- التفاصيل
- الزيارات: 802
إدماج المفاهيم الخضراء يحافظ على الطاقة والموارد الطبيعية
يرى الخبير الأردني في مجال الأبنية الخضراء والاقتصاد الأخضر محمد عصفور، أن إدماج المفاهيم الخضراء في البيئة المحلية والإقليمية، أضحى أمرا ضروريا لا يجب إغفاله، خصوصا مع التغيرات المناخية المتطرفة التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة، والتي أدت إلى ظهور كوارث طبيعية مفاجئة على غرار الفيضانات والزلازل والحرائق وحتى التصحر والجفاف.
رميساء جبيل
وأكد الخبير في حوار مع النصر، على هامش ملتقى بيئي دولي احتضنته قسنطينة مؤخرا، أنه حان الوقت لنشر الوعي والثقافة البيئية، وسن قوانين وتشريعات، بهدف إنشاء أبنية خضراء صديقة للبيئة، تُخفف من حدة الانبعاثات الكربونية وتقلص من حجم استهلاك الطاقات والموارد البيئية القابلة للنفاد.
النصر: كيف تدمج المفاهيم الخضراء في البيئة المحلية والإقليمية ؟
ـ محمد عصفور: يكون ذلك من خلال إنشاء وإقامة أبنية خضراء صديقة للبيئة، سواء من ناحية استهلاك الموارد الطبيعية أو الطاقوية، أو من حيث الموقع المختار لإنشاء مجموعة من الأبنية المستدامة، منذ وضع مخطط المشروع وتصميمه، إلى غاية الانطلاق في أشغال البناء والاستدامة وحتى في إعادة الترميم، فمصطلح البناء الأخضر يرمز بشكل خاص إلى مبنى تم تصميمه وتنفيذه وفق معايير تحقق الاستدامة والفعالية، وتتوافق مع البيئة من ناحية تقنيات البناء والمواد المستخدمة ولا تتسبب في إتلاف موارد بيئية.
سياسة تقلص حجم الانبعاثات الكربونية وتحافظ على الموارد
فيما تكمن أهمية إدماج هذه المفاهيم في البناء؟
ـ القيام بهذه الخطوة مهم جدا لكل دولة، نظرا للفوائد الكبيرة التي يتم تحصيلها سواء على المدى القصير أو البعيد، بدءا بتقليص حجم الانبعاث الكربوني في الهواء، وكذا تخفيض تكلفة الموارد الكهربائية والمائية وغيرها، زيادة على الانعكاسات الإيجابية على صحة القاطنين والعاملين في المباني الخضراء، كما أن لها آثارا اقتصادية جيدة وحتى انعكاسات اجتماعية إيجابية.
و من المهم أن يقوم صناع القرار والخبراء والجامعات والهيئات المعنية، بدمج أصحاب الخبرة المختصين في مجال الأبنية الخضراء في التخطيط لسياسات التعمير، مع التركيز على الجانب الأكاديمي أيضا، وإدراك أن هذه العملية مشتركة لتحقيق مشاريع ناجحة على كل الأصعدة والمستويات وتشمل القطاع العام والخاص والأكاديميين.
إلى أي حد تحقق المفاهيم الخضراء التوازن البيئي الحضري ؟
ـ تستهلك مختلف الأبنية التقليدية الموارد بشتى أنواعها وبشكل كبير يفوق الحجم العادي، ما يؤدي بالضرورة إلى تدهور النظام البيئي، على عكس المباني الخضراء المشيدة، فهي تعمل على تخفيف حدة الأثر السلبي، ولهذا تحديدا من الضروري نشر الوعي البيئي، لإدراك أهمية المحافظة على الموارد البيئية الطبيعية لتفادي التغيرات المناخية ونفاد مخزون الطاقة والمياه وتجنب التلوث البيئي.
الأبنية الخضراء والموائل الطبيعية حاجز أمام التغيرات المناخية
ما هي أنجع السبل لمواجهة التطرفات المناخية التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة؟
ـ يجب التطرق إلى آليتين يتم الاعتماد عليهما عندما نتكلم عن مواجهة الآثار المترتبة عن تغير المناخ، أولها التكيف، و نحتاج هنا إلى إقامة منشآت ومبان ذات مناعة وحصانة، من خلال التخطيط المستدام مع مراعاة الظروف الجوية المتطرفة التي قد تظهر فجأة في المستقبل، على غرار الفيضانات وارتفاع درجات الحرارة في أماكن و انخفاضها في مناطق أخرى.
أما من ناحية معالجة الأسباب للتغيرات المناخية الطارئة، فيجب إدراك حقيقة أن المباني التقليدية تتسبب في حوالي 39 بالمائة من الانبعاثات، وبالتالي يستوجب العمل على التقليل من تواجدها، لتخفيف حدة آثارها السلبية على المناخ، كما أن إعادة بناء الموائل الطبيعية في المدن من غابات ومروج وأنهار ومراع، من شأنه إعادة التوازن للمنظومة البيئية، والتقليل من أثر الجزيرة الحرارية، وهو مصطلح يقصد به المناطق الحضرية والمدن الكبرى التي تتميز بالدفء غير الطبيعي مقارنة بالمناطق الريفية، بسبب الأنشطة البشرية المتمركزة فيها، زيادة على أن الموائل الطبيعية تساعد في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وهو أمر أشدد وأؤكد على ضرورة الأخذ به واعتماده في المدن.
أذكر أيضا، أن الأبنية الخضراء المستدامة تعتبر من الفرص الجيدة لمكافحة التغيرات، والتخلص من 98 بالمائة من الانبعاث الكربوني الناجم عن تشغيل الإنارة الصناعية وأجهزة التكييف وتخفيف 11 بالمائة من الكربون الكامل، الذي تضاعف في السنوات الأخيرة. فضلا عن أن الاهتمام بالأبنية الخضراء، مشروع داعم للصناعات المحلية، من ناحية استهلاك الكربون الكامل الذي سيكون أقل سعرا في حال تم تصنيعه محليا، مقارنة بالمستورد من الدول الأخرى، فضلا عن توفير العمران الأخضر لبيئة صحية تساعد على الإنتاجية.
ما هي أبرز التحديات البيئية التي تتعرض لها الدول العربية، وعلى وجه الخصوص دول البحر الأبيض المتوسط ؟
ـ تعاني مناطق جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط، من مشكلة التصحر التي ترتبط في الأصل بتراجع الهطول المطري، زيادة على الرعي الجائر ومشاكل أخرى متعددة تتطلب معالجة سريعة، ناهيك عن التلوث البيئي المنتشر بكثرة والذي يستوجب تدخلا للتقليل من حدته وآثاره السلبية، فنوعية الهواء المستنشق وجودته مهمان سواء داخل الأبنية أو خارجها في المحيط العام.
أشير هنا تحديدا إلى ما شاهدناه في ليبيا، من فيضانات فجائية أودت بحياة كثير من الناس، سببها التغير المناخي الذي يواجهه العالم في السنوات الأخيرة والذي يعد خلفية مباشرة لحرائق الغطاء الأخضر من غابات ومحاصيل زراعية إلى جانب كثير من التحديات البيئية الأخرى التي تواجهها الدول و تستدعي إجراءات صارمة وتدخلات سريعة.
يجب سن قوانين وتشريعات لمواجهة التحديات البيئية
قلت إن ما يشهده العالم يستدعي تدخلا سريعا، كيف يكون ذلك؟
ـ يمكن القول إنه يجب القيام بأمرين، أولهما الانطلاق في سن وتشريع قوانين تدعو لمواجهة هذه التغيرات المناخية المتطرفة، وتسهل إنشاء مشاريع صديقة للبيئة، إلى جانب وجود مبادرات تحسيسية وتوعوية موجهة للمواطنين والمؤسسات والمصالح المعنية للتعريف بهذه التحديات، و التأثير على سلوكيات الأفراد، واعتماد أفعال أكثر استدامة لا تضر بالبيئة والصحة العامة.
علينا أن نفهم كذلك، أن تطبيق بعض القوانين، لا يكون ناجحا بشكل كامل في غياب الثقافة والوعي البيئي بين الشعوب، فالاقتناع الداخلي بجدوى التحول نحو نمط حياة بيئي مستدام سيعود بمنفعة كبيرة.
ما هي المبادرات الدولية والعربية الواجب القيام بها لتحقيق حياة بيئية مستدامة ؟
ـ من وحي تجربتي وخبرتي في المجال، أقول إن وجود نظم هيكلية لجهات غير بيئية تُعنى بالتغيير المناخي والأبنية الخضراء والتنوع الحيوي، مهم جدا لإيصال الصوت بشكل أكبر وأسرع إلى المؤسسات المعنية وأصحاب القرارات الرسمية، إلى جانب ضرورة القيام بأبحاث مختلفة مرتبطة بالموضوع.
صراع الأسلحة يخلف انبعاثات تخل بالتوازن البيئي
يشهد العالم صراعات تستخدم فيها أسلحة مختلفة كالفسفور الأبيض، مع تسجيل خسائر في الأرواح والمباني و تأثير مباشر على المحيط، كيف تؤثر هذه الأحداث على توازن المنظومة البيئية ؟
ـ للأسف الشديد عندما تحدث الحروب والنزاعات، فإن البيئة هي آخر المواضيع التي يتم التطرق إليها والتحدث عنها، رغم أهميتها الكبرى في الحياة الآمنة والصحية، ففي غزة مثلا، لا يتوقف الأمر على مسألة القنابل المستخدمة، لأن حجم الانبعاثات الملوثة سيكون كبيرا و له آثار وانعكاسات جد سلبية على المدى القصير البعيد كذلك، خاصة وأن مجرد هدم المباني وإعادة بنائها يتطلب استنزافا للموارد في المنطقة.
كما أن هذه السلوكيات تهدد الكرة الأرضية، وتؤدي إلى إحداث تغيرات مناخية، وكذا تلوث الهواء وتصبح مياه سدود وآبار وأنهار غير صالحة للشرب أو الاستعمال، كما تتلوث التربة وتصبح غير قابلة للاستعمال في بعض الحالات.
