آخر الأخبار
- التفاصيل
- الزيارات: 1737
الكيمياء الخضراء لامتصاص بقايا مصانع الأقمشة
قدمت ثلاث طالبات من كلية هندسة الطرائق بجامعة قسنطينة 03، بحثا بيئيا في إطار مشروع تخرج سنة ثانية ماستر هندسة كيميائية، وهو عبارة عن دراسة تطبيقية تتعلق بمعالجة المياه من الملوثات العضوية الناجمة عن ملونات بقايا الأقمشة، التي ترمى بشكل عشوائي في الأودية و البحر، وتوصلن من خلالها إلى ابتكار حلول تدرس في خانة ما يعرف بالكيمياء الخضراء، تخص عمليات أكسدة متقدمة تقضي تماما على التلوث الذي يهدد النبات و الثروة المائية و البيئة عموما و صحة الإنسان خصوصا.
أسماء بوقرن
نسومر بن قيقاقية و سندس بوشريبة و آية بوفريوة، طالبات هندسة كيمائية، اخترن رفقة مؤطرهن البروفيسور سليمان مرواني، إجراء دراسة علمية في إطار الكيمياء الخضراء تهدف إلى تكريس استعمال مواد كيميائية غير مضرة بالبيئة و الصحة للقضاء على الملوثات ومعالجة اختلال التوازن البيئي، وتحدثن للنصر، عن بحثهن معربات عن سعادتهن بالنتائج المبهرة التي توصلن إليها آملات في أن يتم تبنيها على أرض الواقع.
تحليل تجريبي باعتماد عمليات أكسدة
ترتكز الدراسة حسب الطالبات، على التحليل التجريبي باعتماد عمليات أكسدة للقضاء على مشكل التلوث الناجم عن مخلفات المصانع المختصة في صناعة الألبسة و الأقمشة ذات الألوان، بما في ذلك الألوان الجديدة بتركيبات كيميائية معقدة و صعبة التفكك، تستدعي عوامل خارجية و مواد مضافة لتفككها، و التي من غير الممكن أن تتحلل طبيعيا حسبهن خاصة في ظل انتشار استخدام تركيبات ألوان كثيرة، تختلف عن تلك المستعملة قديما و التي كانت طبيعية يسهل تفكيكها بعمليات الأكسدة المعروفة.
الطالبات انطلقن من إشكالية بحثية موضوعها يُطرح بحدة في الواقع كما قلن، تتمثل في ارتفاع معدل الرمي العشوائي لبقايا الأقمشة و الألبسة في الأودية و البحار، من قبل المصانع و ورشات الخياطة، ما يزيد من حدة تلوث المياه وذلك لاحتواء هذه البقايا على ملوثات عضوية بألوان مركبة كثيرة الضرر و يمكن أن تسبب أمراضا كالسرطان و أمراض الجهاز التنفسي و القلب و الشرايين، كما تؤدي إلى اختلال التوازن البيئي و تؤثر على طبيعة الهواء و تقلل نسبة الأوكسجين، ناهيك عن انعكاساتها الوخيمة على الثروة البحرية، في المقابل لم تعد حسبهن، عمليات الأكسدة القديمة المستعملة حاليا في محطات المعالجة ناجعة تماما، بفعل ظهور عدة عوامل أبرزها تطور استعمال الألوان.
و قد توصلن من خلال بحثهن التطبيقي، إلى ابتكار عمليات أكسدة حديثة تقضي تماما على الملوثات العضوية، حيث أخذن عينات من المياه و قمن بإخضاعها للتحليل و وجدن بأنها مشبعة بالملوثات العضوية الناجمة عن ألوان بقايا الأقمشة ويستحيل تفكيكها بعمليات الأكسدة القديمة، وقد طبقن طريقتهن الجديد القائمة على إجراء معالجة كيميائية خاصة بإزالة المواد العضوية في المياه عن طريق الأكسدة من خلال التفاعلات، باعتماد عوامل خارجية و مواد مضافة تقضي على مشكل التلوث الناجم عن ألوان الألبسة و بالأخص الألوان ذات التركيبة الكيميائية المعقدة صعبة التفكك.
تطوير استعمال الحديد و الحرارة
وأوضحت الطالبات، بأنهن اعتمدن في البداية تقنيات فيزيائية من خلال استخدام طرق للقضاء على الجزيئات الصلبة، و كذا تقنيات كيميائية ترتكز على إضافة مواد كيميائية تتفاعل مع تركيبة الملونات، إلى جانب تقنيات بيولوجية تعتمد على استخدام نوع من البكتيريا، غير أنها تقنيات غير فعالة بنسبة كبيرة و لا تقضي سوى على أقل من 50 بالمائة من الملوثات، وقد أظهرت التجارب بقاء نسبة معتبرة من الملوثات المضرة بالبيئة و المحيط و الغطاء النباتي، وأشرن إلى أنها تقنيات قديمة كانت تستعمل لتفكيك ألوان سهلة التفكك، غير أنها ما عادت مجدية في ظل التطور الذي نشهده في صناعة الألوان المعقدة.
وتمكنت الشابات من إيجاد حلول تتمثل في عمليات أكسدة حديثة مكملة لتقنيات الأكسدة القديمة، تقضي تماما على تركيبة الملونات و بنسبة كاملة، تعالج مشكل تلوث المياه من بقايا الأقمشة، و ذلك باستعمال مواد كالحديد، حيث تم اعتماد هذا العنصر و تطوير استخدامه مع إضافة عوامل خارجية كالحرارة و المركزات، و قمن بعمليات تجريبية على مياه البحر وكذا الأودية بعد أخذ عينات لمياه ملوثة بمواد عضوية صعبة التفكيك، و حصلن على نتائج إيجابية.
و أشرن في الختام، إلى أنهن لم يقدمن تفاصيل على العناصر الكيميائية المعتمدة في معالجة المياه، و فضلن عدم الكشف عنها في الوقت الحالي، إلى غاية عرض بحثهن على الجهات الوصية، على أمل أن تؤخذ النتائج بعين الاعتبار و تطبق على محطات معالجة المياه، و أجمعن على أن الكيمياء الخضراء من الحلول الناجعة في هذا المجال، لكونها تعتمد على مواد غير مضرة .
عز الدين غاشي خبير في علوم المياه السطحية للنصر
الأمطـــار الأخيـــرة ليـست تطرفـا مناخيــا
قال الباحث في علوم المياه السطحية بمعهد تسيير التقنيات الحضرية بجامعة قسنطينة 3، عز الدين غاشي، أن الأمطار الاستثنائية التي شهدتها الجزائر في الآونة الأخيرة عادية وسبق تسجيلها في سنوات ماضية، مؤكدا بأنها مفيدة للسدود والجيوب المائية، كما أنها مهمة جدا لإنجاح محاصيل الحبوب الجافة و بعض الخضر والفواكه.وشدد الباحث في حوار مع النصر، على ضرورة وضع مخططات شاملة وفعالة لدراسة المشاريع التي تعنى بإنجاز شبكات صرف مياه الأمطار.
حاورته : رميساء جبيل
هذه العوامل تتسبب في تشكل السيول الجارفة
ـ النصر: عرفت الجزائر مؤخرا تساقط كميات معتبرة من الأمطار خلفت سيولا في عدة ولايات فهل هي ظاهرة مناخية متطرفة و كيف تفسرونها ؟
ـ عز الدين غاشي: الجزائر معروفة بكونها واحدة من الدول التي تشهد فيضانات وسيولا مفاجئة، وهي من المشاكل التي تعيق عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعود أسباب السيول إلى الأمطار الغزيرة الاستثنائية التي باتت تسجل بشكل سنوي، على غرار ما شهدناه في أوت سنة 2015 بعلي منجلي بقسنطينة، إذ تسببت الأمطار الطوفانية في وفاة شخصين بعدما تهاطلت بمعدل 90 ميليمترا في الساعة، ناهيك عن الأمطار الرعدية التي مست حي جبلي أحمد سنة 2019، و خلفت ضحيتين، كما تسببت الأمطار الغزيرة و الفجائية التي تهاطلت في شهر ماي الماضي في خسائر مادية معتبرة.
أما العامل الثاني للسيول من هذا النوع، فهو الموقع الجغرافي و طبيعة التوسع العمراني كما حدث في تيبازة مؤخرا، فالمنطقة كما بدا جليا شديدة الانحدار وهو ما تسبب في حدوث سيول غزيرة أدت إلى انزلاق التربة و المباني، خصوصا وأن سرعة تدفق المياه تزيد في المنحدرات، علما أن نسبة التساقط المطري وصلت بمنطقة ميناء الصيادين بخميستي إلى 70 ميليمترا خلال ساعات، ما أدى إلى تراكم آلاف الأطنان من التربة التي جرفتها السيول الغزيرة، و تسبب في اختفاء معدات الصيادين و توحل الميناء.
يكمن العامل الثالث وراء تشكل السيول، في انعدام الغطاء النباتي أو تدهور أجزاء منه، فالنباتات في الأحواض المائية تلعب دورا كبير في امتصاص المياه المطرية، كما تساهم في فرملة و وقف السيلان، ولهذا يؤدي التساقط المطري الكبير في الأماكن التي تعاني التعرية إلى حدوث كوارث مماثلة، وبهذا تنجرف التربة وتنسحب من المناطق المرتفعة باتجاه المناطق المنخفضة، و تتوجه جميعها نحو التجمعات السكنية والهياكل القاعدية مثل الطرق والوحدات الصناعية.
ـ هل هناك مناطق محددة على خريطة الجزائر يرتفع فيها خطر حدوث السيول و الفيضانات ؟
ـ من خلال الدراسات التي تقوم بها الجزائر سنويا، على مختلف بلديات الوطن تبين أولا أن هنالك 600 منطقة مهددة بالسيول وفقا لدرجات مختلفة، لكن العدد تقلص مؤخرا إلى حوالي 60 موقعا خطيرا.
أخطاء في إنجاز المشاريع قد تسبب بعض الكوارث
ـ ما هي الحالات التي يلعب فيها الإنسان دور المسبب للسيول؟
ـ فعلا يلعب العامل البشري دورا كبيرا كذلك في تسجيل مثل هذه الكوارث، نظرا للأخطاء التي يتم ارتكابها أثناء تصميم الشبكات وخلال تصنيف المياه المطرية فإغفال مخطط صرف المياه في بعض التوسعات العمرانية، يؤدي إلى حدوث فوضى سيلانية تتسبب في كوارث خطيرة. إضافة إلى الأخطاء في تصميم شبكات صرف مياه الأمطار، التي تسير في كثير من الأحيان بطريقة إدارية أكثر منها تقنية مع إقصاء قائمة المختصين والخبراء في هذا المجال عند العمل على المشاريع، لأنها أشغال لا تتعلق بالهيئات والمؤسسات المنجزة فقط، وإنما تتطلب حضور خبراء يدرسون العلاقة بين الأمطار التي تسقط من السماء وتحويلها على سطح الأرض ودراسة سيرورة العملية والتبخر وغيرها.
يكمن المشكل أيضا في قلة المختصين في علم الهيدرولوجيا، و وجود دراسات لا علاقة لها بخصوصيات المناطق، بسبب شح المعطيات المناخية.
ـ ما الذي يحدد فعالية مشاريع تصميم شبكات وقنوات صرف المياه ؟
ـ لإنجاح مثل هذه الدراسات التي تحولت إلى مشاريع، يجب التركيز على قياس معدل الأمطار المتساقطة، وهي خطوة تكاد تكون منعدمة في الكثير من المناطق في بلادنا، رغم أنه يتعين علينا قبل بدء هكذا مشاريع، أخذ معطيات دقيقة تخص كمية ونوعية الأمطار التي تساقطت خلال 24 ساعة، بواسطة جهاز البيبليوغراف، بغية إنجاز دراسات ناجعة وتصاميم جيدة لشبكات صرف المياه المطرية والقنوات تحمي النسيج العمراني، تماما كالأحزمة الواقية بوادي بومرزوق وجنان الزيتون بقسنطينة، والتي توجد مثيلات لها بمدن أخرى على غرار عنابة و باتنة.
أهم الأولويات لمواجهة مخاطر الفيضانات
ـ كيف يمكننا التكيف مع التقلبات المناخية و ما هي الاحتياطات الواجب أخذها لمواجهة مخاطر السيول والفيضانات في المدن ؟
ـ تعمل الجزائر في الحقيقة على أربع أولويات فيما يخص أخطار الفيضانات بداية بالاهتمام بأخطار الكوارث، وتدعيم حوكمة خطر الكوارث، إلى جانب توجيه الاستثمار نحو تقليص خطرها من أجل الصمود في وجهها وإمكانية استرجاع سيرورة الحياة الطبيعية في أقرب الآجال، وهو بالمناسبة المعيار الذي نقيس من خلاله تطور دولة أو تخلفها، أما الأولوية الرابعة فتتمحور حول تدعيم التحرير للكوارث بغية إعادة البناء بطريقة الري.
ويذكر أن للجزائر مساهمات في المخطط العالمي « سون لايف» باليابان الذي انطلق في 2015، بمشاركة عدة دول، بهدف دراسة الأخطار والكوارث الطبيعية والعمل على وضع حلول لها والتقليل من حدتها.
ـ ما هو الحل الأمثل لتجنب الكوارث الناجمة عن تقلبات المناخ؟
ـ لا يمكن وضع حد نهائي للأخطار والكوارث، فالطبيعة في كل مرة تقابلنا بأحداث معينة حتى نتخذها كدروس منهجية نتعلم منها، ومن خلالها نبحث عن حلول واستراتيجيات للتقليص من الحوادث، الحلول الممكنة والضرورية هي القيام بعمليات تنظيف دورية لشبكات الصرف الصحي وشبكات الحماية من الفيضانات، مع تهيئة الوديان بأحزمة وقاية لتفادي ارتفاع مستواها عند سقوط أمطار غزيرة، وبهذا نحافظ على النسيج العمراني من الضرر، إلى جانب الاعتماد على مقاربة دراسية باستخدام أدوات وتقنيات حديثة لإنجاز دراسات تعطي فعالية في تصميم شبكات صرف مياه الأمطار.
أؤكد أيضا، على وجوب اعتماد الصرامة في العمل وأن تكون الدراسات ذات مصداقية، وتقدم بطريقة دقيقة لإعطاء تقييمات صحيحة حول الخصوصية المناخية لكل منطقة، وكذا السهر على إنجاز وتنفيذ مشاريع وفق المقاييس المطلوبة، فنسبة 50 بالمائة من فشل المشاريع تتعلق بدراسة المشروع الأولية التي وضعت دون قياسات محلية مضبوطة، أين يتم اعتماد قياسات عامة عالمية تخص مناطق وبلدانا أخرى لا تنطبق مواصفتها على مكان إنجاز المشروع ولهذا السبب تحديدا تفشل جل المشاريع وتحدث الكوارث.
