آخر الأخبار
- التفاصيل
- الزيارات: 4336
طيـور قـد تنقـرض بعد 30 سنة و طرائـد تهـرب إلى المـدن
يهدد الصيد الجائر والعشوائي الذي يمارسه صيادون يفتقرون للوعي البيئي والوازع الأخلاقي، بإحداث خلل على مستوى المنظومة الإيكولوجية البيئية، بفعل تناقص أعداد الطيور والحيوانات في بلادنا و تزايد خطر انقراض أنواع أخرى، فضلا عن هروب أصناف أخرى نحو المدن .
رميساء جبيل
حملات ضد الصيد خارج المواسم القانونية
و يرى رئيس فيدرالية الصيادين بولاية قسنطينة، أن السبب الرئيسي وراء تفاقم هذه الظاهرة هو استمرار غلق مواسم الصيد القانونية، فيما يؤكد مفتشون بمحافظة الغابات، بأن قانون الصيد يعاقب مرتكبيها بالسجن ودفع غرامات مالية، مضيفا، أن الصيد العشوائي تسبب في نزوح الطرائد نحو مدن أخرى، وقد أطلق مؤخرا ناشطون على" فيسبوك" بينهم مصورون وموثقون للحياة البرية، وكذا جمعيات ومنظمات تعنى بحماية البيئة، حملات تندد بالممارسات التي تطال العديد من الحيوانات في البرية، من قبل صيادين ينشطون خارج مواسم الصيد وفي فترات ممنوعة قانونيا، إما جهلا بالقانون أو عن قصد و رغبة في الإبادة أو الاتجار بالحيوانات وبيعها في الأسواق غير الشرعية.
كما شاركت صفحة " أر سي ناتور" أو " RC NATURE" الجزائرية، صورا التقطها المصور حكيم بن مختار من ولاية باتنة، يظهر فيها حيوان ابن آوى صغير ملقى على أرض مكسوة بالثلوج، وعليه أثر طلق ناري، فيما نشرت صفحات أخرى صورا لأرانب وطيور تم اصطيادها وتركها مرمية وسط الثلوج.
كما تداول مستعملو الفضاء الأزرق هاشتاغات من قبيل " الصيد أثناء تساقط الثلوج ممنوع وغير أخلاقي" و" منع- الصيد"، مطالبين باحترام الثروة الحيوانية التي تزخر بها البلاد وضرورة المحافظة عليها، و وقف الصيد الجائر في مواسم التكاثر والتزاوج.
تراجع في أعداد الطيور المائية و الغابية و البط
وحسب مراد حرزالله، و هو واحد من بين أشهر موثقي ومصوري الحياة البرية في الجزائر، و مؤسسي الجمعية الوطنية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية، فإن الصيد الجائر يعد من أكبر المخاطر التي تهدد الحياة البرية، خصوصا ما يتم ممارسته بعيدا عن عين القانون وفي غير الأوقات المسموح بها، ودون الحصول على التراخيص، ناهيك عن تجاوز العدد المسموح به في صيد بعض الطرائد، مثل الحجل و الأرنب والسمان وحمام الغاب، ومحدودية المعرفة بأنواع الطيور والحيوانات وتصنيفاتها، قائلا بأنه سبق لأحدهم، أن اصطاد طائرا من نوع نادر جدا بخنشلة ظنا منه أنه سمان.
كما ذكر المتحدث، بأنه خلال 30 سنة التي قضاها في تصوير وتوثيق الحياة البرية، صادف في العديد من المرات أشخاصا يصيدون الطرائد بشكل إجرامي بتجاوز 40 طريدة، زيادة على اعتماد بعض الصيادين لأخطر طريقة في الصيد، وهي القبض على عشرات الثعالب والذئاب باستعمال كلاب " السلوقي" وهذا في يوم واحد، مضيفا، بأنه سبق له تقديم مداخلات عن هذه القضية في لقاء مع محافظة الغابات بولاية سطيف.
واعتبر حرز الله، بأن استعمال " الكماش" لحماية الممتلكات، جريمة في حق الطبيعة، لأن هناك حيوانات كثيرة تفقد حياتها جراء هذه الوسيلة، و لهذا يجب على حد قوله، أن يجد الفلاحون طرقا أخرى للحفاظ على أملاكهم، مشيرا إلى ضرورة أن يتحلى الصياد كذلك ببعد النظر، و الإطلاع الواسع على عالم الحيوانات ليجيد التمييز بين أصناف الطرائد، ويتجنب استعمال الشباك الكبيرة في الصيد، و التي يصل طولها أحيانا إلى 30 مترا و ارتفاعها إلى حوالي خمسة أمتار، قائلا بأنه سبق و وجد أشخاصا يعرضون أنواعا من الطرائد البرية على الطريق لبيعها، على غرار طائر السمان ذي الجناح الأحمر نادر الوجود، كما شارك منذ أشهر صورة على صفحته الشخصية لطائر مقتول من فصيلة الجوارح تم تحجيله في أوروبا.
وقال محدثنا، إن الكثير من الصيادين يتوجهون نحو الصحراء لاصطياد الغزال وحيوان الأروى، للمتاجرة بهما فيما بعد، كما يتم التركيز على اصطياد طائر السمان في منطقة القبائل، أما في المناطق المفتوحة فيتم اصطياد الحجل البربري والأرنب البري وأرنب الجحور والسمان.
الطيور البرية قد تنقرض بعد 30 سنة
وأضاف، بأنه يشارك سنويا في إحصاء الطيور المائية والمهاجرة وحتى الطرائد، وقد لاحظ بأن هناك تراجعا في أعداد الطيور المائية، و تحديدا تلك التي تقتات من حواف السدود، مع نقص في أنواع معينة من البط وكذا مختلف الطيور الغابية، الأمر الذي يستوجب على حد قوله، دق ناقوس الخطر.
كما توجه المتحدث، بنداء إلى الجهات الوصية، كي يتم وضع الطيور المائية مستقبلا، في قائمة الطرائد الممنوع صيدها نظرا لتناقص أعدادها، والتركيز على اصطياد طائر الزيطوط "حمام الغاب" لتواجده بكثرة حتى يكون هناك متسع من الوقت لتكاثر بقية الأنواع، مؤكدا أنه مع الصيد الجائر والانخفاض الحاد في الطيور البرية قد تعرف الجزائر بعد 30 سنة انقراض جميع الأنواع.
ظاهرة عرفت تفاقما
وحسب رئيس فيدرالية الصيادين لولاية قسنطينة، جمال حمودة، إن الصيد في إطار القانون لديه موسم يبدأ من 15 سبتمبر إلى غاية 31 من نفس الشهر، أين تتحصل كل فيدرالية ولائية على إجازة صيد تسمح لها بممارسة النشاط، لكن الموسم لا يزال معلقا إلى حد الآن والجمعيات لم تتحصل على الإجازات، رغم كل الإجراءات التي قامت بها الفيدرالية الوطنية و الولائية لتكوين الصيادين بغية تسهيل الحصول على رخص الصيد ومحاولة كراء أراضي الصيد وإطلاق الطيور في الطبيعة لذات الغرض، ويعد استمرار الغلق من المسببات الرئيسية وراء تفاقم ظاهرة الصيد العشوائي والجائر، الذي قد يؤدي إلى انقراض بعض الحيوانات والمتاجرة بالثروة الحيوانية التي تحولت إلى سلعة في الأسواق بطرق غير شرعية على حد تعبيره.
كما أضاف المتحدث، أنه لحد الآن لا يصدر أي مرسوم تنفيذي يعنى مباشرة بمكافحة الصيد العشوائي، ولا بفتح الصيد القانوني، كون إجازات الصيد لا تمنح للجمعيات في العادة، إلا بعد أن يصدر قرار بفتح الموسم من المجلس الأعلى للصيد والذي تم تأسيسه سنة 2021 حتى يتسنى للصيادين ممارسة نشاطهم قانونيا وبكل أريحية وباستعمال بنادق وكلاب الصيد، دون استخدام المنظار أو ضوء الهاتف، لأنها وسائل تبهر الحيوان ولا تعطيه فرصة للهرب.
وأوضح أن الصيد يكون بالعموم في فترات محددة من سبتمبر إلى ديسمبر، أو في شهري جانفي وجويلية، أين يفتح الصيد لـ 20 يوما تقريبا، من أجل اصطياد طيور السماينة كونها تتواجد بشكل كبير خلال فترة الحصاد.
ويقول المتحدث أيضا، إنه يمنع الصيد أثناء تساقط الثلوج وفي الغابات التي تعرضت للاحتراق قبل مرور 5 سنوات على الأقل، وفي المناطق حديثة التشجير خوفا من تعرضها للتلف وكذا في الليل، بينما يسمح بالصيد القانوني مرة واحدة في الأسبوع.
و يؤكد المتحدث، بأنه لم يتم تسجيل عمليات صيد تهدد بانقراض الحيوانات على مستوى قسنطينة، لكن المؤكد حسبه، هو أن أعداد الطيور في تناقص مستمر، كون الصيادين العشوائيين يصيدون دون حدود، الأمر الذي من شأنه إحداث خلل بيئي يتسبب في ظهور بعض الأمراض.
و أضاف، أنه في مناطق أخرى مثل الصحراء، تم القضاء على الثروة الصيدية فيما يتعلق بالغزال، إلى جانب الاتجار بها و تهريبها نحو الخارج، كما أن هناك مطالب جادة، لسن قوانين تمنع استيراد الحيوانات من بلدان أخرى حتى لا يحدث تلوث جيني للطرائد.
13 جمعية صيد بقسنطينة
وأفاد رئيس الفيدرالية الولائية، المنضوية تحت لواء الفيدرالية الوطنية، بأن قسنطينة تحصي 13 جمعية تنشط في مجال الصيد البري،تتوزع على مستوى كافة البلديات، حيث تقوم الفيدرالية الوطنية، بتنظيم عمليات الصيد البري المسموح بها وفق المرسوم التنفيذي الذي تقره الدولة سنويا و الذي يحدد طبيعة الطرائد مثل الحجلة والأرنب، مع العمل على منع الصيد العشوائي الذي يطال حيوانات المحمية، إلى جانب تكوين الصيادين في إطار دورات تكوينية بالتنسيق مع مديرية الغابات بالعاصمة ومحافظة الغابات بولاية قسنطينة تصل مدتها إلى ثلاثة أيام و يتحصلون بموجبها على شهادة تؤهلهم للحصول على رخصة الصيد، حيث تضم قسنطينة، حوالي 1200 صياد منهم من يحملون رخصة صيد.
كما تقوم الفيدرالية حسب المتحدث، بعمليات تطوعية توعوية وتحسيسية تمس كل بلديات الولاية، إلى جانب الخروج في الحوشات " ما يشبه دوريات" تنظم لتطهير الولاية من الكلاب المتشردة والضالة التي تشكل خطرا على حياة المواطنين، فضلا عن المشاركة في حملات للتقليل من الخنازير المهددة للمحاصيل الزراعية ومشاركة محافظة الغابات في تطهير الغابات وإخماد الحرائق للوقاية منها، وحتى في عمليات الحفاظ على البيئة والتنوع البيئي، وتبليغ الإدارات المكلفة بمراقبة الصيد على غرار محافظة الغابات والدرك الوطني بالعمليات غير القانونية، إلى جانب نثر القمح في الجبال وقت تساقط الثلوج ثلاثة أيام متواصلة لأجل الطيور.
و ذكر من جانبه، رئيس مصلحة حماية الثروة الحيوانية والنباتية و المفتش الرئيسي للغابات على مستوى محافظة الغابات بقسنطينة، معاد بن مقورة، أن محافظة الغابات تتعامل مع الفيدرالية الولائية للصيادين و تقوم بمراقبة سجلات الجرد والحسابات والمداولات والنشاطات والأعضاء بشكل دوري.
نشاط ينظمه القانون 07-04
ويؤكد بن مقورة، أن عمليات الصيد البري منظمة وفق قانون 04-07 المؤرخ في 14 أوت 2004، والذي يحدد المبادئ والقواعد والعقوبات وفترات ومناطق الصيد المرخصة والممنوعة، والوسائل المسموح والممنوع استعمالها في الصيد، والوثائق التي يستوجب على الصياد حيازتها أثناء عملية الصيد.
وحتى يمارس الصياد الذي يملك رخصة حمل السلاح نشاطه بشكل طبيعي، يقول المفتش الرئيسي، إنه يجب عليه الانخراط في جمعية الصيد المتواجدة بالبلدية التابعة لها، والتي تعمل تحت راية فيدرالية الصيادين بولاية قسنطينة، التابعة للفيدرالية الوطنية، بهدف تنظيم النشاط وإعطائه صبغة قانونية.
كما ذكر المتحدث، أن قانون الصيد ينص على وجود شروط يجب أن تتوفر في الصياد ليتمكن من ممارسة نشاط الصيد، منها حصوله على ثلاث وثائق وهي رخصة حمل السلاح ورخصة الصيد، التي تتطلب أن يفوق سنه 18 سنة، وأن يكون سليم البنية ومعافى جسديا وقد اجتاز تكوين الصيادين الذي مدته ثلاثة أيام حيث يتعرف الصياد في الشق النظري من التكوين على طرق تمييز الحيوانات و يلقن قانون الصيد و يتم إطلاعه على العقوبات التي ترتبط بكل مخالفة.
و يتعلم في الجانب التطبيقي، الاسعافات الأولية والإجراءات الأمنية لاستعمال السلاح، ثم يتم تقييمه أربع مرات في السنة كل ثلاثة أشهر، وذلك عند أول يوم مفتوح من مارس وجوان وسبتمبر وديسمبر، والناجحون في الاختبارات الشفوية يتم تأهيلهم لحيازة رخصة الصيد، إضافة إلى إجازة الصيد التي تمنح من طرف محافظة الغابات عند بداية موسم الصيد، وتحتوي على معلومات تخص منطقة الصيد المستأجرة بـ 500 دينار للهكتار الواحد، وكذا عدد الطرائد المسموح بصيدها خلال هذه الفترة وفق ما يتم إحصاؤه من حيوانات.
تحرير 535 رخصة
وقال المتحدث، إنه منذ سنة 2018 تم تكوين 683 صيادا يملكون شهادة تأهيل، و535 يملكون رخصة صيد، فيما ينتظر 136 صيادا دورهم في الحصول على الرخص بعد المصادقة عليها من طرف مصالح الولاية أما الإجازة، فيتم تقديمها للصيادين عند فتح موسم الصيد و تتيح لمالكها الصيد على مستوى الولاية فقط، مشيرا في ذات السياق، إلى أن المصادقة على رخصة الصيد تتم كل سنة، فيما تجدد كل عشر سنوات.
و تطرق بن مقورة، إلى المناطق والفترات التي تعنى بإجراء منع الصيد وفق ما جاء في قانون 04-07، إذ يمنع الصيد في الأماكن التي تكسوها الثلوج لأن الحيوان يعاني هنا من نقص الغذاء وصعوبة في الحركة، كما يمنع الصيد في المناطق غير المؤجرة، وفي الحظائر الثقافية مثل " تيديس و تيمقاد"، وفي مساحات حماية الحيوانات البرية البعيدة، كمحمية الأيل البربري و في الغابات و الأراضي التابعة للدولة غير المؤجرة و حتى في أملاك الغير، و يمنع الصيد عند غلق موسمه القانوني، لأنها فترة تكاثر الحيوانات والطيور " من شهر جانفي إلى غاية فصل الربيع وكذا في الصيف"، إلا شهر جويلية الذي يسمح فيه بصيد السماينة فقط، كما يمنع في الفترة الليلية وقت نوم الحيوان
وأضاف المتحدث، أنه بإمكان الصياد استعمال بنادق و كلاب الصيد والطيور مثل الكواسر المروضة والخيل فيما يمنع منعا باتا استعمال وسائل النقل ذات المحرك كالسيارات والدراجات النارية والطائرات و وسائل القبض، التي من شأنها قتل الطرائد مباشرة كالخيوط والشباك والأطواق والفخاخ، فضلا عن الصمغ والمخدر والمصابيح اليدوية وأجهزة الرمي في الليل وكاتمات الصوت والمتفجرات وغيرها.
أصناف حيوانية جديدة في الجزائر لم يتحدد قرار صيدها
و أوضح أنه توجد أربعة أصناف للحيوانات منها الطريدة وهي المسموح بصيدها كالحجل و السماينة وطائر الدرج، و هناك أصناف محمية يمنع صيدها كطائر الحسون والغزال وغزال الضامة والأيل البربري، و هناك الطرائد سريعة التكاثر و الممكن صيدها مثل الخنزير البري، الذي تنظم المحافظة بأمر من والي الولاية حوشات خاصة لصيده بغية التقليل من أعداد، وهناك أصناف أخرى لم تحدد بعد، لكونها دخلت الجزائر حديثا ولم يتم تصنيفها.
ويؤكد المفتش الرئيسي، أن ممارسة الصيد العشوائي وتوجه الصيادين نحو مناطق تواجد الحيوانات، أدى إلى هروب الطرائد من مواطن عيشها و نزولها إلى المدن وقد بين إحصاء أخر العام الماضي، تسجيل نسبة ضئيلة من الطرائد رغم أن الصيد كان مغلقا في الجزائر لمدة طويلة، و هذا ما يعني حسبه، وجود أشخاص يصطادون الطرائد بشكل عشوائي دون الحصول على تراخيص.
وأضاف، بأن الفرق المتنقلة لمحافظة الغابات تقوم بحماية الثروة الحيوانية، لأنها ضرورية للتوازن الإيكولوجي، حيث تنظم دوريات شهرية وأخرى مشتركة مع الدرك الوطني، للحد من ظاهرة الصيد العشوائي وبالأخص في الفترة الليلية.
مخالفات يعاقب عليها القانون
وقد حدد قانون الصيد 15 عقوبة لكل شخص يرتكب مخالفة أو جنحة، حيث أن عقوبة ممارسة الصيد خارج الفترات المنصوص عليها، تكون من شهرين إلى ثلاث سنوات، وغرامة مالية من 5 إلى 10 مليون دينار، كما يعاقب كل فرد يحاول الصيد دون الحصول على رخصة أو ترخيص، بالسجن من شهرين إلى ستة أشهر وغرامة من 20 ألفا إلى 50 ألف دينار، أما الصيد بإجازة غير صالحة فيلزم الفاعل بدفع غرامة من 10000 إلى 30000 دينار، كما أن ممارسة نشاط الصيد باستعمال وسائل ممنوعة تعد جنحة يعاقب عليها بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات وغرامة من 20000 إلى 50000 دينار.