- التفاصيل
- الزيارات: 753
- الصنوبريات - كنز محمية جبل الوحش بقسنطينة
تعد الغابات الصنوبرية وجهة شهيرة للسياحة وأنشطة الهواء الطلق ويرجع ذلك إلى الجمالية التي تضفيها أشجارها على المكان، فضلا عن الرائحة الزكية التي تنشرها في الأرجاء المحيطة بها، والتي تساعد في تلطيف الهواء لاسيما صيفا. كما تعمل الصنوبريات على تقليل التلوث وتعزز من توازن النظام البيئي في المناطق التي تنمو فيها، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من الغطاء النباتي، في العديد من المناطق حول العالم باعتبارها من النباتات المعمرة التي تختص بالكثير من الفوائد، وبدورها تتجه الجزائر، نحو توسيع عملية زراعتها للانتفاع من خصائصها الاقتصادية والصحية، ولذلك تبرمج بقوة خلال حملات التشجير وطنيا، و قد استفادت قسنطينة مؤخرا من عدد معتبر من الشتلات التي غرست بمحمية جبل الوحش.
إيناس كبير
وتشتهر أشجار الصنوبر بقوة خشبها وجودته، فيما يصل ارتفاعها إلى 25 مترًا، فضلا عن أنها تتلاءم مع كل أنواع التربة، خصوصا الصخرية، وتعد منطقة البحر الأبيض المتوسط موطنا أصليا لها، حيث يساعد مناخها المعتدل على نموها بشكل أسرع، بحسب ما أوضحه المكلف بالإعلام والاتصال في محافظة الغابات بولاية قسنطينة، علي زقرور، مضيفا بأن أشجارها تُنتج أنواعا عديدة من الثمار، على غرار أشجار الصنوبر الثمري الذي يُستخدم في الكثير من الأغراض، فثمرة الفستق التي تنتجها، تعد من المكسرات باهظة الثمن و التي يكثر الطلب عليها لإعداد الأطباق والحلويات الفاخرة، كما تستخرج من المادة الصمغية للأشجار الكثير من المواد الطبية، إلى جانب أنواع عددية من الزيوت، فضلا عن استخدامها في إنتاج المواد التجميلية مثل الصابون، و توظيف مخاريطها في تزيين وتنسيق ديكورات المنازل حسب ما ذكره.
و كشف زقرور، بأن الدولة الجزائرية تسعى للاستثمار في هذا النوع من الأشجار من خلال إنشاء سلاسل غابية تحقق المنفعة الاقتصادية، فضلا عن توسيع مناطق زراعة أشجار الصنوبر الثمري على طول نطاق الغطاء النباتي الوطني، وأضاف المتحدث، بأن غابة جبل الوحش بقسنطينة تعد مخبرا بيولوجيا، يتربع على نحو 100 هكتار من مساحتها الإجمالية، تحتوي على أصناف نادرة من الصنوبريات تفوق 48 صنفا، بالإضافة إلى الفلينيات ونبات السدر، و الواجب الاهتمام بها وحمايتها من الحرائق التي تهدد نموها، و أشار إلى أن إعادة إحياء غابات أشجار الصنوبر عند تعرضها لعملية حرق متتالية يتطلب وقتا طويلا، وحدد هذه المدة بين 20 و25 سنة، فيما تفقد الغابة حياتها نهائيا في حالات أخرى من التعرض المستمر للحرائق، و لفت من جهة أخرى، إلى أنه توجد أنواع أخرى من أشجار الصنوبريات التي تنبت من الفروع، فتوفير شروط الحماية اللازمة لها، مثل حمايتها من الرعي الجائر والحرائق، تساعد على إنباتها في مدة قصيرة، قدرها بحوالي السنة.
اختيار أصناف الأشجار يخضع لعدة اعتبارات
ولتوسيع الغطاء النباتي والاستثمار في الثروة الغابية، أعلنت الدولة حسبه، عن انطلاق عمليات التشجير عبر كامل ربوع الوطن في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر، المصادف لليوم الوطني للشجرة، وبرمجت المشروع ليستمر طول السنة بهدف تعويض ما ضاع من أشجار ونباتات جراء الحرائق التي أتت على مساحات كبيرة من الغطاء النباتي في السنوات الأخيرة، لاسيما في ولاية القالة مؤخرا، حسب ما ذكره علي زقرور.
وأفاد المتحدث، بأن ولاية قسنطينة بحاجة إلى توسيع وتنمية غطائها النباتي، وأرجع ذلك إلى الخصوصية التي تعرفها الولاية، إذ وصفها بالمنطقة غير الغابية، فغطاؤها النباتي يتوزع على مساحة لا تتجاوز 28 ألف هكتار معظمها للتسلية، أو محميات حضرية ونصف حضرية، كما أنها ليست بالغابات الإنتاجية مثل الغابات المتواجدة في الولايات الساحلية، خصوصا القالة، سكيكدة و جيجل.
وأوضح، بأن المعايير التي تخضع لها عملية اختيار الأشجار المناسبة لإنشاء غابة على مساحة معينة، تعتمد على الخصوصية البيئية والاقتصادية والاجتماعية للمنطقة، ناهيك عن طبيعة نشاط سكانها ونوعية الحيوانات التي يربونها، حتى توفر الاحتياجات اللازمة لهم.
كما لفت، إلى أهمية استغلال أشجار التين الشوكي، في المساحات غير الغابية، أو التي لا تصلح لزراعة الأشجار، وقال بأن هذه الثمرة تتمتع بفوائد كبيرة اقتصادية و طبية، لاسيما ما يتعلق باستخراج الأعلاف واستخلاص المواد الطبية والتجميلية، فضلا عن أنها غير قابلة للاشتعال بسهولة، وهو ما جعل الدول تخصص مدنا نموذجية لإنتاجها على طول السنة للانتفاع من قيمتها.
تحديات تعقد عملية استعادة الغطاء النباتي
وبالإضافة إلى الحرائق التي تؤدي إلى فقدان مساحات شاسعة من الغابات، والتسبب في اختلالات في التوازن البيئي والمناخي، فإن بعض الولايات الجزائرية كقسنطينة، تحتاج حسبه، إلى تنمية وتوسيع غطائها النباتي الذي لا يتجاوز 12 بالمائة من مساحتها الإجمالية، من أجل ضمان العيش في مناخ جوي ملائم، علما أن هذا الهدف يعد من بين التحديات التي تواجه الدولة للوصول إلى المعايير التقنية التي حددها العلماء بـ35 بالمائة، ومن بين جملة الصعوبات الأخرى التي ذكرها، مشكلة التغير المناخي الذي فرض على الدولة تغيير استراتيجيتها في اختيار أصناف الأشجار التي تعتمد عليها في توسيع الثروة الغابية خصوصا في الشمال الذي يعرف شحا في الأمطار، وعدم انتظامها على طول الفصول الأربعة.
وشرح المتحدث، بأن الأشجار الصحراوية هي الأكثر ملاءمة، إذ أنها تنمو في المناطق الحارة، فضلا عن أن عملية سقيها لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء، لأنها تحتفظ به في أوراقها.
كما أشار إلى أهمية توفر وتكييف دراسات علمية جديدة، تضع حلولا لمواجهة الأوضاع المناخية الحالية سواء من ناحية نوعية الأشجار التي يجب الاعتماد عليها أو الحفاظ على الغطاء النباتي.
وتعد الأمراض الطفيلية التي تصيب الأشجار والنباتات، مثل أمراض أشجار الكاليتوس والصنوبر الذي يُصاب بالدودة الجرارة، من التحديات الأخرى التي تفرض نفسها، وبحسب ما أفاد به زقرور، فمنذ سنوات تعمل الدولة على وضع حد لها من خلال الاعتماد على تجديد آليات حماية الأشجار المريضة، حيث أشار إلى ثلاثة طرق لمعالجتها، بداية بالطريقة الآلية من خلال نزع أعشاش الدودة الطفيلية وحرقها، والطريقة البيولوجية التي تستخدم في معالجة الغابات الكبيرة، فضلا عن الطرق التقليدية، باستعمال الطائرات المعبأة بمواد كيميائية للقضاء على اليرقات.
مشروع السد الأخضر يعود إلى الواجهة
وعن المشاريع التي تدخل في إطار استدامة عملية استعادة الغطاء النباتي على المستوى الوطني، صرح المكلف بالإعلام والاتصال في محافظة الغابات، بأن الدولة تتبنى حاليا مشروع التشجير الوطني الذي يهدف إلى إعادة بعث السد الأخضر، وأضاف بأنها وضعت كل إمكانياتها لاستصلاح الأراضي الصحراوية أيضا، وقال بأنها عملت على تطوير وسائل الزراعة وحراسة الغابات بالاعتماد على التكنولوجيات الحديثة، مثل توظيف طائرات لنثر البذور يتم استخدامها في المناطق الصعبة، فضلا عن توظيف الطائرات بدون طيار لحراسة الغابات من اندلاع الحرائق والاعتداء عليها، والتدخل السريع لإطفاء النيران عبر حقن الأشجار بكريات صغيرة تحتوي على مادة تطفئ الحريق.
كما أكد في سياق حديثه، على ضرورة مرافقة الجامعة للمشاريع التنموية وتوسيع الغابات، فضلا عن المساهمة في عمليات التوعية والتحسيس التي اعتبرها أساس أي نشاط بيئي، وإشراك كل أفراد المجتمع في الحفاظ على الثروة الغابية، ووضع حد للأنشطة غير العقلانية التي تُمارس ضدها، مثل الرعي الجائر وضغط الإنسان، المتمثل في التوسع العمراني على حساب البيئة والغابة، وما ينجر عنه من تدهور المحيط واختلال المناخ.
وقال إن دستور الدولة ينص في مادته الأولى على أن الثروة الغابية وطنية، أي أنها ملكية لكل الشعب والجميع مطالبون بالحفاظ عليها، حيث وصفها بأنها الرئة الحيوية التي تتنفس منها المدينة، ناهيك عن مساهمتها في الحفاظ على التوازن البيئي واستمرارية سلاسل الكائنات الحية التي تعتمد عليها في توفير المأوى والغذاء، مثل الأدغال التي توفر الأوكسجين وتجلب الأمطار، وأضاف، بأنه يتوجب على الإنسان قبل أن يؤذي الغابة أن يتذكر فترة الجائحة عندما أصبح يبحث عن الأوكسجين، في حين أن الأشجار تمنحه الكثير منه في كل وقت، بالإضافة إلى منافعها الاقتصادية كتوفير الخشب وإنتاج الثمار، واستخدامها في إنتاج المواد الطبية، فضلا عن توفيرها لمساحات للتسلية والترفيه.