ـ في كل سنة تغرق مناطق بمدينة قسنطينة فهل للأمر علاقة بالجغرافيا كما سبق وذكرتم أم بضعف مخططات التهيئة ؟
ـ رغم الحوادث المسجلة مؤخرا، إلا أن قسنطينة من بين المدن التي تفطنت للفيضانات والسيول الجارفة، بوضع تدابير وقائية أثناء فترة تساقط الأمطار، ومع ذلك يغرق خط الترامواي الذي يمر على المنطقة الصناعية «بالما» بفعل تراكم المياه في كل مرة، الأمر الذي يتطلب وقفة جماعية تتكاتف فيها جهود السلطات المعنية والخبراء، من أجل تحيين مخطط القطاع الحضري ودراسته بشكل يوجد حلولا فعالة.
أمطار ماي مفيدة للمحاصيل الجافة
ـ ما هو منسوب الأمطار التي تتساقط في مثل هذه الفترة بقسنطينة وهل ما نسجله حاليا يدخل ضمن خانة المعدلات الطبيعية؟
ـ سابقا، كانت قسنطينة تتوفر على خمسة أجهزة لقياس معدل الأمطار المتساقطة لكن أعتقد أنه بقي منها جهاز واحد بمطار عين الباي، وهو مهم لتحديد نوعية وشدة المطر، و إعداد و دراسة تصميم شبكات تصريف مياه الأمطار في المجال الحضري، وأعتقد أنه سيكون هناك حساب لحجم التساقط وكمية الأمطار في شهر ماي و تحديدا في الفترة من 15 إلى 31 ماي.
أما المعدل السنوي للأمطار في المدينة على مدار 40 سنة الماضية، فقد راوح 500 ميليمتر، فيما أظهرت النتائج الخاصة بالثلاث سنوات الأخيرة، تراجعا في المنسوب وهو ما أثر على الفلاحة المطرية التي تتغذى على أمطار مارس و أفريل، مع إمكانية عودة المعدل مجددا خلال السنة الجارية.
ـ هل أمطار ماي و جوان عادية ؟
ـ تساقط الأمطار في شهر ماي أمر عادي جدا، عكس ما يعتقده المواطنون و المختصون يدركون جيدا أن مناخ الجزائر عموما والمناخ الذي شهدته قسنطينة منذ أزيد من 100 سنة، كان ممطرا في هذا الشهر تحديدا خاصة في الخمس أو الست سنوات الأخيرة، وأذكر هنا أيضا، أنه تم تسجيل تساقط للثلوج مع بداية شهر جوان خلال نهاية التسعينيات.
ـ كيف ستؤثر على المحاصيل الزراعية في رأيكم؟
ـ هذه الأمطار لها فائدة على زراعة الحبوب الجافة كالعدس والحمص، وكذا على زراعة بعض الخضر والفواكه على غرار البطيخ والطماطم والأشجار المثمرة و أشجار الزيتون، كما أن لها تأثيرا إيجابيا مباشرا على ملء السدود وإعادة ملء الجيوب المائية الجوفية التي تتغذى من المياه السطحية المتسربة إليها.
ر. ج
الإفرازات السائلة بالجزائر
جهــود متواصلــة لبـناء منشــآت لحمايــة الوسـط الطبيعـي
تواجه الجزائر المزيد من التحديات البيئية المرتبطة بالحركية الاقتصادية و الاجتماعية و تمدد العمران و ارتفاع معدلات الاستهلاك و تغير أنماط المعيشة بالوسط الحضري الذي يعد الأكثر إنتاجا للمخاطر البيئية المختلفة كالتلوث و انبعاث الغازات الدفيئة و استنزاف الموارد الطبيعية الهشة. وتعد الإفرازات السائلة التي ينتجها الوسط الحضري و شبه الحضري و الوسط الصناعي من بين المشاكل البيئية التي تعاني منها الجزائر في السنوات الأخيرة، و تبذل من أجلها جهودا متواصلة للحد منها و درء المخاطر الناجمة عنها، بينها مخاطر تلويث التربة و مصادر المياه و الإصابة بالأمراض المتنقلة عن طريق هذه الإفرازات متعددة الأنواع و المركبات الكيماوية و الفيزيائية.
و لا يكاد يخلو تجمع سكاني مهما كان حجمه من الإفرازات السائلة بالجزائر سواء تلك التي تنتجها الأحياء السكنية أو تلك الناجمة عن النشاط الصناعي، و هي من اخطر الإفرازات على البيئة و الموارد الطبيعية كالتربة الزراعية و المياه و الحياة البرية و التنوع الإيكولوجي.
واستنادا إلى الموقع الإلكتروني لوزارة البيئة و الطاقات المتجددة فقد بلغ تعداد مواقع الإفرازات الحضرية السائلة عبر 48 ولاية أكثر من 3500 موقع تقابلها 177 محطة تجميع و معالجة المياه المستعملة، و تعتزم الدولة بناء المزيد من المحطات لمعالجة المياه المنزلية المستعملة التي تنتجها التجمعات السكانية الآخذة في التوسع و خاصة بشمال البلاد حيث تتركز أكبر كثافة سكانية منتجة للسوائل الملوثة للوسط الطبيعي.
و تعد محطات الغسيل أيضا من بين المصادر المنتجة للإفرازات السائلة التي تصب كميات كبيرة منها في مجاري الصرف الصحي و تزيد من مخاطر التلوث عندما تصل إلى الوسط الطبيعي كمجاري الأودية و التربة الزراعية.
و قد أحصت وزارة البيئة و الطاقات المتجددة ما لا يقل عن 8 آلاف محطة غسيل في البلاد، ولا يعرف ما إذا كانت كل هذه المحطات مجهزة بنظام للتصفية و التخزين يحمي البيئة و يحول دون وصول هذه السوائل الصناعية الملوثة إلى مصادر المياه و التربة. وتتضمن قوانين حماية البيئة بالجزائر إجراءات صارمة تجاه محطات الغسيل وتلزمها بحماية البيئة تفادي الربط بشكات الصرف الصحي، و استخدام أنظمة متطورة للتصفية و التطهير و تدوير المنتجات النفطية المستعملة، غير أن بعض هذه المحطات مازالت تعمل بأنظمة قديمة لا تستجيب لإجراءات السلامة و حماية البيئة و الصحة.
و إلى جانب محطات الغسيل و مصبات الصرف الصحي تعد مراكز الردم التقني للنفايات أيضا من المصادر المنتجة للإفرازات السائلة، و تعمل وزارة البيئة على بناء المزيد من محطات معالجة عصارة النفايات الناجمة عن تحلل النفايات المنزلية العضوية.
و في هذا الإطار، أحصت الوزارة ما لا يقل عن 38 محطة معالجة للعصارة السامة المحملة بالمعادن الثقيلة عبر الوطن بتمويل من الصندوق الوطني للبيئة و الساحل FNEL، متوقعة بناء 8 محطات جديدة من ميزانية التجهيز للحد من تسرب العصارة السامة إلى التربة و مصادر المياه الجوفية بمراكز الردم الكبرى التي تستقبل كميات هائلة من النفايات المنزلية التي تنتجها التجمعات السكانية.
و تعد الإفرازات الحضرية و الصناعية السائلة ناقلا فعالا للأمراض عندما تصل إلى مصادر المياه و الغذاء، و لذا تحرص الجزائر على الحد من التلوث الناجم عن الإفرازات السائلة ببناء المزيد من محطات المعالجة و التصفية، و فرض قيود صارمة على النشاطات التجارية و الصناعية المنتجة للسوائل الملوثة للبيئة و مصادر المياه و التربة الزراعية و الحياة البرية، و خاصة بالمناطق الرطبة الأكثر عرضة للتلوث الناجم عن مصبات السوائل السامة سواء الصناعية أو الحضرية القادمة من التجمعات السكانية المجاورة.
و حسب وزارة البيئة و الطاقات المتجددة فإن الأرقام المتوصل إليها حتى الآن تعد أرقاما أولية حيث تتواصل عمليات الجرد و تحيين المعطيات الميدانية باستمرار حتى تتشكل صورة واضحة و دقيقة يمكن على ضوئها وضع الخطط الرامية إلى حماية البيئة و الصحة من خلال المزيد من الاستثمارات و التطبيق الصارم للقوانين و التصدي لكل سلوك أو نشاط ملوث للبيئة مضر بالصحة و الحياة البرية و التنوع البيولوجي الذي صار عرضة لمخاطر كبيرة بسبب التلوث الناجم عن الأنشطة البشرية الجائرة.
فريد.غ
- التفاصيل
- الزيارات: 1388
تفعيــــل المواطنـــة البيئيــة حتميـــة
أرجعت الخبيرة البيئية و البروفيسور بكلية الحقوق و العلوم السياسية بجامعة باتنة 1، فاتن الليثي، الاضطرابات الجوية التي شهدتها عديد الولايات بالجزائر خلال الأيام الماضية، إلى الاحتباس الحراري الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، و دخول منطقة شمال إفريقيا ضمن دائرة خطر ما يسمى بالمرتفع الأزوري، الذي يمثل نظام ضغط جوي مرتفع شبه استوائي، داعية إلى ضرورة تفعيل مصطلح المواطنة البيئية لنشر الوعي البيئي و المساهمة في حماية البيئة من تأثير التقلبات المناخية التي يشهدها العالم ككل.
حاورتها : إيمان زياري
تفسر الباحثة في حوارها مع النصر، العديد من الظواهر و تفصل في الحديث عن تأثيرها على البيئة و مستقبل الكرة الأرضية.
خطر المرتفع الأزوري على الجزائر
ـ النصر: تشهد الجزائر تغيرات مناخية كبيرة تمتزج بين الجفاف شتاء و أمطار طوفانية في غير موسمها مع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، ما تفسيرك لذلك ؟
ـ يعرف خبراء البيئة هذه التقلبات على أنها تغير مناخي ناجم عن الاحتباس الحراري، سببه ارتفاع درجة حرارة الأرض بفعل التلوث الذي يشهده العالم و يتسبب فيه الإنسان، فمن المفروض أن درجة حرارة الكرة الأرضية هي - 19، إلا أنها وصلت الآن إلى 14 درجة و الفرق شاسع بين المقياسين، الأمر الذي سيتسبب في كارثة بيئية حقيقية، و قد حذر خبراء المناخ و البيئة من هذا الارتفاع، و أكدوا أن درجة حرارة الأرض إن زادت عن 1.5 درجات عما هو مسجل حاليا، فسيذوب القطب الشمالي المتجمد و ستختفي معه العديد من الدول.
ـ ما هي نسب التلوث البيئي في الجزائر و ما تأثيرها على الظاهرة عموما؟
ـ لا يقارن التلوث الحاصل في الجزائر بالتلوث الموجود في الدول المتقدمة صناعيا، في الجزائر و دول العالم الثالث يكون التلوث استهلاكيا بالدرجة الأولى، و نحن لا نمتلك صناعات ضخمة تنجر عنها انبعاثات كبرى، لذلك فإن مسؤولية الأضرار البيئية دولية و مشتركة تتقاسمها كل بلدان العالم بنسب متفاوتة بحسب خطورتها.
النصر: كيف سيكون شكل المستقبل في حال استمرار الاحتباس الحراري ؟
ـ الاحتباس الحراري تسبب في وصول الكرة الأرضية إلى خطر يسمى بالمرتفع الأزوري، و هو نظام ضغط جوي مرتفع شبه استوائي، يقع مركزه بالقرب من جزر الأزور في المحيط الأطلسي و من هنا أتت التسمية، و هو ما يؤثر في طقس و مناخ مناطق واسعة تشمل أوروبا و شمال إفريقيا و الجزائر و أجزاء أخرى من العالم، هذا الاضطراب هو المسؤول الرئيسي عن التصحر في شمال إفريقيا، و يصل تأثيره إلى حوض البحر الأبيض المتوسط، ليسبب الجفاف و الاستقرار في الأجواء مع ارتفاع في درجات الحرارة.
الوقود الأحفوري ضاعف درجة حرارة الأرض
النصر: ما تأثير ذلك على البيئة؟
ـ أطلقت هيئة الأمم المتحدة تحذيرا بشأن التغير المناخي الحاصل بفعل الاحتباس الحراري الذي يعتبر المحرك الرئيسي للعديد من الكوارث الطبيعية كذوبان القطب المتجمد الشمالي، إذ تفاقم معدل ذوبان الجليد بسبب شدة ارتفاع درجة الحرارة، ما يعكس فشل العالم في معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري، ما انجر عنه ارتفاع درجة حرارة الأرض و بالتالي الجفاف و موجات الحرارة، إضافة إلى الأعاصير المدارية وتهديد الإنتاج الغذائي و السلالات الحيوانية خاصة الطيور بالانقراض والهجرة حول العالم بسبب تغير أنماط الطقس، كما أن حرق الوقود الأحفوري يعد السبب الرئيسي في ارتفاع درجة حرارة الأرض، مع وصول تركيبات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى أعلى درجة.
ـ إلى أي مدى ينتشر الوعي البيئي وسط المواطنين في بلادنا؟
ـ بالفعل، المشاكل البيئية تصنف اليوم ضمن قائمة أكبر و أخطر التحديات العالمية، و هنا يلعب الوعي دورا محوريا في التصدي لمسببات الظاهرة و إيجاد حلول ناجعة للتلوث البيئي الذي يتسبب فيه الإنسان وحتى نصنع إنسانا واعيا بالمخاطر البيئية نحن بحاجة ماسة لتفعيل المواطنة البيئية، لأن من أهم ركائزها التربية البيئية و التعليم البيئي والإعلام البيئي و المجتمع المدني، حيث نعني بالتربية البيئية تهذيب السلوكيات عن طريق الأسرة و الحي و المسجد و الجمعيات، أما التعليم البيئي فيكون عن طريق تكييف المناهج في المراحل التعليمية للوصول إلى ضرورة المحافظة على البيئة، ويعد الإعلام البيئي ضروريا لنشر المعلومة التي تساهم بالدرجة الأولى في توعية المجتمع من أجل حماية البيئة و التصدي لمشاكلها و بالتالي فهو دور توعوي بالدرجة الأولى.
جهود حماية البيئة جد ضعيفة
ـ ما هي الحلول التي من شأنها التقليل من التأثير السلبي لظاهرة الاحتباس الحراري؟
ـ دائما ما يجري الحديث عن الحلول المقترحة و الناجحة للحد أو للتقليل من تأثيرات الظاهرة خلال المؤتمرات الدولية، مع ذلك تبقى الجهود الدولية لمكافحتها متواضعة، إذا ما قارنا بين التطبيق و بين ما تم الالتزام به في المعاهدات الدولية التي تصب في هذا الخصوص، كاتفاقية باريس سنة 2015 و التي تعهدت من خلالها 194 دولة بخفض الانبعاثات لكنها تصدعت بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية، يذكر أيضا أن الدول الغنية قد تعهدت بتقديم 100 مليار دولار للدول النامية من أجل مساعدتها على الانتقال للطاقة النظيفة و حماية البيئة.
