطات مع بعضها البعض، واستخدامها بكفاءة عالية جدا ، إذ وصلت مصر حسبه، إلى مرحلة التحوّل من الطاقة العادية إلى المتجدّدة فضلا عن استعمال الطاقة النووية.
وقال المتحدّث، إنّ الذكاء الاصطناعي في هذه الحالة، عبارة عن مراكز لقاعدة كبيرة لمعالجة البيانات متشابكة ومترابطة ببعضها، لا يمكن للأجهزة العادية استيعابها وتحليلها، كما تفوق طاقة الإنسان أيضا ، وبالتالي فالذكاء الاصطناعي مثلما يطلق عليه «قوة خارقة» حسبه، تستطيع القيام بعملية معالجة بيانات كبيرة جدا وتوزّع تلك الطاقات المنتجة في مجالها السليم، مع نوع من أنواع الطاقة الفعالة، أي عدم إهدار أي كمية من الطاقة، وأوضح الأستاذ مندور، فكرته قائلا « إنّه يمكن استحداث محطة للطاقة الشمسية وأخرى لطاقة الرياح وكذا للهيدروجين الأخضر في عدّة مدن، حيث تعمل هذه الآلية من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي على التحكم في نسبة الطاقة الموزّعة، حسب الاحتياجات وبصورة فعالة ومتكافئة، وتحول بذلك الطاقة غير المستغلة في منطقة ما نحو أخرى».
ودعا المتحدث، إلى الاقتداء بدول رائدة في هذا الجانب على غرار ألمانيا و الدانمارك، إذ يعتبر أنّ التوجّه نحو استغلال الطاقات المتجدّدة يصاحبه الدّعم باستخدام الذكاء الاصطناعي، للتسيير الفعال لهذه الطاقات بما يخدم المدن والمجمعات السكنية، خاصة في الدول غير الغنية بالثروات الطبيعية، وحتى في الدول الغنية على اعتبار أنّ الطاقات التلقليدية يمكن أن تنفذ. ويأتي هذا مثلما أكّد، باعتبار أنّ مصر تواجه حاليا مشكلة متعلّقة بالطاقة يطلق عليها «تخفيف الأحمال للطاقة الكهربائية»، كونها تنقطع لمدّة معيّنة تصل إلى ساعة أوساعتين في اليوم وفي معظم الأوقات، ما يفرض التوجّه نحو الطاقات النظيفة كبديل فعال لمواجهة المشكلة، وبالنظر إلى أنّ مصر ليست من الدول الغنيّة بالثروات الطبيعية كالجزائر ودول الخليج العربي، فإن بدائل الطاقة ضرورية.
وحثّ، الدول العربية التي تمتلك قدرا كبيرا من الطاقات الطبيعية، على تعزيز العمل على انتهاج الطاقة المتجدّدة والنظيفة كبديل، لأنّ الثروات الموجودة تتناقص وتنتهي. وأضاف أنّ هذه الفكرة موجودة وقابلة للتطبيق كما أنّ الدول الأوروبية كألمانيا والدنمارك وهولندا تستعملها، وستطبّق في مصر عن قريب، علما أنّ الاستراتيجية تحتاج إلى إمكانيات مادية ضخمة، كما أنّ مردودها جيد جدا، مع احتمال التصدير إلى إفريقيا عند وجود الفائض من الإنتاج، مثل خطة مصر للتصدير نحو قبرص، وأهم فوائدها أنها طاقة نظيفة ومجدية جدا لتحسين التغيرات المناخية، ونتائجها الإيجابية يمكن أن تظهر في مدّة ثلاث سنوات، كما تسهم في الحفاظ على الطاقات الطبيعية وإدارة فعالة للاستهلاك والإمداد بالطاقة للمدن والمجمعات السكنية وغيرها.
ويفضّل من الآن يقول الأستاذ مندور، التوجّه نحو الطاقات النظيفة والعمل بشكل استباقي مثلما هو معمول في أوروبا، التي انتبهت إلى هذه المشكلة وشرعت في تجسيد استراتيجيتها منذ حرب أكتوبر، عندما قطع عنها التموين بالكهرباء، وأضاف أنّ نتائج هذه الاستراتيجية في مصر ستظهر بعد حوالي 5 سنوات، بعد استكمال مشروع الربط بالذكاء الاصطناعي.
* أستاذة الهندسة المعمارية والعمران بجامعة الجزائر مريم شعبو
النمط العمراني يجب أن يتكيف مع طرق استغلال الطاقة البديلة
ترى مريم شعبو، أستاذة الهندسة المعمارية والعمران بالمدرسة متعددة العلوم للهندسة المعمارية والعمران بالجزائر العاصمة،أنّه بات من الضروري العمل على إعادة تنظيم المدن وتغيير النسيج العمراني، من خلال مراعاة خصوصية المناطق من الناحية الجغرافية والمناخية وغيرها، والاهتمام بتشييد بنايات ومجمعات سكنية قائمة على الابتكار والدراسات، بهدف التقليص من استخدام واستهلاك الطاقة غير المتجدّدة المضرّة بالبيئة، مضيفة أنّ التوجّه نحو تعزيز استعمال الطاقات المتجدّدة لوحده غير كاف، توليد الطاقة الكهربائية بالجزائر مصدره الغاز الطبيعي، الذي لم يعد بالإمكان الاستمرار في الاعتماد عليه، ولابد من البحث عن بدائل، كما قالت المتحدّثة، إنّ حوالي 40 بالمائة من الطاقة المستهلكة هي عبارة عن هدر ولا تستعمل في محلّها، و إن لغاز الكربون المستعمل في السيارات آثار سلبية عديدة.