إ.ك
اقترحها خبراء لتقليل استهلاك الطاقة
تطبيقات الذكاء الاصطناعي لأجل بيئة نظيفة
اقترح دكاترة وخبراء، على هامش ملتقى دولي احتضنته مؤخرا، جامعة صالح بوبنيدر بقسنطينة، حول انتقال الطاقة والبيئة العمرانية، التوّجه نحو التكنولوجيا وأنظمة الذكاء الاصطناعي لأجل بيئة عمرانية نظيفة، بالموازاة مع استعمال الطاقات المتجدّدة، وذلك من خلال استغلالها في استدامة الطاقات عبر تشبيك المحطات المولدة عن طريق الذكاء الاصطناعي، وكذا استخدام مواد بناء عازلة للحرارة والبرودة للتخفيف من استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى تغيير النمط العمراني وإعادة تنظيم المدن، مع التأكيد على أهمية استخدام الهيدروجين حتى في حالة وجود الطاقات المتجدّدة.
إسلام قيدوم
* وكيل كلية الهندسة للدراسات العليا والبحوث بجامعة «حلوان» المصرية محمد علاء المندور
الذكاء الاصطناعي مفيد لاستبدال مصادر الطاقة
يقترح وكيل كلية الهندسة للدراسات العليا والبحوث بجامعة حلوان بمصر، الأستاذ محمد علاء مندور، التوجّه إلى استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي للحفاظ على ديمومة الطاقات، من خلال ربط المحطات المولّدة وتشبيكها ببعضها البعض وإدارتها كذلك عبر الذكاء الاصطناعي، بما يعرف بالـ»مشابك الذكية».
وتحدّث الأستاذ مندور للنصر، عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي وكيفية استعمالها في الوطن العربي، من منطلق أنّ مصر شرعت في استعمال الطاقة النظيفة على غرار الخلايا الشمسية، وقال إنّ منطقة أصوان مثلا تمتلك إحدى أكبر محطات الخلايا الشمسية، بالإضافة إلى محطات إنتاج طاقة الرياح في منطقة الزعفرانة، ناهيك عن الانطلاق في إجراء دراسات وبحوث متعلّقة بالهيدروجين الأخضر، مع العمل على مرحلة استغلال الذكاء الاصطناعي لربط هذه المحطات مع بعضها البعض، واستخدامها بكفاءة عالية جدا ، إذ وصلت مصر حسبه، إلى مرحلة التحوّل من الطاقة العادية إلى المتجدّدة فضلا عن استعمال الطاقة النووية.
وقال المتحدّث، إنّ الذكاء الاصطناعي في هذه الحالة، عبارة عن مراكز لقاعدة كبيرة لمعالجة البيانات متشابكة ومترابطة ببعضها، لا يمكن للأجهزة العادية استيعابها وتحليلها، كما تفوق طاقة الإنسان أيضا ، وبالتالي فالذكاء الاصطناعي مثلما يطلق عليه «قوة خارقة» حسبه، تستطيع القيام بعملية معالجة بيانات كبيرة جدا وتوزّع تلك الطاقات المنتجة في مجالها السليم، مع نوع من أنواع الطاقة الفعالة، أي عدم إهدار أي كمية من الطاقة، وأوضح الأستاذ مندور، فكرته قائلا « إنّه يمكن استحداث محطة للطاقة الشمسية وأخرى لطاقة الرياح وكذا للهيدروجين الأخضر في عدّة مدن، حيث تعمل هذه الآلية من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي على التحكم في نسبة الطاقة الموزّعة، حسب الاحتياجات وبصورة فعالة ومتكافئة، وتحول بذلك الطاقة غير المستغلة في منطقة ما نحو أخرى».
ودعا المتحدث، إلى الاقتداء بدول رائدة في هذا الجانب على غرار ألمانيا و الدانمارك، إذ يعتبر أنّ التوجّه نحو استغلال الطاقات المتجدّدة يصاحبه الدّعم باستخدام الذكاء الاصطناعي، للتسيير الفعال لهذه الطاقات بما يخدم المدن والمجمعات السكنية، خاصة في الدول غير الغنية بالثروات الطبيعية، وحتى في الدول الغنية على اعتبار أنّ الطاقات التلقليدية يمكن أن تنفذ. ويأتي هذا مثلما أكّد، باعتبار أنّ مصر تواجه حاليا مشكلة متعلّقة بالطاقة يطلق عليها «تخفيف الأحمال للطاقة الكهربائية»، كونها تنقطع لمدّة معيّنة تصل إلى ساعة أوساعتين في اليوم وفي معظم الأوقات، ما يفرض التوجّه نحو الطاقات النظيفة كبديل فعال لمواجهة المشكلة، وبالنظر إلى أنّ مصر ليست من الدول الغنيّة بالثروات الطبيعية كالجزائر ودول الخليج العربي، فإن بدائل الطاقة ضرورية.
وحثّ، الدول العربية التي تمتلك قدرا كبيرا من الطاقات الطبيعية، على تعزيز العمل على انتهاج الطاقة المتجدّدة والنظيفة كبديل، لأنّ الثروات الموجودة تتناقص وتنتهي. وأضاف أنّ هذه الفكرة موجودة وقابلة للتطبيق كما أنّ الدول الأوروبية كألمانيا والدنمارك وهولندا تستعملها، وستطبّق في مصر عن قريب، علما أنّ الاستراتيجية تحتاج إلى إمكانيات مادية ضخمة، كما أنّ مردودها جيد جدا، مع احتمال التصدير إلى إفريقيا عند وجود الفائض من الإنتاج، مثل خطة مصر للتصدير نحو قبرص، وأهم فوائدها أنها طاقة نظيفة ومجدية جدا لتحسين التغيرات المناخية، ونتائجها الإيجابية يمكن أن تظهر في مدّة ثلاث سنوات، كما تسهم في الحفاظ على الطاقات الطبيعية وإدارة فعالة للاستهلاك والإمداد بالطاقة للمدن والمجمعات السكنية وغيرها.
ويفضّل من الآن يقول الأستاذ مندور، التوجّه نحو الطاقات النظيفة والعمل بشكل استباقي مثلما هو معمول في أوروبا، التي انتبهت إلى هذه المشكلة وشرعت في تجسيد استراتيجيتها منذ حرب أكتوبر، عندما قطع عنها التموين بالكهرباء، وأضاف أنّ نتائج هذه الاستراتيجية في مصر ستظهر بعد حوالي 5 سنوات، بعد استكمال مشروع الربط بالذكاء الاصطناعي.
* أستاذة الهندسة المعمارية والعمران بجامعة الجزائر مريم شعبو
النمط العمراني يجب أن يتكيف مع طرق استغلال الطاقة البديلة
ترى مريم شعبو، أستاذة الهندسة المعمارية والعمران بالمدرسة متعددة العلوم للهندسة المعمارية والعمران بالجزائر العاصمة،أنّه بات من الضروري العمل على إعادة تنظيم المدن وتغيير النسيج العمراني، من خلال مراعاة خصوصية المناطق من الناحية الجغرافية والمناخية وغيرها، والاهتمام بتشييد بنايات ومجمعات سكنية قائمة على الابتكار والدراسات، بهدف التقليص من استخدام واستهلاك الطاقة غير المتجدّدة المضرّة بالبيئة، مضيفة أنّ التوجّه نحو تعزيز استعمال الطاقات المتجدّدة لوحده غير كاف، توليد الطاقة الكهربائية بالجزائر مصدره الغاز الطبيعي، الذي لم يعد بالإمكان الاستمرار في الاعتماد عليه، ولابد من البحث عن بدائل، كما قالت المتحدّثة، إنّ حوالي 40 بالمائة من الطاقة المستهلكة هي عبارة عن هدر ولا تستعمل في محلّها، و إن لغاز الكربون المستعمل في السيارات آثار سلبية عديدة.
ودعت، إلى تغيير النمط العمراني المنتهج في البناء، سواء كمجمعات متكاملة أو للبناية في حدّ ذاتها، موضحة أن الاستمرار بنفس النهج يعني السير في الاتجاه المعاكس لسياسات الدولة بخصوص الطاقات المتجدّدة، فلابد حسبها، من تجنّب البناء وفق النمط الأوروبي السائد في مختلف المدن الجزائرية، لأنّ المناطق الجغرافية مختلفة ومناخها مختلف كذلك، وبالتالي يجب احترام هذه الخصوصيات وأخذها بعين الاعتبار عند التشييد، مضيفة أنه من الضروري التحكم في توسع المدن بشكل أكثر عقلانية دون إهدار للأراضي، والتركيز في المقابل على تشييد منشآت ومباني تسهم في التقليل من استهلاك وإهدار الطاقة.
وقالت المتحدّثة، إنه من الواجب تقليص المسافات عند تشييد المجمعات السكنية والمنشآت، ما يسمح بتقليل استخدام السيارات وما ينبعث منها من غازات ملوّثة، وبالتالي التشجيع على المشي واستعمال الوسائل غير الملوثة للتنقل، كما يتعين وفقها، تقليص نسبة الاستهلاك الطاقوي في المدن الكبرى إلى الربع، وهذا لا يأتي فقط من خلال استعمال الطاقات المتجدّدة وتطوير التكنولوجيا المرتبطة بها، بل عبر إعادة تنظيم المدن في حدّ ذاتها لتتجاوب مع هذه الأهداف، زيادة على توعية المواطن بشكل أكبر بأهمية الاستهلاك العقلاني للطاقة.
وأضافت الأستاذة شعبو، أنّ البناء يتم حاليا خارج المدن و يزيد من توسعها ويضاعف الحاجة لوسائل النقل، مما يؤدي إلى استهلاك أكبر للطاقة، وحتى وإن كان التحول في النمط العمراني يتطلب وقتا لكنه غير مستحيل حسبها، مع وجود عديد الطلبة الذين يشتغلون على مثل هذه المواضيع في الجامعات ومراكز البحث، لذا يتعين على الجامعة ابتكار حلول في هذا الإطار والتعاون مع المسؤولين، لتفعيل الأعمال المتعلّقة بالمباني وطرق تشييدها والمعايير الفنية للبناء، علما أن هناك تقدّم في هذا المجال كما أكدت لكنه غير كاف.
وتشجع الأستاذة على تطوير مواد البناء الصديقة للبيئة لتقليص نسبة استهلاك الكهرباء خاصة المواد التي تتسم بالعزل، بما يغني الإنسان عن استعمال الأجهزة المكيّفة أو التدفئة في حال وجود بنايات مصنوعة من مواد عازلة، كما هو نمط البناء فالبيوت القديمة كمنازل ولاية غرداية مثلا، مع التفكير في نمط يراعي هذه الخصوصيات من ناحية استهلاك الطاقة وتقليصها.