بعث السد الأخضر يأتي ضمن مسعى جدي
ـ ما الذي تقوم به الجمعيات البيئية و مختلف الهيئات الناشطة في المجال بالجزائر، و هل ترقى الجهود المبذولة لمستوى الحماية الفعلية؟
ـ تبنت الدولة الجزائرية مبدأ التصدي لظاهرة التغيرات المناخية و جعلته ضمن أولوياتها، و هو ما يظهر من خلال مجموعة من الإجراءات كمخطط بعث الاقتصاد الأخضر الذي من بين أهدافه تشجيع استغلال النفايات عن طريق التدوير و دعم الصناعات التحويلية و تشجيع الاستثمار في مجال النفايات لضمان التحكم في تأثيرها السلبي، مع وضع إعفاءات ضريبية للشركات الصناعية التي تلتزم بخفض الانبعاثات المضرة بالبيئة، كما كان رئيس الجمهورية قد شارك في قمة قادة العالم في المؤتمر 27 لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية بشرم الشيخ بمصر سنة 2022، و هو في اعتقادي أهم تأكيد على عزم الدولة الجزائرية على التصدي للظاهرة بشكل جاد، كما يجري التكفل محليا بالمشاكل المناخية من خلال مبادرات عديدة، أين أكد الرئيس على ضرورة حماية جميع الموارد و اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الرسمية لمحاربة آثار التغيرات المناخية التي من بينها المخطط الوطني للمناخ و قانون مكافحة المخاطر الكبرى وإعادة بعث مشروع السد الأخضر.
متخصصون يؤكدون للنصر
يجب إشــــراك الأطفال في الحفـــاظ على البيئــــة
أبرز متخصصون في البيئة، التقت بهم النصر على هامش ورشة تدريبية حول استخدام الأطفال لتكنولوجيا الفضاء والاستشعار عن بعد في الحفاظ على البيئة احتضنتها قسنطينة مؤخرا، بأن غرس الثقافة البيئية لدى الناشئة وتعزيز القدرات العلمية في هذا المجال أصبح أمرا ضروريا بالنظر إلى ما يشهده العالم من مخاطر كبيرة تهدد مستقبلهم بالدرجة الأولى، بسبب المشاكل البيئية و الكوارث و اضطرابات المناخ.
إيناس كبير
نظمت الورشة بالتنسيق بين وحدة الوساطة والبحث العلمي وجمعية الشعرى لعلم الفلك، و أُطلق عليها ماستر كلاس الأطفال سفراء البيئة، حضرها أزيد من 30 تلميذا من مختلف متوسطات ولاية قسنطينة، أطرهم باحثون من عدة جامعات وهيئات علمية وبعض الجمعيات التي تعنى بموضوع البيئة، حيث أكد المؤطرون على أهمية تفعيل دور الطفل وإشراكه في عملية الحفاظ على الطبيعة من خلال تعريفه بأهميتها وتمكينه من الوسائل التي توظف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الفضاء والاستشعار عن بعد في حماية البيئة، فضلا عن تدريب الأطفال على استعمال صور ومعطيات الأقمار الصناعية لمتابعة بعض الاخطار الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية.
تجربة واقعية تتماشى مع اهتمامات الطفل
وحسب مراد حمدوش، نائب رئيس جمعية الشعرى لعلم الفلك، فإن التركيز انصب على الجانب التطبيقي في تنشيط الورشة لما يوفره العلم المسلي للطفل ويجعله يشارك في البحث عن المعلومة وتوظيفها، فضلا عن السماح للأطفال بعيش تجربة تفاعلية تقربهم من البيئة و منحهم فرصة استخدام تقنيات يعتمدها الباحثون في الغالب، على أن تبسط العملية لتتوافق مع قدراتهم الذهنية.
وقد تلقى الأطفال حسب حمدوش، معلومات ومعارف قدمها أساتذة باحثون وممثلون عن محافظة الغابات وجمعية إيكو سيرتا، تعلقت في مجملها بالبيئة كما تمت توعيتهم حول الأحداث التي يعاني منها العالم كالتغير المناخي و انتشار التلوث وأسباب اختلال التوازن البيئي، فضلا عن تلقينهم مصطلحات علمية خاصة بالمجال مثل الغازات الدفيئة، التي يجب على الطفل أن يكون على دراية بها خاصة وأنها كلمات أصبحت متداولة و يسمعها الطفل خلال أيامه، وفق ما قاله نائب رئيس جمعية الشعرى لعلم الفلك.
كما تم أيضا حسبه، تدريب التلاميذ على استعمال نظم الاستشعار عن بعد، بما في ذلك التقنيات المتعلقة بالتقاط وفهم صور الأقمار الصناعية و توظيفها للمحافظة على البيئة، إضافة إلى قياس نسبة انبعاث الغازات الدفيئة. وقال المتحدث، بأنه يمكن للأطفال أن يقيسوها في أي منطقة في قسنطينة، و أن يضبطوا المؤشرات التي تؤدي إلى التعرف على حالة النبات من خلال تقنيات الاستشعار عن بعد.
و كشف حمدوش، بأن ورشة الماستر كلاس قد تُعمم عبر باقي ولايات الوطن، بعدوا أن لمسوا اهتمام الكثير من الهيئات العلمية وحتى الأفراد بالثقافة البيئية.
من جانبه، أوضح هشام قرقوري، باحث في الفيزياء الفلكية، بأنه يمكن لباحث صغير تجريب تقنيات جديدة والتعرف على ميدان الذكاء الاصطناعي من خلال الماستر كلاس، كما يستطيع الاحتكاك بخبراء وعلماء ويتعرف على أهمية البحث العلمي وآخر التطورات التي توصل إليها الإنسان في العلوم وخصوصا في المجال البيئي.
وأضاف، بأن الهدف من فكرة الماستر كلاس هو تمكين الطفل الجزائري من الدخول إلى برنامج تنظمه هيئات عالمية متخصصة في الدراسات العلمية، و إعطائه الفرصة لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي يستعملها الباحثون حتى يتحصل بدوره على نتائج مبسطة، و لاكتشاف شغفه وطموحاته المستقبلية.
يجب أن يعي الطفل مشاكل بيئته
من جهته، قال عيسى فيلالي، ممثل محافظة الغابات بأن مصالحه ركزت خلال السنوات الأخيرة على المشاركة في الفعاليات والنشاطات التي تهتم بتوعية الطفل بقيمة الغابات وضرورة المحافظة على الطبيعة، وعلق بأنه يجب أن تُمنح التربية البيئية أولوية في تعليم الطفل بداية من الروضة، فضلا عن تجنيد كل المتخصصين في هذا المجال وتوفير كل الوسائل اللازمة، لأن سلبيات التعامل الخاطئ مع الطبيعة وبالخصوص الغابات والمساحات الخضراء ستؤثر على حياة جميع أفراد المجتمع.
و رغم خطورة المشاكل التي تعاني منها البيئة والتي يرى البعض بأنها قد تسبب الخوف للأطفال، يرى عزيز ملياني مختص في علم البيئة، بأن الأطفال يجب أن يكونوا على دراية بالتحديات الطبيعية حتى يشعروا بالمسؤولية تجاه محيطهم وبخطورة ما يقوم به الإنسان ضد الطبيعة، داعيا إلى تكثيف الجهود و تغيير السلوكيات الفردية لتخفيف الاعتداءات على البيئة.
وتابع قائلا، بأنه يجب أن نتعامل بجدية مع كل المقترحات و الحلول الممكنة مهما بدت بسيطة، بما في ذلك استغلال حماس وشغف الأطفال بالعلم لتحقيق التغيير المستقبلي المنشود.
تبسيط العلوم يسهل التفاعل مع المحيط
وأضاف ملياني، بأن مجال العلوم يعاني من التناقض فبالرغم من التطور الذي وصل إليه و توفر المعلومات إلا أنه لا يمكن إيصالها إلى كل الفئات حتى يستطيع المواطن العادي تطبيق التوصيات في حياته بطريقة صحيحة وقال، إن إشكالية تعقيد العلوم وعدم تبسيط تفاصيلها تسببت في إنكار البعض للنتائج العلمية وإنجازات الباحثين والتشكيك في الكثير من العلوم والظواهر المتعلقة بالبيئة، وهنا يأتي دور العلماء والباحثين فيما يخص تبسيط العلم وإيصاله بطريقة سهلة وسلسة لكل الشرائح حسب رأيه.
وأضاف قائلا، إنه لابد من إقران تبسيط العلم بالجانب البيداغوجي بالنسبة للأطفال، لأنه يوفر لهم مصادر موثوقة للمعرفة، فضلا عن تفسير المعلومات و التفاصيل المعقدة بطريقة وسطية لا تفقد المعرفة جوهرها.
الأندية البيئية تحفز عاطفة الأطفال تجاه البيئة
واعتبر لعربي فوتني، أستاذ باحث بجامعة الإخوة منتوري تخصص علوم البيطرة، و رئيس جمعية إيكو سيرتا للبيئة، بأن انضمام الطفل للنوادي البيئية في طور التعليم المدرسي يساعده في الحصول على المعلومات بطريقة مرحة ومبسطة تجعله يحب التعمق أكثر في هذا التخصص و الاهتمام به.
ووفق ما قاله، فإن الأطفال في الأصل مفطورون على حب الطبيعة والانجذاب إليها والتعامل وسطها، وهو ما تعمل النوادي العلمية على استثارته، حيث يتم توظيف وسائل وطرق وأفكار تقربهم أكثر من الطبيعة وتجعلهم يتعرفون عليها و أوضح، بأنه يجب التعامل مع الأطفال وفق ما ينجذبون إليه والوسيلة الأمثل في وقتنا الحالي هي الهاتف الذكي.
أما مهدي شطابي ممثل جمعية إيكو سيرتا، فاقترح مجموعة من التطبيقات التي يستعملها الطفل في التعرف على كائنات حية جديدة أو نباتات بعد تصويرها وتحميل الصور على التطبيق الذي يمنحه كل المعلومات المتعلقة بها، وبحسبه فإن التطبيقات تسهل على الطفل البحث والدراسة والوصول بنفسه إلى المعلومة، كما تجعله مرتبطا بصفة دائمة بالطبيعة ومهتما بها، كما تسمح له بمشاركة المعلومات التي تحصل عليها مع أطفال آخرين يملكون الاهتمام نفسه، وقد يتحول الأمر إلى تكوين شبكة من الباحثين الصغار في المجال البيئي.
استحسان كبير
تقربت النصر من بعض التلاميذ الذين شاركوا في الورشة، فقالت التلميذة ناريمان بولفخاذ، من متوسطة التربية والتعليم، بأنها صححت الكثير من المعلومات التي اطلعت عليها سابقا واكتسبت معارف جديدة عن قيمة البيئة، و أضافت التلميذة حنان بولشفار، من متوسطة ثنيو أحمد، بأن مقابلة متخصصين وباحثين جعلتها تدرك الطرق الصحيحة للتعامل مع البيئة و تغيير السلوكيات الخاطئة التي من شأنها أن تؤذي المحيط وتسبب تلوثه، كما أوضحت، بأنها تعلمت الكثير من المفاهيم الجديدة خاصة ما تعلق بتدوير النفايات والتقليل من استخدام البلاستيك.
إ.ك
خريج مركز للتكوين المهني
شاب يطلق مشروعا لمعالجة النفايات الكيميائية
أطلق الشاب بخوش إبراهيم، خريج معهد التكوين المهني بالبليدة ، مشروعا في مجال البيئة يهتم بمعالجة النفايات الكيميائية والأدوية منتهية الصلاحية المصنفة ضمن النفايات الخاصة و الخطيرة.
و انتقى إبراهيم اسم «سوكا بلاست» لمشروعه، الذي أنشأه بعد تخرجه من المعهد المتخصص في الفلاحة ببوقرة سنة 2006، حيث اختار فكرة صديقة للبيئة تخص تسيير النفايات الصناعية وتثمينها و رسكلتها، ثم طورها إلى معالجة النفايات الكيميائية والأدوية منتهية الصلاحية بعد حصوله على الاعتماد من طرف وزارة البيئة والطاقات المتجددة للنشاط في هذا الميدان، كما أن له مشروعين آخرين قيد الدراسة، يخص الأول تكرير الزيوت المستعملة بقسنطينة وقد تجاوزت نسبة الأشغال به 70 بالمائة، أما المشروع الثاني فيتعلق بحرق النفايات الصناعية، وسينجز بولاية البليدة أو الجزائر العاصمة.وحسب المتحدث، فإن فكرته الأولى تطورت و مشروعه توسع، حيث يضم مجموعة من الشباب بينهم تقنيون ومهندسون في مجال البيئة، مشيرا إلى أن الشركة تتوفر أيضا، على مركزين لجمع النفايات و الرسكلة على مستوى بني تامو و بوفاريك بولاية البليدة، كما تتوفر على تجهيزات متطورة للتخلص من النفايات الكيميائية والأدوية منتهية الصلاحية. و أوضح، بأن الحصول على النفايات يكون إما من خلال استشارات أو المشاركة في مناقصات أو عن طريق إبرام اتفاقيات مع مؤسسات صناعية، كما أمضت الشركة حسبه عقودا مع مراكز لحرق النفايات، ووقعت اتفاقيات أخرى تتعلق برسكلة البطاريات والعجلات المطاطية، مضيفا، بأن جل النشاطات التي تقوم بها الشركة ذات قيمة بيئية كبيرة ولذلك ينوي توسيع نشاطها بشكل أكبر مع دخول المشروعين الجديدين حيز الخدمة و الانطلاق في تكرير الزيوت المستعملة وحرق النفايات الصناعية.
و تحدث عن بعض العراقيل التي يواجهها، ومنها الحصول على رخص الاستغلال، وكذا الممارسات البيروقراطية في بعض الإدارات.
من جانبه، أوضح مدير البيئة والطاقات المتجددة لولاية البليدة وحيد تشاشي، بأن نشاط الشركة المذكورة يكتسي أهمية بالغة في مجال البيئة، وتحدث عن مشروع مخطط ستعرضه وزارة البيئة والطاقات المتجددة على الحكومة يخص تطوير ورسكلة وتثمين النفايات، وقال إن هذا المخطط أخذ بعين الاعتبار كل أنواع النفايات سواء المنزلية أو المشابهة لها أو النفايات الخاصة أو الخاصة الخطيرة مؤكدا بأن كل النفايات قابلة للرسكلة والتطوير، لكن كل نوع يحتاج إلى طريقة خاصة لإعادة الرسكلة.
نورالدين ع
- التفاصيل
- الزيارات: 1522
حان الوقت لحماية واستغلال مهارات الأجداد في التكيف مع المناخ
حذرت الباحثة في العلوم الفلاحية والبيئية البروفيسور فطوم الأخضري، بأن العديد من مهارات التكيف مع المناخ التي مارسها أجدادنا في الجزائر، مهددة بالسرقة، بما يستوجب جردها وتثمينها، مؤكدة في حديث للنصر أن النظام الواحاتي القديم يبقى الأكثر تأقلما مع الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
ياسمين.ب
وكشفت البروفيسور الأخضري وهي عضوة في الاتفاقية الأورومتوسطية للمخاطر الكبرى وفي المجلس العلمي لبرنامج الغذاء المتوسطي، أن الجزائريين طوروا على مدى عدة عقود مهارات تخص النظام الفلاحي والبناء وتقنيات الري، وقد صار من الضروري جردها والحفاظ عليها، وتعزيزها بالتكنولوجيا واستغلالها بل وحتى تسويقها، مضيفة أن هذه المهارات «ربما تؤخذ وتُستغل وتسوق لنا من الخارج».