وأضاف المتحدث، أن ممارسة النشاط في ملك الغير دون ترخيص، جنحة يعاقب عليها القانون بغرامة من 10000 إلى 50000 دينار، أما اصطياد الأصناف المحمية و القبض عليها أو حيازتها أو نقلها أو استعمالها و بيعها أو عرضها أو شرائها أو تحنيطها، فيعاقب عليه بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وغرامة من 10000 إلى 100000 دينار، في حين أن عرض الطرائد الحية والميتة أو جزء منها للبيع أو بيعها أو استيرادها أو نقلها أو بيعها بالتجوال دون رخصة خاصة فيعاقب عليه بمبلغ من 20 ألفا إلى 50 ألف دينار، ويعاقب على نقل عدد من الحيوانات يفوق الحد المسموح بصيده خلال يوم واحد في فترة الصيد، بغرامة من 2000 إلى 10000 دج عن كل طريدة، أما ممارسة المتاجرة بالطرائد خارج فترة الصيد، فعقوبتها الحبس من شهرين إلى ستة أشهر بغرامة من 20 ألفا إلى 100000 دينار مع تسليم الطرائد المحجوزة، إلى جانب دفع غرامة تتراوح بين 10000 إلى 50000 دينار، لكل من يمارس الصيد بدون ترخيص في الأراضي المؤجرة للزراعة أو المستأجرة، و يعاقب على ممارسة الصيد في المساحات الخاضعة لنظام الحماية بالحبس من شهرين إلى سنة و كذا غرامة مالية تتراوح بين 20000 إلى 50000 دينار، مع مصادرة الطريدة والأسلحة المستعملة في القبض عليها، ويعد استعمال العنف أو تهديد الأعوان المكلفين بمراقبة الصيد، جنحة يعاقب عليها وفقا للمادة 284، من القانون العام للعقوبات بالحبس من سنتين إلى 5 سنوات.
كما تعتبر معارضة مراقبة الأشخاص، مخالفة يعاقب عليها بغرامة تتراوح بين 5000 إلى 20000 دينار، وعدم حمل الصياد للرخصة أو الإجازة هي مخالفة عقوبتها من 500 إلى 1000 دينار، كما أن تأجير وإعارة الرخصة أو الإجازة للغير مخالفة يعاقب عليها بغرامة من 10000 إلى 20000 دينار.
- التفاصيل
- الزيارات: 3217
هكذا تُحضّر الجزائر لاكتساب طاقة المستقبل
* إمكانيـــات هائلـــة تثيـــر اهتمــام السوق الأوروبـــي
سرّع التطرف المناخي وما فرضه من حتمية تقليل انبعاثات الكربون، من تحوّل الدول نحو الطاقات النظيفة التي يتوقّع أن يتضاعف الطلب عليها بحلول عام 2030، فيما يعتبر الهيدروجين الأخضر أحد أهم ركائز هذا التوجه العالمي، باعتباره وقودا مستقبليا خاليا من الانبعاثات ومخزنا للطاقة. وقد انتبهت الجزائر إلى أهمية قطاع الهيدروجين النظيف عبر إبرام شراكات استراتيجية لنقل التكنولوجيا والخبرات ودراسة سبل التحوّل إلى فاعل إقليمي رئيسي في المجال، حيث يعتقد المختصون أنه بإمكان الجزائر أن تصبح مصدّرا رئيسيا للهيدروجين إلى أوروبا، بالنظر إلى موقعها الجغرافي والموارد الطبيعية الهائلة والبنية التحتية التي تتوفر عليها.
أعدت الملف: ياسمين بوالجدري
وسط تنافس عالمي محتدم بين الصين وأوروبا ودول القارة الأمريكية، ضمن ما بات يُعرف بـ «سباق الهيدروجين» المتزامن مع اتجاه دول العالم لمصادر الطاقة النظيفة، دخلت الجزائر على الخط بقوة من خلال وضع استراتيجية لخلق مصادر جديدة للطاقة النظيفة، وقد اعتبرت السلطات العليا في البلاد هذا التوجه الجديد بالمهم، خاصة وأن العالم يسير اليوم نحو طاقة الهيدروجين الأخضر.
بديل نظيف للوقود الأحفوري
وفي ظل تزايد مخاطر التغير المناخي وظهور تأثيراته المباشرة على الدول، يزداد الاهتمام العالمي بالطاقة النظيفة للحد من انبعاث الغازات الدفيئة، وقد أورد تقرير لهيئة الأمم المتحدة أن جزءا كبيرا من الغازات الدفيئة التي تحيط بالأرض وتحبس حرارة الشمس من خلال إنتاج الطاقة، يتم توليدها عن طريق حرق الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء والحرارة.
ويسبب الوقود الأحفوري أكثر من 75 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية وحوالي 90 في المائة من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تطالب هيئة الأمم المتحدة بخفضها بمقدار النصف تقريبا بحلول عام 2030 والوصول بها إلى مستوى الصفر عام 2050 من خلال الاستثمار في مصادر بديلة للطاقة تكون نظيفة ومتاحة وفي المتناول، وكذلك مستدامة وموثوقة.ولا يزال الوقود الأحفوري يمثل أكثر من 80 في المائة من إنتاج الطاقة العالمي، لكن مصادر الطاقة الأنظف تزداد حضورا، فحوالي 29 بالمائة من الكهرباء تأتي حاليا من مصادر متجددة، بحسب تقرير أممي، كما أن تكاليف تكنولوجيات الطاقة المتجددة تنخفض بسرعة، سواء تعلق الأمر بالكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية أو الرياح البرية والبحرية.
ما هو الهيدروجين الأخضر؟
ويعتبر الهيدروجين أصغر وأبسط جزيء، لكنه يتمتع بإمكانات هائلة بوصفه وقودا نظيفا يمكن استخدامه في إحداث تحول الطاقة العالمي، فهو ناقل طاقة متعدد الاستخدامات، ويمكن إنتاجه من جميع موارد الطاقة تقريبا. وتتمثل عملية إنتاج الهيدروجين التقليدية، في تعريض الوقود الأحفوري للبخار، ويُطلق عليه الهيدروجين الرمادي، وفي حال عزل ثاني أكسيد الكربون عنه، يُعرف بالهيدروجين الأزرق، أما الهيدروجين الأخضر فيتم إنتاجه عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام آلات تعمل على تحليل الماء إلى عنصرَي الهيدروجين والأكسجين، دون أية انبعاثات، وهي آلات يمكن أن تشتغل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.ويمكن استخدام الهيدروجين الأخضر لتشغيل المركبات أو إنتاج الكهرباء أو توليد الحرارة، وقد يكون مادة خام أولية أو وحدة أساسية في المنتجات الكيميائية الأخرى، مثل الأمونيا والميثانول، وهو أيضا ناقل للطاقة خال من الكربون، يُتوقع أن يكون له دور مهم في تحقيق الانبعاثات الصفرية الصافية بحلول منتصف القرن.
ارتفاع الطلب إلى 115 مليون طن بحلول 2030
ويُظهر تقرير نشرته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة قبل بضعة أشهر، أن الطلب على الهيدروجين بلغ 94 مليون طن في عام 2021، بما يعادل حوالي 2.5 بالمئة من الاستهلاك النهائي العالمي للطاقة، كما يمكن أن يصل إلى 115 مليون طن بحلول عام 2030، رغم أن أقل من 2 مليون طن ستأتي من الاستخدامات الجديدة، وسط حاجة إلى اتخاذ إجراءات أسرع للوصول إلى هدف صافي الانبعاثات الصفرية بحلول 2050، خصوصا في قطاعات الصناعات الثقيلة والشحن والطيران والنقل الثقيل، فيما تضاعفت قدرة تصنيع أجهزة التحليل الكهربائي المستخدمة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، منذ العام الماضي، لتصل إلى ما يقرب من 8 جيغاوات في السنة، كما أن 90 في المائة من كهرباء العالم يمكن أن تولد من الطاقة المتجددة مع منتصف القرن الحالي. ونشرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة تقريرا تحت عنوان «هل يمكن أن تؤدي طفرة الهيدروجين الأخضر إلى طاقة متجددة إضافية بحلول عام 2026؟»، وذكرت فيه أن غالبية المشاريع المخطط لها موجودة في محطات الرياح الهجينة والطاقة الشمسية الكهروضوئية والبطاريات، كما أعلنت الشركات والدول الكبرى عن خطط لتوسيع الهيدروجين الأخضر خلال العقدين المقبلين، وتم على الصعيد العالمي، الإعلان عن ما يقارب 30 مليار دولار أمريكي من الإعانات الحكومية بهذا القطاع، فيما تبرز تحديات تمويلية تتعلق ببرمجة المشاريع، إذ تظل تكلفة إنتاج الهيدروجين من الكهرباء المتجددة أعلى من بدائل الوقود الأحفوري، ما يجعل تطوير سعة جهاز التحليل الكهربائي أمرا أساسيا لتخفيض التكلفة.
توجه لخلق مصادر جديدة للطاقة النظيفة
وفي هذا الإطار، يعتقد خبراء أن الجزائر قادرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكاليف جد تنافسية في وجود نسيج صناعي لإنتاج الهيدروجين والأمونيا، وهو ملف استراتيجي بالنسبة للأمن الطاقوي للجزائر على المدى البعيد، وقد تم إدراجه للدراسة من قبل المجلس الأعلى للطاقة الذي تم إنشاؤه في أفريل 2022 من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
ومن مهام المجلس متابعة وتقييم تنفيذ المخططات ذات المدى البعيد لتطوير الهياكل القاعدية لاستحداث الطاقات الجديدة والمتجددة، و «وضع الاستراتيجيات الواجب إتباعها في ما يتعلق بالانتقال الطاقوي نحو نموذج وطني جديد لإنتاج واستهلاك الطاقة حسب الموارد الطاقوية والمنجمية الوطنية والالتزامات الخارجية والأهداف الاستراتيجية بعيدة المدى للبلاد»، وفق ما جاء في الجريدة الرسمية.
وضمن هذا المسعى، أعلنت شركة سوناطراك شهر جانفي الماضي، عن التوقيع على مذكرتي نوايا استراتيجيتين مع «إيني» الإيطالية، خلال زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية للجزائر، وذلك لتحديد المشاريع المشتركة المستقبلية المتعلقة بإمدادات الطاقة والانتقال الطاقوي وتحييد الكربون، مع رفع قدرة نقل الغاز الحالية عبر مد خط أنابيب جديد لنقل الغاز الطبيعي والهيدروجين والأمونيا الزرقاء والخضراء بالتناوب.
وفي نهاية العام الماضي، وقّع مجمع سوناطراك الذي يمتلك تجربة في إنتاج الهيدروجين الرمادي، على مذكرة تفاهم مع شركة الغاز الألمانية «في أن جي- آ جي»، من أجل دراسة إنجاز مشاريع في مجال الهيدروجين والأمونيا الخضراء بهدف تصديرهما نحو ألمانيا وكذا دراسة إمكانيات التخزين والنقل، وهو اتفاق يدخل ضمن أول مشروع نموذجي لإنتاج الهيدروجين الأخضر بطاقة تقدر بـ 50 ميغاواط.
وسيسمح هذا الاتفاق الاستراتيجي بتحويل التكنولوجيا والخبرات الألمانية لفائدة الإطارات الجزائرية من أجل التمكن من الانتقال إلى مرحلة الإنتاج التجاري لكميات أكبر من الهيدروجين الأخضر ابتداء من سنة 2030، وانطلاق التصدير نحو أوروبا، خصوصا أن الأخيرة سوق واعد يتجه لتنويع مصادر الطاقة في ظل أزمة الطاقة التي تشهدها بفعل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
موارد كبيرة وتوفُر للمنشآت قاعدية
ويجري التحضير لورقة طريق وطنية لاستراتيجية تطوير الهيدروجين في الجزائر، من طرف مجموعة عمل تضم عددا من الوزارات المعنية، وقد تم استحداث هذه المجموعة في نوفمبر 2021 تنفيذا لتعليمات الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، وينتظر منها إعطاء رؤية أوضح للسياسات والتنظيمات والإجراءات التحفيزية لصالح هذا القطاع.وتتوفر الجزائر على موارد هائلة من الطاقة الشمسية التي تستخدم في إنتاج الهيدروجين الأخضر، فأكثر عن 75 بالمئة من مساحتها تتلقى كل ساعة ما يفوق 2400 كيلواط من الطاقة الشمسية للمتر المربع الواحد، بما يكفي لاستعمال سنة كاملة من جميع أنواع الطاقة، بحسب الخبراء.
وتتمتع الجزائر أيضا بمنشآت قاعدية وشبكات واسعة ومندمجة لنقل الكهرباء والغاز عبر البحر الأبيض المتوسط انطلاقا من موقعها الاستراتيجي، وتتوفر كذلك على احتياطيات كبيرة من المياه، وعلى قدرات كبيرة في البحث والتطوير، إضافة إلى خبرتها الطويلة في التكنولوجيات المستخدمة في إنتاج الهيدروجين وشراكاتها مع الشركات العالمية، ما يسمح بالاندماج السريع في الديناميكيات الإقليمية لتطوير الهيدروجين.
* الخبير الاقتصادي البروفيسور مراد كواشي
خبرة سوناطراك تسمح للجزائر بتصدر سباق الهيدروجين
وفي هذا الصدد، يثمن الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، البروفيسور مراد كواشي، اتجاه الجزائر للاستثمار في الهيدروجين الأخضر وإبرام اتفاقات عديدة مع دول آخرها إيطاليا، مضيفا أن الاستثمار في الطاقات البديلة والمتجددة مهم جدا على غرار الطاقة الشمسية في صحراء الجزائر والتي سوف تكون في المستقبل «بطارية أوروبا».
ويتابع الخبير الاقتصادي في حديثه للنصر، بأن هناك توجها عالميا نحو الطاقات البديلة والمتجددة، وهو حتمية تفرض على الجزائر التحول نحو الهيدروجين الأخضر، كما أشاد بالأوامر التي أسداها رئيس الجمهورية منذ أشهر، بخصوص ضرورة التوجه نحو استغلال هذا المورد الهام والذي يعتبر مستقبل الطاقة البديلة في الجزائر، مردفا بالقول «الطاقات الأحفورية من غاز أو بترول ستنضب يوما ما، لذلك يجب التفكير بجدية في الطاقات المتجددة والتي يأتي على رأسها الهيدروجين الأخضر». ويرى البروفيسور كواشي أن الاستثمار في الهيدروجين الأخضر من شأنه تحقيق مكتسبات اقتصادية هامة جدا للجزائر على المديين المتوسط والبعيد، مؤكدا في الوقت ذاته أن بلادنا أمام رهانات هامة وكبيرة لتحقيق «المزيج الطاقوي»، فهي معنية، مثلما أكد، بزيادة إنتاج الطاقات التقليدية والأحفورية من غاز وبترول للوفاء بالتزاماتها اتجاه الشركاء الأوروبيين واغتنام فرصة ارتفاع الأسعار نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، ومن جهة ثانية، يجب وضع استراتيجية استشرافية لاستغلال الطاقات المتجددة وعلى رأسها الهيدروجين الأخضر، وكذلك الطاقة الشمسية والغاز الصخري.
ويعتقد الخبير الاقتصادي بأنه ينبغي عدم إغفال الاهتمام بالطاقات المتجددة باعتبارها «مستقبل الأمن الطاقوي الذي لا يقل أهمية عن الأمن العسكري والأمن الغذائي»، يحدث ذلك حسبه، وسط تسابق عالمي ومنافسة شرسة لاستغلال وإنتاج الهيدروجين الأخضر، حتى من دول عربية كالسعودية ومصر.
ويضيف كواشي بأن الجزائر يجب أن تكون في مقدمة هذا السباق، على اعتبار الخبرة التي تكتسبها في هذا المجال، خاصة شركة سوناطراك التي تعتبر من كبريات شركات الطاقة عالميا بالنظر إلى الخبرة والتكنولوجيا والإمكانيات البشرية الهائلة التي تتوفر عليها وتجعلها مطالبة بأن تكون حريصة على الاستثمار في الطاقات المتجددة وأولها الهيدروجين الأخضر، يختم الخبير الاقتصادي.
ي.ب
الخبير الدولي في الطاقات المتجدّدة محمد غزلي
الهيدروجين الأخضر مستقبل الطاقة العالمي والجزائر تتوفر على إمكانيات هائلة
يعتقد الخبير الدولي في الانتقال الطاقوي وتكنولوجيات الطاقات المتجددة، محمد غزلي، أن اقتصاد الهيدروجين سوف يصل قريبا إلى منازلنا، باعتباره يوفر حلولا نظيفة وفعالة في قطاعات مهمة كالنقل وتوليد الكهرباء والتدفئة، متوقعا أن يزداد الطلب عليه ليصل إلى 600 ميغا طن سنويا بحلول عام 2050، كما يؤكد غزلي العامل بمركز بحث وتطوير في شركة مختصة بألمانيا، أن الهيدروجين الأخضر الذي قال إن الجزائر تتوفر على إمكانيات هائلة لإنتاجه، سوف يلعب دورا خاصا في هندسة الطاقة في المستقبل، ما يتطلب وضع استراتيجية مدروسة للبنية التحتية والعمل على خفض تكاليف هذا الاستثمار النظيف الذي يساهم في الحماية من تأثيرات التغيّر المناخي.
حاورته: ياسمين بوالجدري
في البداية، هلا شرحت ما هو الهيدروجين الأخضر وما الذي يجعل منه ذهب المستقبل مثلما يصفه الخبراء؟
الهيدروجين هو العنصر الأكثر شيوعًا في الكون، وهو الأخف وزناً من بين جميع الغازات، كما أنه ليس سامًا، وليس أكالًا، ولا يشتعل ذاتيًا، ويحترق في بخار الماء دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون.
يحتوي الهيدروجين على كثافة طاقة منخفضة، نظرًا لوزنه المنخفض للغاية مقارنة بالميثان، لكن قيمته الحرارية أعلى بكثير عند حوالي 33 كيلو واط في الساعة، حيث يلزم حوالي 55 ميجاوات في الساعة من الطاقة الكهربائية لتوليد طن واحد من الهيدروجين.
لهذه الأسباب يعتبر الهيدروجين الأخضر صديقا للبيئة
يمكن نقل الهيدروجين بكميات كبيرة في خطوط الأنابيب وتخزينه في مرافق تخزين الغاز، أما إذا كان مصدرا للطاقة، فيمكن استخدامه في الصناعة ومن قبل المستخدمين النهائيين في خلايا الوقود لتطبيقات التنقل والتدفئة أو لتوليد الكهرباء في التوربينات.
الهيدروجين الأخضر كذلك بمثابة مادة خام ومورد للعديد من التطبيقات الصناعية ويمكن توليده بطرق مختلفة، والعمليتان الأكثر شيوعا لإنتاجه هما التحليل الكهربائي للماء القلوي والتحليل الكهربائي بغشاء البوليمر بالكهرباء.