* فوزي ثابت خبير في الطاقات المتجدّدة ومؤسس شركة «أوبتي تك»
لا يمكن الحديث عن الطاقات المتجدّدة من دون الهيدروجين
يعتبر الشاب الجزائري فوزي ثابت، مؤسس شركة «أوبتي تك» للطاقات المتجدّدة الواقع مقرّها بألمانيا، أنّه لا يمكن الحديث عن الطاقات المتجدّدة من دون الهيدروجين، لأنّ توفير البدائل الطاقوية الأخرى يتّسم بالتذبذب وغير ثابت، ما يسبب مشكلة على حدّ تعبيره، على عكس الطاقات العادية باعتبار أنّ الظروف المناخية التي تؤدي إلى إنتاج بعض الطاقات ليست متوفّرة بشكل دائم وبنفس الحجم، فمثلا قد تتوفر أشعة الشمس بقوة أحيانا وقد تغيب كذلك، وهو ما يدعو إلى التفكير في التخزين، ويعتبر الهيدروجين في هذه الحالة أحسن وسيلة للقيام بذلك في حالة وجود فائض في الإنتاج.
ويتم الأمر حسبه، من خلال فصل تركيبة المياه، واستخراج الهيدروجين واستعمال الأوكسجين المكوّن الثاني في أمور أخرى كالطب مثلا، وللقيام بهذه العملية تتم الاستعانة بالكهرباء المنتجة من الطاقات البديلة في تكوين الهيدروجين، الذي يتم تخزينه وعند تناقص الإنتاج بسبب الظروف المناخية نستعين به لإنتاج الكهرباء، فالهيدروجين في هذه العملية يعتبر عامل توازن، بالإضافة إلى آثاره الإيجابية على البيئة باعتباره لا يشكل أي خطر ففي حالة حدوث احتراق فإنّه ينتج لنا الماء.
إ.ق
- التفاصيل
- الزيارات: 807
أحصيت 50 نوعا من الفطريات في الجزائر وهو مجال واعد اقتصاديا
تمكنت الباحثة في علم الفطريات الدكتورة رقية زعطوط، من تصنيف 50 نوعا من الفطريات التي صادفتها خلال خرجاتها العلمية بغابات الجزائر، بعد أن تكونت جيدا في المجال بجامعات وطنية و أخرى أجنبية وتحصلت على شهادات دولية، ساعدتها على نشر مقالاتها وأبحاثها العلمية في مجلات عالمية لإثراء المعلومات حول الفطريات و استخداماتها في مجالات الطب والاقتصاد.
رميساء جبيل
وأشارت ابنة قسنطينة التي لم تتجاوز بعد 35 من العمر، إلى أن عالم الفطريات مجال خصب وواسع للاستثمار في تطوير الصناعات الغذائية والدوائية، خصوصا وأن الفطريات تدخل في تركيب كثير من المنتجات الصيدلانية، نظرا لأهمية المواد الكيميائية التي تحتوي عليها، والتي لطالما ساهمت على مر التاريخ في إنتاج كثير من المضادات الحيوية ومواد التخدير والعلاجات الطبية.
النصر: ما هو علم الفطريات و كيف قررت اختياره كتخصص ولماذا ؟
رقية زعطوط: تحصلت سنة 2009 على بكالوريا علوم تجريبية، فالتحقت بتخصص البيولوجيا، واخترت دراسة علم الفطريات، وفي سنة 2016 نلت شهادة ماستر في بيوتكنولوجيا الفطريات، وهو علم يدرس بيوتكنولوجيا البيكتيريا والفطريات المجهرية والعادية التي تنمو تلقائيا في الغابات، زاد شغفي بالمجال بعدما انضممت إلى نادي مغامرات سياحية بقسنطينة، وبدأت أرافقهم في خرجات للطبيعة أيام العطل الأسبوعية، للبحث عن الفطريات بعد سقوط الأمطار، حيث كنت ألتقط صورا لها أبحث في أصنافها عبر الإنترنت أو بسؤال أهل الاختصاص.
واصلت دراستي عن بعد بجامعة ليل الفرنسية، و التحقت بدروس دعم في الإنجليزية بمعهد لتعليم اللغات، وفي نهاية السنة توجهت إلى فرنسا لإكمال الجانب التطبيقي بالخروج مع الأساتذة إلى الغابة، بحثا عن الفطريات وتصنيفها بالعين المجردة ثم مجهريا على مستوى المخبر، ثم تفوقت في مسابقة الدكتوراه بقسنطينة وكان مشروعي حول» البحث عن المواد الكيميائية في الفطريات» لتصنيفها واستخلاص ما تحتوي عليه من مواد كيميائية، والنظر في إمكانية استعمالها كعلاج أو مبيد زراعي.
مجال يتطلب مخابر مجهزة ومكيفة لإجراء الاختبارات
هل كانت التجربة سهلة أم هو مجال صعب ؟
ـ صعب جدا في الحقيقة، لأنه يتطلب تجهيزات عالية الجودة و مخابرنا لم تكن مكيفة بشكل جيد، وهو ما يعرقل إجراء الاختبارات، وقد درست سنتين في مخبر ينقصه الكثير، فكان الحل هو النزول إلى الغابات للبحث عن الفطريات كغابتي جبل الوحش والقالة مع تصنيف ما أصادفه من أنواع، كما قطفت قرابة 20 كيلوغراما من الفطريات، وكنت أستغرق وقتا لغسلها وتجفيفها وطحنها بغرض استخلاص المواد الكيميائية. ولذلك فقد بحثت عن مخابر أجنبية لمواصلة أبحاثي، و وقع اختياري على جامعة نابولي فيديريكو 2، أين وقعت اتفاقية لإعداد جزء من مذكرتي بجامعة قسنطينة والشق الآخر بجامعة نابولي، كي أتحصل في الأخير على شهادتين من كلا الجامعتين، مع العلم أني غيرت عنوان أطروحتي من أجل مزيد من التجارب العلمية، كون المخبر مخصص لإجراء اختبارات على عدة أنواع من النباتات.
يوجد 144 ألف نوع من الفطريات في العالم
يندر الحديث عن مجال بحثك وأهدافه في بلادنا حدثينا أكثـر عن الفطريات في الجزائر؟
ـ الفطريات هي كائنات حية تنتمي لمملكة الطلائعيات الصبغية، وتعد من أكثر أنواع الكائنات الحية انتشارا على الأرض، إذ يصل عدد أنواعها إلى حوالي 144 ألف نوع، وتشمل الخمائر والصدأ والفطائر والعفن الفطري والقوالب والفطر، وهي ذات أهمية بيئية وطبية، وتتكون الفطريات من أربعة أجزاء رئيسية هي الأكياس البوغية وكذا الأبواغ الموجودة بداخلها، إلى جانب خيوط فطرية وساق أفقية تستمد منها غذائها.
كما تمتلك جميع الفطريات بنية خيطية باستثناء خلايا الخميرة وهي عبارة عن هياكل طويلة تشبه الخيوط تدعى الخيط الفطري، تتجمع هذه الهياكل معا لتشكل بنية تشبه شبكة تدعى «الغزل الفطري»، وتحتوي بعض الفطريات على خلية واحدة وبعضها الآخر متعدد الخلايا، إلى جانب امتلاك جميع الأنواع لجدار خلوي، يتكون من بروتوبلاست، وهو مشكل من أجزاء خلوية أخرى مثل غشاء الخلية والسيتوبلازم وعضيات الخلية والنواة، كما يوجد في الفطريات نواة كثيفة وواضحة وتمتلك خيوط الكروماتين وهي محاطة بغشاء النووي.
هذا ما يجب على الباحث معرفته لتصنيف الفطريات
ما هي أهم النقاط التي يجب معرفتها من قبل الهواة والباحثين لتصنيف الفطريات بالشكل الصحيح ؟
ـ يعتمد التصنيف على عدة عوامل، منها طريقة الفطريات في الحصول على غذائها وطريقة تكوينها للأبواغ، فتنقسم من خلال التغذية إلى ثلاث مجموعات، تتمثل في الفطريات الرمية التي تتغذى على المواد العضوية الميتة، مثل فطر رازية والبنيسيليوم والرشاشية.
والفطريات الطفيلية التي تتغذى بدورها على الكائنات الحية الأخرى مثل النباتات والحيوانات، لتمتص العناصر الغذائية منها، على سبيل المثال فطر مخندقة وفطر شقران، ثالثا الفطريات التكافلية تتغذى على الأنواع الأخرى من الكائنات الحية، فهي تبني معها علاقة مترابطة لتبادل العناصر الغذائية، فيستفيد كلاهما من هذه العلاقة، من بينها الجذريات الفطرية والأشنيات، التي تشكل علاقة تكافلية مع الطحالب، فتحصل الأشنيات على الكربوهيدرات، وتوفر بدورها للطحالب مأوى.
أما ثاني طريقة في التصنيف، تعتمد على تكوين الأبواغ، و تنقسم إلى أربع مجموعات، تشمل الفطريات الاقترانية التي تتشكل من اندماج خليتين مختلفتين، فإما تكون أبواغا جنسية تدعى « بوغ زيجوتي»، أو أبواغا لا جنسية تدعى « بوغ اسبورانجي»، و تتميز بخيوط فطرية بدون حاجز.
أما المجموعة الثانية، فهي الفطريات الزقية «الكيسية»، التي تعيش إما على شكل متفرع أو مُحلّل أو طفيلية أو رمية، وتمتلك أبواغا جنسية زقية، و يحدث التكاثر اللاجنسي فيها عن طريق الأبواغ المخروطية، من أشهرها فطريات السكيرية.
و نجد ثالثا، الفطريات الدعامية، التي تعيش كطفيليات على الكائنات الأخرى و تتكاثر جنسيا بأبواغ دعامية، و يحدث التكاثر اللاجنسي فيها بواسطة التبرعم أو التفتت، وبالنسبة للمجموعة الرابعة تتمثل في الفطريات الناقصة « غير الكاملة»، لأنها لا تتكاثر تكاثرا جنسيا بل يقتصر تكاثرها على النوع اللاجنسي الذي يحدث في الغبيرة ومن أشهر أنواعها الترايكوديرما.
للفطريات دور في تطور العلوم وصناعة الأدوية
للفطريات فوائد بيئية و طبية حدثينا عن بعضها؟
ـ للفطريات أهمية بيئية كبيرة، فهي تعمل على كسر المواد العضوية، التي تنتج عنها عناصر جد مهمة، مثل الكربون والأوكسجين والنيتروجين والفوسفور، من خلال إطلاقها في التربة والغلاف الجوي، إلى جانب الأهمية الغذائية، فهي تستخدم في صناعة الخبز وأنواع من الجبن، كما تستخدم أنواع منها كغذاء، مثل الفطر و الكمأ، أما البروتينات الموجودة في الفطريات فتدخل في صناعة بعض الأطعمة.