ومن هذه المهارات، تشرح الخبيرة أنه توجد تقنيات لمقاومة زحف الرمال في الجنوب وكذلك في البناء من حيث المواد المستعلمة في إنشاء مختلف المباني، حيث من المهم، مثلما أوضحت البروفيسور، دراستها والاستفادة منها، وتضاف إليها طرق قديمة لتخزين المواد الغذائية وتحويلها.
وتتابع البروفيسور الأخضري وهي مديرة سابقة لمركز البحث العلمي والتقني للمناطق الجافة، بأن أحسن مثال يمكن الحديث عنه في هذا الخصوص، هو النظام الواحاتي في الجزائر، مردفة بالقول «لا يوجد في الحياة نظام قاوم الجفاف ودرجة حرارة الصحراء مثل هذا النظام في المنطقة العربية وفي الجزائر بامتياز».
ويتجلى ذلك، بحسب الخبيرة، في نظام الري المسمى «الفغارة»، ونمط زراعة النخيل «الغوط» بوادي سوف، وكذلك نظام تحريف المياه بمنطقة وادي ريغ الممتدة بين ولايتي ورقلة والوادي، أين تأقلم الإنسان بذكاء مع الطبيعة واستطاع سقي محاصيله دون الحاجة لمحركات، مع تسيير زحف الرمال عبر دراسة اتجاه الرياح والتعامل معها، لذلك صنفت الهيئات الدولية المختصة هذه الأنظمة، على غرار نظام «الغيطان» الذي اعتمدته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو» تراثا زراعيا عالميا.وتتابع المختصة أن تقنيات الري بالتقطير لم تكن متوفرة في السابق، لذلك كان المزارعون يعتمدون نظام الدورات الفلاحية الذي لا يسمح بترك الأرض عارية وعرضة للتملح، مشيرة أيضا إلى وجود مهارات أخرى في منطقة الأوراس وفي الجهات الجبلية ببلاد القبائل. وترى البروفيسور الأخضري أنه يجب الذهاب لحلول مستدامة بعيدا عن التلوث، اقتداء بما كان يقوم بها أجدادنا، حتى أن الصناعات التقليدية التي احترفوها لم تكن تخلف أي نفايات على عكس ما نراه اليوم. من جهة أخرى، قدمت الخبيرة خلال فعاليات الندوة العلمية حول الأمن الغذائي في الوطن العربي، التي احتضنتها قسنطينة مؤخرا، مداخلة ذكرت فيها أن العالم العربي ككل يواجه عوامل طبيعية وبيوفيزيائية تتمثل في الموقع الجغرافي لمنطقتنا التي تتميز بمناخ قاحل وارتفاع درجة الحرارة والتبخر، ما أنتج الجفاف ونقص المياه وأراض ضعيفة الخصوبة ومياه مالحة، إلى جانب التصحر.
كما تطرقت الأخضري التي كانت عضوة في العديد من المجالس العلمية في الجزائر، إلى إشكالية المياه التي تتصاعد في المنطقة العربية، وقالت إنها تبقى «العقدة الشديدة» بخصوص أمننا الغذائي، حيث شرحت بشأن تطور إمدادات الماء في المنطقة العربية بين سنتي 1997 و2025، أن 12 دولة توفر 500 متر مكعب للساكن في السنة وهي العتبة الحرجة، في حين أن باقي الدول مهددة بالجفاف وسيزيد العجز بنسبة 50 بالمئة بحلول سنة 2050.
تهديدات يفرضها الجفاف والتصحر
في مقابل ذلك، شهدت دول المغرب العربي ارتفاع درجة الحرارة من 1 إلى 2 درجة مئوية منذ سنة 1970، بما يمثل ضعف المتوسط العالمي المقدر بـ 0.74 درجة، مع تمركز الجفاف والمزيد من موجات الحر. أما في عموم المنطقة العربية فيتوقع ارتفاع درجة الحرارة من 2 إلى 3 درجات مئوية بحلول عام 2050، مع انخفاض هطول الأمطار من 20 إلى 30 بالمئة وزيادة حدة الجفاف والتصحر، ما يستوجب نظرة استراتيجية للتأقلم مع الوضع الذي قالت إنه سيتفاقم مستقبلا.
وبغرض عدم تأثير كل هذه العوامل على الأمن الغذائي، تقترح الباحثة وضع سياسات فلاحية تعتمد على مخططات توجيهية، وتأقلم النظم الزراعية مع تغير المناخ وتعزيز التنسيق ما بين القطاعات خصوصا بين قطاعي المياه والفلاحة. ومن الجانب التقني، أكدت ضرورة تحسين الموارد المائية والحكامة من خلال تعميم الري الاقتصادي واستغلال المياه المعالجة المستعملة في السقي، مع جرد وتثمين وحماية الموارد البيولوجية وتحسين قدرة شدة الماء.
أما في ما يتعلق بالجانبين الاقتصادي والاجتماعي، ترى الأخضري أنه بات من الضروري تكوين الفلاحين حول التحديات الفلاحية وتنظيم الشعب و وحدات التوزيع والتحويل وكذلك الأسواق، مع اعتماد برنامج تربوي تحسيسي لتقليص التبذير، مضيفة أن ليس كل الدول العربية لديها مساحات قابلة للزراعة وتأخذ بعين الاعتبار المخاطر الكبرى، بما يفرض إعداد الخرائط الصحيحة التي تسمح بالاستصلاح.
وترى البروفيسور الأخضري أن نقاط القوة التي تسمح للمنطقة العربية بمواجهة تحديات التغير المناخي وما تفرضه من مشاكل في تأمين الغذاء والماء، عديدة، وتتمثل في التشابه الجغرافي، وجود الموارد الطبيعية، وتشابه النظم الزراعية وتميزها العالمي في بعض المحاصيل مثل التمور وزراعة النخيل، إلى جانب تقارب التراث المادي واللامادي والتأقلم مع الأوساط القاحلة، وأيضا الأريحية المالية لبعض الدول مع توفر المورد البشري بسكان أغلبهم من فئة الشباب، وذلك في وجود قدرات التكنولوجيا والابتكار ومهارات علمية معترف بها دوليا ومنها المستغلة خارج المنطقة.
ياسمين.ب
مشاريع تثبيت المنحدرات و تصحيح المجاري المائية الطبيعية
تنمية مستدامة و حماية من الفيضانات و التطرف المناخي
كشفت الفيضانات الأخيرة التي ضربت عدة مناطق بالجزائر عن اختلالات طبيعية و هندسية باتت تهدد الوسط العمراني و مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، حيث يعد تشوه و تغير مسار المجاري الطبيعية من أكبر المخاطر المحدقة بقطاعات الزراعة و العمران و المياه، في ظل التطرف المناخي الذي تعرفه منطقة حوض المتوسط و شمال إفريقيا الذي يعد من بين أكثر مناطق العالم تأثرا و هشاشة بما يحدث لكوكب الأرض من احترار متزايد بسبب التلوث و انبعاث الغازات الدفيئة الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري.
فريد.غ
و عرفت عدة مدن و قرى بالجزائر فيضانات جارفة خلفت خسائر مادية و بشرية، و تعد ظاهرة تغير و تشوه مسارات المجاري الطبيعية و إعمار المنخفضات المعرضة لخطر السيول من بين الأسباب التي صعبت من مهمة التحكم في الوضع المناخي الاستثنائي، و يرى خبراء الزراعة و العمران و البيئة بالجزائر بأنه بات من الضروري وضع خطط مستقبلية للحد من إعمار مناطق الخطر و حماية الأراضي الزراعية و التربة الهشة من الانجراف، و تصحيح مجاري الأنهار و تنظيفها من رواسب السنوات الطويلة، و تثبيت المنحدرات المعرضة للخطر بواسطة التشجير و منشآت الإسناد.
وتعد قطاعات الزراعة و المياه والغابات الأكثر تأثرا بالتطرف المناخي بالجزائر التي تواجه تحديات كبيرة للمحافظة على الأراضي الزراعية و الغابية وحمايتها من التدهور الناجم عن آثار التغيرات المناخية و تأمين مستقبل الأجيال القادمة التي ستكون في حاجة إلى مزيد من الأراضي لإنتاج الغذاء و تطوير الاقتصاد الأخضر المعتمد على الموارد الطبيعية المتجددة.
و تعد هشاشة التربة بشمال البلاد مصدر قلق للجميع، فهي معرضة لمخاطر التعرية و الانجراف و التصحر و تغير المكونات الفيزيائية و الكيميائية، كارتفاع معدل الملوحة و فقدان الخصوبة، و ظهور طفرات نباتية جديدة تهدد المحاصيل الزراعية الاستراتيجية كما يحدث بسهل تاملوكة الشهير بولاية قالمة الذي ظل عرضة للفيضانات و تكاد الأنشطة الزراعية فيه ان تتوقف بعد تغير مكونات التربة و ظهور أصناف جديدة من النباتات لم تكن موجودة في الماضي حسب سكان المنطقة .
و تعمل الجزائر منذ سنوات طويلة على الحد من المخاطر المحدقة بالعمران و الأراضي الزراعية و المراعي و الأقاليم الغابية، و ذلك من خلال مشاريع بيئية مستديمة أثبتت نجاعتها في التقليل من آثار التغيرات المناخية التي أصبحت تطال مساحات واسعة من الأراضي، و خاصة تلك الواقعة بالمنحدرات الهشة و المعرضة للانجراف و الانهيارات الطينية عندما تسقط الأمطار الغزيرة و تتشكل السيول و الفيضانات الجارفة.
و تعد مشاريع تصحيح المجاري الطبيعية و تثبيت المنحدرات الحادة من أهم الحلول المعتمدة بالجزائر لحماية الأراضي من الانجراف و التصحر و فقدان المكونات المفيدة، و هذا إلى جانب مشاريع التشجير المثبتة للأراضي الهشة بالمنحدرات المعرضة للسيول و الانهيارات الطينية التي تحدث ندوبا طويلة الأمد، قد تصبح معها مساحات واسعة من الأراضي غير مفيدة.
و تعمل محافظات الغابات و مديريات العمران و الأشغال العمومية و الموارد المائية بالجزائر على إنجاز المزيد من مشاريع الحماية بالمدن و القرى و على امتداد المجاري الطبيعية شديدة الانحدار، و على حواف الطرقات العابرة للتربة الهشة التي تتأثر بالتهاطلات المطرية و تصبح عرضة للانهيار محدثة تغيرات كبيرة بطبيعة المنطقة.
و خارج المحيط العمراني تعتمد مشاريع تصحيح المجاري الطبيعية على أنظمة صديقة للبيئة حتى لا تحدث تغيرا مؤذيا للنظام الإيكولوجي السائد، حيث تستعمل الحجارة المصقولة كدعامة أساسية لحماية التربة و تثبيتها على المنحدرات حتى لا تجرفها مياه المجاري الطبيعية و حتى لا تتآكل و تنهار مع مرور الزمن، بينما يستخدم المهندسون أنظمة الجدران الخراسانية و الحجرية عند تهيئة الأنهار العابرة للمدن كما حدث مع النهر العابر لمدينة وادي الزناتي بقالمة و مجرى وادي الرمال بقسنطينة و وادي الحراش بالجزائر العاصمة . و يضع المهندسون تصاميم متعددة لإنجاز أنظمة الحماية الصديقة للبيئة بواسطة جدران حجرية متدرجة ذات حجم قادر على تثبيت المنحدرات الطينية الهشة و حمايتها من الانهيار على طول المجاري الطبيعية النشطة، و على حواف الطرقات العابرة لهذه المناطق التي تتربع على مساحات واسعة من الأراضي التي يمكن استغلالها في إنتاج الغذاء و دعم الاقتصاد الغابي، و تشكيل ملاذات إيكولوجية مفيدة للنظام البيئي. و تعمل الجدران الإسمنتية و الحجرية الضخمة على تثبيت التربة و خفض سرعة المجاري المائية على المنحدرات، و داخل الوسط العمراني و تشكيل طبقات من التربة و النباتات، تمتاز بالتماسك و التجانس و تصبح جزءا من طبيعة المنطقة مع مرور الزمن.
و تخصص الحكومة اعتمادات مالية هامة كل سنة لإنجاز المشاريع المقترحة من مديرية التعمير و محافظات الغابات ومديريات الأشغال العمومية و الموارد المائية عبر ولايات الوطن، و خاصة تلك الواقعة بالشمال حيث المنحدرات الحادة و التربة الهشة المعرضة لمخاطر الفيضان و التعرية و الانجراف.
و بالوسط الطبيعي خارج المحيط العمراني لا تدخل المواد الصناعية غير الصديقة للبيئة في بناء أنظمة تصحيح المجاري الطبيعية، فهي تعتمد فقط على الحجارة و أسلاك معدنية مثبتة، بها فراغات تسمح بدخول التربة و مرور المياه و بذور النباتات، و مع مرور الزمن يتماسك هذا النظام و يتحول إلى دعامة طبيعية مستديمة ومفيدة للنظام الإيكولوجي المكون من التربة و المياه و النباتات.
و يمكن لنظام تصحيح واحد بحجم 20 مترا مكعبا أن يحمي و يثبت مساحات واسعة من الأراضي المنحدرة الواقعة على ضفاف المجاري المائية و الطرقات، و لهذا فإن هذه المشاريع الخضراء المستديمة تكتسي أهمية كبيرة في مجال البيئة و الاقتصاد.
و تعد الشركة الحكومية للهندسة الريفية « بابور « بالجزائر بمثابة القاطرة التي تقود الدراسة الهندسية و تنفذ عمليات الإنجاز على ارض الواقع تدعمها مقاولات خاصة تدربت على التعامل مع التربة الهشة و المجاري و المنحدرات المعرضة للتعرية و الانجراف.
و توجد عدة أنظمة لتصحيح المجاري بينها نظام الجدران الحجرية المثبتة للمنحدرات، و نظام الممرات الحجرية السطحية التي تستعمل بالمسالك الغابية، و هي بديل فعال للمنشآت الخرسانية و تتميز بقلة التكاليف و الاستدامة و الملاءمة للوسط الطبيعي الذي تتواجد فيه، و تسمح بمرور مياه الفيضانات دون أن تحدث ندوبا على هذه المسالك التي تستعملها فرق الغابات و حتى سكان المناطق الجبلية المعزولة.
و في كل مشروع للتوسع العمراني و فتح مسلك جبلي أو صيانة طريق ريفي يعتمد المهندسون على الجدران الخرسانية العملاقة و المتاريس الحجرية لتثبيت التربة على المنحدرات و حمايتها من الانجراف على امتداد المجاري المائية الطبيعية.
و يواجه نظام المتاريس الحجرية و الخرسانية على جوانب الطرقات و على امتداد المجاري المائية الطبيعية تحديات كبيرة بينها نقص العمالة المؤهلة، و الشركات المتخصصة في هذا النظام الهندسي الجميل المستديم، و الصديق للبيئة التي أصبحت عرضة لتغيرات مناخية متطرفة تجتاح منطقة حوض المتوسط منذ عدة سنوات، و أرغمت دول المنطقة على وضع المزيد من الخطط و البرامج التنموية للتقليل من المخاطر المحدقة بالإنسان و الطبيعة مصدر الحياة.