لماذا يُعتبر صديقا للبيئة؟
يوفر الهيدروجين الأخضر إمكانية إزالة الكربون بشكل دائم من مشهد الطاقة والامتثال للأهداف المناخية من خلال إنتاجه الخالي تماما من ثاني أكسيد الكربون، إذا علمنا أنه يتم إنتاج قرابة تسعة أطنان من ثاني أكسيد الكربون لإنتاج طن واحد من الهيدروجين من الميثان.
ينتج عن إنتاج غاز الهيدروجين من الغاز الطبيعي وهي الطريقة السائدة حاليًا، انبعاثات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري، وعلى النقيض من ذلك، لا يطلق الهيدروجين من مصادر الطاقة المتجددة ثاني أكسيد الكربون، وبذلك يقدم الهيدروجين الأخضر مساهمة مهمة في حماية المناخ.
ما الفرق بينه وبين بقية أنواع الهيدروجين؟
الهيدروجين الأزرق هو المنتَج بالوقود الأحفوري، مثل الغاز الطبيعي، حيث يتم التقاط ثاني أكسيد الكربون الناتج أثناء عملية إنتاج الهيدروجين وفصله وتخزينه تحت الأرض، أما الهيدروجين الأخضر فيأتي بواسطة التحليل الكهربائي للماء على أساس الطاقة المتجددة. الهيدروجين الرمادي هو الشكل الأكثر شيوعا لإنتاج الهيدروجين، ويتكون الرمادي من الغاز الطبيعي، أو الميثان، باستخدام إعادة تشكيل بخار الميثان ولكن دون التقاط الغازات الدفيئة الناتجة عن العملية.
العالم ينتج سنويا 75 مليون طن
ماذا عن تكاليف الإنتاج، هل هي أقل مقارنة بالوقود؟
نعم، إنتاج وقود الهيدروجين أرخص منه في البنزين. بالإضافة إلى ذلك، فإن المنتج الوحيد لوقود الهيدروجين هو الماء النقي، مقارنة بثاني أكسيد الكربون الضار الناجم عن محركات الاحتراق الداخلي في العملية التقليدية.
يتم إنتاج حوالي 75 مليون طن من الهيدروجين سنويا في جميع أنحاء العالم، نسبة 95 بالمئة منها في المصافي وتوجه لصناعة الأسمدة ومصانع البتروكيماويات كمواد خام لمزيد من المعالجة في مختلف فروع الصناعة. بصرف النظر عن الصناعات المتخصصة، فإن الهيدروجين غير مستخدم حتى الآن على نطاق أوسع كمصدر للطاقة.
ترتبط تكلفة الإنتاج ارتباطا مباشرا بتكلفة الكهرباء من المصادر المتجددة، لذلك فهي المحرك الرئيسي لخفض تكاليف الإنتاج، إذ يتوقع الخبراء أن تستمر في الانخفاض حيث تصل كلفة الطاقة الشمسية إلى 10 دولارات لكل ميغاواط في ساعة، ومن المتوقع كذلك أن تنخفض تكاليف أجهزة التحليل الكهربائي بشكل كبير بمرور الوقت.
إذن، ما المطلوب اليوم لجعل الهيدروجين الأخضر أكثـر استخداما كمصدر للطاقة؟
لجعل الطاقات المتجددة قابلة للاستخدام عالميا بمساعدة الهيدروجين الأخضر، يلزم وجود بنية تحتية لشبكة التخزين والنقل يمكنها تلبية احتياجات الأشغال والاستهلاك بشكل فعال وموثوق بغض النظر عن كيفية توليد الهيدروجين.
لبنة أساسية لإزالة الكربون من الاقتصاد العالمي
هناك العديد من العمليات التقنية لهذا الغرض، على سبيل المثال أن يكون الهيدروجين كغاز في حاويات عالية الضغط، أو كغاز مسال في حاويات معزولة حراريًا، أو معالجته لاحقا إلى ميثانول أو أمونيا في صورة سائلة، أو مذاب كيميائيًا في وسط ناقل باستخدام ما يسمى ناقل الهيدروجين العضوي السائل.وخلافا للاعتقاد الشائع، فإن كثافة طاقة النقل للهيدروجين أقل قليلاً من كثافة الغاز الطبيعي، لذلك فإن التحول من الغاز الطبيعي إلى الهيدروجين له تأثير ضئيل على قدرة خط الأنابيب على نقل الطاقة.
يعيش العالم اليوم تسابقا لإنتاج الهيدروجين خصوصا في ظل التهديدات المناخية التي تفرض أكثـر التوجه نحو الطاقات النظيفة. ما قراءتك للمشهد؟
الهيدروجين هو لبنة أساسية لإزالة الكربون من الاقتصاد العالمي في سياق حماية المناخ، ويظهر بشكل متزايد كحامل طاقة محتمل محايد مناخيا، حيث تخطط العديد من الحكومات وصناع القرار لتوسيع البنية التحتية والدخول في شراكات استراتيجية ووضع أهداف واضحة من أجل دمج الهيدروجين في جميع مجالات الاقتصاد وجعله قادرا على المنافسة.
صناعة الهيدروجين لا تؤثر على الأمن المائي
لقد حدد الاتحاد الأوروبي مؤخرا أهدافه المناخية بشكل كبير، والمزيد من البلدان والشركات في جميع أنحاء العالم تبذل جهودا للحد بشكل كبير من انبعاثاتها. في ألمانيا مثلا، ينصب التركيز على الصناعات الكيميائية والبتروكيماوية وإنتاج الصلب، وكذلك على الشاحنات والحافلات والطيران، بينما تركز فرنسا على استبدال الهيدروجين القائم على الكربون في القطاعات الصناعية القائمة مثل التكرير والمواد الكيميائية والصناعات الزراعية، كما تهدف إلى تنفيذ مشاريع رائدة في قطاعي الملاحة البحرية والطيران، ويريد كلا البلدان أن يصبحا المنتجين الرئيسيين لأجهزة التحليل الكهربائي.
من المتوقع أن يزداد الطلب المحلي السنوي على الهيدروجين، وهو مصدر الجيل التالي من الطاقة النظيفة، إلى 1.94 مليون طن في عام 2030 وأكثر من 5.26 مليون طن في 2040.
ما هي أهم الاستخدامات العالمية للهيدروجين حاليا وإلى أي حد تتطور تطبيقاته؟
تستأثر المصافي والصناعات الكيماوية بأكبر حصة من الاستخدام بحوالي 85 بالمئة، ومن هذه النسبة، يُستخدم ما يقرب من 30 إلى 40 بالمئة في عمليات المصفاة، و 25 بالمئة في إنتاج الأمونيا و20 بالمئة في إنتاج الميثانول، في حين تساهم الصناعات التمثيلية الأخرى مثل صناعة الزجاج وأشباه الموصلات وإنتاج البلاستيك ومعالجة المعادن وصناعة الأدوية بأقل من 1 بالمئة في استخدام الهيدروجين. خاصية الهيدروجين لتخزين الطاقة المتجددة بكفاءة عالية واستخدامها بطريقة صديقة للبيئة بعيدا عن مولد الطاقة، تجعله أحد أهم التطبيقات المستقبلية في مجال التنقل، عبر الاحتراق المباشر في المحركات العادية كبديل للبنزين والديزل، واستخدام خلايا الوقود وتحويل الهيدروجين الأخضر إلى وقود اصطناعي لاستخدامه في محركات الاحتراق.
يمكن أيضا تحويل الهيدروجين الأخضر مرة أخرى إلى كهرباء باستخدام الطرق المعتادة لتوليد الكهرباء للغاز الطبيعي، أي في توربينات الغاز أو محطات توليد الطاقة ذات الدورة المركبة أو بمحركات الاحتراق، لاسيما في أوقات زيادة الطلب على الكهرباء وانخفاض إنتاج الكهرباء المتجددة، مع ذلك، لا تزال هناك حاجة لمزيد من البحث من أجل تقليل التكاليف وجعل الهيدروجين الأخضر متاحا بسعر أرخص.
أحد أهم التطبيقات المستقبلية في مجال النقل
يُعتبر الماء شرطا ضروريا في إنتاج الهيدروجين الأخضر. هل تتطلب هذه العملية كميات كبيرة من المياه وبجودة معينة؟
هناك ثلاثة أنواع من الماء المستخدم في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهي الماء عالي النقاوة المستخدم كمادة وسيطة للمحلل الكهربائي، مياه التبريد والماء الخام. تختلف كمية المياه عالية النقاوة المستخدمة في التحليل الكهربائي عن الخام المستخرجة من البيئة، والجودة تختلف كذلك.
ويحتاج المحلل الكهربائي إلى تحويل 9 لترات من الماء النقي جدا إلى 1 كيلوغرام من الهيدروجين، ويمكن الحصول على هذه المياه من عدة مصادر، في حين أن معظم المشاريع التي نراها اليوم تستخدم شبكة مياه الشرب، لكن مع زيادة حجم مصانع الهيدروجين، يصبح هذا المشروع غير مستدام، وبالتالي يجب الحصول عليها من مكان آخر. مصادر المياه الخام الأكثر شيوعا لمشاريع الهيدروجين واسعة النطاق هي المياه الجوفية، معالجة مياه الصرف الصحي ومياه البحر.
عموما لا تؤثر صناعة الهيدروجين سلبا على الأمن المائي أو الصناعات المائية الثقيلة الأخرى، حيث يتضمن إنتاجه من الموارد المتجددة التحليل الكهربائي للماء، بتقسيم الشحنة الكهربائية لجزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين.
أما المخاوف بشأن ندرة المياه العذبة فتتطلب تخفيضات في استخراج المياه، لذلك ينبغي الاستفادة من موارد المياه المالحة الواسعة للأرض. من الضروري كذلك أن نحدد بدقة المتطلبات المائية الحقيقية لتقنية التحليل الكهربائي، دون التأثير على احتياجات المياه للبنية التحتية الحالية غير المتجددة.
تتوفر الجزائر على بنية تحتية وطاقة شمسية هائلة تسمح لها بالدخول بقوة في سباق الهيدروجين وقد أعلنت السلطات عن خطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ووقعت اتفاقيات شراكة مع عدد من الدول آخرها إيطاليا. ما رأيك في هذه الإجراءات وما المطلوب لتحقيق نمو أكبر لسوق الطاقات المتجددة؟
لقد تم وضع خرائط طريق شاملة وقطاعية في إطار شراكة الطاقة الجزائرية الألمانية والإيطالية من أجل تحديد الإمكانات التقنية والتجارية لتقنيات الطاقة والتصدير والصناعات ذات الصلة في الجزائر، وتقديم خارطة طريق لتأسيس صناعة طاقة متجددة شاملة في الجزائر خلال العقود القادمة في أفق 2030 و 2050، بما في ذلك تقييم جدواها ومواءمة تنميتها القطاعية.
تحتاج الجزائر إلى تغيير جوهري في عدة مجالات من أجل تلبية الزيادة في الطلب على الطاقة بما يتماشى مع نمو الناتج المحلي الإجمالي والسكان ومع تلبية أهداف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في البلاد كجزء من اتفاقية باريس، ويشمل ذلك على سبيل المثال، الكهرباء والنقل نحو استخدام مصادر طاقة أنظف.
حلول في قطاعات التدفئة والكهرباء
سيكون تنويع مصادر الطاقة ضروريا لضمان مرونة العديد من القطاعات، وأفضل طريقة لتحقيق ذلك هي زيادة حصة الطاقات المتجددة، وإنتاج الهيدروجين أو مشتقاته، والترويج للسياسات الداعمة في هذا المجال.
لا بد أيضا من تحديد خارطة طريق الهيدروجين الأخضر والإجراءات التي يجب اتخاذها، بما يساهم في إزالة الكربون عن العديد من القطاعات وتقليل الاعتماد المحتمل على الواردات في المستقبل، وبالتالي تحقيق الأهداف الوطنية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مع وجوب ملاءمة احتياجات الاستثمار الجزائرية لسياسات القروض الخضراء المحتملة من المؤسسات المالية المحلية أو الدولية، وسيسمح الإنتاج المستدام للهيدروجين بالتصدير إلى الاتحاد الأوروبي مما سيزيد من حصة الصادرات غير الهيدروكربونية.
ما تقديرك للإمكانيات التي تتوفر عليها الجزائر في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر؟
تتوفر الجزائر على إمكانات هائلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وبعض مشتقاته، ويرجع ذلك إلى الإمكانات الجيدة للطاقة المتجددة، لاسيما الخلايا الكهروضوئية، كما توجد في الجزائر بنية تحتية كبيرة لإنتاج أو استخدام أو تصدير الوقود الأحفوري، والذي يمكن استخدامه بنجاح، على الأقل جزئيا، في صناعة الهيدروجين الأخضر، ومنها خطوط الأنابيب الخاصة بتصدير الغاز الطبيعي.يمكن في بعض القطاعات الصناعية القائمة، مثل المصافي أو على وجه الخصوص قطاع الكهرباء، استخدام الهيدروجين الأخضر على المدى القصير، وفي أفق 2030 سيكون قطاع النقل، القطاع المحتمل آخر لاستخدام الهيدروجين الأخضر.
إنتاج الأمونيا الخضراء كمشتق من الهيدروجين يبدو واعدا كذلك، فباعتبارها جزيئا خال من الكربون، اكتسبت اهتماما عالميا كبيرا لأنها مرشحة مستقبلا للانتقال نحو الطاقة المتجددة، ولقد تم تطوير العديد من تطبيقات الأمونيا كوقود لتوليد الطاقة، والنقل الثقيل، وتخزين الطاقة النظيفة، حيث يتم إنتاج الأمونيا الخضراء حصرا من الطاقة المتجددة، عبر جمع النيتروجين من الهواء والهيدروجين.
مع توقع زيادة الطلب العالمي على الهيدروجين، ما هي أكبر التحديات التي تواجه هذا السوق الواعد؟
بوجود المزيد من البلدان التي تجعل الهيدروجين جزءًا من أجندة الطاقة الخاصة بها، يمكن أن يصل اقتصاد الهيدروجين قريبا إلى منازلنا، مما يوفر حلولا نظيفة وفعالة وخالية من الكربون للنقل وتوليد الكهرباء والتدفئة المركزية وحتى الطهي.يتمثل التحدي الأكبر حاليا في تحديد تطبيقات الهيدروجين، فالتكنولوجيا تتطور بوتيرة سريعة، مع ذلك، هناك عدد قليل من المشاريع التجارية، كما يصعب على بعض القطاعات، مثل صناعة الصلب أو الكيماويات أو النقل، تحقيق أهداف المناخ والانبعاثات بدون غاز.
ي.ب
- التفاصيل
- الزيارات: 2962
أكد خبراء في المناخ و مختصون في البيئة و الصحة للنصر، أنه تم خلال الشهر المنقضي، تسجيل سابع أعلى معدل للحرارة خلال فصل الشتاء منذ سنة 1902، و يعد شتاء هذه السنة الأسخن منذ 76 سنة، كما أكده متابعون، قالوا بأن للأمر انعكاسات مباشرة على الغطاء النباتي و دورة حياة الحيوان، صحة الإنسان. وقال المختصون، بأن استمرار شح الأمطار و تجاوز درجات الحرارة للمعدل الفصلي هذا الموسم، قد يضاعف احتمال حدوث جفاف حقيقي، وفصلوا في أسباب الظاهرة التي ترتبط بمرتفع جوي قادم من المحيط الأطلسي يتمركز منذ مدة في شمال إفريقيا، كما حذروا من تبعات الانبعاثات الغازية و مخاطر النفايات وأشكال التلوث على المناخ والمحيط و تأثيرات كل ذلك على أشكال الحياة في الكوكب.
أسماء بوقرن
* الباحث خالد فوضيل مختص في البيئة
تطرف مناخي لم يسجل منذ أكثر من نصف قرن
أوضح خالد فوضيل، أستاذ و باحث في البيئة من جامعة قسنطينة 03، بأن تحديات المناخ أًصبحت واقعا حقيقيا نعيش مظاهره يوميا، ففي شهر ديسمبر الفائت تم تسجيل سابع أعلى معدل لدرجات الحرارة منذ سنة 1902، بلغ 21 درجة مئوية، كما تعد سنة 2020 الأكثر جفافا منذ عقود و ذلك لغياب تساقط الأمطار و ارتفاع درجات الحرارة، فيما يصنف شتاء 2022 على أنه الأسخن منذ سنة 1947، و هي علامات قصوى تدل على التطرف المناخي غير المسبوق، فهناك حسبه بلدان تشهد انخفاضا قياسيا لدرجات الحرارة فيما تعرف أخرى ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة الموسمية، في مؤشر على وجود تذبذب مناخي و اختلاط في الفصول، بحكم أننا بتنا نرصد ظواهر الربيع أثناء الشتاء.
و أشار الباحث، إلى أن الوضعية الجوية التي نعيشها اليوم كانت متوقعة، و سبق للخبراء أن حذروا منها و هناك تقارير تنبأت ببلوغ هذه المرحلة، كتقرير الأمم المتحدة لسنة 2022، الذي جاء فيه « بأن الجزائر ستعاني من ندرة المياه، كما تم تصنيفها ضمن 25 بلدا إفريقيا سيعاني من ندرة المياه و غياب تساقط الأمطار»، كما أطلق تقرير لخبراء في المناخ تابعين لمنظمة غير حكومية تشرف عليها الأمم المتحدة صافرة الإنذار قبل مدة و سمي بـ «تقرير الفرصة الأخيرة» و تحدث عن التحديات المناخية التي سيشهدها العالم و تنبأ بأن أكثر من 205 مليون نسمة سيتعرضون لموجات حرارة تؤدي إلى الوفاة، و تسجيل زيادة بـدرجتين مئويتين في درجة حرارة الكوكب أو الغلاف الجوي عوض 1.5 درجة مئوية، و نتجه حاليا حسب المتحدث، إلى زيادة بـ 1.8 إلى 2 درجة مئوية، على المعدل العام في درجة حرارة الكوكب.
و بخصوص آثار التغير المناخي و عدم تلاؤم درجات الحرارة مع الحرارة الفصلية على البيئة و الحيوان و الغطاء النباتي قال، إنه في حال تواصل هذا التغير المناخي سيتراجع المحصول الزراعي بنسبة تتراوح بين 15 إلى 20 بالمئة، ما سيؤثر على المواد ذات الاستهلاك الواسع كالقمح و الشعير والبن، وسيؤدي ذلك إلى هجرة الحيوانات بحثا عن مناطق ذات درجة حرارة مناسبة، و اضطراب الدورة الحيوانية التي ستتغير بتغير دراجات الحرارة، لأن مواسم التكاثر لها أوقات معينة في كل فصل، كما تؤثر على نوعية التكاثر و مناعة الحيوان، و تسبب تذبذبا في الحياة خاصة في فترة السبات لدى بعض الحيوانات، لأنها فترة مرتبطة أساسا بدرجات الحرارة، ما سيتسبب في تأثر رهيب على حياة الحيوان و ظهور أمراض و أوبئة غير معروفة.