كما ساهمت الفطريات في تطور علم الأحياء، إذ ساعدت على تعزيز الاكتشافات الكيميائية الحيوية الخلوية الأساسية وكذا التمثيل الغذائي، ناهيك عن أهميتها في دراسة البيولوجيا الخلوية والجزيئية والهندسة الوراثية، وفي تأسيس علم الوراثة الحديث.
و قدمت الفطريات للطب سلسلة من المضادات الحيوية بفضل اكتشاف البنسيلين، كما يعود الفضل لفطر الإرغوت في إنتاج المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة الأدوية التي تحفز المخاض عند النساء الحوامل، وتتحكم في نزيف ما بعد الولادة، كما أنها مصدر لحمض معين يستخدم كمخدر، زيادة على ذلك يمكن استخلاص عديد المواد الكيميائية من الفطريات، لإنتاج عقاقير تعرف باسم الستاتين، تلعب دورا مهما في التحكم في مستويات الكوليسترول وتجنب الإصابة بأمراض القلب التاجية، ناهيك عن استخدامها في إنتاج عدد من الأحماض العضوية على غرار الإنزيمات والفيتامينات.
مجال تم تهميشه رغم أهميته
ـ هل يلقى عالم الفطريات اهتماما في الجزائر ؟ مثل بقية النباتات والكائنات الحية ؟
ـ غابات الجزائر غنية جدا بالفطريات الكبيرة والفطريات الصالحة للأكل بفضل الظروف المناخية و التنوع البيولوجي، فغابة جبل الوحش بولاية قسنطينة مثلا، و كذا غابة القالة بالطارف وغابة بلزمه ببتانة، مناطق تتوفر على نسبة كبيرة منها تظهر مباشرة بعد تساقط الأمطار مع بداية الخريف، وهناك أنواع تخرج في أشهر الربيع، لكن جمع وتصنيف الفطريات قليل جدا للأسف، فهو نشاط لا يلقى اهتماما سواء من هواة الطبيعة أو الباحثين والدكاترة المختصين، الأمر الذي دفعني للاهتمام به أكثر.
كيف لمجال الفطريات أن يدعم الاقتصاد الوطني؟
ـ يعتبر الاستثمار في زراعة الفطريات الصالحة للأكل من المشاريع الجديدة التي قل ما يستثمر فيها الفلاحون، رغم الطلب الكبير عليها من المستهلكين، فنحن من المجتمعات التي تتناول الفطريات خصوصا في مناطق معينة من الوطن.
ويحتاج هكذا مشروع عموما، إلى قطعه أرض و عقار لتهيئة المناخ المناسب لينمو الفطر وفق شروط معينة، إلى جانب بعض معدات التبريد وغيرها، فيتم إنتاج الفطريات على مدار السنة بما يضمن توفير المنتج بشكل دائم في السوق.
أما الفطريات غير الصالحة للأكل والموجودة في الطبيعة، فتتميز بنشاط بيولوجي قادر على تحقيق مبيدات الحشرات والأعشاب الضارة، إضافة إلى أن البعض منها يمكن أن يستعمل كدواء فعال للإنسان.
و لهذا أرى أن الاستثمار في زراعة الفطريات من أنجح المجالات ويدر أرباحا كبيرة، سواء على الصعيد الوطني أو في مجال التصدير.
أنجزت بحوثا ونشرت مقالات في مجلات عالمية
حدثينا عن مساهماتك العلمية في المجال ؟
ـ تحدثت في بحوثي عن رقم قياسي جديد من آقاريكيس ليتوراليس، وهو نوع نادر من الفطريات الكبيرة الصالحة للأكل من شرق الجزائر، وذلك في مقال نشر في مجلة عالمية ميكوباث كما تطرقت في آخر حول فحص النشاط المضاد للبكتيريا لفطر صالح للأكل آفاريكيس ليتوراليس، وهو مقال نشر سنة 2023 في المجلة الدولية لدراسات علم النبات، إلى جانب بحث حول عزل التيروزول المستقلب الرئيسي السام للنبات، الذي تنتجه الفطريات الصالحة للأكل آقاريكيس ليتوراليس وقد نشر سنة 2021 في المجلة المصرية للكيمياء وغيرها من البحوث والمقالات.
ما هي أهدافك ومشاريعك المستقبلية في هذا المجال ؟
ـ أطمح للتعرف على مختلف الفطريات الموجودة في الجزائر واكتشافها، بدءا بغابة جبل الوحش، فمنذ 2017 وأنا أقوم بجولات استكشافية لجمع الفطريات و تصنيفها لاستخراج العائلة والنوع الذي ينتمي إليه كل فطر، وفي حال وجدت صعوبة في التعرف عليها، أطرح الموضوع على أساتذة درسوني بجامعة ليل الفرنسية، وقد صنفت إلى يومنا هذا حوالي خمسين فطرا من غابة جبل الوحش، كما نشرت بعضا من أعمالي ومقالاتي في مجلات علمية، و هي أبحاث أجريت معظمها في جامعة فيديريكو الثانية بإيطاليا، بمساعدة أساتذة مختصين وباحثين في استخلاص المكونات والمواد الكيماوية. ر. ج
- التفاصيل
- الزيارات: 899
تكنولوجيــا النانــو تحـدث ثــورة في حماية البيئــة
تعد تكنولوجيا النانو من أحدث ما توصل إليه التطور التكنولوجي والعلمي في السنوات الأخيرة، فهي تخفض من استهلاك الموارد وتوفر بدائل للمواد الأولية النادرة، كما تقلل من استخدام المواد الخطرة على النظام البيئي و ترفع بالمقابل كفاءة المنتجات، و تساهم أيضا في الحد من الانبعاثات والتصريفات، وتتيح إمكانية تدوير المخلفات واستثمارها لإعادة استخدامها كمواد أولية.
رميساء جبيل
و يوضح مختصون، بأن هذه التكنولوجيا هي تقنية يكمن محورها في دراسة المادة وفهمها ومعالجتها، إذ يتعلق المصطلح بفهم الخصائص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية و تطبيقها على المقاييس الذرية والجزيئية والتحكم بها، لإنشاء مواد جديدة ذات أنظمة وظيفية وقدرات فريدة، يمكن توظيفها في مختلف المجالات العلمية كالفيزياء والكيمياء وعلوم المواد و البيولوجيا والهندسة.
وكشفت الأبحاث، أن تطبيق تقنية النانو مفيد في عملية تنقية المياه وإنتاج الألواح الكهروضوئية عالية الكفاءة، وكذا إنتاج أجهزة الاستشعار و بطاريات جديدة لتخزين الطاقة بيئيا، كما يمكن أن تساعد أغشية النانو على فصل المواد الكيميائية الضارة عن مواد النفايات فضلا عن استخدام نظم الطاقة البديلة.
استخدامات عملية وفعالية عالية
ويعد مجال حماية البيئة من أبرز المجالات التطبيقية التي توليها تكنولوجيا النانو اهتماما كبيرا، فيمكن استخدامها في عملية التنظيف الذاتي للأسطح باستعمال مواد نانوية صديقة للبيئة، تتفاعل مع الأشعة فوق البنفسجية كما في زجاج السيارات والشبابيك والدهانات، وكذلك استخدام الجسيمات النانوية التي تعمل على التخلص من الملوثات والروائح الكريهة، ويمكن للآلات المجهرية إزالة الكيماويات السامة من مياه الصرف التي تُطرح في الأنهار.
حسب الدكتور عبد المالك زحاف، وهو باحث في المجال قابلته النصر، على هامش ملتقى دولي حول تكنولوجيا النانو و دورها في حماية البيئة وإنتاج طاقات متجددة ونظيفة، فإنه من المهم جدا تثمين البحوث العلمية في المجال لأنها تسمح باستخدام مواد صحية ونظيفة في الصناعة لخدمة الصحة العمومية واقتصاد البلاد.
وتطرق المتحدث، إلى أهمية التعريف بالتقنية ومجالات استخدامها، وكيف يمكن استغلالها في ما يفيد البشرية والكرة الأرضية، وصناعة معدات ولوازم يومية الاستعمال، دون أن تترك آثارا سلبية على صحة الفرد، ولا تؤدي إلى تلويث البيئة، للحد من أثر المواد التي تفقد طبيعتها مع مرور الزمن وتطرأ عليها تغييرات كثيرة، مشيرا إلى أن معادن مثل الحديد والنحاس والألمنيوم والنيكل مع كثرة استعمالها وتعرضها لعدة متغيرات كالحرارة والعوامل البيئية، تبدأ بفقد خواصها المميزة فتصبح حينئذ مضرة بالصحة والبيئة عموما.
كما قال زحاف، إنه يمكن إنتاج طاقات متجددة اعتمادا على تكنولوجيات النانو، التي أحدثت تغييرات كبيرة في العالم ما جعل كثيرا من الدول تسعى لاكتسابها، خصوصا ما يُعنى بتحويل الطاقة الشمسية إلى تيارات كهربائية من خلال الألواح، مشيرا، إلى أهمية مواكبة التطورات العلمية والتحولات التكنولوجية الطارئة على العالم، للحد من تفاقم المشاكل البيئية والتقليل من استنزاف المواد الأولية.
وأوضح المتحدث، بأن التحكم في انبعاث الغازات في بعض المحيطات أو الأحياء، يكون عادة عبر حساسات ومستشعرات لروائح الغاز التي قد تضر بصحة الإنسان، لهذا فمن الجيد حسبه، تركيب مثل هذه الأجهزة في المناطق التي بها نسبة تلوث عالية، بحيث ترسل الحساسات رسالة إلى مركز معالجة البيانات المركزية للجهة المختصة في المعالجة، سواء البلدية أو الولاية أو أي هيئة أخرى، كما يمكن اعتماد هذه التكنولوجيا في تحلية مياه البحر وتنقية مياه السدود والتخلص من الشوائب التي تجعل من المياه غير صالحة للشرب، وهي مفيدة في مجال الطاقات المتجددة باستخدام الألواح الشمسية كبديل للرياح.
أكسيد الزنك لحماية البيئة والتطبيقات الطبية
وتطرق من جانبه، الباحث في طور الدكتوراه سامي الظهابي، إلى تأثير طبقة البذور المغموسة في الخواص المورفولوجية والبصرية لنمو نانورودات أكسيد الزنك بالطريقة الحرارية المائية، إذ حظي أكسيد الزنك باهتمام كبير في الدوائر العلمية والتكنولوجية حسبه، نظرا لخصائصه الرائعة كمادة شِبه موصِلة مع طاقة فجوة نطاق تبلغ حوالي 3.37 فولت، بالإضافة إلى ذلك يعرض أكسيد الزنك طاقة ربط أكسيتون كبيرة تبلغ 60 ميغا فولط، ويدخل في أبحاث واسعة النطاق بتكنولوجيا النانو، منها أجهزة الاستشعار مثل مستشعر الغاز « زويين» وغيره، وفي الإلكترونات الضوئية في الأجهزة الباعثة للضوء « زينغ هي» و» يون لي».