- التفاصيل
- الزيارات: 1265
التغير المناخي بات يشكل تهديدا للأمن الغذائي
أجمع خبراء عرب التقت بهم النصر على هامش الندوة العلمية الأولى حول الأمن الغذائي في العالم العربي والتي احتضنتها قسنطينة مؤخرا، على أن التغير المناخي وما نتج عنه من جفاف وظواهر طبيعية متطرفة، بات بشكل تهديدا مباشرا للأمن الغذائي في المنطقة، الأمر الذي يستوجب تكثيف الجهود المشتركة وتوظيف مخرجات الأبحاث العلمية والتقنية من أجل ترشيد استهلاك المورد المائي وتوسيع المساحات المزروعة.
أعدت الندوة: ياسمين بوالجدري
مدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية إبراهيم آدم الدخيري
ينبغي اعتماد نتائج البحث العلمي لمواجهة التحديات
يؤكد المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الزراعية، الدكتور إبراهيم آدم الدخيري، أن التغير المناخي يشكل تهديدا مباشرا على الأمن الغذائي في الوطن العربي، مضيفا أن المتاح أمام العرب الآن هو معالجة هذا الأمر عبر ما يعرف بالتكيف والتخفيف المناخي.
وأضاف الدكتور الدخيري في حديث للنصر، أن هناك مقالات وبحوثا يمكن الاستفادة منها لمواجهة تحديات التغير المناخي، لكن المنطقة العربية تواجه أهم تحديين هما الجفاف المتكرر وندرة ونقص الموارد المائية، ما يجعل قضية التغيرات المناخية تحتاج إلى بذل جهد كبير من أجل الوصول إلى تحقيق مكاسب في قضية الأمن الغذائي العربي.
وتابع المتحدث أن كل الدول العربية تواجه تحديات في التغيرات المناخية، لكن بدرجات متفاوتة، مؤكدا أن المطلوب من هذه البلدان اليوم، هو إجراء التعديلات المطلوبة لتحقيق مكاسب في الأمن الغذائي، لذلك فإن الجهد المشترك للدول العربية والاستفادة من بعضها البعض هو الحل والسبيل لمقارعة التحديات المناخية.
وأبرز الدكتور الدخيري أن البحث العلمي هو «رأس الرمح في معالجة التغيرات المناخية»، حيث يعكف الباحثون والعلماء على استخراج تقنيات عبر المراكز البحثية، تستطيع أن تتعامل مع تحديات التغيرات المناخية سواء تعلق الأمر بالجفاف أو زيادة درجات الحرارة وكل النواحي التي تؤثر على إنتاج الغذاء، إذ توجد أصناف تستطيع أن تنتج بمستويات معقولة في ظل هذه التحديات.
مدير المركز العربي لدراسات المناطق الجافة نصر الدين العبيد
الزراعة الذكية إحدى الحلول
قال المدير العام للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة «أكساد»، الدكتور نصر الدين العبيد، إن العالم العربي يقع في منطقة هشة بمناخ جاف وشبه جاف يشكل أكثر من 85 بالمئة من إجمالي مساحته، مع تسجيل ندرة في المياه السطحية والجوفية، رغم توفر الأراضي الزراعية.
وأضاف الدكتور العبيد، أن الوطن العربي يحتل أزيد من 10 بالمئة من مساحة العالم وعدد سكانه يقدر بـ 5 بالمئة، لكنه يحصل على أقل من 3 بالمئة من الموارد المائية العالمية، لذلك رافعت منظمة «أكساد»، على كون الأمن المائي هو رديف للأمن الغذائي.
وفي هذا الإطار، أشار المتحدث إلى أحد أهداف التنمية المستدامة وهو تأمين المياه النظيفة لكل إنسان في العالم، ومن ضمن ذلك المنطقة العربية، لكن لا بد، بحسبه، من التعاون والتكامل وإيجاد شراكات بين كل الهيئات والمنظمات العربية العاملة في هذا المجال وصناديق التمويل، للعمل سوية على الحد من أثر التغيرات المناخية التي تعصف بالمنطقة العربية، مع تضافر الجهود في مجال الزراعة الذكية والإرشاد الزراعي وترشيد استخدام المياه.
كما أكد المتحدث أهمية رفع كفاءة الري، مضيفا في هذا الخصوص أن هناك أكثر من 100 مليار متر مكعب من المياه تفقدها المنطقة العربية وفق دراسة نفذتها منظمة «أكساد» مع منظمات أممية، حيث أن 85 بالمئة من المياه المتوفرة تذهب إلى قطاع الزراعة، لكن نتيجة عدم وجود إدارة رشيدة للري، يُهدر هذا المورد الهام بكميات كبيرة.
ودعا الخبير إلى وجوب عمل الدول العربية على حصد مياه الأمطار السطحية سواء للري التكميلي أو لإرواء الثروة الحيوانية وتخزين المياه الجوفية، إلى جانب اللجوء إلى حزمة من التقنيات، وألا تكون السدود العملاقة التي تقيمها بعض دول المنبع مؤثرة على عدالة توزيع المياه في أنهار دول المصب، مضيفا أن الجزائر تلعب دورا أساسيا في لم الشمل وحل كل المشاكل وبالتالي تحقيق التكامل بين الدول العربية.
الأستاذ بجامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا مهند الجراح
تحلية مياه البحر تشكل أحد الحلول لكنها مكلفة
أوضح رئيس قسم الهندسة الكيميائية في جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور مهند ذيب الجراح، أن العالم يشهد تغيرات مناخية ملحوظة خصوصا في السنوات الأخيرة، مع ملاحظة الخبراء تغير الدورة المطرية السنوية.
ويضيف الدكتور الجراح، أن هذا الأمر يستلزم تثقيف المزارعين بتغيير مواسم البذر والزراعة، كما توجد معلومات جديدة عن تدفق نهري الفرات والنيل، بما يعكس تغيرات كبيرة بدأ المواطن العادي يشعر بها، حتى أن بعض الدول صارت تعاني من فقر شديد، ما جعل الكثير من البلدان العربية تلجأ إلى تحلية مياه البحر، وهو خيار لا بأس به لكنه مكلف جدا ويضر أحيانا بملوحة التربة والثروة السمكية، وتابع المتحدث أن الوطن العربي من مناطق العالم التي تتأثر أكثر من غيرها نتيجة التغيرات المناخية، بسبب مشكلة التصحر.
وأكد الخبير أن ندوة قسنطينة تكتسي أهمية كبيرة جدا لأن موضوع الأمن الغذائي لم يصبح خيارا وإنما ضرورة ملحة لأسباب عدة، أبرزها، مثلما يشرح، زيادة عدد السكان والتغيرات المناخية الشديدة وصولا إلى الظروف السياسية والجيوسياسية في العالم، وهي كلها أمور أدت إلى اضطرابات كبيرة في سلاسل توريد الغذاء بل وحتى في المواد الأولية، ما يستدعي صحوة عربية موحدة لمواجهة هذا التحدي.
رئيس مكتب المنظمة العربية للتنمية الزراعية بالقاهرة كامل عامر
يجب الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة
يعتقد رئيس المكتب الإقليمي بإقليم الأوسط العربي بالمنظمة العربية للتنمية الزراعية في القاهرة، وخبير موارد المياه، الدكتور كامل مصطفى عامر، أن البحث العلمي يسمح بالخروج بقرارات ونتائج يمكن تطبيقها على الواقع حول مسألة تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي.
وتطرق الخبير في حديثه للنصر، إلى بعض المؤشرات التي قال إنه يمكن أخذها بعين الاعتبار، وهي مسألة التكيف والتخفيف التي يجب أن يحظى بها القطاع الزراعي بخصوص التغيرات المناخية. ودعا المتحدث إلى العمل انطلاقا من مصدر المشكلة والحد من التدهور، بمنع انبعاث غازات الاحتباس الحراري وتدارس ما هو متاح بخصوص زيادة الإنتاجية والسعي إلى التكيف مع ما يحصل من تغيرات مناخية، وهي كلها أمور يجب أن تخرج، وفقه، من عباءة البحث العلمي و»عدم القفز إلى نتائج قبل أن يكون هناك بحث علمي دقيق وموثوق لكي نرى نتيجة منطقية له بعد سنوات قليلة».
ويؤكد الدكتور عامر، أن ندوة قسنطينة حول الأمن الغذائي في الوطن العربي، تترجم بصورة عملية إرادة الزعماء والرؤساء العرب، انطلاقا من شعورهم بخطورة وأهمية موضوع الأمن الغذائي خلال قمة الجزائر المنعقدة في نوفمبر الماضي، مضيفا أن الجزائر تتميز دائما بمبادراتها العملية القيمة للخروج بمشاريع قابلة للتمويل على الأرض في المنطقة العربية، التي صارت شعوبها تشعر بالأهمية القصوى لمسألة تأمين الغذاء.
الباحث بمركز البيوتكنولوجيا في صفاقس بسام جوادي
حان الوقت لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الزراعة
يرى أستاذ التعليم العالي في مخبر بيوتكنولوجيا الأحياء الدقيقة وهندسة الأنزيمات في مركز البيوتكنولوجيا في صفاقس بتونس، الدكتور بسام جوادي، أن حجم التهديد الحاصل على الأمن الغذائي العربي زاد إثر الحرب القائمة في أوكرانيا وروسيا، مع آفة الجفاف وندرة الأمطار، ما جعل الدول تفكر في حلول مستدامة لتؤمن غذاءها لأطول فترة.
وأضاف المتحدث أن الدول العربية بلغت مستوى الخطر، وأهم خطر هو انعدام المياه بما يتطلب وضع أولويات في استعمال هذه المادة، داعيا إلى وجوب التفكير في كيفية البحث عن مصادر مياه غير تقليدية وتحلية مياه البحر لضمان الأمن المائي في المنطقة العربية، مؤكدا أن مجال البيوتكنولوجيا يعتبر من أهم الحلول واستعمال أساليب الذكاء الاصطناعي وإدراجها على مستوى الزراعات.
كما تطرق الباحث إلى أهمية تبادل الخبرات بين الدول العربية من أجل التكوين والوصول إلى تأمين الغذاء ذاتيا، مثمنا تنظيم الندوة العلمية الأولى حول الأمن الغذائي في المنطقة العربية المنعقدة في قسنطينة، حيث تُرفع التوصيات والمقترحات التي تخرج بها للجامعة العربية، بينما يبقى القرار الأخير قرارا سياسيا بامتياز، ليعرب عن أمله في أن تخرج القمم العربية القادمة بندوات علمية على غرار ما تم في قمة الجزائر، سواء تعلق الأمر بالأمن الصحي، الطاقوي وحتى السياحي.
أستاذ الأمن الغذائي وعضو المجلس الوطني للبحث العلمي موحوش إبراهيم
الاحتباس الحراري أدى لانخفاض الموارد المائية
يوضح أستاذ الأمن الغذائي والمائي في المدرسة الوطنية العليا للزراعة في الحراش بالجزائر العاصمة، وعضو المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات، البروفيسور موحوش إبراهيم، أن السنوات الأخيرة شهدت انخفاضا كبيرا في الموارد المائية بسبب الاحتباس الحراري الذي يؤدي إلى احتياجات أكبر للمياه والتبخر.
ويتابع الخبير أنه في حالة عدم العناية بالنباتات، من خلال الري الإضافي والتكميلي، فلن تكفيها مياه الأمطار، وقد أثر هذا الأمر حتى على إنتاج الحبوب، ما يستلزم التكيف عبر تطبيق واحترام المبادئ الأساسية لتسيير الزارعة للحد من تأثيرات التغير المناخي ومن التبعية الغذائية والمائية، وذلك عبر تحسين المستوى الإنتاجي نوعا وكما، في انتظار اللجوء إلى الحلول المرتبطة بالطاقات المتجددة.
ويبرز الدكتور موحوش أن الجزائر وجميع الدول العربية موجودة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المعروفة بحدة نقص المياه، وهذا راجع إلى نقص تهاطل الأمطار وعدم توزيعها، ما ينتج التبعية الغذائية، لذلك تستورد هذه البلدان سنويا كميات هائلة من المواد الغذائية، حتى أن هناك دولا تستورد إلى غاية 95 بالمئة من احتياجاتها، ولهذه الأسباب اتخذت الجزائر بعد قمة الجامعة العربية في نوفمبر المنصرم، قرارا بعقد ندوة علمية وتقنية تساهم في تخفيض التبعية الغذائية والمائية في العالم العربي.
ويتم ذلك، وفق الخبير، من خلال التحكم في كل ما له علاقة بالتسيير المحكم للفلاحة من خلال ما يسمى بالزراعة الذكية والري الذكيين المهمين لاحترام المسار الزراعي والتقني، عبر طرق علمية وغير عشوائية.
الرئيس التنفيذي لشركة «آس فايف قروب» عبد الغني سفال للنصر
تكنولوجيا جيل الأوزون ضمان للأمن المائي
كشف الرئيس التنفيذي لشركة « آس فايف قروب»، عبد الغني سفال، للنصر عن جديد تقنيات إعادة تدوير المياه للاستخدام الزراعي وعن التحديات المرتبطة بالإدارة المستدامة للمياه وذلك في ظل ما يواجهه العالم والجزائر على وجه الخصوص، فيما يتعلق بمواجهة الإجهاد المائي الناجم عن الجفاف و تزايد استخدام الموارد بستة أضعاف عالميا نظرا للانفجار السكاني والتنمية الاقتصادية وتغير أنماط الاستهلاك، و علاقة كل ذلك بضمان الأمن المائي مفصلا في الدور الذي ستلعبه تقنية جيل الأوزون، في بلوغ الأهداف وحماية قطاعات هامة مثل الزراعة.
شركة « آس فايف قروب» هي إحدى أهم الشركات الجزائرية والإفريقية الرائدة في مجال تطوير معدات معالجة مياه الصرف الصناعية والحضرية، من خلال تقديم حلول مبتكرة ومستدامة للمعالجة الثلاثية لهذه المياه بتحويلها إلى مياه صالحة للاستخدام الزراعي.
التكنولوجيا الجزائرية حاضرة بقوة
ـ النصر: تعتمد شركتكم على تقنية جيل الأوزون للمعالجة الثلاثية للمياه، وهي الأولى من نوعها في أفريقيا، هلا وضحت لنا مبدأ عمل هذه التكنولوجيا ومدى أهميتها في تحقيق الأمن المائي في ظل تهديدات الجفاف في الجزائر ؟
ـ عبد الغني سفال: حقيقة اليوم شركة « أس فايف قروب» تملك مجموعة من تكنولوجيات معالجة المياه، التي تعد نسبية وحديثة بالنسبة لعمر معالجة المياه بصفة عامة.
نحن نعمل على بعض التكنولوجيات مثل « الأوزون» و» الإلكتروكلورينايشن» التي تعمل على إضافة الكلور بطرق حديثة، وكذا « الإلكتروغواكيلاسيون» وهي عبارة عن عمليات تخثر.