وأضاف الباحث للنصر، بأن تأثير تغير المناخ سيؤدي إلى اختلال التوازن الإيكولوجي، إذ تتأثر دورة حياة النبات خاصة بفترات ظهور الأزهار و خروج البراعم و عدم سقوط الأوراق في وقتها، ما يؤدي إلى تذبذب نمو الأشجار و تصبح النبتة و الشجرة أقل مقاومة و معرضة للحساسية، و هو ما تم تسجيله تقريبا في ولايتي جيجل و بجاية، أين انقرضت أصناف معينة من الأشجار بسبب نقص المياه.
وعليه، فإننا نعيش كما أوضح، حالة من حساسية الغطاء النباتي و الدليل أن الأشجار أصبحت سريعة الاحتراق، كما تم تسجيل موت خلايا النخل بسبب نقص المياه، مضيفا، بأن ارتفاع الحرارة سيؤثر كذلك على الثروة السمكية، بفعل ارتفاع درجة حرارة البحار و المحيطات، لأنه عند ارتفاع درجة الحرارة إلى معدل غير فصلي، فإن هناك أصنافا من الحيوانات تغير أماكن عيشها و قد تبتعد كليا عن الساحل و تتجه نحو الأعماق بحثا عن درجات حرارة منخفضة، و هذا ما يتسبب في زيادة تكلفة صيد الأسماك و تعرضها للأمراض، كما يؤثر حتى على التكاثر الذي يتطلب درجة حرارة معينة و بالتالي تراجع الثروة السمكية.
* باسم شلي رئيس قسم التنبؤات بالأرصاد الجوية
ارتفاع معدل الحرارة الفصلي هذا الموسم
قال باسم شلي رئيس قسم التنبؤات بالمديرية الجهوية للديوان الوطني للأرصاد الجوية، بأنه تم تسجيل ارتفاع في معدل درجة الحرارة الفصلي هذا الموسم، مؤكدا بأن ارتفاع درجات الحرارة عن المعدل الفصلي، وبداية مظاهر الجفاف، هي ردة فعل للغلاف الجوي تجاه الغازات و النفايات التي يتسبب العامل البشري في انتشارها.
وأوضح المتحدث، بأن الوضعية المناخية التي نعيشها غير طبيعية، لأن درجة الحرارة المسجلة فوق المعدل الفصلي، وقد بلغت منذ بداية الشتاء ما بين 18 إلى 20 درجة، و وصلت أحيانا إلى 25 درجة مئوية في ولايات الشرق، في حين يفترض أن لا تتجاوز 12 إلى 15 درجة كمعدل فصلي بالشرق الجزائري، مع تشكل سحب و سقوط أمطار و فترات قليلة فقط للصفاء، لكننا سجلنا على مدار عشرة أيام متتالية سماء صافية تماما فيما يكون الجو باردا صباحا و ليلا و يرتفع إلى معدل غير طبيعي نهارا، ما يضطرنا إلى تقليل اللباس و يتسبب في تعرض البعض للمرض.
وسبب هذه الوضعية الجوية الحالية كما أوضح هو مرتفع جوي يسجل عادة في فصل الشتاء، نزل و استقر في شمال إفريقيا، رغم أنه يفترض أن يتمركز في المحيط الأطلسي و يحدث اضطرابات جوية بمحيط البحر الأبيض المتوسط و شمال إفريقيا، ولذلك فإن تغيير مركزه هو ما تسبب في عرقلة تسرب الهواء مرجعا سبب استقرار المرتفع الجوي في غير مكانه إلى التغيرات المناخية.
و بخصوص توقعات أحوال الطقس للأيام القادمة، قال رئيس قسم التنبؤات بالمديرية الجهوية للديوان الوطني للأرصاد الجوية، بأن هناك اضطرابا جويا و تساقطا قليلا للأمطار يومي 3 و 4 جانفي، على مناطق الغرب الجزائري، بفعل ضعف قوة المرتفع الجوي و هو مؤشر على قدوم اضطرابات جوية محتملة، مع ذلك فإن تأثيرات هذه التغيرات عموما، باتت بارزة جدا وتظهر من خلال نمو زهرة النرجس مبكرا و خروج أوراق و أزهار نباتات يفترض أنها في حالة سبات.
* لامية محلول طبيبة عامة
هذه عواقب الصدمة المناخية على صحة الإنسان
تحدثت الدكتورة لامية محلول طبيبة عامة بالعيادة متعددة الخدمات «سركينة» بقسنطينة، عن تأثير التغير الجوي على صحة الإنسان، و قالت للنصر، بأن التغير المفاجئ يتسبب في اضطرابات في الجسم، إذ تضطرب حركة السيالة العصبية و تكيف الجسم لا يكون بنفس سرعة تغير المناخ، ما يتسبب في الإصابة بالتهابات في المجاري التنفسية و هي من أبرز التعقيدات الصحية التي تمس الإنسان.
و أشارت الطبيبة، إلى أن قطر الأوعية الدموية يتأثر بدرجات الحرارة، حيث تتمدد بارتفاع درجات الحرارة ليصبح الشخص عرضة للالتهابات و التعفنات، ما يسهل على الفيروس مهمة الدخول إلى الجسم.
وأضافت، بأن الصدمة المناخية الناتجة عن التغير المفاجئ لدرجات الحرارة، تسبب نوعا من الحساسية في الحلق، فعندما تكون درجة حرارة الجسم مرتفعة و يشرب الإنسان ماء باردا سيصاب بتشنج في العضلات و تقلص في الأوعية الدموية، و كذلك في الحالة العكسية، و في حالة التمدد تصبح الأوعية مكانا ملائما للفيروسات و البكتيريا، ما يؤدي لالتهاب الحلق و اللوزتين و انسداد الأنف وآلام الرأس و الإصابة بأعراض الحساسية، التي تستدعي علاجا فوريا لتفادي بلوغ مرحلة التهاب المجاري التنفسية و حدوث تعقيدات صحية، خاصة بالنسبة للذين يعانون من أمراض مزمنة كالربو.
و تنصح الطبيبة، بعدم التقليل من ارتداء الثياب و نزع المعاطف بمجرد الشعور بالحرارة، خاصة بالنسبة للأطفال، مؤكدة بأنه في حال التغير المفاجئ للحرارة، فإن الجسم لا يجد وقتا كافيا لتعزيز دفاعاته المناعية، ما يؤدي إلى ظهور أعراض مرضية و الإصابة بالتهاب حاد و فوري، مؤكدة بأنه و بحسب المعاينات اليومية فإن مرضى الربو و الحساسية و المصابين بالأمراض المزمنة مثل السكري و ضغط الدم، هم الأكثر عرضة للمرض نتيجة التعرض كثيرا للشمس و عدم استهلاك ما يكفي من المياه.
أ ب
نوارة سياري أستاذة اقتصاد و صاحبة مشروع بيئي
عجلات المركبات المستعملة كنز غير مستغل
تحدثت الدكتورة نوارة سياري، أستاذة بكلية العلوم الاقتصادية و التجارة و علوم التسيير بجامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 2، للنصر، عن مشروعها البحثي في مجال اقتصاد النقل، و الذي يرتكز على إعادة تدوير نفايات محطات الوقود المتمثلة في علب الزيوت الفارغة و ملابس العمال و خاصة العجلات التالفة التي تعد ثروة ضائعة و جب تثمينها كما قالت لاستخراج بودرة المطاط الممكن استخدامها في تهيئة أرضيات الملاعب و صناعة البساط العازل للمياه و المانع للإنزلاق.
كما خصصت الباحثة، شقا من بحثها للنفايات السائلة بمحطات الوقود، وقالت أنه يمكن أيضا، إعادة تدوير الزيوت المستهلكة و مياه غسل السيارات، لخفض نسب تركيز الملوثات في الماء و حماية التربة والمياه الجوفية، بالاعتماد على طرق متطورة.
أسماء بوقرن
و قالت الدكتورة نوارة سياري في حديث للنصر، بأن اقتصاد النقل قطاع مذر للثروة غير أنه غير مستغل خاصة في الشق المتعلق بمحطات الوقود التي تعتبر عصبا رئيسيا له، إذ تزوده بكل أنواع الوقود اللازمة لتشغيل المركبات ويمكن أن تكون نافعة أيضا بعد رسكلة نفاياتها، لخدمة البيئة والاقتصاد، عبر استغلال الزيوت المضرة بشكل أفضل يحمي التربة و المياه الجوفية ويحد من التسربات الناجمة عند تسجيل أعطاب بالخزانات الأرضية، التي تعد مصدرا للتلوث البيئي و تهدد الصحة العمومية، مؤكدة بأن هذه النفايات الخطيرة يتم التعامل معها بطريقة غير سليمة وعشوائية حاليا إذ ترمى في مكبات النفايات أو في المحيط، و تدفع في المجاري و أنظمة الصرف الصحي أو في التربة أو تحرق مباشرة، رغم كونها عبارة عن مواد كيميائية من الصعب تحللها دون معالجة.
ونظرا لحجم الضرر الناتج عنها والذي يتهدد الطبيعة وصحة الإنسان، وجب حسبها استثمار هذه المواد الملوثة و إعادة تدويرها ومعالجتها بما يضمن مردودا اقتصاديا وحماية للبيئة.
حرق العجلات سم قاتل
ويتناول الشق الأول من البحث، مراحل تدوير النفايات الصلبة، و تحديدا الإطارات المطاطية التالفة، التي وصفتها بالثروة الضائعة، اذ تسمى كما قالت، بالكنز الأسود، مع ذلك يتم رميها عشوائيا أو حرقها بطريقة مضرة تتسبب في انبعاث مخلفات مادتي الرصاص و الزنك و كذا ثاني أوكسيد الكربون، فيما يمكن استغلالها من خلال جمعها و تحويل إطار العجلة إلى بودرة المطاط، بعد تقطيعه و التخلص من الشوائب، و من ثم استخدام هذه البودرة لتهيئة أرضيات الملاعب و عزل تسرب المياه أو في صناعة العشب الإصنطناعي، كما يمكن أن تستخدم كذلك، لصناعة بساط عازل للمياه يمنع الانزلاق و بهذا التخلص منها بطريقة مثمرة.
و أشارت المتحدثة، إلى أن تدوير النفايات الصلبة في محطات الوقود لا يرتبط بالعجلات فقط، بل يشمل أيضا علب الزيوت الفارغة و ملابس العمال في المحطة المتسخة بالزيوت و الخرق التي تستخدم للتنظيف.
مؤكدة، بأنه مشروع اقتصادي صديق للبيئة، يساهم في الحد من التلوث البيئي أثناء الحرق و يذر عائدات مالية معتبرة على المستثمرين، كما يساهم في صناعة عدة منتجات موضحة بأنها قامت بضبط خطة أولية للمشروع، الذي يتطلب مساحة 200 إلى 300 متر مربع، إلى جانب توظيف ما بين 4 إلى 6 عمال، مع توفير تجهيزات، مثل آلة نزع السلك و مفرمة و كذا ميزان و أكياس للتعبئة و وسائل للنقل، مشيرة إلى أن ضمان انتاج كمية معتبرة من بودرة المطاط مرهون بكمية العجلات التالفة المسترجعة.
وقالت، إن إعادة تدوير العجلات المستعملة مشروع مربح بالاضافة إلى كونه يساهم في تطوير الصناعة المحلية، و خاصة صناعة الأحذية البلاستيكية و قطع الغيار و أرضيات الحدائق و استخدامها في الديكور الخارجي و ديكور الحدائق المنزلية.
أفضل أنظمة معالجة النفايات السائلة
وحسب المتحدثة، فإن تثمين النفايات في محطات الوقود لا يتعلق بالمخلفات الصلبة فقط ، بل يشمل النفايات السائلة كذلك، والتي يساعد تجميعها في حماية البيئة و المحيطة من تسربات وقود الخزانات أثناء التعبئة و المواد الكيميائية الموجودة في المنظفات و كذا النفايات الغازية المنبعثة في الهواء المنبعثة، وقد توصلت كما قالت، بعد دراسة و بحث معمقين إلى طرق إعادة رسكلة هذه النفايات، بداية بمعالجة المياه المستخدمة في غسل السيارات، و لأن طريقة الغسل التقليدية تتسبب في هدر كميات معتبرة من المياه، فقد اقترحت استعمال أجهزة حديثة لتنقية المياه المستعملة أو ما يعرف "بالمياه الرمادية"، للإستفادة منها و إعادة استخدامها لذات الغرض، و التوجه نحو تقنيات الغسل الجديدة كتنظيف السيارات بالبخار عن طريق آلات مزودة بمواد غير كيميائية، علما أنها طريقة لا تستغرق وقتا كبيرا، بل تتم في 3 دقائق، ما يساعد على خفض التكاليف و تقليص نسبة تركيز الملوثات كالشحوم والزيوت و المواد الكيميائية في المياه، وأكدت، بأن عملية التدوير تتم وفق أنظمة محددة كنظام الرافعات الهيدروليكية و نظام التناضح العكسي و نظام إزالة عسر التنقية.
هكذا يكون تدوير زيوت المركبات
وأضافت الدكتورة نوارة، بأن إعادة تدوير الزيوت المستهلكة جانب مهم أيضا و محوري في مشروعها البحثي، إذ يتم رميها في المحيط و التخلص منها عشوائيا في التربة بعد غسل السيارات بالرغم من كونها مضرة بالتربة و بالمياه الجوفية و تشكل خطرا على الصحة و على الثروة الغذائية، ولذلك يجب التخلص منها أو معالجتها أو إعادة استخدامها، لتطوير الصناعة المحلية و تقليل الاستيراد حسبها، عبر إعادة صناعة زيت التشحيم الخاص بالمركبات. وعن خطوات تدوير زيوت المركبات المُستعملة أوضحت، أن العملية تبدأ بجمع الزيوت من مختلف المراكز المتخصصة ثم اخضاعها للتحليل للتأكد من مدى ملاءمتها، بعدها تصفى من الأوساخ و الرواسب والشوائب الكيميائية و تُجفف عن طريق نزع الماء منها على أن تُعالج هذه المياه قبل التخلص منها في الطبيعة كذلك، حيث يُفصل الوقود الصناعي عن الزيت المستعمل بفضل تقنية التقطير بالتفريغ وتُعالج قطع التشحيم باستخدام المعالجة المائية أو الهدرجة.
يُفصل الزيت نهائيا و يُقسم إلى ثلاث علامات مختلفة وهي زيوت التشحيم اللزجة الخفيفة المناسبة لتطبيقات زيوت التشحيم العامة و زيوت التشحيم متدنية اللزوجة للتطبيقات الصناعية و زيوت التشحيم مرتفعة اللزوجة للتطبيقات الشاقة، ويضاف إليها بالعموم الكيروسين لتخفيف القوام وتسهيل عملية التعبئة، كما تُمزج بالمطهرات والمواد الكيميائية المضادة للاحتكاك ويتم اختبار جودتها قبل بيعها مرة أخرى في عبوات ذات سعة 5 كلغ.
وأشارت الباحثة، إلى أن الزيوت المستعملة تستخدم لتزييت الأجزاء المتحركة في المحركات وتسهيل حركتها الميكانيكية لمنع التآكل وتقليل الاحتكاك لأنه يساهم في تبريد المحرك أثناء التشغيل و تقليل تكاليف الصيانة و التنظيف من الرواسب المجهرية المتكونة من بقايا الاحتراق أو الغبار، و كذا الحماية من التآكل الناجم عن المواد الحامضية التي تؤدي للتلف.
وتنصح هنا، بإحكام غلق المحرك لإطالة عمره و تنظيفه جيدا وبشكل دائم من الرواسب وتقليل الاحتكاك و التقليل من استهلاك الوقود، لأن الاحتكاك يزيد من استهلاكه، كما تستخدم الزيوت المستعملة في مصانع الحديد والاسمنت، في عمليات التدفئة، كما تعد وقودا للسخانات الكبيرة، و لتشغيل الأفران العالية كأفران الصهر و لتشغيل السفن كذلك.
أ ب
- التفاصيل
- الزيارات: 2927
تصفية المياه المستعملة - سلاح أخضر - لمواجهة الجفاف
تواجه ولاية قالمة ندرة في مياه السقي متأثرة بموجات جفاف طويلة أدت إلى تراجع الاحتياطات المائية بالأودية و السدود، لكن هناك مصادر أخرى قد تساهم في التخفيف من الأزمة و توفر كميات معتبرة من المياه الصالحة للزراعة و الصناعة و قطاع الخدمات، حيث تعد المحطة العملاقة لمعالجة المياه المستعملة بمدينة قالمة إحدى هذه المصادر التي يعول عليها كثيرا لتغذية محيط السقي الشهير بسهل سيبوس، و الإبقاء على النشاط الزراعي المنتج للغذاء و على مجتمع المائيات و الحياة المائية و البرية و الملاذات الإيكولوجية ذات التنوع المفيد.
فريد.غ
و منذ نحو 20 عاما تعمل محطة التصفية بمدينة قالمة على تطهير المياه المستعملة القادمة من الأحياء السكنية و المصانع و مرافق الخدمات، و خفض نسب المعادن الثقيلة و الشوائب الموجودة فيها، للوصول الى تركيبة فيزيائية أقل ضررا و تلويثا للطبيعة و الحقول الزراعية التي ظلت تعتمد على مجرى نهر سيبوس الكبير لسقي مختلف المحاصيل الغذائية كالقمح و الأعلاف و الخضر و الفواكه.
و بالرغم من انه من غير الممكن الوصول إلى صفر معادن ثقيلة و تلوث منعدم، غير أن ما تنتجه المحطة يعد مكسبا كبيرا للبيئة و الاقتصاد المستديم بولاية قالمة، فلم تعد تلك الكميات الهائلة من المياه العادمة تذهب هدرا، و تلحق أضرارا بليغة بالوسط المائي و التنوع الإيكولوجي بحوض سيبوس الكبير، فقد أصبحت هذه الطاقة المائية موردا دائما تنتجه النشاطات البشرية المختلفة و تنقله شبكة معقدة من أنابيب الصرف و تلقي به في أحواض التصفية و المعالجة الفيزيائية ليتحول إلى طاقة مائية نظيفة يمكن استعمالها لأغراض متعددة بدلا من هدرها في المجاري الطبيعية، فتتحول إلى مشكلة بيئية و صحية يصعب التحكم فيها، خاصة عندما تصل إلى مصادر الغذاء و كائنات الوسط المائي من طيور و حشرات و نباتات و حيوانات.
و في الحالات القصوى تنتج محطة التصفية بقالمة نحو 5 ملايين متر مكعب من المياه، و هو ما يمثل الحاجزين المائيين قفطة ببلدية نشماية و مجاز بقر ببلدية عين مخلوف مجتمعين.
و يمكن لهذه الكمية الضخمة من المياه المعالجة أن تلبي جزءا من الطلب على المياه لسقي بعض أنواع المحاصيل الزراعية كالقمح و الحدائق و محطات غسل السيارات و تنظيف الشوارع و الصناعة.