وفي المجالات البيئية، يعتمد أكسيد الزنك في معالجة المياه والخلايا الشمسية « ميت جي باك» و» إل»، وحتى في التطبيقات الطبية الحيوية كتوصيل الأدوية والتصوير والعلاج، وفي التشكل والتحليل الهيكلي أين يتم عرض صُور « ماب» لأقطاب أكسيد الزنك النانوية في دورات مختلفة من الطلاء، كما تُظهر القضبان النانوية توزيعا موحدا وبنية سداسية متجانسة مع محاذاة رأسية على الركيزة الزجاجية، وقال المتحدث، إن تجربته قد نجحت في تصنيع أقطاب أكسيد الزنك النانوية باستخدام طريقة الطلاء بالغمس لطبقة البذور وتقنية النمو الحراري المائي، حيث ظهرت العصي النانوية في شكل سداسي وزاد متوسط قطرها من 60 نانومتر إلى 450 نانومتر، مع تضاعف عدد دورات الطلاء بالغمس، كما أشار تحليل حيود الأشعة السينية إلى تحسن البلورة في العينة مع عدد أكبر من دورات الطلاء بالغمس.
وأوضح المتحدث، أن النتائج المتوصل إليها، تُوفر رؤى قيمة للتوليف والتطبيقات المخصصة لأقطاب أكسيد الزنك النانوية في مجالات مختلفة مثل التحفيز الضوئي والإلكترونيات الضوئية.
أجهزة الاستشعار الكيميائية للكشف عن المركبات العضوية المتطايرة
وذكرت طالبة الدكتوراه، ليلى غرين، أن المركبات العضوية المتطايرة هي مجموعة مواد عضوية تتبخر بسهولة في درجة حرارة الغرفة، إذ يمكن العثور عليها في العديد من المنتجات المنزلية والعمليات الصناعية والانبعاثات البيئية، والتي تعد ضارة بالعديد من الكائنات الحية والأنظمة البيئية بشكل عام، ولكل مركب عضوي متطاير سُمِّيّته التي تؤثر سلبا على الصحة، وقد نجدها في العمليات الصناعية، ومخلفات السيارات والمذيبات الاستهلاكية كما أوضحت.
وأشارت المتحدثة، إلى أن التعرض طويل المدى لبعض المركبات العضوية المتطايرة مثل البنزين و التولوين، يزيد من خطر الإصابة بالسرطان بما في ذلك سرطان الدم، كما تؤدي المركبات العضوية المتطايرة في البيئة، إلى تلوث الهواء عن طريق تكوين الأوزون على مستوى الأرض، و هذا الأخير يضر بالنباتات ويؤدي إلى تكوين الضباب الدخاني، فضلا عن كون المركبات العضوية المتطايرة المحددة مثل الميثان من الغازات الدفينة القوية التي تُفاقم مشكلة تغير المناخ.
وتلعب أجهزة الاستشعار الكيميائية على حد قوله، دورا محوريا في الكشف عن المركبات العضوية المتطايرة، حيث صُممت أجهزة الاستشعار لتحديد وقياس وُجود مواد كيميائية محددة، بما في ذلك المركبات العضوية المتطايرة في البيئة، مضيفة أن أجهزة الاستشعار الكيميائية تكون في العادة مصممة لاستقبال التحفيز وتحوِيلُه إلى وحدة قابلة للقياس، تتكون من عنصرين رئيسيين، يتمثلان في الطبقة الحساسة وهي عِبارة عن جُزء حيوي قادِر على التعرف على جزيئات مُستهدفة محددة والارتباط بها، وهذا هو الجُزء الذي يسمح بالتعرف الانتقائي والعكس للغاز المستهدف.
كما أن المحول حسب الطالبة، يسمح بتحويل النتيجة النهائية للتفاعل بين المادة التحليلية والعُنصر الحساس إلى إشارة يمكن قياسها بسهولة وغالبا ما تكون في شكل إشارة كهربائية أو ضوئية أو صوتية اعتمادا على نوع النقل، ومن بين الأنواع المختلفة من أجهزة الاستشعار الكيميائية هناك ما يمكن استخدامه للكشف عن المركبات العضوية المتطايرة، ويوفر استخدام « كي سي أم» كمحول طاقة حساسية استثنائية و له قدرات مراقبة في الوقت الفعلي، مما يجعله أداة قيمة في تطبيقات مختلفة بدءا من مراقبة جودة الهواء الداخلي وحتى التحكم في الانبعاثات الصناعية، كما يمكن استخدام الجرافين في مستشعر الغاز لتحسين أداء استشعار الغازات المنبعثة نظرا لزيادة مسامية الغشاء لتسهيل انتشار جزيئات الغاز.وقالت، إن الجرافين حظي باهتمام كبير في مجموعة واسعة من التطبيقات باعتباره مادة نانوية ممتازة، فمساحة سطحها كبيرة محددة وذات استقرار كيميائي عال، وتتميز بخواص كهربائية جيدة، و على الرغم من هذه الخصائص الجذابة فإن مستشعرات الغاز القائمة على الجرافين لديها حساسية مُنخفضة بسبب تهجين « أس بي 2» القوي الذي يجعل الجرافين النقي خاملا للعديد من جزيئات الغاز، وللتغلب على هذه العيوب أظهرت العديد من الأعمال المبلغ عنها أن بناء طبقات الاستشعار ذات البنية المتجانسة أصبح عملية بسيطة وفعالة كطريقة لتحسين خصائص استشعار الغاز.
وقالت أيضا، إنه يتم إنشاء مواقع الامتصاص على سطح مركب النانو، حيث تعمل مساحة السطح المتزايدة على تسهيل المزيد من التفاعلات مع جزيئات المركبات العضوية المتطايرة مما يؤدي إلى تحسين قدرات الكشف وتقليل التداخل كونه يلعب دور الحاجز، و يضمن الكشف الدقيق عن المركبات العضوية المتطايرة، كما تعمل الزيادة في مسامية الغشاء على تحسين أداء استخدام الغاز عن طريق تسهيل انتشار الجزيئات.
وذكرت، أن مورفولوجية السطح تبدو وكأنها نسبية وفي هذه الحالة تستوعب الطبقة الحساسة عددا أكبر من مواقع الامتصاص الكيميائي مما يؤدي إلى فقدان خصائص الامتزاز للمستشعر، مشيرة إلى أن الهدف من دراستها البحثية، هو إنشاء مستشعر للمركبات العضوية، باستخدام بنية مغايرة كطبقة حساسة لموازنة كريستال كوارتز الدقيق كمحول للطاقة، ولتعزيز حساسية المستشعر تتم إضافة طبقة رقيقة من « إش إم دي إس»، عبر ترسيب البخار الكيميائي المعزز بالبلازما فوق طبقة جرافين، مما يزيد من المواقع النشطة لتفاعل الغاز من خلال تشغيل سطح البلازما، مشيرة، إلى أن المستشعر المصنع بمثابة وعد للتطبيقات في مجال المراقبة البيئية والرعاية الصحية البشرية نظرا لخصائص الكشف المميزة.
- التفاصيل
- الزيارات: 1535
تحضير لحملات التشجير وتحذير من العمليات العشوائية
تساهم حملات التشجير عبر مختلف ولايات الوطن في زيادة نسبة الغطاء النباتي، و كذا تعويض آلاف الأشجار التي أتلفتها الحرائق، في وقت تشدد مصالح الغابات على أهمية انتقاء نوعية الأشجار حسب البيئة و المكان الذي تغرس فيه، معلنة من الجزائر العاصمة عن إبرام اتفاقية بين المديرية المعنية و الجمعيات تحسبا لانطلاق عملية الغرس خلال الأيام المقبلة.
إيمان زياري
تستعد مختلف الولايات الجزائرية لانطلاق حملة التشجير بداية من الـ25 من شهر أكتوبر الجاري و إلى غاية 21 مارس، وسط استحسان لنجاح مبادرة «الجزائر الخضراء» منذ انطلاقها سنة 2013 من ولاية باتنة، والتي مكنت من غرس مئات الآلاف من الأشجار عبر 58 ولاية إلى جانب حملات التشجير التي تبنتها مصالح الغابات عبر الولايات، فضلا عن مبادرات فردية لمتطوعين تمكنوا من تغيير وجه الكثير من النقاط خلال سنوات قليلة، بفضل شجيرات غرسوها، و رعوها لتحول بعد ثلاث سنوات أو أكثر إلى أشجار زادت من جمالية الأماكن و بعثت فيها الروح مجددا.
بعض العشوائية تؤثر على النتائج
حملات التشجير المنظم وإن كان قد حرص القائمون عليها في انتقاء نوعية الأشجار التي يتم غرسها على مستوى حواف الطرقات الوطنية و الولائية و البلدية و المناطق الحضرية، على غرار أشجار الجكاروندا، الميليا، البيزا، التوت و غيرها، فيما تم غرس الأشجار المثمرة و المعمرة على مستوى الغابات، كأشجار الزيتون و البلوط و الخروب و الفستق الأطلسي و التين الشوكي، إلا أنه سجل على مستوى بعض المناطق ما وصف بالتشجير العشوائي، من خلال غرس أشجار مثمرة وسط الطرقات العمومية، و كذا أشجار كبيرة على الأرصفة بما يعيق حركة المارة.
ولتفادي الغرس العشوائي للأشجار، كشفت مديرة الغابات و الحزام الأخضر للجزائر العاصمة السيدة صبرينة حكار، عن إبرام اتفاقية بين مديرية الغابات و الجمعيات الناشطة في مجال الغرس في اللقاء الذي يعقد اليوم بمقر ولاية الجزائر العاصمة، معتبرة الخطوة جد مهمة في سبيل ضبط عملية الغرس وتفادي الغرس العشوائي، كما تضمن الاتفاقية الاستشارة لطالبي أي معلومات حول نوعية الأشجار أو الأماكن المخصصة لذلك، فضلا عن ضمان التزود بالأشجار من مشتلة المديرية إلى حين نفاد الكميات المتوفرة بها.