وتساعد هذه التكنولوجيات في إحداث قفزة بخصوص معالجة المياه والحد من إضافة المواد الكيميائية، مع العلم أنها تقنيات باهظة وتكلف كثيرا، كما أن صناعتها شبه منعدمة في الجزائر، ما يكلفنا ملايين الدولارات بشكل سنوي، لكن بغض النظر عن تكلفتها فوجودها يعني تحقيق أمن مائي وهي الرؤية التي نسعى للوصول إليها. أشير هنا إلى أن فريق « أس فايف قروب» يعمل منذ 15 سنة على تطوير هذه التكنولوجيات، فمثلا تقنية الأوزون تعمل على جيل الأوزون بغية تطهير المياه، والتخلص من الفيروسات والبكتيريا والجراثيم التي تؤثر على الصحة العمومية، خصوصا وأن غالبية محطات معالجة المياه اليوم ليس بها أنظمة معالجة ثلاثية.
يجب القول كذلك، بأنه توجد تكنولوجيا جزائرية خالصة حاضرة بقوة، وقابلة للتطبيق يمكن تعميمها عبر كل محطات المعالجة وطنيا، و يمكن بفضلها تحويل كل المياه المسترجعة عبر محطات معالجة المياه، وتنقيتها بالأوزون أو ما يعرف بالأوزوماكس في شركة « أس فايف»، فتكون قابلة للزراعة، كما يتم توجيه المياه للسقي بطريقة عادية، الأمر الذي يضمن جودة المحاصيل وجودة المياه وفق معايير المنظمة العالمية للصحة.
كما يمكن وضع هذه الأنظمة على مستوى محطات المعالجة مباشرة، وكذا على مستوى المستثمرات الفلاحية، فتصل المياه المعالجة عبر القنوات للمستثمرة الفلاحية، ثم نقوم بعملية حقن الأوزون بشكل مباشر، فتكون لها فائدة مضاعفة و نحصل على مياه خالية من الملوثات والجراثيم، كما تقلل من استعمال مبيدات الحشرات، لأن الأوزون يعمل مباشرة على الالتهابات والإشعاعات الطفيلية، كما يمكن استعماله كحل جذري في مجال الزراعة، وقد كانت لنا تجربة ناجحة خلال فترة الجائحة، حيث صنعنا خراطيم عالية الكفاءة من أجل التطهير.
وهذه المرة أدمجنا نظام الأوزون مع الخراطيم، لإعطاء قيمة مضافة للمزروعات بالبيوت البلاستيكية، بحيث نقلل مياه السقي لدرجة 90 بالمائة عن طريق الرش المباشر وليس بطريقة السقي التقليدي الذي تضيع بسببه كميات كبيرة من المياه في الأرض.
السكان الأصليون من شأنهم المساهمة في بحث الحلول
ـ قالت هيئة الأمم المتحدة في أحد تقاريرها الحديثة، إن 10 بالمئة من الأراضي الزراعية المسقية في العالم، تستخدم فيها المياه غير المعالجة، ويبقى هذا الرقم ضئيلا، لكن هل يعبر الأمر برأيك عن اهتمام عالمي متزايد بهذه التكنولوجيا ؟
ـ تقارير الأمم المتحدة التي يتم الإعلان عنها بطريقة سريعة، تتضمن مجموعة من التنبيهات، تنص في غالبيتها على الاستعمال العقلاني للطرق الحديثة في استهلاك المياه. وأشير هنا إلى نقطة مهمة تؤكد عليها الهيئة، وهي تضامن جهود مختلف الأطراف لتكون أكثر فعالية، لقد شاركت في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه شهر مارس المنصرم، حضرت فيه حكومات ومنظمات وطنية إلى جانب متعاملي القطاع الخاص، وما شد انتباهي أكثر هو حضور السكان الأصليين من مناطق مختلفة من العالم، و كل هذا بغية الوصول إلى حلول و الحصول على نظرة شمولية.
السكان الأصليون من شأنهم المساهمة بأفكار للارتقاء بالقطاع ووضع حلول فعالة، فما شاهدناه مؤخرا بمنطقة أدرار يمكن استغلاله والاستفادة منه وإفادة دول أخرى أيضا، خصوصا وأن الأزمة في تصاعد، و تحتم على كل الأطراف المعنية المشاركة الفعالة لوضع حلول عملية.
وما نتحدث عنه اليوم من تكنولوجيات، هي في الحقيقة من أحدث الأجهزة والتقنيات المستخدمة في العالم على غرار أوروبا وأمريكا وآسيا.
كل تكنولوجيا نعتمدها سواء « الأوزون» أو «كواغيلاسيون» أو « الكتروغواغيلاسيون» أو « الأشعة فوق البنفسجية»، هي مفيدة بحكم أن الأزمة ليست في الجزائر فقط، وإنما تمس العالم ككل فحتى الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر من أكبر دول العالم، تعاني من مشكل المياه.
الجيد في الأمر هو أن هذه التكنولوجيات متاحة ومتوفرة في الجزائر و تتقنها أياد جزائرية و تتحكم فيها ولم يتبق لنا سوى تعميمها.
رقمنة العدادات تسهل تنظيم توزيع الموارد
ـ ما هي أهم التحديات المطروحة اليوم لتطوير هذا القطاع ؟
ـ العامل البشري هو واحد من بين أهم التحديات المطروحة لتطوير القطاع حسب رأيي، فكلما كانت الذهنيات واعية ومسؤولة و لا تتجاهل الآخرين وتعمل جنبا إلى جنب استطعنا الرقي أكثر.
المجتمع المدني طرف فعال في العملية، و بإمكانه نشر الوعي وسط المجتمع إلى جانب الشركات ومختلف القطاعات الخاصة التي تعتبر هي الأخرى أطرافا في غاية الفعالية، فضلا عن الجامعات و المؤسسات الناشئة « ستار تاب»، وعلى العموم يمكن القول أن كل فرد من المجتمع هو طرف فعال في عملية التطوير.
نعمل في مؤسستنا الآن، على تطوير وتطبيق تكنولوجيا جديدة، وهي رقمنة القطاع مع التركيز على رقمنة العدادات ليسهل علينا الحصول على معطيات عدادات المنازل ومنها اتخاذ القرارات وإصدارها بطريقة فعالة.
ـ في الأخير، ما الحلول التي تقترحها من أجل توسيع دائرة تقنيات معالجة المياه للاستخدامات الزراعية في الجزائر ؟
ـ أقترح اعتماد تكنولوجيا الأوزون والأشعة فوق البنفسجية وتكنولوجيات الرش بالرذاذ، مع إدراج المجتمع المدني والسياسيين والمؤثرين في تحقيق أمن مائي يدوم لعدة سنوات.
حاورته: ياسمين بوالجدري
- التفاصيل
- الزيارات: 1910
وثقــت 1200 نــوع من الحيـوانـات والنبـاتات البريـــة
تمكن ابن ولاية قسنطينة، عيسى فيلالي، من توثيق ما يقارب 1200 نوع من الحيوانات والنباتات التي تتواجد عبر مختلف ولايات الوطن، من بينها 250 طائرا و40 نوعا من الأوركيدات، والتي قام بتحميلها عبر منصة بيئية عالمية تحمل اسم «إي ناتيراليست». وأكد فيلالي في حديثه للنصر، أنه وثق أنواعا نادرة الوجود لأول مرة، كما ألف كتابا يجمع فيه 250 نوعا من الطيور، فيما يعمل حاليا على إطلاق سلسلة مرسومة عن عالم الحيوان والنبات موجهة للأطفال الصغار، مضيفا أن شغفه بالحياة البرية وما تخفيه من مكنونات مثيرة للاهتمام دفعا به لخوض غمار تصوير وتوثيق الحيوانات والنباتات.
حاورته : رميساء جبيل
خرجت إلى البرية وأنا ابن العاشرة ووالدي قدوتي في المجال
هلا عرفت القارئ من هو عيسى فيلالي؟
من مواليد 1972، مهندس دولة في الغابات منذ سنة 1997، وإطار بمحافظة الغابات بقسنطينة منذ 2001، وكذا هاو للحياة البرية منذ الصغر ومصور وموثق للحياة البرية منذ 2001.
كيف تشكلت علاقتك مع البرية ومتى بدأت تستكشفها؟
أتذكر أن أولى خرجاتي للبرية كانت مع أشقائي ووالدي سنة 1982، وأنا ابن العاشرة، فقد كنا نرافق والدنا عندما كان يمارس هواية الصيد آنذاك، ومن هنا تحديدا كانت بداياتي في الانفتاح على عالم الحيوان الغامض، أين أخذت أول الدروس في المجال، بدءا بمعرفة أسماء عدد من الطيور والحيوانات التي كنا نصادفها أثناء خرجاتنا البرية، إذ كنا نضطر إلى قطع مسافات طويلة من شروق الشمس إلى غروبها.
هذه المحطة كانت سببا رئيسيا في حبي وعشقي للطبيعة وانتمائي إليها، فطيلة تلك المدة التي قضيتها مع والدي بين أحضان الطبيعة، رسخ في مخيلتي حب الحياة البرية، وزُرع في داخلي فضول التعرف على خباياها ومكنوناتها، فعمدت إلى اقتناء كتب بيئية كان يندر وجودها في ثمانينيات القرن الماضي، كما كنت حريصا على متابعة الأشرطة العلمية عبر شاشة التلفزيون الوطني كالكوكب الحي وسلسلة جيمس كوك وعالم البحار لكوستو وغيرها.
أعتبر والدي قدوتي ومثالي الأعلى في حب الحيوانات والطبيعة، فلطالما كان يحثنا على عدم الاقتراب من الحيوانات إلا للضرورة القصوى، وألا نعبث بأعشاش الطيور وغيرها من النصائح الكثيرة التي تحمي المنظومة البيئية.
انقراض عدد من الأنواع دافعي للخروج إلى البرية
متى بدأت انطلاقتك الحقيقية في مجال توثيق وتصوير الحياة البرية؟
بدأت تصوير الحيوانات في التسعينيات، حيث اقتنيت أول آلة تصوير من نوع «آغفا» لاستعمالها مبدئيا في التصوير والتقاط صور للطبيعة، رغم أنها ليست مخصصة لتصوير الحياة البرية. كانت بداياتي في تصوير الحيوانات من حديقة جبل الوحش حيث التقطت صورا للنعامة الأسترالية والجمل والطاووس وغيرها، وهي صور ما زلت أحتفظ ببعضها إلى يومنا هذا.
لكن ما ظل راسخا في ذهني ويحز في نفسي لحد الساعة، هو مشاهدتي لأنواع من الحيوانات في سنوات سابقة لم أوثقها آنذاك، والتي لم تعد موجودة، على غرار السحالي والثعابين والفراشات واليعاسيب التي تتميز بألوان جذابة ومغايرة، وهذا الاختفاء راجع لتدهور حالة الأوساط الطبيعية، كتلوث الجداول العذبة والنظيفة مع تقلص الغطاء النباتي.
لهذا السبب أبحرت في مجال توثيق الحياة البرية، ففي بداية الأمر كنت أدون ما تقع عليه عيناي من مشاهد وملاحظات في مذكرتي الخاصة، مع البحث في المراجع التي تتوفر عليها مكتبتي المنزلية، وارتياد المكتبة العامة بالمركز الثقافي رشيد القسنطيني بالدقسي.
وبحكم أني أجيد الرسم، فقد انطلقت في رسم أنواع معينة بالاعتماد على الموسوعات والقواميس، مع الاجتهاد في حفظ الأسماء العلمية لكثير من الطيور والثدييات والزواحف وحتى النباتات التي حظيت باهتمامي وأنا طالب بالجامعة.
كيف تطور استخدامك للكاميرات لتصوير الحياة البرية؟
مع التطورات التي عرفتها آلات التصوير الرقمية في السنوات الأخيرة، ارتأيت أنه حان الوقت لاقتناء كاميرا بمواصفات عالمية، خفيفة الوزن وغير متعبة نظرا لكوني أتنقل لمسافات طويلة جدا وفي نفس الوقت تتميز بزوم قوي، وبحكم أن العدسات المحترفة ثقيلة الوزن وباهظة الثمن، وقع اختياري سنة 2004 على كاميرا سوني، ومن ثم على باناسونيك ليميكس، ثم اشتريت في الأخير كاميرا من نوع فيجي فيلم، التقطت بها معظم الصور والألبومات التي أنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أتلقى اتصالات كثيرة من أصدقاء لي بالمجال، يستفسرون عن نوعية الكاميرا التي استعملها، وفي كل مرة أنصح بها ليس إشهارا لها ولكن لجودتها وانخفاض سعرها.
أشارك ملاحظاتي بمجلات و مواقع عالمية
متى بدأت مشاركة ما تلتقطه عدستك على فيسبوك، وكيف ساعدك هذا الموقع؟
بدأت في نشر أعمالي وما تلتقطه عدستي من صور عبر حسابي على الفيسبوك سنة 2010. ساعدني هذا الفضاء الواسع على تكوين علاقات واكتساب معارف جديدة، إذ تعرفت على خبراء ومختصين في المجال، وعلى كبار موثقي الحياة البرية في الجزائر وحتى من دول أخرى، كما التقيت بمعظم المصورين الذين يقاسمونني شغف الهواية، فنشأت بيننا صداقات قوية، وأصبحنا نلتقي من حين لآخر ونتنقل إلى عدة مناطق بغية توثيق أندر الأنواع التي يقتصر وجودها على مناطق معينة، كغابات تابابورت والقالة والأوراس وجبل الوحش والصحراء.
دفعني هذا إلى التفكير في تثمين أعمالي، بجمعها ونشرها في مواقع متخصصة، مع نشر بعض الملاحظات العلمية الهامة والنادرة في مجلات علمية مثل« Dutch Birding» وبمواقع عالمية كـ «إي ناتيراليست».
ما الفرص التي أتاحها لك هذا الموقع؟
الهدف الأساسي من التدوين في مثل هذه المواقع العلمية والعملية، هو تبادل المعارف والعلوم مع بقية الباحثين والطلبة وخبراء البيئة من مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى الفائدة التي يجنيها الناشر من حفظ بياناته الرقمية في مكان آمن يحميها من الضياع أو السرقة، خصوصا وأنها ذات قيمة علمية، ناهيك عن سهولة الرجوع إليها فقط بضغطة زر على إحدى الوسائل الإلكترونية المتاحة.
كيف ساعدت الصفحات البيئية بمنصات التواصل في نشر الوعي بالثـروة الطبيعية؟
بالنسبة لصفحات ومجموعات فيسبوك التي تعنى بهذا المجال، فهناك ثلاث مجموعات بارزة بالجزائر تهتم بتوثيق الحياة البرية، هي الحياة البرية في الجزائر، وبراري الجزائر ومن أجل حماية الحياة البرية في الجزائر، وأنا أحد مسيريها رفقة أصدقاء لي.
ساعدتنا هذه الصفحات والمجموعات في ضم الآلاف من محبي الطبيعة إلى صفوفنا، كما تمكنا في ظرف وجيز من نشر الوعي البيئي بين العديد من المواطنين عبر مختلف ربوع الوطن وحتى في العالم العربي وبقية أنحاء العالم، والآن نتلقى العشرات من طلبات الانضمام.