و تعمل محطات تصفية المياه العادمة تماما مثل محطات معالجة عصارة النفايات بمراكز الردم التقني، حيث تسمح تقنيات التخلص من الشوائب و نسب مرتفعة من المعادن الثقيلة بإنتاج مياه صافية و قابلة للاستخدام في مجالات عديدة تستهلك كميات ضخمة من المياه التي صارت موردا نادرا بمنطقة قالمة التي بدأت تطالها عواقب التغيرات المناخية المتطرفة منذ عدة سنوات، حيث تراجعت معدلات التساقط و جفت الحواجز المائية الصغيرة و ظل سد بوحمدان الكبير يتراجع باستمرار منذ 7 سنوات تقريبا، و هو اليوم مهدد بالجفاف التام بحلول شهر مارس القادم إذا لم تسقط كميات كافية من الأمطار في فصل الشتاء.
و يعرف الماء المستعمل بأنه ماء ملوث دخلت عليه مواد أفسدت خصائصه الفيزيائية و الكيميائية، أو غيرت طبيعته فلم يعد صالحا للاستعمال من طرف الإنسان و النبات و مجتمع الوسط المائي العذب و المالح كالبحار و المحيطات، و لذا تبرز الحاجة إلى معالجة هذا النوع من المياه قبل أن يصل إلى الطبيعة فيلحق بها الضرر، و ربما قد يقدم الإنسان على استعماله في أغراض مختلفة تحت تأثير الحاجة فتكون النتائج الصحية و البيئية وخيمة.
و يعمل مهندسو محطة التصفية بقالمة على أن تكون المياه المعالجة آمنة عند استخدامها في المجالات المحددة لها كسقي بعض أنواع المحاصيل الزراعية و الحدائق و غسل الشوارع و بعض الأنشطة الصناعية.
و قد زادت الحاجة إلى تصفية المياه العادمة بقالمة، و لم تعد محطة التصفية الوحيدة بمدينة قالمة كافية لتلبية الطلب على هذا النوع من المياه المستديمة، و بدأت مطالب حماة البيئة و الناشطين بقطاع الزراعة و الصناعة تتزايد داعية السلطات الولائية إلى بناء المزيد من المحطات لمعالجة و تصفية الكميات الضخمة من المياه العادمة التي تنتجها المدن الكبرى على مدار الساعة، و تلقي بها في المجاري الطبيعية ملحقة أضرارا بالغة بالطبيعة و كائنات الوسط المائي و حتى بقطاع الزراعة، حيث لا يتردد بعض منتجي الغذاء في استعمال هذه المياه الملوثة لسقي الخضر و الفواكه رغم إجراءات الرقابة المشددة، حيث تعمل شرطة المياه بقالمة على التصدي لظاهرة استعمال المياه الملوثة للأغراض الزراعية، لكن الوضع مازال يثير القلق في ظل موجات الجفاف المستمرة و ندرة مياه السقي الآمنة.
و تنتج مدن وادي الزناتي، بوشقوف، حمام دباغ، بومهرة أحمد، بلخير، حمام النبائل و لخزارة و بوعاتي محمود ما تنتجه مدينة قالمة من المياه العادمة تقريبا، لكنها لا تتوفر على محطات تصفية تعالج هذه الثروة الثمينة و تعيد تدويرها و استعمالها في الأنشطة المحددة بموجب قوانين الصحة والبيئة والمياه، كبعض أنواع الزراعات والأنشطة الصناعية وسقي الحدائق وغسل الشوارع.
و مع زيادة الكثافة السكانية يزداد إنتاج المياه المستعملة بمدن وقرى ولاية قالمة في انتظار بناء محطات التصفية التي صارت ضرورة ملحة مثلها مثل محطات التحلية لمواجهة القلق المائي الذي تعرفه البلاد في السنوات الأخيرة. وإلى جانب تدوير المياه المستعملة تنتج محطة التصفية بقالمة سمادا طبيعيا مفيدا لبعض أنواع الزراعة كالأشجار المثمرة و أشجار الزينة و الحدائق، لكن الإقبال عليه مازال محتشما بسب نقص المعرفة العلمية لدى المزارعين، و تعمل المحطة على إقناع أكبر عدد ممكن من هؤلاء المزارعين للاستفادة من هذا المورد الطبيعي المستديم.
و تعد محطات تصفية المياه المستعملة منشآت صديقة للبيئة و الإنسان، تتزايد الحاجة إليها باستمرار في ظل التغيرات المناخية المتطرفة التي أحدثت ندرة في مصادر المياه بالجزائر.
و تعمل وزارة الموارد المائية و الأمن المائي على حشد المزيد من الجهود لتطوير منشآت تصفية المياه المستعملة بالجزائر، مؤكدة بأنها مورد دائم و داعم للزراعات المسقية لا يجب إهداره.
يعرف تطورا في الجزائر
رسكلة البلاستيك.. استثمار مربح يساهم في تنقية الطبيعة
عرف قطاع الاسترجاع وإعادة تدوير البلاستيك، تقدما ملحوظا في السنوات الأخيرة وبعدما كانت البدايات محدودة، وغير منظمة تعتمد على الجمع العشوائي بدأت معالم مجال اقتصادي واعد تلوح في الأفق، وبشكل مشجع يخدم البيئة بالدرجة الأولى، حيث سمحت سياسة الاستثمار بظهور شركات ناشطة في مجال إعادة تدوير البلاستيك، حقق بعضها النجاح خلال ظرف وجيز وباتت تساهم اليوم في تنقية المحيط و استغلال مخلفات ضارة، لخلق الثروة و التأسيس لاقتصاد أخضر حقيقي، خاصة وأن هناك شركات تتطلع إلى إلغاء مصطلح «الردم» في الجزائر وتكريس التدوير كحل بيئي ومالي جديد.
إيمان زياري
منافع التدوير تضاعف الوعي البيئي في المجتمع
يشكل اليوم، قطاع تدوير النفايات المنزلية في الجزائر، حجر أساس لبناء مستقبل بيئي أفضل، تساهم فيه كل الأطراف، ورغم أن هذا الموضوع لا يشكل أهمية كبيرة عند قطاع من المواطنين، إلا أن الوعي بضرورة التحلي بسلوك بيئي مناسب، بدأ يزيد في المجتمع و يظهر ذلك من خلال توجه البعض إلى فرز النفايات المنزلية وبخاصة البلاستيك، حيث تقوم أسر بتجميع القارورات في أكياس منفردة و التبرع بأغطيتها إلى بعض الجمعيات التي تعتمد عليها كمصدر دخل إضافي.
يلاحظ أيضا، بأن هناك تزايدا في عدد الحاويات الذكية في الأحياء، و التي تساعد على فرز البلاستيك و تسهل عملية جمعه، كما أن هناك مواطنين باتوا يضعون القارورات في حاويات عادية منفصلة تتوفر عليها أحيائهم، لتجنب انتشار القارورات في المحيط و تسببها في تلويثه، وقد انتبهنا إلى أن هذا السلوك يعرف انتشارا، وقال لنا بعض جامعي البلاستيك الذين تحدثنا إليهم، أنهم أصبحوا يجدون سهولة أكبر في الحصول على المادة، و لا يضطرون إلى نبش القمامة لأجل جمعها.وقال جامع قمامة، أن البلاستيك صار يوضع في حاوية بينما ترمى القمامة المنزلية العادية في الحاوية الثانية، كما أن هناك مواطنين يجمعون القارورات داخل شباك حديدية يجهزونها بأنفسهم، و هي نقاط تجميع تتوفر على مستوى الكثير من الأحياء، ما يعكس حسبه، الوعي المتزايد بأهمية هذه المادة، التي تعتبر مصدر دخل للكثير من الشباب حاليا، مضيفا بأنه سلوك صحي كذلك، كونه يجنب الجامعين الإصابات أو الأمراض الناجمة عن ملامستهم للنفايات.
وحسب مواطنين، فإن هذه الشباك مفيدة للحفاظ على المحيط الحضري، وهي نوع من المساهمة البيئية التي تفرضها المسؤولية الاجتماعية، من جانبهم، أوضح تجار وغالبيتهم من أصحاب المطاعم والمقاهي، بأن التخلص من البلاستيك أصبح يخضع لمعيار اقتصادي و بيئي، من خلال التعامل مباشرة مع جامعين أو مع مؤسسات متخصصة في الرسكلة. و يتفق تجار على مستوى بعض الأحياء مع مواطنين، على إحضار القارورات البلاستيكية الفارغة إلى المحل كلما توفرت، مقابل الحصول على تخفيضات مغرية على منتجات تلك المحلات، بالمقابل تقوم بعض الجمعيات الناشطة في مجال البيئة و المؤسسات مثل «وين» المؤسسة الناشئة في مجال الفرز الانتقائي للنفايات بمستغانم، بتشجيع المواطنين على جمع القارورات و إيصالها إلى أماكن معينة، للحصول على هدايا و قسائم شراء، إضافة إلى ما تقوم به بعض الهيئات الوطنية الناشطة في المجال، على غرار الوكالة الوطنية للنفايات و التي تعمل على تنظيم حملات تحسيسية لتحفيز المواطن و خدمة المؤسسات بغية ترسيخ مبدأ الفرز الانتقائي.
* عبد القادر بداوي مستثمر في البلاستيك
حققنا الاكتفاء في الجزائر ونتحضر للتصدير
قال عبد القادر بداوي، شريك في سلسلة مؤسسات «سارة و دانيا للبلاستيك» المتخصصة في رسكلة و إعادة تثمين النفايات البلاستيكية، إن تجربة المؤسسة في الميدان ناجحة بامتياز، و رغم أن تثمين النفايات البلاستيكية، مشروع حديث نوعا ما في الجزائر، إلا أن التقدم في المجال ممكن في حال توفرت الكفاءة الكافية كما أضاف، مشيرا إلى أنه استلهم مشروعه من تجربة مستثمرين من ولاية غرداية، و باشر العمل مع شريكه قبل 4 سنوات، وكانت الانطلاقة بشركة واحدة بمنطقة براقي بالعاصمة، ليصل العدد اليوم إلى أربع شركات بكل من بوسماعيل و قرواو و الجلفة.
أوضح محدثنا، أنه لم يستسلم رغم أن القطاع تراجع نسبيا خلال جائحة كورونا، مع ذلك كانت العودة قوية بعد الحجر الصحي و تعد بإمكانية تحقيق الجزائر للاكتفاء الذاتي من هذه المادة و توفيرها بما يكفي للشركات التي كانت تستوردها من الخارج، مضيفا أنه يدرس رفقة شريكه عرضا «تركيا» للشروع في تصدير البلاستيك المعاد تدويره، و أن العملية تحتاج إلى القليل من الوقت بسبب بعض العراقيل الخاصة برخص الاستغلال، داعيا إلى مرافقة المستثمرين الجزائريين الخواص وتخصيص شباك موحد على غرار ما هو معمول به بالنسبة للمستثمرين الأجانب.
و يكلف الكيلوغرام الواحد من البلاستيك مبلغ 40 دينارا، ثم يباع بعد رسكلته بسعر 75 دينارا للكيلو غرام الواحد، وذلك نزولا عند متطلبات السوق، التي نفى المتحدث، أن تكون خاضعة لمنطق المضاربة خاصة في ظل توفر المادة الأولية بشكل كبير في الجزائر، إذ تحدث عن تسجيل تراجع نسبي للنشاط خلال فصل الشتاء، ليعود و ينتعش صيفا و خلال شهر رمضان، بفعل توفر المادة الأولية، مما مكنهم كشركة من إنتاج 600 طن شهريا خلال فصل الصيف، كما أشار المتحدث، إلى مساهمة هذا القطاع في دعم الاقتصاد الوطني من خلال توفير العملة الصعبة بفعل التصدير، و تحقيق الاكتفاء الذاتي و التحرر من الاستيراد، إلى جانب خلق مناصب شغل دائمة للكثيرين، إذ تشغل مؤسسته أكثر من 160 عاملا.
أما بالنسبة لدور هذه الشركات في حماية المحيط، فقد أوضح أنهم يساهمون كشركات في جمع النفايات البلاستيكية و بالتالي تنقية المحيط، و استغلال البلاستيك بشكل أنجع، و قال أنه من 10 أطنان من هذه المادة، يتم استخراج 7 أطنان قابلة لإعادة الاستغلال، فيما ترمى الفضلات في المفارغ العمومية دون داع لتدخل مصالح البلدية، كما أثنى على دور الوكالة الوطنية للنفايات في مرافقة المستثمرين المساهمين في حماية المحيط و البيئة من مختلف المخاطر التي تسببها المواد المصنعة.
* عقيلة بودراع ممثلة الوكالة الوطنية للنفايات
البلاستيك يشكل 50بالمائة من النفايات المسترجعة
كشفت رئيسة قسم النفايات المنزلية بالوكالة الوطنية للنفايات، عقيلة بودراع، أن قطاع الرسكلة خطى خطوة عملاقة منذ إنشاء بنك المعلومات الوطني، الذي شكلته الوكالة لصالح المتعاملين الاقتصاديين العاملين في المجال سنة 2015، أين تم إحصاء 97 مؤسسة تنشط في مجال تثمين النفايات بشكل عام، ليصل عددها سنة 2022 إلى 700 مؤسسة تعمل في هذا المجال.و أوضحت المتحدثة، أن معظم المؤسسات التي تنشط في إطار تثمين النفايات المنزلية تعمل على تثمين مادة البلاستيك، بمعدل 50 بالمائة من النفايات التي يتم تثمينها عبر 700 شركة، و ذلك بالنظر للكمية الهائلة المنتجة سنويا من مادة البلاستيك و التي تقدر بـ2 مليون طن، مضيفة أن 15 بالمائة من هذه النسبة يتم إعادة تدويرها.
وقالت، إن تعداد الشركات التي تعمل في ميدان تثمين البلاستيك لم يتجاوز سنة 2015 ، 49 مؤسسة، بينما تعمل اليوم جميعها في مجال تثمين البلاستيك بحسب بنك المعلومات، ما يعني أن رسكلة هذا النوع من النفايات شهد انتعاشا كبيرا في السوق الوطنية و إقبالا ملفتا من المستثمرين، كما تحدثت المسؤولة عن ارتفاع سعر البلاستيك أيضا، بسبب الإقبال الكبير على هذا المجال الذي لا يحتاج لمبالغ مالية ضخمة لإنشاء هذا المشروع. و أوضحت رئيسة قسم النفايات المنزلية، أن الحركية التي يشهدها مجال رسكلة النفايات البلاستيكية، أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار هذه المادة، التي قفزت من 60 دينارا إلى 100 دينار للكيلوغرام خاصة مع بداية العام 2022، أين قام المسيطرون على المجال بتكديس هذه النفايات و إعادة بيعها بمبالغ كبيرة.
من جانب آخر، أوضحت السيدة بودراع، أن الدولة لا تعمل على تصدير البلاستيك كنفايات، و إنما كمادة أولية بعد التثمين نحو الصين و تونس و تركيا و غيرها من الدول، مؤكدة أنه لا يوجد نقص في المادة الأولية مثلما يقول بعض الناشطين في المجال بالنظر إلى الكمية الهائلة المنتجة وطنيا، و بحكم تغيير المواطن الجزائري للنمط الاستهلاكي القائم على استهلاك المياه المعدنية بنسب عالية، مرجعة « ما يعتبره هؤلاء بأزمة نقص المادة الأولية» إلى غياب هيئة تتحكم في السوق و تعمل على ضبطه بعيدا عن المضاربة أو الاحتكار، الذي يمكن تفسيره أيضا حسبها، بزيادة عدد الناشطين في المجال مقارنة في السنوات الأولى، بداية بمن يجمعون القارورات من الشوارع في إطار نشاط مربح لا يحتاج إلى رأس مال كبير، فيما يذر مالا كثيرا على كل من اقتحمه.
* كنود سليمة خبيرة بيئية
الوعي و تشجيع الاستثمار سيحققان مكاسب بيئية كبيرة
حذرت الخبيرة بدار البيئة لولاية بومرداس، السيدة كنود سليمة، من مخاطر التلوث الناتج عن مخلفات البلاستيك على العالم بشكل عام، مؤكدة أنه يصنف كمادة سامة قد يستغرق تحللها ملايين السنين بحسب نوعية البلاستيك، علما أن هناك أنواعا قد تبقى في الطبيعة لمدة 100 عام أو أكثر.
و نوهت الخبيرة، إلى خطورة إعادة استعمال القارورات البلاستيكة للشرب، من خلال تعبئتها مجددا، بحيث يفرز البلاستيك بعد فترة مواد سامة و مسرطنة تنتقل إلى الماء بشكل مباشر، أما بالنسبة لتأثيره على الطبيعة، فقالت إنه عندما يتحلل ينشر سمومه في التربة فيفسدها و تنتقل تلك السموم إلى النبات و حتى الحيوانات و الكائنات البحرية، إلى جانب تشويه الطبيعة و المنظر العام.وأضافت، أن العالم ككل يحارب البلاستيك لحماية الطبيعة و الصحة البشرية و أثنت على المجهودات التي تبذلها الجزائر و مختلف الشركات و الجمعيات الناشطة في مجال تثمين البلاستيك لمنع انتشاره في البيئة، كما دعت التجار إلى ضرورة حماية المستهلك من خلال محاولة كبح أضرار البلاستيك، بعدم تعريضه لأشعة الشمس التي تحفزه على إفراز مواد كيميائية مسرطنة و خطيرة جدا.و تحدثت الخبيرة البيئية، عن أهمية التحلي بالوعي البيئي الذي يبدأ حسبها بإدراك الطريقة الصحيحة في التعامل مع البلاستيك، و ذلك من خلال التعود على فرز النفايات و فصل الأنواع العضوية و المعدنية، إلى جانب تشجيع الشركات الناشطة في مجال رسكلة النفايات البلاستيكية لتحقيق مكاسب بيئية.أما بالنسبة لبدائل البلاستيك الضار، فقد اقترحت استبداله بالورق، خاصة فيما يتعلق بمواد التغليف، التي شددت على ضرورة التقليل منها قدر الإمكان باعتماد مواد قابلة للاستعمال عدة مرات أو التخلي عنها كليا إن لم تكن ضرورية، مع تبني ثقافة استعمال القارورات الزجاجية و الفخارية لحفظ السوائل.
وقالت الخبيرة إن كل البلاستيك ضار ولا توجد أنواع صديقة للبيئة، علما أن درجة الضرر تختلف باختلاف نوعية البلاستيك و لونه، محذرة من خطورة استعمال الأكياس البلاستيكية السوداء في حفظ الأطعمة بشكل مباشر، مضيفة أنه كلما كان لون البلاستيك فاتحا كلما انخفضت نسبة الضرر و العكس صحيح، كما قالت، إنه حتى البلاستيك الشفاف لديه مدة صلاحية معينة، و يستوجب التوقف عن استعماله أيضا.