و تأتي هذه المبادرة في إطار تدعيم المخطط الأخضر لولاية الجزائر، المتضمن استراتيجية و خطة تنموية لخلق مساحات خضراء، بهدف تحديث بنية بيئية لإقليم الولاية، و توازنها الإيكولوجي، من أجل ضمان استدامة استخدام الموارد الطبيعية و تقييمها الوظيفي و الاقتصادي، من أجل خلق فضاءات للراحة و الاستجمام.
لكل نقطة أشجار تلائمها و لا بديل لأشجار النخيل بالطرقات السريعة
كما شددت المسؤولة عن أهمية انتقاء الأشجار التي تتلاءم مع البيئة و المكان الذي يراد تشجيره، بحيث تغرس بالطرقات السريعة أشجار تزيينية فحسب كأشجار النخيل، بينما تغرس أنواع أخرى تعطي الظل في الطرقات التي تعرف حركة المارة، موضحة أنها مشاريع ممونة على مستوى العاصمة من ميزانية الولاية، في إطار تنفيذ المخطط الأخضر للجزائر العاصمة.
كما قالت السيدة حكار أن باقي أنواع الأشجار مثل الفيكوس والواشينطونيا يمكن غرسها على الأرصفة، حواف الطرقات غير السريعة، موجهة رسالة لمختلف شرائح المجتمع الوطني بأهمية التحسيس بنوعية الأشجار التي يجب غرسها مع ضمان استشارة دائمة من المديرية حول الموضوع على مستوى الجزائر العاصمة، خاصة وأن الغرس العشوائي قد يعود سلبا على المواطنين، كما تنصح بغرس الأشجار الظليلة كالفيكوس أمام المنازل بدل الأشجار المثمرة كالتوت التي تنتج حشرات.
أما بالنسبة للترويج لإمكانية غرس أنواع جديدة من الأشجار نجحت في دول أخرى، أعربت المديرة عن استعداد مصالحها لتجربة أي نوع من الأشجار تم جلبه من الخارج، من خلال غرسه في المشتلة الجديدة التي ستقام بسيدي فرج، معلنة عن فتح الأبواب لتشارك التجارب مع المواطنين لتوسيع عملية التشجير لمختلف الأشجار التي تنمو صحيا ولا ترجع بالسلب على المواطنين، داعية في سياق متصل إلى أهمية العناية بالأشجار من خلال السقي لضمان استدامة هذه المغروسات مع مراعاة أنواع الشتلات والمناطق المحددة.
وعن مخلفات الحرائق هذه الصائفة على مستوى الجزائر العاصمة، كشفت المديرة أنه ولأول مرة و منذ سنة 1994 وعلى مساحة 5 آلاف هكتار لم تحترق سوى 3 شجرات، و الباقي عبارة عن أحراش، مرجعة ذلك إلى جملة الإجراءات الاستباقية التي قامت بها المديرية و المتمثلة في إعادة تأهيل الأحواض المائية المخربة، تهيئة أبراج المراقبة التي كان يستحيل الصعود إليها، إلى جانب نقص كبير في التجهيزات المضادة للحرائق، وهي المشاريع التي مونتها الولاية.
الدكتور إبراهيم بن يوسف مختص في العمران
استخدام التكنولوجيات حتمية لاستشراف الكوارث
أبانت التدخلات السريعة والفعالة لإخماد حرائق الغابات مؤخرا بعدة مناطق من الوطن، عن نجاعة مخططات التدخل التي أعدتها مسبقا، الجهات المختصة للتصدي لمثل هذه الكوارث، فضلا عن التفعيل المناسب لمخططات النجدة، وهذا في إطار إستراتيجية وطنية استباقية قد تحتاج إلى تحيين لمواكبة التغيرات المناخية والطبيعية التي تفرز مخلفاتها عدة أضرار.
وفي هذا الصدد، ثمن الدكتور إبراهيم بن يوسف، المختص في العمران وعلم الاجتماع، التدابير الاستباقية ضد التغيرات المناخية، وأوضح أنها يجب أن ترتكز على إعداد آليات تكنولوجية عالية فهي اليوم حتمية وأكثر نجاعة وتساهم في أن يتم الإنذار في وقته، كما تعد آليات مهمة لتتبع حركة الطبيعة ومتابعة أحوالها بدقة، مشددا على أهمية أن يلعب كل قطاع دوره و يتحمل مسؤوليته ويضبط آلياته في استباق الأحداث وتوقع الأزمات والإنذار والتدخل السريع والمناسب.
وأوضح الدكتور بن يوسف، في اتصال مع النصر، أن الكوارث الطبيعية لا تزال إلى غاية اليوم تحدث أزمات حادة سواء بيئية أو اقتصادية أو اجتماعية عبر العالم دون استثناء، وذلك بسبب التحولات المناخية التي ينجم أغلبها عن الاحتباس الحراري وارتفاع مستوى الثلوث الجوي، مردفا أن كل الأبحاث العمرانية الحديثة تركز منذ مدة و بخاصة خلال الفترة الأخيرة التي اشتدت فيها الكوارث مثل «الكوفيد والأوبئة والأعاصير والعواصف وغيرها»، على التأكيد على ظروف تحصين المدن والمجتمعات وترقية مناعتها كي تقاوم مخلفات تلك الكوارث من ظواهر وأزمات بما هو مناسب، حيث كثرت الكوارث الطبيعية مؤخرا في كل أطراف العالم و ازدادت حدة أزماتها وما تحدثه من مخاطر على الإنسان والبيئة والعمران، فأصبحت الفيضانات تحدث في المناطق الجافة جراء الأعاصير الحادة التي تأتي بمطر غزير في فترات قياسية، فيصعب على أجهزة التدخل التحكم فيها كما يصعب امتصاص الأرض المبنية و الطرق الإسفلتية للمياه ومن مخلفاتها حالات انجراف التربة والغرق، و في مناطق أخرى يتضرر الإنسان و البيئة بالرياح العاتية والرعود القوية والبريق الحاد وكلها مسببات للحرائق وإتلاف العمران، و المتسبب الأول في ذلك هو الإنسان بفعله وحركته الصناعية و التعميرية والاقتصادية كما قال.
وأضاف محدثنا، أن الأزمة ثقافية واجتماعية بالدرجة الأولى وهذا ما يجرنا إلى الإشارة لسلوك الإنسان كمسبب وأيضا كباب رئيسي للحل، فالأزمة مبدئيا عمرانية و اجتماعية وثقافية ومظاهرها المادية تستدعي حلولا مادية من نفس الجنس، منها التأكيد على مخططات عمرانية وقائية ضد الأزمات الطبيعية وحمايتها بقوانين ردعية، ووضع حدود آمنة بين المناطق القابلة للتعمير والمناطق الخطيرة المعروفة بكوارثها الطبيعية مع اشتراط الوقاية عند تحديد المناطق القابلة للتعمير وكذا محاربة العمران الفوضوي، والحد من الكثافة السكانية و منع البناء في الأراضي غير المؤهلة والعائقة للطبيعة كمجاري المياه والأودية و مناطق الغرس والفلاحة والطبيعة معلقا : « هذه التدابير موجودة في تراثنا الفكري والقانوني والفقهي بما يسمى فقه الحريم وهو خاص بقواعد الارتفاق التي ترافق كل أنواع العمران، مع تسهيل ممرات ومجاري مياه السيل من المرتفعات إلى السهول»، كما دعا الدكتور بن يوسف، لضرورة الاستثمار في السدود الصغيرة القوية والتي يسهل تسييرها والتكفل بصيانتها، ومن الأفضل حسبه، إشراك السكان والفاعلين في المجتمع المدني في تلك الأعمال الاستثمارية بذات المناطق.
تطرق الباحث أيضا إلى إجراءات الحد من انتشار الاحتباس الحراري وذلك بتخفيض الغازات المسببة له سواء بسبب الصناعة أو ضروريات الحياة الحديثة، مبرزا أن الحكومات فكرت في هذه المعضلة بتوفير طاقات جديدة غير ملوثة منها الطاقة الشمسية والهوائية والمائية لتوسيع استعمالها للسيارات والمصانع، ويمكن حسبه، على الصعيدين التقني والاقتصادي دعم الغابات بشبكة من الطرقات والحواجز بين أطرافها ليسهل المرور عبرها عند الإطفاء، حيث تفصل بين منطقة ملتهبة وأخرى لم تصلها ألسنة النيران، مع توفير معدات الإطفاء مسبقا واتخاذ كل الإجراءات للتكفل بالمنكوبين المتضررين من الكوارث كرصد ميزانيات خاصة ومخزون غذائي وتدريب فرق من المجتمع المدني للتدخل أثناء الكوارث ومساعدة الهيئات الرسمية، وأضاف الدكتور بن يوسف، بأن للجانب الثثقيفي والتربوي دور مهم في توعية المواطن و تحسيسه، ويتم ذلك بتكثيف دروس وبرامج التوعية الخاصة بالوقاية و احترام البيئة وحمايتها.
بن ودان خيرة
تدهورت بفعل التخريب وغياب الصيانة بعد أشهر من إنشائها
مساحات خضراء مهددة بالاندثار بعلي منجلي في قسنطينة
تدهورت المساحات الخضراء والساحات المنجزة من طرف مؤسسة تهيئة مدينة علي منجلي بقسنطينة، بسبب التخريب الذي طال مختلف تجهيزاتها وانعدام الصيانة والسقي، حيث أن أزيد من 222 ألف متر مربع من العشب الأخضر مهددة بالاندثار، فيما تطالب المؤسسة وممثلو المجتمع المدني فضلا عن المواطنين بضرورة إنقاذ ما تبقى قبل فوات الأوان.
روبورتاج: لقمان قوادري
وشرعت مؤسسة تهيئة مدينتي علي منجلي وعين نحاس، في إطار عملية تهيئة شاملة مست إلى حد الآن 10 وحدات جوارية، في إظهار ملامح بعض المساحات الخضراء التي كانت مردومة تحت الأتربة ومخلفات البناء، إذ رصدت للعملية، التي انطلقت في نهاية سنة 2017 من الوحدات الجوارية القديمة، أغلفة مالية ضخمة ساهمت في تحسين صورة المدينة بمختلف تجمعاتها السكنية.
وتم الشروع في أول عملية بالوحدة الجوارية 6، التي تعد من بين أقدم التجمعات العمرانية وأكثرها تدهورا، في إعادة تهيئة شاملة لحديقة 400 مسكن والتي أصبحت المقصد الأول للمتقاعدين وفئة الكبار في السن فضلا عن مربي العصافير وحتى الأطفال الذين يقصدونها مساء وصباحا للعب أو الجلوس.