ودعت، إلى تغيير النمط العمراني المنتهج في البناء، سواء كمجمعات متكاملة أو للبناية في حدّ ذاتها، موضحة أن الاستمرار بنفس النهج يعني السير في الاتجاه المعاكس لسياسات الدولة بخصوص الطاقات المتجدّدة، فلابد حسبها، من تجنّب البناء وفق النمط الأوروبي السائد في مختلف المدن الجزائرية، لأنّ المناطق الجغرافية مختلفة ومناخها مختلف كذلك، وبالتالي يجب احترام هذه الخصوصيات وأخذها بعين الاعتبار عند التشييد، مضيفة أنه من الضروري التحكم في توسع المدن بشكل أكثر عقلانية دون إهدار للأراضي، والتركيز في المقابل على تشييد منشآت ومباني تسهم في التقليل من استهلاك وإهدار الطاقة.
وقالت المتحدّثة، إنه من الواجب تقليص المسافات عند تشييد المجمعات السكنية والمنشآت، ما يسمح بتقليل استخدام السيارات وما ينبعث منها من غازات ملوّثة، وبالتالي التشجيع على المشي واستعمال الوسائل غير الملوثة للتنقل، كما يتعين وفقها، تقليص نسبة الاستهلاك الطاقوي في المدن الكبرى إلى الربع، وهذا لا يأتي فقط من خلال استعمال الطاقات المتجدّدة وتطوير التكنولوجيا المرتبطة بها، بل عبر إعادة تنظيم المدن في حدّ ذاتها لتتجاوب مع هذه الأهداف، زيادة على توعية المواطن بشكل أكبر بأهمية الاستهلاك العقلاني للطاقة.
وأضافت الأستاذة شعبو، أنّ البناء يتم حاليا خارج المدن و يزيد من توسعها ويضاعف الحاجة لوسائل النقل، مما يؤدي إلى استهلاك أكبر للطاقة، وحتى وإن كان التحول في النمط العمراني يتطلب وقتا لكنه غير مستحيل حسبها، مع وجود عديد الطلبة الذين يشتغلون على مثل هذه المواضيع في الجامعات ومراكز البحث، لذا يتعين على الجامعة ابتكار حلول في هذا الإطار والتعاون مع المسؤولين، لتفعيل الأعمال المتعلّقة بالمباني وطرق تشييدها والمعايير الفنية للبناء، علما أن هناك تقدّم في هذا المجال كما أكدت لكنه غير كاف.
وتشجع الأستاذة على تطوير مواد البناء الصديقة للبيئة لتقليص نسبة استهلاك الكهرباء خاصة المواد التي تتسم بالعزل، بما يغني الإنسان عن استعمال الأجهزة المكيّفة أو التدفئة في حال وجود بنايات مصنوعة من مواد عازلة، كما هو نمط البناء فالبيوت القديمة كمنازل ولاية غرداية مثلا، مع التفكير في نمط يراعي هذه الخصوصيات من ناحية استهلاك الطاقة وتقليصها.
* فوزي ثابت خبير في الطاقات المتجدّدة ومؤسس شركة «أوبتي تك»
لا يمكن الحديث عن الطاقات المتجدّدة من دون الهيدروجين
يعتبر الشاب الجزائري فوزي ثابت، مؤسس شركة «أوبتي تك» للطاقات المتجدّدة الواقع مقرّها بألمانيا، أنّه لا يمكن الحديث عن الطاقات المتجدّدة من دون الهيدروجين، لأنّ توفير البدائل الطاقوية الأخرى يتّسم بالتذبذب وغير ثابت، ما يسبب مشكلة على حدّ تعبيره، على عكس الطاقات العادية باعتبار أنّ الظروف المناخية التي تؤدي إلى إنتاج بعض الطاقات ليست متوفّرة بشكل دائم وبنفس الحجم، فمثلا قد تتوفر أشعة الشمس بقوة أحيانا وقد تغيب كذلك، وهو ما يدعو إلى التفكير في التخزين، ويعتبر الهيدروجين في هذه الحالة أحسن وسيلة للقيام بذلك في حالة وجود فائض في الإنتاج.
ويتم الأمر حسبه، من خلال فصل تركيبة المياه، واستخراج الهيدروجين واستعمال الأوكسجين المكوّن الثاني في أمور أخرى كالطب مثلا، وللقيام بهذه العملية تتم الاستعانة بالكهرباء المنتجة من الطاقات البديلة في تكوين الهيدروجين، الذي يتم تخزينه وعند تناقص الإنتاج بسبب الظروف المناخية نستعين به لإنتاج الكهرباء، فالهيدروجين في هذه العملية يعتبر عامل توازن، بالإضافة إلى آثاره الإيجابية على البيئة باعتباره لا يشكل أي خطر ففي حالة حدوث احتراق فإنّه ينتج لنا الماء.
إ.ق