إ. ز
- التفاصيل
- الزيارات: 2922
انتشار طائر البلشون يتسبب في انقراض أنواع أخرى من الطيور
يعرف طائر البلشون انتشارا واسعا ببعض المدن، وتسبب في أضرار بيئية خاصة تلويث المحيط بفضلاته وانتشار الروائح الكريهة، كما له أضرار على السيارات في المدن التي ينتشر فيها ببعض الأشجار، بحيث تتسبب فضلاته التي تتساقط على السيارات في تغيير لونها نتيجة تواجد مادة حامضة في فضلاته، كما تسبب هذا الطائر في انقراض أنواع من الطيور، ومنها طائر الزرع بعد أن تحولت هذه الطيور إلى طعم له.
ويذكر في هذا الإطار مدير البيئة لولاية البليدة وحيد تشاشي عن تلقي عدة شكاوى من طرف مواطنين بسبب الأضرار البيئية التي أصبح يخلفها هذا الطائر الدخيل الذي تم جلبه من طرف مزارعين للقضاء على الديدان التي تظهر في الحقول بعد الحرث، في حين انتشاره بشكل كبير جعله يشكل خطرا على التوازن الإيكولوجي والبيئي، ومع هذا الانتشار الواسع لهذا الطائر لجأت بعض البلديات إلى قطع الأشجار التي يتواجد فيها، في حين لم يكن هذا الإجراء حلا للتقليل منه أو القضاء عليه حسب نفس المصدر.
وكشف مدير البيئة عن عقد اجتماع مؤخرا ضم ممثلي البلديات التي يتواجد فيها هذا الطائر وفرع البليدة للفيدرالية الوطنية للصيادين وخبراء جامعيين وجمعيات بيئية إلى جانب ممثلين عن المركز الوطني لتطوير الموارد البيولوجية، ويهدف هذا الاجتماع إلى إعداد دراسة حول هذا الطائر والأضرار التي يخلفها من أجل التقليل منه، مشيرا إلى أنهم طلبوا من المركز الوطني لتطوير الموارد البيولوجية في هذا الاجتماع مراسلة كل ولايات الوطن لمعرفة المناطق التي يتواجد فيها هذا الطائر، وإعداد دراسة شاملة حوله، وتقديمها لوزارة البيئة بهدف إيجاد حلول لهذه المشكلة البيئية، مضيفا بأن تكاثره بشكل أكبر سيجعله يقضي على بعض السلالات الحيوانية بعد أن تحولت أنواع من الطيور إلى طعام له.
وأشار نفس المسؤول في هذا السياق إلى أن طائر البلشون تسبب وفق معلومات من مختصين يتواجدون في المحيط الطبيعي في انقراض طائر الزرع، كما تحدثت تلك المعلومات عن أن هذا الطائر يجعل من أفراخ طيور الحجل والسمان طعاما له، كما يجعل من طيور أخرى طعما له ومنها طائر الزرع الذي تسبب في انقراضه رغم أهميته بالنسبة للمحاصيل الزراعية، بحيث من فوائد هذا الطائر الأخير أنه يقوم بأكل كل الشجرات التي تتواجد في حقول الزرع.
وأوضح مدير البيئة بأن طائر البلشون دخيل على الجزائر، بحيث تم جلبه في فترة معينة من طرف مزارعين لأهميته في تطهير الحقول من الديدان، لكن مع انتشاره الكبير، وتغيير نمط عيشه وانتقاله للعيش في المدن، أصبح يشكل خطرا على سلالات من الطيور ويسبب خللا بيئيا وايكولوجيا، إلى جانب تأثيراته البيئية الأخرى في المدن خاصة تلويث المحيط، مؤكدا بأن خطر طائر البلشون هو أنه يؤثر على النظام البيئي الذي تتواجد فيه طيور مختلفة، مضيفا بأن انقراض أي نوع حيواني أو نباتي يؤثر سلبا على النظام البيئي والإيكولوجي، مشيرا إلى أن القانون يمنع جلب نباتات أو حيوانات من بيئة أخرى قد لا تناسب البيئة الجزائرية أو بعض المناطق بها.
من جهة أخرى أوضح مدير البيئة بأن الدراسة التي سيتم إعدادها حول هذا الطائر يتعرفون من خلالها على طريقة عيشه، وأماكن تواجده، ومن خلال هذه الدراسة سيتم وضع ميكانيزمات للتقليل قدر الإمكان منه بعد الخطر الذي أصبح يشكله على سلالات حيوانية، وكذا تأثيره على التوازن البيئي والايكولوجي.
نورالدين ع
سواعد خضراء
حاز على براءة اختراع
يحوّل نواة الزيتون لفحم صديق للبيئة
قدم ابن ولاية معسكر الشاب مختار غالب منتجا صديقا للبيئة، عبارة عن فحم طبيعي مصنوع بعلف الزيتون، أهله للحصول على براءة اختراع و كذا شهادة الابتكار الأخضر من المنظمة الوطنية للملكية الفكرية للمعارف التقليدية، ليفتح مؤسسة خاصة بإمكانات بسيطة تنتج نحو 2 طن في اليوم من الفحم الطبيعي، وقد تحدث مختار للنصر عن مراحل تصنيع الفحم و كيفية مساهمته في الحفاظ على البيئة و الغطاء النباتي و في تنويع الاقتصاد.
أسماء بوقرن
قال الشاب غالب مختار المنحدر من بلدية ولاية معسكر، بأن تجربته في تحويل نواة الزيتون جاءت بعد سنوات طويلة من العمل في مجال زراعة و جني الزيتون و تصبيره، حيث كان منذ صغره يشتغل في حقول الزيتون و يساعد والده في الجني و كذا في بيع و توزيع المحصول على عدد من ولايات الوطن منها قسنطينة وباتنة وسطيف وعنابة وتبسة والجلفة و الأغواط، غير أن نشاط العائلة لم يتوقف عند الجني و البيع بعد تسجيل إنتاج هائل من الزيتون، و إنما توسع لإنشاء مؤسسة خاصة بتصبير الزيتون، و أشار الشاب مختار صاحب 44 سنة، إلى أنه لاحظ بعد سنوات من العمل في مجال التصبير، الكميات الهائلة من نواة الزيتون التي يتم رميها، و التي كانت تكلف المؤسسة ميزانية كبيرة لجمعها و التخلص منها.
نواة الزيتون مصدر للثروة وتنويع الاقتصاد
محدثنا قال بأن مؤسسة التصبير واجهت بعض المشاكل، نتيجة الأعباء المترتبة على التخلص من بقايا الزيتون، و ما جعلها تواجه مصيرا صعبا تعرض كمية هائلة من الزيتون للتلف، نتيجة طول فترة التخزين، حيث تكبدت المؤسسة خسائر مادية فادحة، ما اضطر الشاب مختار و والده لحرق الكمية التالفة، بدل جمعها و رميها في المفارغ بتكلفة كبيرة، موضحا بأنه و بعد عملية الحرق لاحظ بأن النواة ظلت مشتعلة لمدة ثلاثة أيام، ما جعله يفكر في استغلال هذه البقايا في صنع الفحم، و في التقليل من أعباء المؤسسة من جهة، و كذا القضاء على ظواهر سلبية مضرة بالبيئة منها ظاهرة قطع الأشجار و الحرائق المتعمدة التي يتسبب فيها -كما أعرب- لصوص الفحم، مؤكدا بأنه قام بإجراء بحث دقيق حول طرق تحويل نواة الزيتون لإيجاد طرق علمية لتحويله إلى فحم طبيعي خال من المواد الكيماوية، للحفاظ على الغطاء النباتي.
صاحب المنتج أوضح بأنه قام بمحاولات و تجارب عدة استغرقت وقتا طويلا، إلى أن ضبط التركيبة الصحيحة، ليقوم بتجربة نموذج للمنتج ثم سجل مشروعه على مستوى المنظمة الوطنية للملكية الفكرية، أين تم الموافقة ليتحصل على براءة اختراع رقم 200146 بتاريخ 02 مارس 2020، و شهادة ابتكار أخضر صديق للبيئة لتحويل نواة الزيتون لمكعبات الفحم الطبيعي، ليؤسس بعدها مؤسسة خاصة في إنتاج الفحم الطبيعي تحت تسمية «قافيتش للفحم»، ليباشر سلسلة الإنتاج بفريق مكون من ستة أشخاص و بمعدات بسيطة، ليزود السوق المحلي بطاقة إنتاج نحو 2 طن من الفحم في اليوم، مشيرا إلى أنه لم يتمكن بعد من توسيع استثماره لينتج الكمية الكافية التي تغطي احتياجات السوق.
مدة اشتعال تصل لست ساعات
و بخصوص مراحل تحويل النواة إلى فحم، قال بأنه كمرحلة أولى يتم غسل و تجفيف النواة من الزيوت، ثم الانتقال لمرحلة التحميص وبعدها الطحن و الكبس ثم التجفيف، حيث تستغرق العملية 48 ساعة، مردفا بخصوص مدى توفر المادة المصنعة، بالقول بأنه يعتمد على معاصر الزيتون بمختلف مناطق البلاد لجمع أكبر كمية ممكنة من نواة الزيتون، ليقوم باقتنائها و هو ما خفف حسبه عبئا كبيرا على أصحاب هذه المعاصر الذين واجهوا صعوبة في التخلص منها، مردفا بخصوص ثمن الكيلوغرام من الفحم الطبيعي بأنه كان يقدر بـ 30 دينارا، غير أن سعره ارتفع ليصل إلى 80 دينارا، نتيجة ارتفاع تكاليف جمع و شراء و نقل الزيتون، موضحا بخصوص مدى فاعليته بالقول بأن مدة اشتعاله تدوم إلى 6 ساعات كما أنه صحي و يحمي المحيط من الدخان، كما أنه مناسب لأصحاب المطاعم المتواجدة في الفضاءات المغلقة و كشف بأنه تلقى عروضا من دول أجنبية لإقامة مؤسسات شراكة منها من سلطة عمان، حيث يسعى لتسوية الإجراءات الإدارية لتوسيع استثماره. أ.ب
حــوار
مدير شؤون الزراعة بالاتحاد العربي للأسمدة ياسر خيري للنصر
يجب الاستعمال العقلاني للأسمدة للوصول إلى زراعة أكثر استدامة
يرى مدير الدائرة الاقتصادية والتواصل وشؤون الزراعة بالإتحاد العربي للأسمدة، الدكتور ياسر خيري، أن الجزائر تملك كل المقومات الزراعية للنهوض بالقطاع خاصة في ظل الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة للفلاحين، وأكد الخبير المصري في حوار للنصر على هامش يوم تحسيسي احتضنته ولاية ميلة مؤخرا، أهمية تحكم الفلاحين في التقنيات الحديثة للوصول إلى إنتاج وفير وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
حاوره: مكي بوغابة
هلّا أطلعتنا في البداية على مهام الاتحاد العربي للأسمدة؟
هو منظمة غير حكومية تأسـست سنة 1975 وتعمل تحت مـظلة مجلس الوحدة الاقتصادية العربية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية، ويجمع الاتحاد المؤسـسات والشركات العربية العاملة في مجال صناعـة وتجارة الأسـمدة والمجالات ذات العلاقة، علما بأن أعضاءه الرئيسيين ينتجون مغذيّات النبات متمثلة في الأسمدة النيتروجينية والفوسفاتية والبوتاسيومية، ويشكل إنتاجهم ما مقداره حوالي ثلث تجارة مغذيات الأسمدة، ما يظهر حجم تأثيرهم في المساهمة في الأمن الغذائي ومكافحة الجوع.
زرتم ولاية ميلة في إطار قافلة تحسيسية حول استعمال الأسمدة كنتم قد نظمتموها في عدد من الدول العربية. ما الهدف من مثل هذه المبادرات؟
الهدف من هذه اللقاءات مع الفلاحين هو توعيتهم بخصوص الاستعمال العقلاني للأسمدة وفهم ومعرفة نوعية التربة لتحديد الأسمدة الخاصة بها، وكذلك الاستماع إلى الأفكار والآراء التي تهدف للوصول بالمنطقة إلى زراعة أكثر استدامة بجانب الحفاظ على الموارد الطبيعية والتعرف على التحديات وكيفية تخطيها.
يُعد الاستخدام المفرط لمغذيات النبات أو الأسمدة، من التحديات المطروحة كونه يؤثر على صحة الإنسان. كيف يجب التعامل مع هذا الأمر؟
يوجد خلط في المفاهيم بين المبيدات والأسمدة الكيماوية، لذلك اخترنا مصطلح مغذيات النبات مثل المغذيات بالنسبة للإنسان. الاستعمال المفرط أو الخلط في هذه المغذيات يمكن أن يشكل خطرا على صحة الإنسان، لذلك من الضروري الإدراك بأن الزيادة المفرطة في استخدامها تجعلها تتراكم في التربة وتسبب تسمما للنباتات وتعيق نموها بما يمكن أن يؤثر على البشر.
كيف يمكن مواجهة تأثيرات الجفاف الناتجة عن تغير المناخ على المحاصيل الزراعية؟
شهدت الأعوام الماضية تغيرات كبيرة في المناخ وشحا في الأمطار، لكن هذا لا يمنع من إيجاد حلول. لقد لاحظت أن الجزائر أصبحت تعتمد كثيرا على الري التكميلي وهو أمر جيد لتطوير الزراعة واستخدام كل الطرق الممكنة.
الإفراط في استخدام الأسمدة يتسبب في تسمم النباتات
تتميز العديد من الدول العربية بالطبيعة الصحراوية لأراضيها ورغم ذلك تتوفر على مقومات الإنتاج. ما هي الجهود التي تبذلها منظمتكم في هذا الاتجاه؟
هذا صحيح، ولذلك نطالب الفلاحين بتحليل تربة أراضيهم لأن كل الأراضي بالدول العربية متنوعة ولكل تربة خصائص معينة يجب معرفتها لتحديد ما تحتاجه، لذلك نسعى لتوعية الفلاح بهذا الخصوص للوصول إلى إنتاج وفير وصحي بأقل تكلفة، وهذا ما ترمي إليه التقنيات الحديثة في وقتنا الحاضر وما يسعى الإتحاد إلى تعميمه.
كيف تقيم إمكانيات الجزائر في المجال الزراعي؟
بحكم أنني عضو في الإتحاد العربي للأسمدة وزرت العديد من الدول العربية في قوافل تحسيسية كثيرة للنهوض بالقطاع، لاحظت أن الجزائر تملك مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة وخاصة تنوع التربة بها، إضافة إلى الثروة المائية مما يمكن أن يساعدها في تحقيق الاكتفاء الغذائي وعدم الاستيراد من دول أخرى.
الجزائر تمتلك مقومات كبيرة ومتنوعة في المجال الزراعي، كما أن الدولة الجزائرية تولي اهتماما كبيرا بالفلاحين وأراضيهم. على سبيل المثال، تقوم مؤسسة أسفرطراط وهي فرع المجمع الصناعي أسميدال، بتقديم خدمات مجانية للفلاحين من تحليل التربة ومساعدتهم في التسميد إلى غاية مرحلة الحصاد. الآن الكرة في مرمى الفلاحين بضرورة استخدام التقنيات الحديثة في عملهم ومعرفة سلبيات وإيجابيات التسميد من أجل بلوغ نتائج جيدة وبأقل تكلفة. م.ب
- التفاصيل
- الزيارات: 2986
نسعى للتعريف بثروة الجزائر البيولوجية وتوثيق أندر الطيور
كرس رجال يجمعهم حب الطبيعة، معظم أموالهم وأوقات فراغهم لكشف الستار عما تكتنزه غابات الجزائر وجبالها وشواطئها من طيور نادرة الوجود، معتمدين على ثقافتهم ورصيدهم المعرفي حول عالم الكائن المحلق، وكذا تمكنهم من أسرار التصوير الرقمي لإبراز ما تزخر به الجزائر من تنوع بيولوجي في جميع مناطقها، راغبين في نشر الثقافة البيئية ومشاركة حب البيئة والحفاظ عليها مع الجميع.
رميساء جبيل
الكاميرا ساهمت في توثيق أنواع جديدة
يقول المهندس بقطاع الغابات بولاية قسنطينة عيسى فيلالي، وهو مصور وباحث في الحياة البرية، أن آلات التصوير الرقمية قد أحدثت نقلة نوعية في توثيق الحياة البرية، كما غيرت الطريقة التقليدية المستخدمة من طرف الباحثين في تحديد النوع والتعريف به عن طريق المشاهدة أو الملاحظة، أين ساهمت الصورة بشكل كبير في إبراز التنوع البيولوجي الذي تزخر به الجزائر من حيوانات ونباتات، وكذا توثيق 433 نوعا من الطيور في مختلف مناطق الوطن، بعضها وثق لأول مرة كـ «بومة المستنقعات» و « الطيطوي الرقطاء» الذي عثر عليه ببحيرة الهرية وهو من الطيور المائية الأمريكية التي زارت الجزائر سنة 2018.
وبعضها نادر الوجود كما أوضح فيلالي، مثل طائر « كاسر الجوز القبائلي» و» غراب الزرع القسنطيني» الذي يوجد بقسنطينة فقط ويحوم حول جسر سيدي مسيد وملاح سليمان، كما اكتشفت حديثا أنواع أخرى بولاية تمنراست، فمن خلال الصورة استطاع فيلالي توثيق أكثر من 1200 نوع من النبات والحيوان بقسنطينة، كما قام بتأليف أول كتاب يحتوي على 240 نوعا من الطيور والذي تم الانتهاء منه سنة 2020 مع العمل على تحديثه حاليا.
حيث أكد المهندس، أن الصورة تلعب دورا كبيرا في التعريف بالحياة البرية وكشف الستار عن مكنوناتها وأسرارها، فهي ساهمت في إبراز التنوع البيئي بالجزائر وتوثيقه بالصوت والصورة، الأمر الذي ساعد في نشر الثقافة البيئية والحفاظ على أنواع نادرة الوجود كطائر « الحسون الذهبي» الذي ظن كثيرون أنه انقرض، لكن تم توثيقه في كثير من المناطق التي نتحفظ عن ذكرها حماية له من الصيد العشوائي الذي طاله مدة أربعين سنة، قائلا أن الكائن البشري هو أكبر خطر يهدد الطبيعة بسلوكياته السلبية، تليها التغيرات المناخية من ارتفاع درجات الحرارة والجفاف واحتراق الغابات.