كانت هذه الصفحات الافتراضية جسرا للتواصل ووسيلة لتكوين صداقات حقيقية، إذ أضحى هناك عدد كبير من مصوري وموثقي الحياة البرية الذين ينشطون عبر الوطن، ومنهم من يمتلك أجهزة وتقنيات جد متطورة وله درجة كبيرة من الاحترافية.
ما هو عدد أنواع الحيوانات والنباتات التي وثقتها؟
قمت لحد الآن بتوثيق 1200 نوع من النباتات والحيوانات، يمكن الاطلاع عليها ومعرفة تفاصيلها من خلال موقع إي ناتيراليست، وهي حصيلة ليست بالكبيرة، مقارنة بما أطمح للوصول إليه خلال مسيرتي المهنية، مع العلم أني أضعت كثيرا من الصور السابقة.
ولدي بالمناسبة، مشاهدات نادرة لأنواع من الطيور المهاجرة، التي وُثقت من خلالي لأول مرة في الجزائر، كما وثقت أوركيدات وحشرات ونباتات عشبية يمكن استغلالها في مجال البحث العلمي، وهو الأمر الذي أعمل عليه حاليا بالتنسيق مع عدد من طلبة الماستر والدكتوراه الذين يقصدونني من ولايات مختلفة.
جبل الوحش وشطابة مؤهلتان كمحميات طبيعية
ما سر اهتمامك بالأوركيدات التي يندر الحديث عنها في الجزائر؟
السحلبيات أو الأوركيدات هي أزهار جميلة جدا، لها عشاق من كل أنحاء العالم فهي من النباتات الملفتة والمثيرة للاهتمام، نظرا للأشكال المختلفة والغريبة التي تظهر عليها، فأحيانا تكون على هيئة رأس قرد وأحيانا أخرى تظهر في شكل طائر أو نحلة أو عنكبوت، وتتميز بتعدد ألوانها الزاهية.
يوجد منها وفق ما تم توثيقه بالجزائر أربعون صنفا وفصيلة، وثقت منها 25 نوعا بقسنطينة تحديدا بمنطقتي جبل الوحش وشطابة، المعروفتين بتنوع غطائهما النباتي، ما يؤهلهما للتصنيف كمحميات طبيعية.
نشرتَ عبر حسابك على فيسبوك أن طائر الزرياب يساهم في إعادة إحياء غابات البلوط؟ كيف ذلك؟
من المعروف أن طائر الزرياب يتواجد بشكل دائم على مستوى غابات البلوط، وفي قسنطينة يسجل وجوده بمنطقتي جبل الوحش وابن باديس، نظرا لكثافة غطائهما النباتي ولنمو شجر البلوط بكثرة على مستواهما.
هذا الطائر جميل الشكل، ومثال حي في حماية غابات البلوط من الانقراض والاندثار، نظرا لكون الزرياب يتغذى على ثمار البلوط ذات الغلاف القاسي جدا، ليطرح رشيم النبتة في التربة عبر فضلاته فيكون بذلك جاهزا للنمو دون حاجة لتدخل البشر، ثم يتحول في المستقبل إلى شجرة بلوط عملاقة.
هذا الطائر عامل أساسي لانتشار غابات البلوط التي لطالما كافحت من أجل البقاء، وظلت صامدة رغم ما مر عليها من ظروف قاسية، وبالأخص أثناء الفترة الاستعمارية التي نهب فيها الأخضر واليابس.
هل تعتمد على طريقة خاصة عند توثيق الحياة البرية؟
عندما أقرر الذهاب إلى منطقة معينة من أجل التصوير والتوثيق، أغادر المنزل مبكرا بعد صلاة الفجر مباشرة وأعود بعد الغروب مع استخدام وسائلي الشخصية من سيارة وعتاد، لكن في بعض الأحيان يتطلب الأمر المبيت في الخارج لمشاهدة الحيوانات الليلية من ثدييات وطيور.
أما في الجولات الاستطلاعية التي أقوم بها بغية التعرف على مواقع جديدة، فأضطر للمشي لمسافات طويلة جدا تتجاوز 30 كيلومترا، ويرافقني صديقي عبد الوهاب قارة علي، وفي أحيان أخرى أصطحب أبنائي معي أثناء المشي لمسافات قصيرة، للبحث عن الأوركيدات والحشرات والفراشات، لتحبيبهم في الطبيعة وتمرير الرسالة إليهم، زيادة على أنني لا أفضل الخرجات الجماعية فهي غير مثمرة خصوصا عند تصوير الثدييات والطيور.
ضرورة التحيين الفوري لقائمة الحياة البرية المحمية والمهددة بالانقراض
باعتقادك، ما الإجراءات الواجب اتخاذها لحماية الحياة البرية؟
لحماية الثروة البيئية من الاندثار والضياع، يستوجب تكثيف مجهودات الجمعيات الناشطة في المجال ولعب دورها الحقيقي على أكمل وجه، من خلال تنظيم عمليات توعوية على كل المستويات والأصعدة وفي جميع المناطق.
كما يجب الردع وفرض عقوبات قاسية على كل من سولت له نفسه إلحاق الضرر بالحياة البرية، خصوصا مع الظواهر الأخيرة التي انتشرت على نطاق واسع وفي كثير من الولايات، أين تم قتل الضباع والثعالب والذئاب وتسميم النسور والسنوريات، رغم أن هذه الكائنات محمية وفق القانون.
لهذا يجب على الجهات المختصة إجراء متابعات قضائية لهؤلاء الجناة وتسليط أقصى العقوبات عليهم، خصوصا وأن البعض منهم يفتخر بأفعاله وينشرها على صفحات معروفة وتسوق لها قنوات إخبارية على غرار فيديوهات قتل الضباع والثعالب.
أما فيما يخص الأنواع البرية المهددة بالانقراض، فالأرقام الرسمية المعلن عنها بعيدة كل البعد عن الواقع الحقيقي، ما يستوجب بالضرورة التحيين الفوري لقائمة الحياة البرية المحمية وكذا المهددة بالانقراض، خصوصا مع التدهورات الكبيرة التي تشهدها الأوساط البيئية في الآونة الأخيرة، والتي تعيش بها مختلف الكائنات الحية من نباتات وحيوانات.
هذا يرجع إلى السلوكيات السلبية التي يمارسها الإنسان في حق الطبيعة، دون وعي أو إدراك منه بمخاطرها التي تهدد الثروة البيئية، فأنا أراه العامل الأول وراء ما نعيشه اليوم من اختفاء أو انقراض عدد من الكائنات الحية، وتأتي في المقام الثاني التغيرات المناخية والحرائق والأمراض ومختلف الآفات التي تصيب الأحياء البرية.
أعمل على إنشاء سلسلة مصورة للتعريف بالتنوع البيولوجي
باعتبارك ابن قسنطينة، ما هي المناطق التي تتميز بثـراء طبيعي في هذه الولاية؟
قسنطينة مدينة غنية عن التعريف، لما تزخر به من مناظر طبيعية خلابة تنتعش في فصل الربيع، ناهيك عن تنوع تضاريسها واحتوائها على مواقع إستراتيجية معروفة بالتنوع البيولوجي منها جبل الوحش وشطابة وتيديس ووادي الرمال وغابة ذراع الناقة وغابات ابن باديس وغيرها من الأماكن التي تحوي بين ثناياها جمالا خفيا ونباتات محلية نادرة لا يمكن الكشف عنها إلا بعد زيارات ميدانية متكررة وبحث دءوب.
هل تنوي توثيق أعمالك في كتاب؟
حاليا لم أطبع أي كتيب أو إصدار، رغم انتهائي من تأليف كتاب حول طيور قسنطينة جمعت فيه 250 نوعا، بعد أن قمت بتصويرها لما يزيد عن 22 سنة أين بدأت في تصويرها منذ سنة 2001.
أما المشروع البيئي الذي أعمل عليه، هو إعداد سلسلة مصورة لأنواع مختلفة من الطيور والفراشات والأوركيدات، أنجزتها خصيصا للأطفال الصغار في شكل رسومات وخرائط واضحة وملونة، تحتوي معلومات بسيطة وسلسة في شكل نصوص قصيرة يسهل فهمها، تعرف بالصنف المذكور ومكان تواجده والوقت المناسب للظفر بمشاهدته.
تهدف هذه السلسلة إلى التعريف بالتنوع البيولوجي الذي تزخر به الجزائر عموما ومدينة قسنطينة خصوصا، ليغرس في الأولاد روح الفضول والرغبة في الاستكشاف ومعرفة هذه الأنواع عن قرب، ما يدفعهم عند الكبر للخروج إلى الطبيعة والتجول فيها واكتشاف معالمها، وبمجرد أن يتغلغل حب البرية إلى داخلهم سيبحثون عن حلول إيجابية لحماية الثروة البيئية من الاندثار.
ر. ج
- التفاصيل
- الزيارات: 4209
اختراع ممهلات تحول الحركة الضائعة للسيارات إلى طاقة
استطاع الشاب صهيب سلطاني من ولاية المسيلة أن يحصل على ثالث علامة مشروع مبتكر «لابل» حول مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الزراعة العمودية، بعدما ثمنت وزارة اقتصاد المعرفة و المؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، أفكاره وسجلتها، بما يسمح له بدخول مرحلة التطبيق، آملا في أن يحقق انجازات مهمة تساهم في تحسين الإنتاج الفلاحي عن طريق إيجاد الحلول لمختلف المشكلات الزراعية.
لينــــة دلـــول
يبلغ الباحث 25 سنة من العمر، وهو خريج الجامعة الجزائرية، تخصص إلكترونيات دقيقة، وقد أوضح للنصر، بأنه يعمل على تطوير استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الزراعي باعتباره من أولويات مجالات البحث في الجزائر، مؤكدا بأنه يركز في عمله على الزراعة العمودية، وهي عملية تتم عبر نظام مراقبة ذكية للمزروعات الجديدة أو خلال بداية نمو النبات، لأن من بين مميزات هذا النظام، اعتماده على آلية للتحكم في الري عن بعد، لإطالة عمر المضخات المائية والتقليل من استهلاك الماء والكهرباء لتحقيق إنتاجية أكبر و استهلاكية أقل.
ولفت المتحدث في ذات السياق، إلى أن التكنولوجيا ستكون مهمة جدا في المجال الزراعي الحديث مستقبلا، لأن تقنياتها ستعود بالفائدة الكبيرة على المحاصيل الزراعية، فضلا على أنها ستقوم بتوفير الغذاء من خلال تخصيص مساحات وتكاليف أقل.
وأكد، أن العالم سيواجه مستقبلا أزمة في الأمن الغذائي لأن هناك مشكلات عديدة تعيق حركة نمو النبات، ولذلك فإن تطبيق التقنيات التكنولوجية في مجالات الزراعة لتوفير الأمن الغذائي أمر حتمي، لما لها من فوائد عظيمة على الدول التي لا تمتلك مساحات زراعية كافية و تتوفر على نسبة كبيرة من المناطق الصحراوية.
و أوضح صهيب، أنه بدأ التفكير في الدخول إلى عالم الابتكارات منذ عامه الثاني في طور الثانوي، أين كان حينها على اطلاع دائم بالمجال، و أن ما شجعه على الانضمام هو تخصصه العلمي، معلقا بالوقول : « عند نجاحي في شهادة البكالوريا و دخولي إلى جامعة المسيلة، قررت التفرغ للاختراع والابتكار، بعدما وجدت المحيط الجامعي مناسبا جدا للعمل».
محدثنا، قال بأنه التحق بداية بكلية التكنولوجيا سنة 2016، ثم انضم إلى جمعية الإبداع والابتكار العلمي بالمسيلة، و من ثم التحق بحاضنة الأعمال الجامعية التي ينشط تحت وصايتها منذ سنة تقريبا، وقد استطاع خلال هذه الفترة، أن يطور من فكرة مشروعه و يحظى بالمرافقة إلى غاية حصوله مؤخرا على علامة مشروع مبتكر.
واعتبر، أن حصوله على ثالث علامة لمشروع مبتكر هي انطلاقة مهمة له في عالم الابتكار، و لن تكون الأخيرة سواء في مجال التطوير العلمي أو خدمة الاقتصاد، خاصة وأنه يطمح في تجسيد مشاريعه على مستوى الوطني. مشيرا، إلى أنه ابتكر خلال السنة الثانية له في الجامعة خلية للكشف عن الحرائق، وهي عبارة عن جهاز لتحسس الحرائق عن بعد 5 متر، تم تطويرها لاحقا لتمتد إلى مسافة 15 مترا، علما أنه مشروع تطلب العمل عليه ثلاثة أشهر، وجاء ليحقق أول أحلامه آلا وهو القدرة على تنفيذ الأفكار، حيث شارك بالمشروع في عدة مسابقات و ملتقيات للابتكار و التطوير عبر الوطن، وحظي بالاهتمام و الإشادة.
و بعد نيله لشهادة الليسانس بدأ في التخطيط لإنجاز مشاريع جديدة خلال أزمة كورونا، أين قام بتكوين فريق يضم نخبة الطلبة في كليته، وشرعوا في صنع جهاز يستخرج الأكسوجين من الماء.وأضاف صهيب، أنه أشرف على الابتكار مع مجموعة من الطلبة من تخصصات مختلفة في الهندسة الكهربائية و العلوم الطبيعية و علوم المادة، و بساهمة أعضاء من جمعية الإبداع و الابتكار بالمسيلة.
و واصل حديثه قائلا، إنه بعد صنع الجهاز بدأ في التفكير في مشروع آخر لإنجاز «منصة على الويب» تجمع طلبة الجامعات و تعمل على تقريبهم من الشركات، لأجل تعزيز فرص التكوين و التشغيل للجامعيين و الطلبة المبتكرين .
وأوضح المتحدث، أنه قام بابتكار منصة «العبقري» وهي أول منصة بحثية و علمية جزائرية مهتمة بتقديم الخدمات العلمية إلى الطالب و الأستاذ معا، وذلك من خلال تقديم الدورات التعليمة و التدريبية و الدروس الخصوصية بشتى أنواعها، و فتح الفرصة للشركات والمستثمرين للإعلان عن مشاريعهم.
ومن بين المشاريع التي عمل عليها كذلك، ابتكاره لممهلات طاقوية، الهدف منها تحويل الحركة الضائعة للسيارات إلى طاقة يستفيد منها البشر، فمن خلال مرور السيارات على هذه الممهلات و عند الضغط عليها تولد طاقة كهربائية يتم تخزينها كما أوضح، بداخل الممهل بفضل توفره على بطاريات مخصصة لذلك، مضيفا أنه من بين مميزات هذا المشروع، قدرته على الحفاظ على عجلات السيارة و هيكلها.
وبخصوص تمويل مشاريعه، أكد صهيب، أن وزراة المؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة تسعى دائما لتمويل المشاريع التي لها دور في التنمية المحلية في الجزائر و هي باعتباره خطوة مهمة جدا، للاستفادة من الأفكار الجديدة و المشاريع الابتكارية.