اصفرار للعشب بالوحدة الجوارية 6
ورغم أن هذا الفضاء لم يلق العناية من طرف مصالح البلدية، إلا أنه ما يزال يسجل إقبالا كبيرا من مختلف الفئات الاجتماعية، فيما يطالب سكان الحي بإيجاد حل لمشكلة الأكشاك المهجورة والتي لم يتعرف على أصحابها، كما أكدوا على ضرورة العناية بالمساحات الخضراء ومنع الاعتداء عليها لاسيما بعد إنشاء بناية بداخلها، في حين لاحظنا أن شبابا من مستغلي بعض الأكشاك يقومون بشكل دوري بسقي المساحات التي ما تزال صامدة.
وقد وقفنا بذات الوحدة التي يقطنها أزيد من 10 آلاف نسمة والتي انطلقت بها أشغال التهيئة منذ قرابة 5 سنوات، على تحول المساحات الخضراء إلى أتربة بعدما اندثرت بشكل كلي، حيث تم غرس 9417 مترا مربعا من العشب و 1320 شجرة فضلا عن 3500 شجيرة، كما لاحظنا أن الكثير من الأشجار والشجيرات قد تم اقتلاعها أو كسرت أغصانها، أما ألعاب الأطفال فقد خربت جلها وسرق جزء آخر، وهو حال الكراسي التي وضعت بالساحات في مشاهد بائسة جدا قدمت صورة سيئة عن المدينة.
وأكد لنا سكان بأن جزءا من العشب تعرض للحرق، ومنه ما طمس تحت النفايات، مشيرين إلى أنه كان من المفروض أن يلقى عناية يومية لكنهم لم يشاهدوا سوى المقاولات المنجزة، التي تكلفت بسقيها خلال فترة إشرافها على المشروع، ثم توقفت عملية السقي واقتصرت على مبادرات محتشمة جدا من بعض السكان وكذا السقي الطبيعي في حال تساقط الأمطار.
مساحات غير قابلة للاسترجاع
وبالوحدة الجوارية 8 ذات الكثافة السكانية المرتفعة تم غرس ما يزيد عن 36 ألف متر مربع من العشب، فضلا عن 1003 شجرات و 600 شجيرة، لكن من يقف على الوضع اليوم يرى بأن المساحات الخضراء تحولت إلى فضاءات جرداء وبائسة، إذ اختفت مشاهد الاخضرار وتحولت إلى مناظر لا لون لها، فيما لاحظنا أن جزءا من الأشجار المغروسة قد اختفى بعد تحطيمه لكن أخرى أفلتت من أيادي التخريب ونمت بشكل طبيعي.
ولم يختلف الوضع كثيرا بالوحدات الجوارية التي استفادت من عمليات تهيئة مؤخرا، فقد بدأ الوضع يتدهور بها شيئا فشيئا حتى صارت المساحات الخضراء التي غرست مؤخرا غير قابلة للاسترجاع، فعلى مستوى الوحدة الجوارية 4، التي يقطنها ما يزيد عن 3500 نسمة تم غرس ما يزيد عن 9 آلاف متر مربع من العشب و 1165 شجرة وألفي شجيرة من مختلف الأصناف، لكننا وقفنا خلال جولتنا على وضع سيء بمختلف النقاط.
ويؤكد سكان بأنهم أنقذوا بإمكانياتهم الخاصة ما تم إنجازه ولو أنه ليس بالشكل المطلوب، حيث عكفوا على فترات على حراسة التجهيزات والألعاب التي تم وضعها، فضلا عن قيامهم بعمليات سقي دورية للعشب، لكنهم أكدوا بأن العملية تتطلب إمكانيات خاصة ومتابعة تقنية مستمرة من طرف متخصصين حتى يتم الحفاظ عليها، قبل أن يؤكدوا بأنه كان من المفروض أن تغرس أشجار بدل العشب، الذي تتطلب عملية إنجازه إمكانيات خاصة في حين أن البلديات ومؤسساتها، لا تملك، حسبهم، من الإمكانيات التي تؤهلها للحفاظ عليها.
حدائق كبرى تفقد هويتها
وقد أنجزت حديقة بمواصفات عصرية بالوحدة الجوارية 13 وذلك على طول المسار الرابط بين محور الدوران لعيادة بن قادري، وصولا إلى حظيرة مركبات الولاية المنتدبة، حيث تم تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء من خلال إنجاز فضاءات للجلوس ومساحات لعب للأطفال، وكذا مسار للرياضيين، وتم مؤخرا وضع دورات للمياه وأكشاك، كما تتربع على أزيد من 4 هكتارات إذ أن طول الحديقة يقدر بواحد كيلومتر أما عرضها فيتجاوز 40 مترا.
وأصبح المكان قبلة لسكان المدينة، لاسيما في الفترة المسائية حيث أصبح يعج بالحركية، لكن الحديقة سرعان ما بدأت تفقد هويتها شيئا فشيئا، حيث تم تحطيم سلال النفايات وتخريب ألعاب الأطفال وتحطيم وسرقة الأراجيح، ولم يسلم من ذلك حتى العشب الاصطناعي، فيما جفت الأشجار ويبست وتساقطت أوراقها بسبب انعدام السقي، في حين تآكل العشب واختفى في نقاط عديدة، وانتشرت النفايات في كل مكان.
وسرعان ما تدهور الوضع بحديقة الوحدة الجوارية 17، التي تساهم إلى الآن في كسر الرتابة لكونها صارت مقصدا للمئات من العائلات، حيث ذكر السكان، بأنه ورغم كونها أكبر ساحة عمومية بمدينة علي منجلي، إلا أنها تشهد تدهورا مستمرا بعد أشهر من إنجازها، فقد وقفنا على تآكل المساحات الخضراء المنجزة، وتحول لون العشب الطبيعي إلى الأصفر بينما اختفى مساحات أخرى، كما لاحظنا تخريب بعض الألعاب، فضلا عن نقص كبير في النظافة.
وأكد سكان الحي، أنه ورغم الحملات التطوعية للسكان الخاصة بسقي المساحات الخضراء والأشجار، إلا أنهم لم يتمكنوا من صيانتها كونها تتطلب عناية خاصة وتقنية، مشيرين إلى أن آخر عمليات السقي المنظمة كانت من طرف المؤسسة المنجزة.
* المنتخب وعضو تنسيقية أحياء علي منجلي قارة مصطفى خالد
يجب وضع مخطط خاص للصيانة
وذكر المنتخب ببلدية الخروب وعضو تنسيقية أحياء علي منجلي، قارة مصطفى خالد، أن منظمات المجتمع المدني تنبأت وحذرت من هذا الوضع منذ سنوات، حيث طالبت بالتفكير في كيفية صيانة وحراسة ما تم إنجازه من مساحات خضراء، كما تم تقديم اقتراحات تتعلق بإسناد عملية الصيانة إلى المؤسسة المنجزة لكن دون جدوى.
وأبرز المتحدث، أن المؤسسات العمومية غير مؤهلة ولا تستطيع في ظل الإمكانيات المتوفرة، التكفل بهذه المساحات إذ لم تتمكن حتى من الحفاظ على تلك المنجزة بمحيط الترامواي، ما دفع بالسلطات إلى تعويضها بالإسمنت المطبوع.
ولفت المتحدث، إلى أن الوضعية الإدارية لعلي منجلي تحول دون التكفل بالمساحات الخضراء، إذ لا يعقل أن تظل مقسمة إداريا بين بلديتي الخروب وعين سمارة، كما أكد على ضرورة منح صلاحيات أكبر للولاية المنتدبة، وجعل المؤسسات العمومية المكلفة بالنظافة والمساحات الخضراء تحت سلطتها المباشرة.ودعا المنتخب، إلى تنظيم حملات غرس مكثفة للأشجار بدل العشب الأخضر، الذي تتطلب صيانته إمكانيات مادية معتبرة، مع وضع مخطط خاص بعلي منجلي التي تعد مدينة جرداء،مع منح إمكانيات أكبر للمؤسسات العمومية.
* مدير مؤسسة تهيئة علي منجلي وعين نحاس أمين سردوك
لا نملك صلاحيات لتسيير هذه المساحات والبلديات لم تستلمها
وبلغة الأرقام، أبرز مدير مؤسسة تهيئة علي منجلي وعين نحاس، أمين سردوك، أن علي منجلي استفادت من عملية واسعة لتهيئة 10 وحدات جوارية، انتهت في جلها باستثناء الوحدة الجوارية 17، حيث ذكر أنه قد تمت تهيئة 21 ساحة، بمساحة إجمالية تتربع على أزيد من 153 ألف متر مربع.
وتمت إعادة الاعتبار لأزيد من 35 ألف متر مربع من المساحات المهملة، لتصل العملية الإجمالية إلى أزيد من 189 ألف متر مربع من المساحات المهيأة. وتم وفق المتحدث، وضع 984 لعبة من مختلف الأصناف، مع غرس 15172 شجرة وأزيد من 11 ألف شجيرة، فضلا عن غرس 7350 من شجيرات الورود، في حين بلغت المساحات المغروسة من العشب الأخضر أزيد من 225 ألف متر مربع.
وأبرز مدير مؤسسة تهيئة علي منجلي، أن مصالحه مكلفة بإنجاز مشاريع التهيئة ولا تمتلك صلاحيات لتسيير هذه المساحات أو صيانتها، حيث أكد أن مختلف التجهيزات لاسيما الألعاب والكراسي سرعان ما يتم تحطيمها أو سرقتها أو تخريبها في فترة قصيرة من إنجازها، ورغم ذلك فإن المقاولات تقوم بتوصيات من المؤسسة بتعويضها حسب ما هو متاح من إمكانيات وفي حالات أخرى لا يتم تعويضها، مثلما حدث مع كثير من مساحات اللعب التي تم نهبها رغم حملات التحسيس التي تقوم بها المؤسسة من حين لآخر.
وأكد السيد سردوك، أن بلديتي الخروب وعين سمارة، قد رفضا استلام هذه المساحات رغم المحاولات الحثيثة للمؤسسة من أجل تسليمها بغرض صيانتها، والنتيجة، مثلما أكد، تدهور المساحات الخضراء التي تم غرسها وصيانتها بعناية من طرف المقاولات طيلة فترة الضمان، مشيرا إلى أن البلديتين قد استلمتا فقط الملاعب الجوارية المنجزة من طرف المؤسسة والتي وصل عددها إلى 16 ملعبا، داعيا المواطنين ومنظمات المجتمع المدني إلى المساهمة في الحفاظ على ما تم إنجازه.
ل.ق
المزيد من المقالات...
الصفحة 5 من 58