الصورة شاهد قوي ودليل قاطع
وذكر رشدي نحال ابن قسنطينة وصاحب 43 ربيعا، وهو موظف في القطاع العمومي ومصور طيور، أن الكاميرا مهمة جدا في توثيق الحياة البرية، لأنها دليل المصور القاطع في إثبات صدق ما شاهدت عيناه، ففي سنة 1996 على حد قوله، صادف خلال جولته بحمام بني هارون ثلاثة أفراد من حيوان النمس الكبير الذي من المفترض أنه انقرض منذ سنوات، لكن لسوء الحظ لم يكن يملك آلة تصوير وقتها لتوثيق الحدث وتأكيد المعلومة، الأمر الذي دفعه للتفكير في اقتناء كاميرا، ناهيك عن حاجته لاستعمال صوره الخاصة في البطاقات التقنية التي كان يعدها عن الحيوانات والطيور الموجودة بالجزائر سنة 2012.
ويقول نحال، أن مصور الحياة البرية يشبه إلى حد قريب الصياد في الترقب واقتناص الفرص، لكن الفرق يكمن في أن الأول يخلد هذه الطيور في صور تبقى منقوشة في الذاكرة توثق حقيقة تواجدهم بالجزائر، فهي دليل قاطع وليس مجرد كلام مشكوك فيه، كما تساعد في معرفة أوقات تواجد الطيور المهاجرة بالجزائر والأماكن التي تمر بها.
نستخدم كاميرات بجودة ومواصفات عالية
يقول يوسف كريط من ولاية سكيكدة، أنه يستخدم كاميرا ذات مواصفات عالية مخصصة لتصوير الحياة البرية من نوع نيكون « دال 500» مع عدسة نيكون « 200-500 ميليمتر» لرصد الطيور البعيدة كون استخدام « الجيمال « ممنوع في الجزائر.
كما أضاف رشدي نحال أنه اقتنى سنة 2015 كاميرا « سوني ألفا 75» مع عدستين « سوني 75-300 ميليمتر» و» 28-75 ميليمتر» كلفوه أزيد من 50 ألف دينار، ليبدأ رحلته في عالم تصوير البرية و التقاط صور لطيور ميلة والتي كانت حسبه، بجودة رديئة، ليقرر بعدها اقتناء أخرى من نوع « نيكون 7100» مع عدسة « سيقما 150-600 ميليمتر» ليكون أول شخص يستعملها في الجزائر، ومؤخرا في سنة 2022 أضاف إلى لوازمه معدات أخرى كلفته 120 مليونا، من بينها عدسة احترافية أساسية من نوع « أف 4، 500 ميليمتر» وكاميرا نيكون « دال 850» التي انطلق في استخدامها شهر نوفمبر المنصرم.
التقاط صورة «للنسر الأحمر» استغرق مني شهرا
يرى رشدي نحال، أن هناك مواصفات أساسية يجب على مصور الحياة البرية أن يمتلكها، أهمها الصبر فالتقاط صورة لطائر أو حيوان ما ليس بالأمر الهين واليسير، فهو يحتاج جهدا بدنيا ووقتا، قائلا أن حصوله على صورة « للنسر الأحمر» بحمام بني هارون أخذ مني شهرا كاملا، إذ كنت أتنقل للمنطقة أيام العطل نظرا لارتباطي بالوظيفة، وفي كل مرة أذهب فيها وأنصب مكانا أختبئ فيه أجد نفسي أنتظر 8 ساعات دون جدوى، إلى أن حالفني الحظ في الزيارة الرابعة.
لا تكون الإضاءة في صالحنا بشكل دائم
يقول نحال، المعرفة بخلفيات التصوير وزاوية الالتقاط وانعكاس الضوء أمور يجب على كل مصور معرفتهم، حتى تكون الإضاءة عاملا مساعدا للمصور لا عدوا له، إذ يجب التمييز بين إضاءة الشمس القوية واللطيفة والخفيفة، فالضوء المنبعث من الخلف أفضل من أجل الحصول على إطلالة جيدة للطائر، كون مستشعر الكاميرا حسب المتحدث، يشبه عين الإنسان فهو يتأثر بالرطوبة والحرارة العالية وكذا التوهج القوي الذي تعرفه الفترة الممتدة من أفريل إلى شهر أوت.
ويؤكد المتحدث، على أهمية معرفة التعديلات الموجودة في الكاميرا كمثلث التعريض الذي يتحكم في فتحة العدسة وحساسية المستشعر وسرعة الغالق، لتحديد كمية الضوء المتسرب إلى الداخل، زيادة على التقاط الصورة بملف « رو» الخام ثم تعديلها ببرنامج « لايت روم».
نجاح المصور مرتبط بثقافته البرية
وأوضح رشدي، أن تصوير الحياة البرية له ارتباط وثيق بثقافة المصور، الذي عليه معرفة كل المعلومات عن الطيور ومكانها المفضل، فطائر «كاسر الجوز القبائلي» الذي يعتبر من أندر الطيور التي توجد بالجزائر فقط، وبخمسة مناطق هي غابة « جبل البابور» بسطيف و حظيرة «تازة» بجيجل وغابات « تامزقيدة» و « جميلة» وجبلي «جردة» بميلة و»تابابورت» ببجاية. ويضيف المتحدث أن أحسن وقت لتصوير طائر «شحرور الغطاس»، هو الفترة الممتدة من ديسمبر إلى غاية مارس، كونه يعيش بالغابات الساحلية وشبه الداخلية لكثافة غطائها النباتي واحتوائها على أودية وجداول تتميز بالماء العذب، حيث يحط الطائر على أشجار «القفت» المحظية، والتي تتساقط أوراقها في فصل الشتاء ما يسهل عملية التصوير لتسلل أشعة الشمس بين الأغصان. فالثقافة البرية حسب نحال، تسهل على المصور والموثق متابعة الطيور المهاجرة التي تقصد الجزائر في فصل الربيع وتغادرها خلال الخريف، أو في الشتاء في الفترة الممتدة من نوفمبر إلى نهاية فيفري، وكذا تمييز الطيور التي تفضل المكوث بالمناطق الصخرية والأماكن المرتفعة التي يفوق علوها 1000 متر كطائر « ذرفة الشعير» المعروف أيضا ببلبل الشعير و عصفور « الشوك الصنوبري».
كما قال فيلالي، إن هناك طيور تتواجد ببحيرات القالة أو بقرباس بسكيكدة وبجبل الوحش بقسنطينة وكذا تمنراست، جيملة، جيجل، سطيف، وجبال الأوراس وجرجرة، فعملية البحث عن طائر « الشحرور الغطاس» يوضح المتحدث أنها دامت سنوات، إلى أن تم تصويره بسكيكدة بعد الاستعانة بأصدقاء من جيجل، مرجعا هذا إلى وجود طيور كثيرة الحركة وأخرى صعبة المنال بسبب سلوكها الخجل كطيور « الدخلة» و» المرعة»، مع تفضيل بعضها التحليق في السماء كطائر « السمامة».
أنواع نادرة نصورها بمواسم الهجرة العبورية
وأفاد فيلالي، أن أفضل فترة يتم فيها العثور على أنواع نادرة من الطيور هي مواسم الهجرة العبورية نزولا من أوروبا أو صعودا من إفريقيا، خصوصا في فصلي الخريف والربيع، أما الخرجات التي نقوم بها كمصورين للحياة البرية في الشتاء والصيف فهي مستهدفة.
من جهته، يؤكد يوسف كريط، أن مصوري الطيور يقصدون المناطق الرطبة بالجزائر، فهي ملاذها المفضل و ملجأها الآمن للاختباء والعيش والتكاثر، ناهيك عن كونها معبرا للهجرة، فقط يستوجب، على حد قوله، اختيار الوقت المناسب للتصوير مع بزوغ ضوء الفجر، أين تكون الطيور في أوج نشاطها، مع استعمال كاميرا بسرعة غالق كبيرة لالتقاط الصور بسرعة، واختيار عدسة ذات بعد بؤري كبير من 300 إلى 600 ميليمتر.
« دليل الطيور» رفيقنا الدائم
أفاد رشدي أن معظم مصوري الحياة البرية يحملون بحوزتهم وخلال خرجاتهم دليل الطيور الذي يحتوي كما هائلا من المعلومات التي تفيدهم في التتبع والترصد، وهو الأمر الذي أكده كل من فيلالي وكريط، كما أكدوا جميعا استفادتهم من خبرة بقية المصورين والموثقين والباحثين في هذا المجال، ناهيك عن الاستعانة بمرشدين من المنطقة المقصودة يتميزون بالكفاءة والمعرفة والمصداقية .
الصدفة جمعتنا بـ « البطريق القزم»
ويرى رشدي أن الحظ والصدفة حليفا المصور، فهما يلعبان دورا كبيرا في حياة موثقي البرية، تماما كالصدفة التي وضعت في طريقه البطريق القزم وهو نافق ببلدية المرسى بسكيكدة، رغم أن المنطقة لم تكن هدفه هو وصديقه كريط يوسف، بل كانت وجهتهما بحيرة صغيرة ببن عزوز لتصوير الطيور ولأسباب معينة غيرا الوجهة.
حيث يقول رشدي أن البطريق القزم أو ما يعرف أيضا بـ « البطريق الصغير» و» أبو موسى»، من المحتمل أن تكون زيارته للجزائر هربا من موجة البرد التي يعرفها أقصى شمال الكرة الأرضية، مؤكدا أنها ليست المرة الأولى التي يأتي فيها إلى بلادنا بل تم توثيق قدومه منذ ثلاث سنوات من طرف سيدة، تحديدا بعين قاية بالعاصمة، إلى جانب توثيقه هذه السنة من قبل آخرين، كما أرجع المتحدث نفوق البطريق إلى إمكانية إصابته بأنفلونزا الطيور، فيما اعتبر كريط سبب وصوله للجزائر بفعل موجات كهرومغناطيسية أثرت على طريق هجرته. ويضيف رشدي، أنه سبق وحالفه الحظ سنة 2018 بجبل الوحش، في تصوير طائر « السيد المطوق»، ليكون بذلك أول شخص يوثق وجوده بالجزائر، من جهته قال يوسف كريط، أنه عن طريق الصدفة استطاع تصوير طائر لا ينتمي لفصائل دول شمال إفريقيا، ويعرف باسم « الصرد التركستاني» وهو يخص دول الشرق الأوسط، ليضاف سنة 2020 إلى قائمة الطيور الجزائرية.
نعتمد أسلوب التخفي والتمويه
ويعتمد مصورو البرية على أسلوب التمويه والتخفي، لتشتيت انتباه الطيور كونها لا تحبذ اقتراب البشر منها، فهي قادرة على الشعور بالأشخاص وشمّ رائحتهم على بعد مسافات طويلة، ما يدفعها للهروب ومغادرة المكان معتبرة إياهم تهديدا لها، حيث يرتدي المصورون بدلات شبيهة بألوان الطبيعة، مع تغطية أنفسهم بأوراق « اللواي» الصناعية، والاختباء وسط النباتات والشجيرات القصيرة، أو استعمال خيمة التخفي التي تتوفر على فتحات صغيرة تسمح للمصور بالتقاط الصور بكل سهولة.
هواية محفوفة بالمخاطر
رغم شغف مصوري الحياة البرية بتصوير الحيوانات والطيور، إلا أن مجالهم يبقى محفوفا بالمخاطر، فهم يعرضون حياتهم لخطر الانزلاق أو السقوط من مرتفعات عالية، أو الإصابة بطلق ناري من الصيادين أثناء التخفي، وهو الأمر الذي يخيف المصورين أكثر من مصادفة حيوانات برية كالخنازير والذئاب، فالأخيرة على حد قول كريط خجولة تفر مباشرة لمجرد رؤية البشر، فخطرها يكون في حالة واحدة وهي في قطيع، إلى جانب الخوف من الوقوع بين أيدي السلطات أثناء التجول بالجبال، كون ثقافة تصوير البرية منعدمة في بلادنا، فالكاميرا تعتبر أداة ممنوعة، إلى جانب بعض الإزعاجات التي تصدر من سكان الريف.
البروفيسور خدير مداني مدير مركز البحث في تكنولوجيات التغذية الزراعية
الصبار يحمي البيئة من الحرائق والتغيرات المناخيــــــــة
تحدث أمس البروفيسور خدير مداني مدير مركز البحث في تكنولوجيات التغذية الزراعية ببجاية، و باحث في المجال الزراعي، للنصر على هامش فعاليات ملتقى وطني حول التنوع البيولوجي للحياة البرية، بجامعة الإخوة منتوري قسنطينة 1، عن دور شجرة الصبار في حماية البيئة من خطر الحرائق، و تأثيرات التغيرات المناخية، و كذا دوره في الحفاظ على الثروة الغابية، و في تحسين جودة المحاصيل الزراعية و المساهمة في مضاعفة كمية المنتوج.
أسماء بوقرن
و قال البروفيسور خدير مداني للنصر بأنه أجرى دراسة معمقة حول نبات الصبار و فاكهة التين الشوكي، اكتشف خلال انجازها مدى أهمية النبتة في الحفاظ على البيئة من كل الأخطار المحدقة بها ، سواء المتعلقة بالتغيرات المناخية و كذا الحرائق، التي أضرت بالثروة الغابية و أتت على مساحات شاسعة من الغابات، حيث دعا إلى ضرورة تكثيف غرس هذه النبتة في مختلف المناطق و بالأخص الغابية، و ذلك بإحاطتها بنبات الصبار، الذي يعد بمثابة جدار عازل يقي من الحرائق، و يمنع انتشار ألسنة اللهب.
و أضاف ذات المتحدث بأن نبتة الصبار تقاوم التغيرات المناخية، و دائمة الخضرة إذ تنمو بشكل عمودي ارتفاعه بين 3 أمتار و نصف و 5 أمتار ، تتميز بسهولة زراعتها و مقاومة للجفاف و لدرجات الحرارة كما لها قدرة عالية على التكيف مع التربة الفقيرة، كما أن تكلفة إنتاجها قليلة في المقابل توفر محاصيل وفيرة بنوعية جيدة، مردفا بخصوص كمية المحاصيل التي يتم جنيها من نبتة الصبار، بالتأكيد بأنه يتم إنتاج 300 طن من لوح الصبار في مساحة واحد هكتار، و 30 طنا من فاكهة التين الشوكي في مساحة واحد هكتار، و قد دعا في هذا الخصوص المستثمرين في القطاع الفلاحي إلى التوجه نحو الاستثمار في غرس نبات التين الشوكي، الذي أصبح منذ سنة 2019 شعبة قائمة بذاتها، و كذا لإقامة مشاريع ذات صلة باستغلال بقايا الثمار و ألواح الصبار في إنتاج مستحضرات طبيعية، لدعم السوق المحلي و تخفيف الأعباء عن ميزانية الدولة.
الذهب الأخضر سلاح لمجابهة التغير المناخي
و عن استغلال نبات الصبار الأمثل في القطاع الفلاحي، قال بأنه يساعد بشكل كبير جدا في مضاعفة مردود المحاصيل الزراعية و تحسين جودتها، خاصة في الظرف الراهن الذي يواجه فيه القطاع الفلاحي صعوبات متعلقة بالتغيرات المناخية و مشكل نقص المياه و ملوحة المياه و ارتفاع درجة الحرارة، حيث تساعد زراعة نبتة الصبار في حل عدة مشاكل، من خلال زراعته في محيط المحاصيل الزراعية خاصة القمح و الشعير و الزيتون، و ذلك باعتماد طريقة زرع مدروسة، و ذلك بأن يكون نبات الصبار كجدار فاصل بين المحاصيل، و مواز مثلا لأشجار الزيتون أو أي محصول زراعي آخر، بحيث يحد الأشجار من الجهتين ليضمن الحماية و يزودها بالعناصر الغذائية المهمة التي تساعد في نمو المحصول، كما أكد الباحث على أهمية زرع النبتة في محيط حقول إنتاج الحبوب حيث تمدها بقيمة غذائية كبيرة، مشيرا إلى أن الصبار من النباتات المهمة في الأمن الغذائي العالمي، و استخدامه الأمثل يساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني و تحريك عجلة التنمية الفلاحية.
استخلاص الخل وصناعة المعجون من بقايا الصبار
ذات المتحدث أردف بأن التين الشوكي المعروف بتسمية الذهب الأخضر و فاكهة الفقراء، لا يساهم في حماية البيئة من كل الأخطار المحدقة بها فحسب، و إنما يمكن استغلال مختلف أجزائه سواء الثمار أو لوح الصبار، في إنتاج مستحضرات التجميل و استخلاص الزيت و الخل، و كذا في صناعة المعجون، كما حث على عدم التخلص من بقايا التين الشوكي، بل يجب استغلالها في صناعة سماد عضوي لحماية التربة، أو لاستخدامه كعلف للمواشي طيلة السنة خاصة في فترة الجفاف.
وضرب الباحث مثالا بعينة عن إحدى المناطق التي حققت نقلة في غرس الصبار، و هي منطقة سيدي فرج بولاية سوق أهراس، حيث بدأ منذ 30 سنة الاستثمار في زراعة بالتين الشوكي، و ذلك على مساحة 80 ألف هكتار استغلت إجماليا في غرس التين الشوكي و قد ساهم ذلك في إنعاش اقتصاد المنطقة، مشيرا إلى أنه يجب استغلال مؤهلات الفلاح الجزائري لبعث زراعة التين الشوكي.
و شدد في سياق آخر على ضرورة زراعة نبات الصبار على حواف الطرقات و خاصة الطرق السيارة و كذا على جانبي السكك الحديدية لتفادي انجراف التربة وتضرر الطرقات، حيث تساهم نبتة التين الشوكي في تماسك التربة و صلابتها.
- التفاصيل
- الزيارات: 4339
في صحراء الجزائر حياة برية لا نعرف عنها الكثير
استطاع ابن ولاية بشار، والباحث في التنوع البيئي رضوان طاهري، أن يكسر الصورة النمطية المتداولة عن صحراء الجزائر، من خلال فلمه الوثائقي « العالم المفقود» في سلسلته الأولى « الساورة البرية»، الذي انطلق بثه على التلفزيون الجزائري شهر أكتوبر المنصرم، ليصنع الحدث ويكون حديث رواد مواقع التواصل، بعد النجاح الكبير للعمل، الذي قال مخرجه للنصر، بأن الهدف منه ليس الشهرة أو كسب المال، بل التعريف بالثروة الحيوانية التي تزخر بها صحراء الجزائر مع تغيير بعض المفاهيم و نشر الثقافة البيئية و الوعي بضرورة حماية الحيوانات من الانقراض.
رميساء جبيل
سوف أقدم للعالم مفاجأة عن حيوان منقرض
ـ النصر: كيف ولدت فكرة العمل وهل رضوان طاهري مخرج هاو أم أن لديك تجربة مسبقة في المجال؟
ـ رضوان طاهري: أنا باحث في التنوع الحيواني وكذا منتج ومخرج لأفلام سينمائية من مدينة بشار، أملك وكالة إعلامية بالعاصمة، إلى جانب اهتمامي بحماية البيئة والتنوع الحيواني، متحصل على شهادتي تقني سامي في الإعلام الآلي و الإخراج، مع ذلك أعرف نفسي على أنني عصامي أدرس وأبحث في شتى المجالات، ولعل هذا الجانب ظهر من خلال عملي، بدليل أن هناك منتجين أجانب اتصلوا بي ليخبروني أن أسلوبي في الإخراج فريد من نوعه، لأنه يتلاعب بعقل ومشاعر المتلقي وهي طريقة عمل تخضع للقواعد التي يتم تداولها وتدريسها في الجامعات.