طيور نادرة مهددة بالانقراض بمحمية المرقب بالمسيلة
شدد الأمين العام لولاية المسيلة، ختال الحاج، أمس، على ضرورة وضع محمية المرقب الطبيعية بمنطقة عين الحجل حيز اهتمامات مصالح محافظة الغابات والسلطات المحلية للدائرة من أجل أن تكون منطقة ذات استقطاب سياحي، فيما حذر سكان من خطر انقراض أنواع نادرة من الطيور.
وألح المسؤول على وجوب تزويد المنطقة ببطاقة تعريفية والألواح التوجيهية والإشهارية على مستوى الطريق الوطني 8، قصد التعريف بما تتوفر عليه من إمكانيات إيكولوجية وطبيعية، وأوضح خلال إشرافه على عملية تشجير بالمنطقة، نظمتها محافظة الغابات بمناسبة إحياء اليوم العالمي للغابات، أن المحمية تزخر بأنواع الحيوانات والطيور والنباتات وكذا طرق ومسالك معبدة تتيح للزوار من سياح وطنيين أو أجانب أو وفود علمية من طلبة الجامعات والمؤسسات التربوية، الذين ينظمون بعض الرحلات العلمية إلى المنطقة واستكشاف غطائها النباتي ومختلف الثدييات والنباتات الطبية والعطرية.
واستمع الأمين العام لانشغالات فلاحي بلديات سيدي هجرس وعين الحجل وفئة الصيادين وكذا السكان المجاورين للمحمية، الذين اشتكوا من تأخر إنجاز بعض المشاريع التنموية التي تساهم في حمايتها من الاعتداءات اليومية ولاسيما عمليات الصيد غير الشرعية لبعض الأصناف النادرة من الطيور، التي باتت حسبهم مهددة بالانقراض بفعل هذه العوامل البشرية.
محمية المرقب التي تم تصنيفها بقرار ولائي رقم 102، وضعت ضمن تصرف وتسيير محافظة الغابات بالولاية، وتضم ثروة حيوانية ونباتية معتبرة وتنوعا فريدا من نوعه مهددا بالزوال منه ما هو مصنف ضمن القائمة الحمراء التابعة للمنظمة العالمية للحفاظ على الطبيعة في صورة غزال الأطلس وطائر الحبار، وهي سطح سهبي مميز للجزائر والوحيد من نوعه عبر شمال إفريقيا يتربع على مساحة إجمالية تفوق 16 ألف هكتار ويتوسط بلديات عين الحجل، سيدي هجرس وسيدي عامر.
وأشار محافظ الغابات بالولاية، إلى أن المحمية تحتوي على ثروة معتبرة من النباتات الطبية والعطرية، تمثل 70 صنفا ذات استعمال شائع بالمنطقة وذلك من ضمن 235 صنفا نباتيا، منها 32 نباتا نادرا، إضافة إلى 10 أنواع من الزواحف، منها 7 محمية قانونيا، تضاف إليها مجموعة من الحيوانات البرية، منها 87 نوعا من الطيور، بينها 25 محمية، و 22 نوعا من الثدييات. فارس قريشي
شاركت فيها النصر بتأطير من شبكة الصحافيين الدوليين
35 صحافيا عربيا يستفيدون من دورة متقدمة في صحافة المناخ
اختُتمت مساء الاثنين، الدورة التدريبية المتقدمة في صحافة المناخ التي نظمتها منصة «أوزون» المصرية المتخصصة في قضايا تغير المناخ، بدعم من شبكة الصحافيين الدوليين والمركز الدولي للصحافيين، حيث تناولت جميع الجوانب والمهارات اللازمة للمتدربين من أجل تقديم قصص معمقة عن آثار تغير المناخ بالمنطقة العربية.
ياسمين.ب
الدورة التي عقدت عبر الإنترنت، شملت 4 جلسات شارك فيها 35 صحافيا من 15 دولة عربية، تم اختيارهم من بين أزيد من 300 صحافي، وقد مثلت «النصر» الجزائر من خلال مشاركتها في هذه الدورة المتقدمة التي تأتي تزامنا والتحديات المناخية غير المسبوقة التي يعيشها العالم، والتي باتت تفرض التوجه إلى التخصص أكثر في صحافة المناخ.
وتناولت الجلسة الأولى طرق البحث وتطوير الأفكار للقصص المناخية المعمقة، وعرضها على المحررين، وتبسيط المفاهيم العلمية المرتبطة بتغير المناخ، وقد أدارتها الصحافية المصرية المتخصصة رحمة ضياء، الحاصلة على عدة جوائز ومؤسِّسة مبادرة «مدرسة المناخ». واستخدمت المدربة منصة «ميرو» لبناء خرائط تفاعلية أثناء التدريب، وتطرقت إلى طرق الربط بين الجندر وتغير المناخ في القصص والتقارير المعمقة، مع تقديم العديد من المصادر الدولية والإقليمية المفتوحة، التي تسمح للصحافي بالحصول على معلومات تساعده في إثراء القصص التي يشتغل عليها وإكسابها دقة أكبر.
أما الجلسة الثانية فتمحورت حول مهارات استخدام البيانات في الصحافة المناخية، وأطرتها الصحافية إيمان منير، حيث تناولت طرق ومهارات ومراحل إنتاج قصة مناخية مدفوعة بالبيانات، وطرق تنظيف وتحليل البيانات المرتبطة بتغير المناخ، واستخدام صور الأقمار الصناعية في القصص، وكذلك أدوات التصميم والتمثيل البصري عبر منصة «فلوريش» وغيرها، وأجابت المدربة بإسهاب عن سؤال «لماذا يجب أن نستخدم البيانات في الصحافة المناخية؟». كما تمحورت الجلسة الثالثة حول طرق السرد والكتابة للقصص المناخية، وأشرفت عليها المدربة رحاب عبد المحسن، وهي صحافية علمية مصرية متخصصة منذ سنوات في الشأن البيئي، حيث تناولت مهارات كتابة قصة مناخية معمقة، وأساليب التعامل مع المصادر العلمية الخبيرة والمتخصصة في تغير المناخ، وطرق عرض أفكار القصص على المحرر. وقد عرفت الجلسة طرح أسئلة عديدة من طرف المتدربين العرب، ومناقشة بعض النقاط المتعلقة بمعالجة قضايا المناخ، لاسيما ما يعرف بمفهوم الفجوة، إذ قالت عبد المحسن إن غالبية التغطية المحيطة بالموضوع سلبية وتعزز فكرة أنه بعيد عن الناس ولا يؤثر على المجتمعات، مضيفة أن الصحافيين يكافحون اليوم للإبلاغ بشكل فعال عن تغير المناخ، وذلك بسبب نقص التدريب وعدم الاهتمام بهذا التخصص من طرف العديد من المحررين، وكذلك التواصل الضعيف من طرف صانعي السياسات.
وعرفت الجلسة الرابعة والأخيرة، استعراض طرق مواجهة المعلومات المضللة عن تغير المناخ، بتأطير من الصحافي البيئي المصري المتخصص في التحقيقات مفتوحة المصدر وشؤون البيئة، أحمد العطار، وهو مؤسس ورئيس تحرير منصة «أوزون»، حيث قدّم المدرب أساليب كشف الأخبار المضللة وطرق اختيار الخبراء وغيرها من المحاور، كما قدّم نصائح عديدة من بينها أهمية الابتعاد عن العناوين المثيرة في المواضيع المتصلة بقضايا المناخ، لأن الأمر يتعلق أساسا بمسائل هي في الأساس خطيرة ولا تحتمل تقديم معلومات غير دقيقة.
رئيسة جمعية حماية البيئة من مخاطر التكنولوجيا تحذر
التلوث الصامت و النفايات الإلكترونية خطر يهدد الصحة العمومية
حذرت رئيسة الجمعية الولائية لحماية البيئة من مخاطر التكنولوجيا بولاية البليدة رفيقة سعدو من خطر نفايات الأجهزة الالكترونية والتلوث الكهرومغناطيسي على الصحة، وأشارت إلى أن هذا الملف لا يزال غير مطروح على مستوى المؤسسات أو المجتمع المدني، إلى جانب غياب تشريعات تضبط نشاط المؤسسات الناشطة في هذا المجال للحد من التلوث الناجم عن استخدام الأجهزة الكهرومغناطيسية أو الناتج عن إتلاف هذه الأجهزة بعد نهاية صلاحياتها.
وأضافت نفس المتحدثة في تصريح للنصر بأن جمعية حماية البيئة من مخاطر التكنولوجيا بولاية البليدة قامت بتحريات حول مصير نفايات الأجهزة الالكترونية، وتم التواصل مع ورشات التصليح، في حين تبين من خلال هذه التحريات أنها تتلف مع النفايات المنزلية أو في الطبيعة، وقالت أن هذا يشكل خطرا على الصحة العمومية، خصوصا وأن هذه المنتجات تتضمن مواد خطيرة، ودعت إلى ضرورة إصدار تشريعات قانونية لتنظيم العملية وتشديد الرقابة على هذه المنتجات من أجل الحد من التلوث والأضرار التي تخلفها، وقالت بأن إتلاف النفايات الالكترونية يتم وفق شروط معينة، وأشارت في هذا السياق إلى مشروع قانون في 2015 لوضع تشريعات خاصة بإتلاف هذا النوع من النفايات كونها نفايات خطيرة، إلى جانب ارتفاع حجمها واستعمالها من طرف الأفراد، وكذا عمرها الافتراضي الذي يتقلص، في حين مشروع القانون المذكور لم يجسد، وأوضحت بأن بعض الدول تقوم باسترجاع هذا النوع من النفايات ورسكلتها، وذكرت منها الصين التي تستورد حاليا النفايات الالكترونية من دول أخرى لتقوم برسكلتها، ونفس الشيء بالنسبة لليابان التي ترسكل هذه المواد، وكانت قد صنعت الميداليات الذهبية أو الفضية التي قدمت في الألعاب الأولمبية المنظمة في بلدها من المواد الموجودة في الهواتف والأجهزة الالكترونية المسترجعة.
وفي السياق ذاته تحدثت رئيسة الجمعية عن مصدر آخر للتلوث البيئي الناجم عن الأجهزة الكهرومغناطيسية ويطلق عليه بالتلوث الصامت، وميزته أنه لا يرى بالعين المجردة على عكس باقي أنواع النفايات الأخرى التي يظهر أثرها في المحيط، وقالت هذا التلوث ينتج عن استخدام الهاتف النقال، وكذا الهوائيات المنصبة فوق المنازل، وأجهزة الحاسوب وغيرها، وأضافت بأن هذه التجهيزات تحولت إلى جزء من حياتنا ويتم التعامل معها بشكل يومي خصوصا الهاتف النقال مع دخول مواقع التواصل والتطبيقات الالكترونية المختلفة، ولم يعد الهاتف وسيلة للتواصل فقط بل وسيلة للعمل والدراسة، وأكدت نفس المتحدثة على ضرورة توعية أفراد المجتمع بخطورة الاستخدام المفرط لهذه التجهيزات على الصحة بالرغم من الإيجابيات الكبيرة التي تقدمها للإنسان، وأوضحت بأن ضرر استخدام هذه التجهيزات لا يظهر بين يوم وليلة، وإنما تخلف هذه الأجهزة أشعة يطلق عليها المختصون بالتلوث الصامت، وأشارت إلى أن جهاز الهاتف تصدر منه أثناء استعماله موجات لا ترى بالعين المجردة، وهذه الأشعة تؤثر على الصحة في حالات معينة مثلما يحدث أثناء قربها من الجسم، وكذا مدة الاستعمال الطويلة، كما تحدثت رئيسة الجمعية عن الهوائيات المنصبة فوق المنازل الخاصة بمتعاملي الهاتف النقال وتأثيراتها الصحية، ودعت إلى ضرورة وضع شروط معينة لتثبيت هذه الهوائيات لتفادي أضرارها الصحية، مثلما قامت به بعض الدول التي وضعت شروطا لتنصيب الهوائيات لمتعاملي الهاتف النقال فوق أسطح المنازل، وذلك وفق دفتر شروط يحدد الالتزام بالمسافة عن المراكز الحساسة كالمستشفيات ودور الحضانة، وأشارت في السياق ذاته إلى أن سلط الضبط للبريد والاتصالات السلكية واللاسلكية بالجزائر كانت قد أصدرت قرارا ينص على بعض البنود لضبط تثبيت الهوائيات فوق الأسطح، في حين أن هذه البنود غير واضحة ولا توفر الحماية للمواطن.
دعت رئيسة جمعية حماية البيئة من مخاطر التكنولوجيا إلى طرح ملف التلوث الكهرومغناطيسي والنفايات الإلكترونية على مستوى السلطات والهيئات المعنية والمجتمع أمام خطورته التي لا تقل عن خطورة النفايات المنزلية، وأشارت إلى أن الجمعية تطرح الموضوع باستمرار بهدف التوعية، لكن تواجه دائما بملف النفايات المنزلية الذي لم يتخلص منه ويبقى يطرح باستمرار في الأحياء، ويبقى بالمقابل موضوع التلوث الكهرومغناطيسي غير مطروح سواء أمام السلطات أو المؤسسات المختصة، وأضافت بأن الجمعية تغتنم فرصة مناقشة الملفات البيئية الأخرى لطرح هذا الموضوع والتحسيس به، ودعت إلى ضرورة تحرك السلطات والمجتمع المدني وكذا الأفراد لنشر الوعي، كما شددت على ضرورة وجود تشريعات وتشديد الرقابة من طرف السلطات على متعاملي الهاتف النقال، خصوصا فيما يتعلق بتنصيب الهوائيات في المباني التي تتم بطرق غير مدروسة. نورالدين ع
- التفاصيل
- الزيارات: 1504
حذّر خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في تقريرهم الجديد، الذي نُشر الاثنين، من أن السنوات الأكثر حرا التي شهدها العالم مؤخرا ستكون من أبرد الأعوام خلال جيل، بغض النظر عن مستويات انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري.
وقال العالم في خدمة الأحوال الجوية البريطانية وأحد المؤلفين الرئيسيين للتقرير، كريس جونز: "العالم اليوم أكثر برودة من عالم الغد، على الأقل لعقود مقبلة".
وحذر خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في تقريرهم الجديد من أن الاحترار العالمي الناجم عن النشاط البشري سيصل إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية اعتبارا من السنوات 2030 و2035.
وقال الخبراء إن هذا التوقع صالح في كل السيناريوهات تقريبا لانبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري على المدى القصير، مع اعتبار تراكمها خلال القرن ونصف القرن الماضي، لكنّ تخفيضات عميقة وسريعة للانبعاثات من شأنها أن تؤدي إلى تباطؤ واضح في ظاهرة احترار المناخ في حوالي عقدين، وفق ما جاء في التقرير.
وقالت لجنة عليا من العلماء في الأمم المتحدة، إن البشرية ما زالت لديها فرصة أخيرة لمنع أسوء أضرار تغير المناخ في المستقبل، وذكرت أن القيام بذلك يتطلب خفضا سريعا للتلوث الكربوني واستخدام الوقود الأحفوري بنحو الثلثين بحلول عام 2035.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى إنهاء التنقيب عن الوقود الأحفوري الجديد وتخلي الدول الغنية عن استخدام الفحم والنفط والغاز بحلول عام 2040.