فكرة العمل تعود إلى زمن الطفولة، فمنذ صغري وأنا مهتم بالطبيعة و أشاهد عن كثب حركة الحيوانات، وقد لفت انتباهي مع مرور الزمن اختفاء بعض الأصناف بفعل الصيد الجائر، و هذا ما دفع بي في البداية إلى الانخراط في جمعيات الدفاع عن البيئة والحيوانات، ثم قررت تعزيز النشاط عن طريق الانتقال للعمل السمعي البصري، كي أدفع المشاهد إلى الانخراط في القضية.
بدأت سنة 2013، في جمع المعلومات و الاطلاع على البحوث، إلى جانب النزول إلى الميدان وتتبع أثر الحيوانات للظفر بصور وفيديوهات وكل ذلك بإمكانياتي الخاصة، وفي سنة 2018 أنهيت التصوير والإعداد والتركيب وبدأت في البحث عن ممول، وقد نشرت حينها أبحاثا جديدة في جرائد علمية عالمية بعضها يتحدث عن الوعل الجبلي والخفافيش.
قسمت محتوى الوثائقي إلى سبع حلقات مدة كل واحدة منها 26 دقيقة، وتم إخراجه بأسلوب روائي شبيه بالأفلام و استطعت فيه التعبير عن مشاعر الحيوانات والتحدث عن حقائق علمية، وهي طريقة تجعل المشاهد يندمج مع القصص.
جدير بالذكر، أن الحلقة الأخيرة ستعرض مفاجأة عن حيوان ظن العالم أنه انقرض منذ أكثر من نصف قرن لكنه ما زال يختبأ في صحراء الجزائر.
أعدت لمّ شمل الأسرة الجزائرية حول الشاشة
ـ هل كنت تتوقع النجاح الذي حققه وثائقي « العالم المفقود»؟
ـ لم أبن أية توقعات على العمل، كل ما في الأمر أني ركزت على تحسين جودة منتجي دون الاعتماد على ما سيحصده من نتائج، لهذا أعددت وثائقيا يتناسب مع جميع الأعمار والأذواق ويلقى اهتماما من الجميع وليس حكرا على فئة دون أخرى، فكثير من التعليقات على منشوراتي عبر فيسبوك، تؤكد أن هذا الوثائقي قد أعاد لم شمل الأسرة الجزائرية في غرفة واحدة أمام الشاشة.عملت على تقديم الجديد للمشاهد بطريقة ممتعة لا ملل فيها تجعله متشوقا لمعرفة النهاية، و تجنبت البديهيات فالمتابع لا يبحث عن الدروس بل يريد المتعة والتشويق، و نجاح المخرج يعتمد على الابتكار والتجديد و الابتعاد عن النمطية.
ـ فيما تكمن قيمة الوثائقي ؟
ـ العمل أطلق صفارة إنذار و تحذير مفادها أن الطبيعة في خطر، وأن الحيوانات تنقرض وذلك قد يخلف خللا في التوازن البيئي، و المؤسف أن قلة من الناس فقط يهتمون لهذا انتهجت طريقة تجعل المشاهد يفهم الرسالة من خلال التأثير على حاستي السمع والرؤية لديه وإثارة مختلف المشاعر في داخله، فوضعته في صورة ما تتوفر عليه بلادنا من ثروات ثم أخبرته بالمخاطر التي تتهددها.
هل تلقيت عروضا من قنوات عالمية متخصصة في البيئة لإعادة بث الوثائقي أو العمل على آخر مثلا؟
ـ نعم تلقيت، فالمنتجون الأجانب الذين أشادوا بعملي تواصلوا معي من أجل إنتاج عمل مشترك بشمال إفريقيا، مع العلم أن لهم أعمال تبث في قناة « بي بي سي» البريطانية، لكنني رفضت حاليا، حتى أكمل مهمتي في بلدي، فأنا أسعى لنشر الثقافة البيئية بغية حماية الثروة الحيوانية، لكن هذا لا يعني إلغاء احتمال المشاركة في أعمال أجنبية، بل سيأتي ذلك اليوم شريطة العمل من بلدي دون الانتقال للعيش في دولة أخرى، حينها أكون قد بلغت الرسالة ونشرت الثقافة البيئية التي من شأنها أن تخدم الإنسانية والبيئة والوطن وتروج للسياحة أيضا.
ـ هل يكلف هذا النوع من الوثائقيات الكثير وما الذي يحتاجه تحديدا ؟
ـ أنا محترف في مجال التصوير أملك وكالة سينمائية إعلامية و أعتمد في الإنتاج على تقنيات عالمية في التصوير والإعداد والتركيب، كما أستعمل كاميرات ليلية ومائية وكاميرا بدون طيار « الدرون» وأيضا كاميرا مخصصة للتصوير في البرية بإمكانها التقاط فيديو على مسافة بعيدة حتى لا يهرب منا الحيوان.
هذه الحيوانات نادرة و يتهددها الانقراض
ـ لماذا الصحراء تحديدا وهل كان العمل فيها صعبا؟
ـ الصحراء هي موطني الذي ولدت وترعرعت فيه وأنا أدرى بخباياها، ناهيك عن كونها من المناطق الأكثر عرضة للإهمال والخطر، ففي الشمال رغم النقائص، لكن توجد محميات للحفاظ على الثروة الحيوانية، عكس الصحراء المفتوحة أين يتعرض الحيوان لمختلف الاعتداءات. لهذا أسعى للتوعية حتى نتفادى ما حصل مع الغزال الأحمر الجزائري الذي انقرض، إلى جانب نوع من الوعل الجبلي الذي كان يعيش بين وهران ومعسكر، كما توجد سمكة التاورانسيس بواد التاورة مهددة بالانقراض.
الصحراء قاسية و العمل فيها ليس سهلا أبدا، فمع التوغل في المنحدرات و تسلق المرتفعات، و تحدي الرعود والأمطار الطوفانية التي تشهدها المنطقة، كنت أعرض حياتي لخطر السقوط والموت، و أضاعف احتمال أن تنتهي قصتي و تدفن بجواري كل أبحاثي وأعمالي قبل أن يراها المشاهد.
ـ حدثنا عن مغامراتك في البرية و المواقف التي صادفتك خلال فترة التصوير؟
ـ كنت أصور طوال أشهر السنة وفي جميع المواسم، و أمكث في البرية لفترات طويلة، حتى أستطيع ترصد الفرص و أصور الحيوانات التي قد تهرب قبل أن أصل بسبب رائحتي التي تحملها الرياح، على غرار ما حدث مع الوعل الجبلي الذي عانيت لأجده، لكنه هرب راكضا لحوالي 8 كيلومترات وسط الصحراء. هي بالعموم تجربة شاقة فمن الصعب أن يقطع الإنسان مسافات طويلة بحثا عن سمكة في مختلف البرك خصوصا في فصل الصيف و الجفاف، وذلك لتصوير السمكة و نقلها إلى مكان أكثر ملاءمة للعيش و التكاثر.من التحديات الصعبة أيضا، كان إعداد موسيقى خاصة بهذا الوثائقي لأن شرائها يكلف الكثير، وهذا ما دفعني رغم قلة خبرتي في المجال، إلى تأليفه 90 بالمائة منها، لأن الموسيقى هي لغة ثانية تخاطب المشاعر، وعن طريقها فقط يمكن للمشاهد أن يعيش معي جزءا من الدراما التي كنت أعيشها وسط البرية، خصوصا وأني أعتمد في هذا الوثائقي على السيميولوجيا لمخاطبة العقل الباطن للإنسان.
الحلقة الأخيرة سوف تجيب عن لغز الوحش
- ما هي الحقائق و الاكتشافات التي توصلت إليها خلال هذا الوثائقي؟
ـ اعتمدت في إعداد الجانب النظري من الوثائقي على مساعدة من باحثين تظهر أسمائهم في الجينيريك، من أمثال الباحثة لويزة درويش، وقد حاولت ميدانيا أن أقدم إضافة جديدة، على غرار ما أسميته لغز الوحش، فالوعل هو ضحية وفريسة لهذا الوحش الذي سيظهر في الحلقة الأخيرة أين سيكون فيها تتبع للمسار، مع العلم أنه سبق لي و أن حضرت ملتقى علميا في جامعة برتغالية سنة 2014، أين طرحت عليهم قضية أنه لا يوجد نوع واحد من الوعل الجبلي وإنما هناك 3 أنواع وهم وعل الشمال ووعل البحر الأبيض المتوسط و الوعل الصحراوي، ويكمن الفرق في الانقسام الجيني الذي حصل منذ 1.3 مليون سنة.
حاولت خلال العمل أيضا، على تصنيف بعض من الأنواع من خلال الملاحظة البصرية و خبرتي في علم الحيوانات و في حالة راودني الشك وأصابتني الحيرة أبدأ بالبحث في الكتب والبحوث العلمية، إلى جانب أني دقيق الملاحظة فريشة واحدة من شأنها أن تصنع الفارق عندي، وأستطيع من خلالها تحديد النوع والفصيلة، وكثيرا أيضا، ما كنت أرسل عينات لبروفيسور في العاصمة من أجل التشخيص الجيني الوراثي في الخارج، وقد كنا ننتظر أشهرا للوصول إلى النتيجة، علما أن تكلفة بعض الأبحاث كانت على عاتق الباحثين، أما إرسال العينات إلى الخارج فيتم من ميزانيتي الخاصة.
حققت اكتشافات مهمة بمنطقة الساورة
ـ حدثنا عن البحيرات التي اكتشفتها في منطقة الساورة بعد تتبعك لأنواع من الطيور وهل تعمدت عدم ذكر أسماء المواقع؟
ـ نعم خلال تتبعي و بحثي عن أنواع معينة من الطيور اكتشفت أنواعا من المعلوم أنها لا تعيش إلا في المواطن التي يتواجد بها ماء حتى تعيش على ضفافها وتقتات منها، وبعد التربص بها وملاحقتها اكتشفت أن المنطقة تتوفر على بحيرات صغيرة لا يعرفها كثيرون، لكونها تبعد آلاف الكيلومترات عن أماكن استقرار الإنسان، والصوت والصورة يقطعان الشك باليقين ويغيران الكثير من المفاهيم المتداولة عن الصحراء.
بالنسبة لأسماء المواقع، أجل تعمدت عدم ذكرها، حتى لا يسهل على الصيادين إيجاد الحيوانات والقضاء عليها خصوصا وأن المنطقة تعرف إقبالا كبيرا من صيادين يقصدونها من شتى الولايات فحتى القنافذ لم تعد تسلم منهم لأن هناك من يأكلونها.
ـ ماذا عن عناوين الحلقات لماذا اخترت لها الغموض أيضا؟
ـ العناوين مدروسة ولم توضع عبثا، وهي انعكاس للتميز الكبير الذي تعرفه الحياة في الساورة، على غرار المعركة بين الأفاعي والنسور، و وجود السمك في الصحراء التي تأوي أيضا، طير الرفراف الأوروبي المهاجر من القارة العجوز إلى القارة السمراء.
عندما اخترت عنوان « حياة من عدم» قصدت تغيير نظرة الناس للصحراء، و جميع الحلقات لا تخلو عموما من ألعاب العقل، لأن العناوين تعد ألغازا و لكل كلمة مفهوم و دلالة، تماما كما يرمي إليه عنوان الوثائقي « العالم المفقود» وأصل التسمية، أن الأرض تفقد بشكل يومي أنواعا عديدة من الحيوانات التي تنقرض بسبب النظام العالمي وتأثيره على البيئة التي سيتغير شكلها كثيرا مستقبلا بشكل سلبي بسبب ضعف الوعي بالمخاطر، خصوصا في مجتمعاتنا. بشار مثلا، كانت هي المنطقة الوحيدة في العالم التي تضم 3 أنواع من الغزلان، لكن للأسف تم القضاء على نوعي « الريم والأطلسي» و هرب النوع الأخير إلى المناطق الجبلية.
ـ ما جديدك؟
ـ أعمل حاليا، على وثائقي آخر وجدت ممولين له، وهو مشروع جزائري سيتم تصويره في منطقة أخرى، كما أستعد لإنتاج الموسم الثاني من وثائقي العالم المفقود، في حال وجدت ممولين له.
التشجير و استعمال الطاقات النظيفة و منع الهدر المائي لمواجهة العواقب
التغيرات المناخية تطال مصادر الغذاء
يعد قطاع الزراعة و إنتاج الغذاء بالجزائر الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية المتسارعة التي يعرفها كوكب الأرض في السنوات الأخيرة، و لا سيما منطقة حوض المتوسط و شمال إفريقيا التي طالتها آثار الأزمة المناخية المثيرة لقلق العلماء و قادة الدول، و المهددة للسلم و الأمن الغذائيين حول العالم.
فريد.غ
و بمرور السنوات تشتد عواقب التغيرات المناخية بالجزائر، البلد المتوسطي الأقل تلويثا للكوكب، لكنه يدفع ثمن الملوثين الكبار الذين تسببوا في احترار كوكب الأرض و الانبعاثات الغازية الناجمة عن الأنشطة البشرية المختلفة.
و يرى خبراء الزراعة و المناخ بالجزائر، بأنه حان الوقت للقيام بالمزيد من الخطوات العملية المفيدة للتخفيف من تأثير التغيرات المناخية على إنتاج الغذاء، مؤكدين في ملتقى جرى بولاية قالمة مؤخرا، بأن الجزائر مقبلة على مزيد من العواقب المناخية إذا استمر احترار الكوكب لسنوات أخرى، و فشل قادة العالم في التحكم في الوضع و المحافظة على معدل احترار لا يتجاوز 1.5 درجة عما كان عليه قبل الثورة الصناعية المنتجة للغازات الدفيئة.
و يعرف خبير الزراعة و المناخ، عاشوري جاسر التغيرات المناخية بأنها تحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة، و أنماط الطقس، مضيفا بأن الأنشطة البشرية هي المسبب الرئيسي لهذه التغيرات المناخية المتطرفة، و من بين هذه الأنشطة حرق الفحم، و البترول و الغاز، إنتاج ثاني أكسيد الكربون (co2) و بخار الماء (H2o) و الميثان (CH4) و بروتوكسيد الآزوت، و النفايات المنزلية و نفايات تربية الحيوانات و لا سيما الأبقار التي تعد من بين مصادر غاز الميتان، إلى جانب الأنشطة الصناعية و الأسمدة الزراعية و قطع الأشجار و الاستعمال المكثف للمكيفات.
و حسب المتحدث فإن هذه الأنشطة البشرية المتزايدة لها عواقب وخيمة و مباشرة على البيئة، كارتفاع الحرارة و مستوى البحار، و ارتفاع حرارة المحيطات، و هطول الأمطار الغزيرة المسببة للفيضانات، و الحرائق و غيرها من الكوارث الطبيعية الأخرى، مؤكدا بان العواقب غير المباشرة للتغيرات المناخية تتعلق بأزمة الغذاء، و انتشار الأمراض و تدهور صحة الإنسان و تهديدات الوجود و الحياة على كوكب الأرض.
و قال الخبير عاشوري جاسر للنصر بأن القطاع الزراعي بالجزائر و بغيرها من دول العالم هو الأكثر عرضة للأخطار المناخية ذات التأثير الكبير على المحاصيل و الشعب الزراعية المختلفة، كالأشجار المثمرة، و المحاصيل الكبرى كالقمح، و منتجات البيوت البلاستيكية، و بالتالي يصبح الأمن الغذائي على المحك بسبب الفيضانات و الرياح القوية و السيروكو، و البرد و الجليد و العواصف و الحرائق، و تؤدي هذه المخاطر إلى نقص في الإنتاج و المردود و تذبذب النمو.
و يعمل الفريق الحكومي الدولي لخبراء المناخ الذي يضم 196 دولة بينها الجزائر، على تقييم الوضع و التوجيه في كل ما يخص التغيرات المناخية، و إعداد تقارير منهجية عن العمليات الوطنية لحصر غازات الاحتباس الحراري. و يرى عاشوري جاسر بأن التامين على المخاطر المناخية صار ضرورة ملحة لحماية منتجي الغذاء، و مساعدتهم على مواصلة العمل، من خلال تعويض الخسائر الناجمة عن التطرف المناخي، و تدريب المزارعين على التكيف مع الوضع المناخي المستجد، و توسيع عمليات التشجير و استعمال الطاقات النظيفة، و النظم المعلوماتية " SIG " و تسيير المياه على أحسن وجه، و اكتساب ثقافة الخطر و البيئة. و تعد محاصيل القمح الأكثر عرضة للتغيرات المناخية في الجزائر حسب خبير الأخطار المناخية و تأثيرها على مصادر الغذاء بالجزائر، أبو عيسى ضرار الذي حدد 3 مخاطر كبرى هي البرد و الفيضانات و الحرائق، مؤكدا بأن البرد يحدث خلال عاصفة عنيفة، و هو بلاء حقيقي على المزارعين، حيث يتسبب في أضرار بالغة لمختلف المحاصيل الغذائية، و في مقدمتها محاصيل القمح، حيث يتسبب في اضطراب نمو نبتات القمح و كسر أجزاء منها و تقطيعها، و إضعاف مقاومتها للأمراض و تأثيرات الجفاف، و كل ما كان سقوط البرد بين شهري أفريل و ماي فإن أمل سلامة و تجدد النباتات يكون ضعيفا للغاية، مما يؤثر على المردود. و قد تكون عاصفة البرد أشد تدميرا كلما تقدم نمو حقول القمح و بلوغها مرحلة النضج بين شهري ماي و جوان. كما تعد الحرائق و الفيضانات، حسب المتحدث، من بين الظواهر المناخية المتطرفة التي أصبحت تعرفها الجزائر في السنوات الأخيرة، و لها آثار وخيمة على محاصيل القمح و مصادر الغذاء الأخرى. و من أكثر الأخطار المناخية تأثيرا على زراعة الخضر و الفواكه بالجزائر، البرد و الصقيع و الفيضانات و الأعاصير و رياح السيروكو.
و تعمل الدولة الجزائرية على حماية منتجي الغذاء من مخاطر التغيرات المناخية من خلال تدريبهم على التكيف مع المستجدات المناخية، و تأمين المحاصيل و دعم برامج التشجير، و تطبيق المسارات التقنية، و التوجه إلى الطاقة النظيفة و تكثيف الزراعات المقاومة لموجات الجفاف، التي أصبحت تميز الجزائر في السنوات الأخيرة، و أصبح تأثيرها واضحا على مصادر المياه و المحاصيل الزراعية الاستراتيجية.
ف.غ